الخميس، 8 مايو 2008

اليمن .. الرئيس يستدرك فشل انتخابات المحافظين بالتعيين



لم تكن الحسابات دقيقة، كما لم يكن الأمر سهلاً على الحزب الحاكم في تزكية أعضائه، بالرغم من مقاطعة المعارضة ما سمي بانتخابات المحافظين. وهو ما تطلب تداركاً سريعاً لإعادة السيطرة بإعلان الرئيس عن وجود تعديلات قانونية تصب باتجاه تعيين أمناء عموم المجالس المحلية، يعتقد الكثيرون أنهم سيمنحون صلاحيات أوسع للسيطرة على ما أفرزته أخطاء تلك التزكية

استدراك لاحق لفرض السيطرة


- عبد الحكيم هلال 


- فيما كانت "المهزلة" الانتخابية ما تزال في ساعاتها الأولى من اليوم النهائي للتنفيذ في 20 محافظة يمنية وأمانة العاصمة، صباح السبت الماضي، كشف رئيس الجمهورية النقاب عن مهزلة جديدة، كان من شأنها أن تطغى على كل المحاولات التي ظل الحزب الحاكم وحكومته يسعون فيها إلى تغطية المهزلة الانتخابية الأولى، بالحديث عن حكم محلي واسع الصلاحيات، والقول أن ما يسمونه بانتخابات المحافظين خطوة أولى للانتقال إلى تجربة أكثر توسعاً بحيث يتم تكون الانتخابات من الشعب بشكل مباشر.

لقد كان الرئيس أكثر صراحة من قيادات حزبه ووسائل إعلامه، أو ربما أقل حصافة منهم، حين أعلن عن "تعديلات قانونية تتضمن تعيين أمناء عموم المجالس المحلية في المحافظات والمديريات، وبحيث يكونوا ممثلين للسلطة المركزية وليس شرطا أن يكون الأمين العام من أبناء المحافظة أو المديرية المعين فيها". هكذا جاء نص الخبر الرسمي من وكالة "سبأ" والذي تحدث عن زيارة الرئيس الى وزارة الإدارة المحلية صباح السبت الفائت بينما كان أعضاء الحزب الحكم في المحليات ينفذون دورهم المرسوم لهم في وضع كروت الزكية في صناديق بيضاء مصمتة.

- لقد بدا الأمر فضيعاً بالنسبة للمتابعين ولاسيما من بعض أعضاء الحزب الحاكم الذين كرسوا جهودا كبيرة للحديث عن الديمقراطية وما اعتبروه التجربة الفريدة في الشرق الأوسط..!! لقد تساءل أولئك المرهقون من الحزب قبل غيرهم : كيف يتم ذلك، ونحن لم ننتهي بعد من هذه المشكلة التي بين أيدينا. لكن العارفين منهم بمضمون الإعلان أوضحوا لهم أن الخطوة الثانية التي أعلن عنها رئيس حزبهم ورئيس الجمهورية أنما جاءت لترميم الخطوة الأولى أو كما يحلو للبعض تسميتها "المشكلة الأولى".
فتعين أمناء عموم المجالس المحلية في المحافظات والمديريات، تأتي بغرض فرض سيطرة حكومة الحزب "المركزية" على المجالس التي يفترض أن تكون "لا مركزية".

   ما بين الرئاسة والوزارة 
والسؤال الذي يبحث عن أسباب هذا الإعلان المفاجئ هو: لماذا قرر الرئيس زيارة وزارة الإدارة المحلية ليقدم هذا الإعلان، وفي ذات اليوم؟ هل كان ذلك بغرض إحراج وزير الإدارة المحلية الذي ظل يحاول الحديث عن "المهزلة" الانتخابية، كتجربة ديمقراطية نادرة..؟!! هناك من يقول أن "هلال" هو من أقنع الرئيس في وقت سابق أن انتخاب المحافظين سيحل جزء كبير من الإشكاليات القائمة في الجنوب. ولكن حينما تورط الحزب الحاكم بهذه العملية، لم يكن من الرئيس – كما أعتبر البعض – إلا أن تصرف على هذا النحو الأخير، الذي اعتبروه إنما جاء ليوقف "هلال" عن حده ويعلمه درساً بقدرته على السيطرة اللاحقة للازمات.

 والذي يتابع موقع وزارة الإدارة المحلية الخاص بتغطية الانتخابات سيلاحظ موقف الإدارة المحلية من إعلان الرئيس الأخير. فقد اقتبست الخبر من وكالة سبأ بشكل مقتضب ولم تورد عبارة الرئيس الأخيرة التي نشرتها الوكالة والتي تشير إلى أن تعيين الأمين العام ليس شرطا أن يكون من أبناء المحافظة أو المديرية المعين فيها. بل أن اللجنة الاستشارية الإعلامية التابعة للوزير صاغت خبر زيارة الرئيس إلى الوزارة – والذي أرسلته إلى قائمة أيميلات الصحفيين وحصلتُ على نسخة من الخبر في بريدي الالكتروني - دون أن تشير مطلقاً إلى إعلانه القاضي بإحداث تعديلات دستورية بتعيين أمناء عموم المجالس المحلية. وهو ما يوضح جلياً عدم رضا الوزارة عن هذا الإعلان حتى الآن.
ويبدو أنها (أي الوزارة) ستعد تفسيرا مناسباً لهذا الإعلان، لتخرج به للرأي العام، كما فعل الوزير مع إعلان الرئيس الذي أكد فيه أن انتخابات المحافظين ستكون في 27 ابريل، فقد فسره "هلال" بعد فترة أن القصد هو دعوة الناخبين في هذا التاريخ بينما أن عملية الانتخاب ستكون في 17 مايو. وهو تفسير سُكت عنه بالرغم أنه غير قانوني. إذ لم يحدد لا الدستور ولا القانون أن على الرئيس أن يدعو الناخبين إلى هذه الانتخابات، كما يحدث لتلك الانتخابات التي تتم من الشعب مبشرة (رئاسية –نيابية – محلية) والتي حددها القانون. كما أن الدعوة هنا غير سليمة لأن من سيدعوهم الرئيس هنا هم "هيئة ناخبة"محددة بعدد وإطار معين، وليسوا بحاجة إلى تقييد أسمائهم أو سجلات ناخبين أو تلك الإجراءات المفقودة هنا والتي تتم في غيرها مما ذكرناه سابقاً.

وإذا كان القصد من الدعوة هو الأعداد للانتخابات فقد أعدت الوزارة لها من قبل هذا التاريخ. بل ليس منطقياً بالجملة أن يعلن الرئيس في وقت سابق أن يوم 27 ابريل، سيكون يوما للدعوة للانتخابات، بينما يتجاهل يوم الانتخابات نفسه..!!
ولذلك لن يكون غريباً أن تقدم الوزارة في وقت لاحق من إعلان الرئيس تعيين أمناء عموم المجالس، تفسيراً آخر غير الذي سمعناه وقراء ناه في الصحافة الحكومية بشكل واضح.

· لماذا تعين أمناء عموم المجالس المحلية 
إلى جانب ما سبق وفي ذات السياق الذي يجعلنا نخوض في "المهزلة" الأخيرة، وما ترتب عنها، وصولاً إلى إعلان الرئيس إحداث تعديلات قانونية بخصوص تعين أمناء العموم في المحافظات. هناك تفسيرات عدة لهذا الإعلان.

فهناك من يتحدث – إلى جانب ما سبق عاليه – أن الرئيس شعر بخطورة بعض أمناء عموم المجالس المحلية ممن يحسبون على الحزب الحاكم، وخصوصاً أولئك الذي رشحوا أنفسهم لمنصب المحافظ مؤخراً ورفضوا الانسحاب بعد أن شعروا بشعبيتهم في المحافظات من خلال انتخابهم كأمناء عموم في المجالس المحلية في وقت سابق وحازوا على ثقة أعضاء الهيئة الناخبة. ولذلك يرغب الرئيس بقراره الأخير من قصقصة أجنحتهم بهذه الطريقة.
والمعروف أنه قد ظهر بعض أمناء عموم المجالس المحلية في بعض المحافظات ممن لهم القبول والشعبية بين أعضاء تلك المجالس، وأصروا على مخالفة توجهات الحزب – رغم انتمائهم له - ورشحوا أنفسهم. مثل أمين عام المجلس المحلي بمحافظة لحج، علي حيدره ماطر، عضو اللجنة الدائمة للمؤتمر الحاكم، والذي رفض الانسحاب أمام مرشح اللجنة العامة لحزبه، وكان آخر من حاولوا إقناعه للانسحاب هو أمين عام الحزب لقطاع السياسة الشيخ سلطان البركاني، لكنه رفض وأصر على النزول والمنافسة، ليحصل على 135 صوتا أمام مرشح الحزب الحاكم محسن علي النقيب الذي فاز بفارق بسيط جداً عنه وهو ثمانية أصوات فقط، إذ حصل على 143 صوتاً، بعد تكريس الحزب الحاكم كل جهوده معه وتقديمه الإغراءات والوعود المختلفة لأعضاء الهيئة الناخبة.

وكذا مثل العقيد حسن أحمد هادي الهيج (أمين عام المجلس المحلي بمحافظة الحديدة) الذي كان رشح أمام مرشح اللجنة العامة للحزب الحاكم أحمد سالم الجبلي. وكان الهيج في بداية الأمر رفض الانسحاب أمام الجلبي لشعوره بقدرته على منافسته، والفوز عليه نظراً للشعبية التي يمتلكها في الهيئة الناخبة. وقد أرسل الحزب الحاكم قياداته إليه لإثنائه فعجزوا. والى ما قبل الانتخابات بيومين تقريباً قرر الانسحاب من المنافسة، وهو ما يزال في نفسه شيء. إذ يقال أن حزبه كان قد بدأ يلمح بإظهار بعض ملفات الفساد الخاصة به في المحافظة. وهو مالم يتم التأكد منه بعد. غير أن المؤكد أنه قرر الانسحاب من المنافسة وهو مازال يشعر أنه لو نافس لفاز في السباق.

وغير هؤلاء كان هناك أمين عام المجلس المحلي بمحافظة تعز الذي استبعد من المنافسة بحجة عدم استيفائه الشروط القانونية، لكنه أصر ورفع طعناً باللجنة الإشرافية إلى المحكمة. لكن القضية لم تعرف نتائجها بعد ذلك إذ تدخلت قيادات لحزب الحاكم في الموضوع.
ومن تلك المؤشرات السابقة، يرى البعض أن قصصت أجنحة هؤلاء قد حان بتعين أمناء عموم المجالس المحلية التابعين للسلطة المركزية بحيث سيتم تهميش أولئك السابقين المنتخبين، بإعطاء جزء كبير من صلاحياتهم لمن سيعينهم الرئيس أو الوزير.

  استدراك متأخر للسيطرة 
وغير ماسبق هناك من يرى أن قرار التعيين الذي أعلنه الرئيس أنما جاء ليلتف على المحافظات الخارجة عن السيطرة وهي تلك المحافظات التي أسقطت مرشح اللجنة العامة للحزب الحاكم.

وهو ما ذهب إليه "محمد قحطان" – عضو الهيئة العليا للإصلاح – وأعتبر - في تصريحات للصحوة نت - أن هذا التوجه الرئاسي أنما جاء بغرض إحداث حركة التفاف سريعة على المحافظات التي انتخبت المرشح الذي لا يريده الرئيس.
وكانت ثلاث محافظات قد شبت عن طوق اللجنة العامة وفضلت الهيئة الناخبة فيها أن تزكي المرشح الذي تريده هي لا الذي يزكيه حزبها بشكل مركزي. وهي محافظات : مأرب – البيضاء – الجوف.

وفيما يبدو أن صعود بعض المحافظين من غير المعينين من لجنة الحزب العامة قد يؤثر على سلباً على توجهات الحكومة والحزب من حيث اعتبار أنفسهم معينين من الهيئة الناخبة وليس من الحزب الذي لم يمنحهم الثقة.

ولما كان من تم تزكيتهم ينتمون للحزب الحاكم نفسه لكنه لم يمنحهم ثقته، فإن هذا الخيار قد ينتج عنه عدم التزام كلي لهؤلاء بقرارات الحزب المركزية طالما وأن الثقة لم تأتيهم إلا من أعضاء الهيئة الناخبة. وهو ربما ما خشاه الرئيس ليحاول بقراره تدارك الأمر بهذا الإعلان بحيث يضع بالقرب منهم أمناء مجلس محلي يعينهم هو ويدينون له بالولاء والنعمة، وربما يعملون بصلاحيات حكومية أوسع.
وهو ما ذهب إليه الدكتور محمد السعدي – الأمين العام المساعد للإصلاح – إذ أعتبر هو أيضا - في تصريحاته للصحوة نت - أن حديث الرئيس "تعبير عن ندم السلطة على الخطوة الشكلية التي أسقطت مرشحيها في بعض المحافظات في انتخاب المحافظين وتكريس لحكم الفرد والقرار الفردي" وأكد على الجزئية التي ذهبنا إليها بإمكانية منح المعينين صلاحيات أوسع تداركا للفشل، حينما قال بان قرار مثل هذا "سيسحب صلاحيات المحافظ المنتخب شكلياً".

وعلى ذات النسق، أعتبر القيادي الاشتراكي في محافظة الضالع فضل الجعدي أن تصريحات الرئيس بشأن تعيين أمناء عموم المحافظات، يمثل انقلابا على الحكم المحلي" كما عده مقدمة لسحب صلاحيات المحافظين المنتخبين شكليا. وقال بأن " المعين أقوى في الصلاحيات من المنتخب".

وكان محمد قحطان قد قال في تصريحاته أنه كان الأجدر بالرئيس أن يتقبل ما يمكن أن يكون شبيهاً بالتنوع المتخلق في إطار حزبه، ولكن كما يبدو "أنه لم يتم تحمل النتيجة". بل وأعتبر أن العودة إلى تعيين الأمين العام للمجلس المحلي يمثل انتكاسة عن القانون من الناحية النظرية. بينما أكد الدكتور السعدي بأنه تراجع عن الديمقراطية ودليل لمنهجية المؤتمر الشعبي العام في المرحلة القادمة. وقال الجعدي أن"ما يعطى باسم الديمقراطية في الميدان يأخذ بالقوة".

  محاولة السيطرة على الجنوب أولاً 
حينما برزت خلافات المؤتمر، أثناء الترشيحات الداخلية لأسماء من سيتم تزكيتهم من قبل الهيئات الناخبة. كان هناك جدل سري على مستوى عالي حول إمكانية تسليم المحافظات التي في الجنوب الى محافظين من أبناء المناطق نفسها. وكان هناك رأي خاص يعتبر أن مثل هذه الخطوة بداية حقيقية للانفصال، لاسيما وأن الكثير من أعضاء الحزب الحاكم في تلك المناطق ينتمون إليه بحكم المصلحة لا أكثر. وقد يحدث مع زخم الاحتقانات وتحركات الشارع أن يفرض على من سيصعدون لموقع المحافظ تغير قناعاتهم كما غير الزخم والحراك الشعبي هناك قناعات الكثير من أفراد الحزب الحاكم من القيادات الوسطية وأعلنت بعضها خروجها من المؤتمر كما أعلنت مجاميع من القواعد ذات الشيء وأحرقت بطائقها أثناء المظاهرات.

هذا التخوف قابله تخوف آخر فيما إذا لم تمنح تلك المحافظات محافظين من أبنائها. لا سيما وأن الغرض من هذا الانتخابات الشكلية إنما هو التخفيف من حدة الاحتقانات.

وبين الخيارين كان الحل الوسط أن يعين أمناء عموم المجالس المحلية من قبل الرئيس أو الوزير المختص. وربما كان تحديد الرئيس بشكل واضح - في تصريحاته - بعدم الاشتراط أن يكون المعين من أبناء المحافظة ذاتها، مقدمة واضحة لهذا الأمر.
وفي هذا السياق أعتبر الجعدي أن تغني السلطة بتلك التعديلات باسم الديمقراطية لا تمثل سوى حقيقة واحدة مطلقة هي :الهروب من أزمات تعيشها سياسيا واقتصاديا. وقال : أن ما تعتبره السلطة إنجازا اليوم، يكتشفها المواطن بعد حين بأنها أزمة جديدة.

  من تعديلات الى أخرى 
- ومن أزمة إلى أخرى يقود الحزب الحاكم الوطن باقتدار لا نظير له سوى ذلك الاقتدار الذي يؤخر فيه استحقاقات وطنية كبيرة، حتى يكون قادراً على فرض خيارات محددة تمكنه من مواصلة القيادة وإن الى "الهاوية".

ولعل من حق الجميع أن يتسائل – وأولنا أعضاء الحزب الحاكم العقلاء – ألم يدخلنا الحاكم في حفلة تعديلات قانونية قبل أيام بهدف إجراء هذه الإنتخابات الشكلية. والسؤال : لماذا يفضل أن يلهينا من تعديلات الى أخرى فيما أنه كان قادراً على إجرائها مرة واحدة بحكم أغلبيته النيابية.

لقد اكد الرئيس في خطابه السبت الماضي أننا قادمون على تعديلات قانونية تخص تعيين أمناء عموم للمجالس المحلية. وتحدث أيضا عن انتخابات لمدراء المديريات. وهو سيقوم بكل خطوة على حدة. تعديلات الأمناء أولا. وربما بعدها بفترة طويلة تعديلات انتخاب مدراء المديريات..!! والواضح أن ذلك لعب واضح بالشارع وهمومه وتطلعاته. وتلاعب بالقوى السياسية ومحاولة إخراجها من دائرة اهتماماتها الأولية بتلمس هموم المواطن.

-------------------
نشرت في مايو 2008 

الأربعاء، 30 يناير 2008

اليمن.. القضية الجنوبية .. في مبررات الفشل..




حتى لا تتحول الثورة من استعادة وطن مفقود.. الى استعادة سلطة مفقودة
- تبدو المؤشرات مقلقة فيما يخص الوصول الى حل توافقي للمشكلة القائمة، التي باتت تعرف بـ"القضية الجنوبية"، طالما ظل الطرف الذي يعتبر نفسه مظلوماً و"مقصياً" على ماهو عليه: يدفع بالأحداث الى نقطة البداية الأولى (ما قبل حرب صيف 94م). تلك الحرب التي أفضت نتائجها الى هذه الحالة المثارة بعد (13) عاما..

إنها ذات الدائرة من عدم الاستقرار السياسي، التي عانى منها الجنوب في محطات مختلفة عقب الاستقلال الوطني (1967م).  على أن توخي الحلول بالصراعات والأقتتالات، من شأنه أن يبقي الملف مفتوحاً ليعاد بعثه وقراءة محتوياته لاحقاً، وبذات الطريقة الانتقامية التي تحدث اليوم..!!

وعليه يمكن القول أن الحل المنطقي للمشكلة الجنوبية (التي لا يمكن إنكار وجودها وبشكل تسارعي كبير)، لن يكون بعودة الحال الى ما قبل 1990م، أو حتى 1994م.

- قد يكون الحل الذي تتبناه ثورة "المقاعدين" الحقوقية ( ولا يعيبها أن تتسم بطابع سياسي على أساس أن ما بني عليه ظلمهم جاء كذلك) هو الحل الأكثر تأثيرا ليس في استعادة حقوقهم فحسب، إنما لتعميمها على مستوى الوطن لاستعادة وطن بأكمله. من هنا يمكن القول أن ظهور نفر أو ثلة قليلة تحاول استغلال تلك الثورة السلمية البيضاء، لتكسب مصالح سياسية خاصة فقدت أثناء الصراع السياسي، من شأنها أن تجهض هذه الثورة..!! وهذا ما سنحاول توضيحه في هذه التناولة بشكل أدق.
* بين الحق في السلطة والحق في الحياة
لا يمكن تغافل التراكمات السالبة التي أعقبت حرب صيف(94م) من الناحية السياسية، والتي أفرزت كأي حرب طرفي المعادلة: منتصر – مهزوم. وذلك ما ينطبق أيضاً على حرب 1986م في الجنوب. غير أن تأثير تلك الحرب على القيادات التي صنعت قرارها، ربما كان سيكون أقل أثراً باعتباره النتيجة المؤلمة للصراع، لو أن النتائج لم تتعدى تلك القيادات لتصل الى المواطن..!! بل الأسوأ أن تصل اليه تحت تصنيف التبعية الجغرافية..!!
وهو ما رسخ إشكالية ما تتبناه بعض التعريفات أنه "احتلال" وليس دفاعاً عن الوحدة.

ذلك الأمر من ناحية الممارسات اللاحقة للحرب (التي خالفت ما قامت عليه: تحت اسم الدفاع عن الوحدة) جعل من الحديث عن إزالة آثار تلك الحرب أمراً مبرراً، بل ومطلبياً، عجز النظام القائم من تصنيفه ضمن "الخطوط الحمراء" للوحدة، في الوقت الذي أعتبر فيه الحديث – المستحيي – عن تصحيح مسار الوحدة، يندرج ضمن تلك الخطوط، ويتهم من ينادي بذلك بتهمة "الانفصال".
ولاحقاً عرف معنى "تصحيح مسار الوحدة" أنه استعادة السلطة للقيادات الجنوبية ضمن إطار الوحدة الوطنية. على اعتبار أن تلك القيادات شريكة في صناعتها. وقد لا يمثل مثل هذا التعريف إشكالاً من الناحية الاعتبارية العامة إذا ما تجاوزنا أن هناك قراراً بالانفصال تم اتخاذه من قبل تلك القيادات، وأدى الى هذا اللون الواحد من شكل النظام. غير أن تحقيق ذلك على أرض الواقع لم يكن بالأمر السهل خصوصاً وأن تلك القيادات صنفت على أنها خائنة وعميلة، الأمر الذي جعل النظام يتحايل بتفويض قيادات جنوبية لتولي مناصب قيادية كبرى (نائب الرئيس، ورئيس الوزراء).
مع كل ذلك لم يكن هناك من تأثير حقيقي على مجريات الأمور مثلما ظهرت عليه تأثيرات ثورة"المقاعدين": الحق الوطني الحقيقي الذي لا يمكن تعويضه إلا به. هذا الحق مع أنه أخذ في تلك الظروف التي أخذت فيها السلطة من قيادات الجنوب الفعلية، إلا أن قمعه أو التحايل عليه كان أمراً مستحيلا.. !! وللإجابة على سؤال: لماذا؟ في اعتقادي هناك سببين أثنين. الأول: أن الحقوق لا تسقط بالتقادم. الثاني: أن تلك الحقوق كانت مدعومة من قبل معظم أحزاب ومنظمات المجتمع المدني الوطنية ومعظم شرائح المجتمع اليمني.

ولتدعيم ما ذهبنا اليه، يمكن فقط الإشارة الى الارتداد العكسي لما أقدمت عليه السلطة من محاولة لقمع تلك الأنشطة السلمية. وهو أمر لم يكن ليؤثر على سلطة أدمنت القمع واستخدام السلاح في مواجهة الشعب، لو لم تقف في وجهه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وشرائح المجتمع في الشمال والجنوب على السواء.

- ولذلك فإن ظهور تلك الثلة القليلة لتقول للأحزاب وتلك المنظمات: قفوا أمكانكم، ولا تتقدموا.. هو أمر يسعى لإخماد جذوة تلك الشرارة ولا يدعمها تحت مسميات أنانية ضيقة تحاول النيل من حركة المجتمع المدني، عبر تشظيته بفرزه جغرافياً.
* استغلالية المشترك
إن الوعي التحرري الذي بنته القيادات الوطنية الحزبية والمستقلة عبر الفعل السياسي المناهض ( من خلال الصحافة و المناشط التوعوية المختلفة من اعتصامات ومظاهرات وغيرها). والى جانب ما توجته الانتخابات الرئاسية (2006م) من مواجهات حقيقية بين المعارضة والنظام القائم، كان الجانب المشرق منها: كم التوعية التي عمدت أحزاب المشترك على ضخها للمواطنين أثناء التنافس، والتي كسرت المحرمات وأسقطت الصنمية.. كل ذلك بجملته كان له الأثر البالغ في تتويج ثورة الحقوق السلمية. ولما ظهر التناغم الوطني بين تلك الثورة وبين النضال السلمي الذي قادته أحزاب اللقاء المشترك، اهتز عرش النظام وبدا كأنه فقد قوته الهلامية فراح يصدر القرارات العشوائية والارتجالية وحاول استخدام كافة الأساليب الترغيبية والترهيبية. لكن ذلك كان في نهاية الأمر يكشف مزيد من العجز أمام القوة التي ظهرت عليها الثورة. فلجأ تارة الى اتهام قيادات المقاعدين أنهم انفصاليين، وتارة الى اتهام أحزاب المشترك أنها انفصالية، في محاولة منه تخويفها من أجل التخلي عن دعمها لتلك الثورة وإيقاف أنشطتها الميدانية التي كانت خططت لها مسبقاً ضمن خطتها الشعبية لدعم مشروع برنامجها للإصلاح السياسي. ولما شعر النظام بجدية الموقف ولامس الخطر بدا باستخدام أوراق أخرى إحداها كانت محاولة شق قيادات المقاعدين بالمال والمناصب والوعود العسلية غير أنه عجز كما عجز مع أحزاب المشترك التي رفضت دعواته للمهادنة في بداية الأمر، لكنها لم تسلم من خديعته حين اعتقدت أنها يمكن أن تستغل هذا الحراك الشعبي لتحقيق مكاسب وطنية عامة تدخل في إحداث إصلاحات جوهرية تطال عمق الإختلالات التي يستند عليها النظام في بقائه. وعلى أساس ذلك استأنفت أحزاب اللقاء المشترك حوارها مع الحاكم، مع إصرارها على عدم التخلي عن حق المقاعدين وغيرهم من فئات الشعب في ممارسة أنشطتهم السلمية من مظاهرات واعتصامات في الوقت الذي كان إعلام الحزب الحاكم يحذرها من ذلك ويتهمها "الكيل بمكيالين".
* متلازمة الاستغلال
- وفيما كان مؤملاً من هذا التناغم بين الحركة الشعبية والمعارضة، لإحداث نقلة نوعية في القوانين الناظمة لإصلاح كافة الإختلالات التي عانى منها الشمال والجنوب، أنتقل النظام الى استخدام بعض من ظل يستخدمه كأوراق لشق الحزب الإشتراكي – منذ ما بعد مؤتمره العام الخامس بشكل واضح - هذه المرة لشق الحركة التحررية الشعبية. وظهر من يتحدث بلسان ثورة الحقوق السلمية ويكتب دفاعاً عنها لكن بطريقة من شانها أن تحدث شروخاً في بنيانها. لقد ظهر من يقول "أن الوحدة لم تتم أصلاً" وأن على اللقاء المشترك أن لا يتدخل في قضية الجنوب، وأن قضية الجنوب قضية جغرافية محدودة وليست قضية شعب بأكمله.

والذي قرأ ما كتبه أحد هؤلاء المنظرين بتمعن سيدرك حتماً أنه أراد من الآخرين التخلي عن دعمهم للحركة الشعبية، فهو سعى فيما كتب الى التأكيد أن القضية الجنوبية لا تريد تدخلا من الشماليين. وهذا مخطط واضح لإفقاد الحركة فاعليتها وتأييدها، وزخمها الكبير الذي يؤمل منه التوسع ليشمل استعادة الحقوق في اليمن بكامله. وهو – أي هذا المخطط - هدف أيضا يسعى النظام الحالي الوصول اليه. بل من المعلوم أن أي حركة ثورية تسعى لكسب تأييد واسع من مختلف القوى الداخلية والخارجية غير أن إطلاق مثل هذه التصريحات ينافي تماماً هذا المنطق وبالتالي يتضح الهدف الحقيقي منها.
* تحويل الزخم
  أمر آخر يرتبط بمحاولة تجزيئ المشكلة وبالتالي حلولها: من وطنية كلية الى مناطقية جزئية. قد يقضي على الزخم الثوري الذي بدأ يتشكل ضمن الوعي الجمعي للمواطنين في شتى بقاع الأرض اليمنية.

ذلك أن هناك من يحاول الهروب بهذا الزخم الثوري من المشكلة الكلية القائمة على ظهر النظام الفاسد في كل الوطن، الى تجزيئها لتبدوا المشكلة وكأنها خاصة بفئة ومنطقة. ومثل هذه التصرفات والأفكار تخدم النظام الفاسد وتحيل كافة التراكمات والتضحيات التي قدمتها القيادات سواء في الحزب الإشتراكي - باعتبار شعبيته الجنوبية – أو بقية أحزاب الشمال، الى سلة المهملات السياسية. إذ أن مثل تلك التضحيات الكبيرة التي قدمت على مدى (17) عاماً من عمر الوحدة والديمقراطية، بغرض الوصول الى الثورة الكبرى لإحداث إصلاح في نظام وطن.. هناك اليوم من يحاول طمسها لإنعاش ثورة صغرى تستوحي مصالح أشخاص من خلال المطالبة بإحداث إصلاحات جزئية في منطقة جغرافية محددة.
* بين استعادة وطن واستعادة سلطة
أما الأمر الثالث الذي من شأنه أن يضعف ثورة "المقاعدين" قد يشبه الى حد ما النقطتين السابقتين، لكنه في حقيقة الأمر يمتزج بينهما ليصنع نقطة مستقلة بذاتها. فالثورات حتى تصل الى مرتبة أن تكون عظيمة يجب أن تكون مستندة على قيم عظيمة. وقيمة الثورة حين تسعى لاستعادة وطن مفقود بأكمله، حتماً أعظم من قيمة استعادة سلطة مفقودة.
ولقد ظهر اليوم من يفتخر أنه يريد أن يتخلى عن الوطن الكبير، من أجل الحصول على وطن صغير. لا تقوده من قيمة الى ذلك سوى توخي استعادة مجد أفل. ولاستعادة سطوة سابقة، يضحي بوطننا جميعاً من أجل وطنه هو.
أولئك الذين أوصلوا الوطن بكافة شرائحه عبر قراراتهم السياسية غير الحكيمة، الى هذا الضعف، يسعون اليوم للتخلي عن الجميع لمجرد أنهم لمحوا بوادر فرصة اعتقدوا أنهم قد ينجحون بتوجيهها لمصلحتهم إذا اندسوا فيها لحرف مسارها الشعبي العام الى الشخصي الخاص.

إن جزء من  الشعب الذي احتفى بالوحدة كمنقذ له من خلال تحقيق "دولة النظام والقانون"، قد يخسر قيمه ويتخلى عن تراكماته النضالية ليقف مع دولة "اللاقانون"، إذا ما شعر أن هناك من يسعى لخيانته من أجل استعادة مصالحه الشخصية..!!. ومثل هذه التوجهات من الطبيعي أن تسندها وتستغلها الآلة الإعلامية للنظام القائم لعكس فكرة الثورة الكبرى ضده، الى ثورة يقود توجهاتها وأهدافها هو.
* في مفهوم: أن جغرافية الشمال لا النظام هو المحتل
- إن مثل تلك التنظيرات المتقعرة كما أرادت أن تصل بتفاعلية الثورة الى نتائج مشوهة قد تخلط الأوراق بعضها البعض ليعاد ترتيبها وفق مخطط مصلحي شخصي دون الولوج الى العمق المؤمل منه لتصحيح مسار الوطن الواحد برمته، فإنها قد تصل بالوطن الى تشرخات قد لا يمكن الوقوف بسهولة على علاجها. ذلك أن أحد مفاهيمها الخطيرة يسعى لتعزيز فكرة: أن الجغرافية الشمالية احتلت الجغرافية الجنوبية في حرب 94م وما بعدها. وهي محاولة لتعميم مشكلة فساد تصرفات النظام الى الشعب. أو بمعنى آخر : محاولة تسعى الى تحويل المشكلة من مشكلة قديمة قائمة بين الشعب والنظام الفاسد الى مشكلة حديثة بين شعب في الشمال وشعب في الجنوب..!!

إن محاولة ترسيخ أن الشمالي عدو للجنوبي هو أخطر ما يمكن أن تنتج عنه تلك الخطة الخبيثة بغرض تبرئة النظام أن يكون عدواً للجميع.
* نهاية المطاف
من كل تلك المؤشرات فقد تبدوا ثورة المقاعدين (التي اكتسبت منذ بداية نشاطها الشعبي قبل 9 أشهر، وحتى اليوم تأييداً جماهيراً واسعاً خرج لها أبناء الشمال قبل الجنوب) أنها على شفا جرف هار، قد ينهار بها طرفي الصراع على السلطة.

فاليوم ظهر من خارج السلطة – وتدعمه هذه الأخيرة - من يستغل هذه الثورة لضرب أحزاب اللقاء المشترك وبالتالي ضرب مشروع الإصلاح السياسي الوطني الشامل، والذي بات يهدد المناخ الشاذ الذي تنمو معه السلطة كحشرة متوحشة ضد شعبها. كما ظهر من يسعى لأن يستغلها لضرب مقومات الوحدة الوطنية، التي يعول عليها العمل كحائط صد قوي ضد توجهات وأد عملية التحول الديمقراطي نحو وطن النظام والقانون.
وعليه فقد يتوجب على قيادات اللقاء المشترك وقيادات المقاعدين وكافة منظمات المجتمع المدني الوطنية، التنبه لمثل تلك المحاولات، والإبقاء على زخم وقوة ثورة التحرر والحقوق الشعبية لتمتد على طول الوطن وعرضه لاستعادة وطننا الذي إن أفتقده أخواننا في المناطق الجنوبية منذ (13) عاما. فأن إخوانهم في المناطق الشمالية افتقدوه منذ ما قبل تلك الفترة بـأكثر منها.
علينا أن نؤمن أننا نبلي بلاء حسنا حتى الآن.
 ———————————————————————————————–
- هذه المقالة نشرت في صحيفة النداء، العدد (136) 30 يناير 2008م


الأحد، 27 يناير 2008

الطريق الى التحول الديمقراطي في وضع مغلق




- توطئة :
- على مدى أكثر من عقد ونصف، بعد تحقق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، ومشروع التحول الديمقراطي في اليمن مغلق، ومفاتحه بيد اللجنة العليا للانتخابات التي يحرص الحزب الحاكم في كل دورة تشكيل لها كل أربع سنوات، بفرض أعضائه فيها برغم تحريم القانون حزبية أعضاء اللجنة. المعارضة اليمنية سعت في كل دوراتها انتخابية الى إحداث تغيير ركزت أن يصب أولا في قوام اللجنة باعتبارها المعنية بالحكم بين المتنافسين، غير أن جميع محاولاتها كانت تبوء بالفشل.
الحزب الحاكم الذي يرأسه رئيس الدولة علي عبد الله صالح، لا يمكنه أن يتنازل للقانون مقابل أن يخسر تلك اللجنة مهما كان الثمن، حتى وإن كان ذلك الثمن إلغاء العمل بالديمقراطية. ولذا فهو ما زال يحصل على المرتبة الأولى في كافة الدورات الانتخابية..!!
- وقبل نهاية العام الماضي بشهرين تقريباً كانت الفترة القانونية للجنة الانتخابات الأخيرة قد انتهت، وأثناء ذلك كان الحوار ما يزال قائما بين الحاكم والمعارضة، غير أنه وصل الى طريق مسدود بخصوص إمكانية أن تكون اللجنة قانونية بحيث تمثل فيها كافة الأحزاب الحاصلة على أصوات في البرلمان الحالي، بالتساوي، كما تطالب المعارضة، غير أن الحزب الحاكم كان وما يزال يصر على ضرورة سيطرته على اللجنة بحكم نسبته العددية الطاغية في المجلس النيابي الحالي.
هنا قمت بإعداد ملف حول هذه المشكلة في محاولة لتوضيح بعض الحقائق.
  وإنه لقسم لو تعلمون عظيم
[ أقسم بالله العظيم أن أكون متمسكاً بكتاب الله وسنة رسوله، وأن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب وحرياته رعاية كاملة، وأن أحافظ على وحدة الوطن واستقلاله وسلامة أراضية وأن أؤدي واجبي في اللجنة العليا بأمانة وشرف وإخلاص وحيادية دون خشية أو محاباة والله على ما أقول شهيد ].
- هذا القسم العظيم خاص بأعضاء اللجنة العليا للانتخابات. قبل أن يبدأ بممارسة عمله يكون كل عضو في اللجنة قد وقف أمام المصحف الكريم واضعاً يده اليمنى عليه ليتلوه أمام رئيس الجمهورية (ممثل الشعب للرقابة والإشراف على هذا القسم). حينها يكون قد حمل نفسه أمانة عظيمة يحاسب عنها أمام الله قبل الرئيس والشعب. وحري بكل عضو حُمل تلك الأمانة أن يتذكرها في كل خطوة يقدم عليها طوال فترة عمله.  
 أهمية وجود لجنة عليا توافقية
- خلق الله الناس مختلفين. ولذلك خلقهم. هو شأن الهي لتسيير الحياة عبر منهج التدافع المفضي الى الاستخلاف في الأرض بحيث تسود الفطرة التي خلق الله الناس عليها والتي هي في نهاية الأمر إصلاح الأرض. وهو مالا يمكن أن يتم إلا بإصلاح النفس أولاً.  
ولقد توصلت المجتمعات القديمة الى نظام توافقي لإدارة الصراع فيما بينها بطريقة سلمية (منهج الفطرة الإنسانية) بعد أن أيقنت على مدى قرون خلت، أن إدارة ذلك الصراع عبر الحروب والاقتتال (منهج اللا فطرة المستمد من منهج الشيطان الذي وعد بإخراب الفطرة انتقاما من الإنسان الذي فضله الله عليه ) لا يمكنه أن يكون الحل المناسب لإصلاح الأرض التي جعلها الله بين يديه خاماً إن أحسن التفكير للتصرف بها نجح وإن أساء هلك. كان ذلك النظام التوافقي هو ما توصلت اليه المجتمعات الحديثة اليوم لإدارة صراعاتها: الديمقراطية.
- وليست النتيجة النهائية للمجتمع الديمقراطي القضاء على الخلاف، أنما إدارته بشكل سلمي من شأنه القضاء على نزعة الإنسان الشيطانية "الاقتتال". ذلك أن الخلاف بين الإنسان والإنسان لا يمكن القضاء عليه نهائياً فيما فقط يمكن إدارته وتقنينه.
- ولذا كان أمام المجتمعات التي اختارت هذا النهج الديمقراطي واجب أولي هام يتجسد في تنظيم إدارة الخلافات عبر الديمقراطية بشكل توافقي، بحيث لا يغفل الضعيف أو يتسيد فيه القوي. ومن ثم بعد تلك الخطوة يتم الانتقال الى النقطة التي تليها وهو تقرير الشعب لاختيار من يفضله في إدارة شئونه. وفي حالة أن أنتفت الخطوة الأولى الخاصة بتنظيم إدارة الاختلاف، أو لم يتم إيلائها الأهمية بشكل سليم، فإن الخطوة الثانية لا يمكنها أن تفرز وجهة النظر الحقيقية للشعب وبالتالي تظل الاحتقانات هي المسيطرة على الاختلافات، وتبرز بين الحين والآخر كلما وجدت مناخاً يساعدها على البروز.
- من هنا كان لزاماً على النظم الديمقراطية – بخلاف النظم الاستبدادية- أن تؤسس أولاً وبشكل سليم، الإدارة التي تدير الصراع وهي مجموعة الأشخاص الذين يتم اختيارهم للإشراف على الخطوة الثانية. وهنا لا يمكن القول أن هذه الإدارة يجب أن تكون غالبيتها ممثلة من طرف معين أو حزب معين بسبب ما يمكن تسميته الأغلبية العددية إتكاءاً على مرجعية هي بالأساس يجب أن تكون منتهية وإلا لماذا يجب عمل انتخابات كل فترة محددة من السنوات..!!
وبمعنى آخر: إن القول أن حزب كذا أغلبية في الانتخابات الماضية ولذا يجب أن تشكل اللجنة العليا أو اللجان الدنيا التابعة لها من هذا الحزب، أمر يناقض الديمقراطية أصلاً لسببين: الأول أن الحاجة الى لجنة انتخابات محايدة ومستقلة أو تمثل بالتساوي كافة أطراف الصراع أمر حتمي وإلا فإنها لن تكون حلاً لإدارة الخلافات، بل تكريسها. السبب الثاني: أن مجرد الإعلان عن إجراء انتخابات دورية جديدة يلغي فكرة وجود طرف يمثل أغلبية، لأن الحكم في مثل هذه التصنيفات، يجب أن يكون خاضعاً لكل انتخابات قادمة وليس سابقة..!! وبسبب خضوع الانتخابات لمثل هذه العملية الدائرية تنتفي أحقية تمثيل أي حزب لأغلبية اللجنة التي تدير الانتخابات. كما أن مثل هذه النظرية المخالفة لسياق الحاجة الى الديمقراطية في إدارة الاختلافات الفكرية/المجتمعية، من شأنه أن يزيد من حدة الاختلافات بسبب أنها موجودة أصلا في أعلى هيئة مكلفة بإدارته..!! الأمر الذي بطبيعة الحال يكرس استبدادية النظم الحاكمة في المجتمعات التي تدعي الديمقراطية. فمثل هذا المنطق من شأنه أن يعيد إفراز السلطة وإن كانت فاسدة وعاجزة عن إدارة شئون البلاد بشكل صحيح. وقد ينتج هذا لسببين: الأول مرتبط بالسيطرة على مقدرات الدولة أثناء العملية الانتخابية أمام قانون يمنع ولجنة عليا تتغاضى عن تطبيقه بسبب أن أغلبيتها تتبع حزب السلطة. أما السبب الثاني فهو حتماً يكون نتاج للسبب الأول: يرفض الكثير من المواطنين تقييد أسمائهم في كشوفات القيد الانتخابية بحجة "أن الأمر لا يجدي" وهو أيضاً ذات المنطق الذي يلجأ اليه كثيرٌ ممن قيدوا أسمائهم أيضاً ولا يذهبون للاقتراع..!! ويكفي التأكد من الأمر بمقارنة عدد المقترعين بعدد المقيدين في الجداول الانتخابية. فمن أكثر من (9) مليون وربع ناخب، أقترع حوالي (6) مليون وبضعة الآف ناخب..!! أما التقرير الأولي لبعثة الإتحاد الأوروبي حول انتخابات (20 سبتمبر 2006م) فقد أكد أن نسبة المشاركة فيها لم تتجاوز الـ (58%)..!!
————————————–
(اللجنة + السلطة)   تماهي    =          قانون مجمد
- يولي الرئيس وحزبه الحاكم نظرة "خاصة" باللجنة العليا للانتخابات كونها تمثل لهم ممراً سهلاً لكرسي الرئاسة ومقاعد البرلمان والمحليات. ولذا ليس غريباً أن لا يقبل المؤتمر الحاكم أي حوار جاد بشأن إصلاحها. وأنه حين تفرض عليه الحوارات مثل هذا الأمر، يتنصل عنها دائماً في نهاية ألأمر.
- ولقد تبين أيضاً من تصرفات اللجنة العليا للانتخابات طوال فترة بقائها على رأس أهم مؤسسة يفترض أن تقود الديمقراطية الى التطور لا التراجع والانهيار، تبين أنها كانت تمتلك الضوء الأخضر للتصرف كيفما تشاء في سبيل تحقيق ذلك الهدف الذي أشرنا اليه بداية (تسهيل مرور الحاكم وحزبه الى كراسي الرئاسة والسلطة رغم انف الديمقراطية).
- ليس من المعقول مثلاً أن تكون أغلب تصرفات وقرارات اللجنة العليا للانتخابات في دائرة شك المعارضة في الوقت الذي تكون فيه في دائرة مديح ودفاع الحزب الحاكم ..!! إلا حينما يكون ذلك مرده شيء واحد فقط هو : "تماهي اللجنة بالحزب الحاكم". 
بل حتى حينما كان الصراع على أشده بين الحزب الحاكم والمعارضة على قضايا انتخابية كانت اللجنة تقف مع أراء الحزب الحاكم ضد المعارضة..
ولقد أثبتت الوقائع والأحداث طوال فترة عمل اللجنة ذلك التماهي الكلي بين الحزب واللجنة دون خوف من قانون أو دستور. فكما أن القانون أعطى اللجنة صلاحيات واسعة ضد المخالفين أفراداً أو أحزاب فإنه أعطى القضاء صلاحيات لمعاقبة مخالفات اللجنة. لكننا لم نجد أي من تلك الصلاحيات تستخدم إلا ضد المعارضة فقط..!!
- لقد منح قانون الانتخابات اللجنة العليا طبيعة استقلالية كبيرة يمكنها من اتخاذ قرارات حاسمة ضد كل مخالف أياً كان شكله أو نوعه. فبحسب نص المادة (32) فإن:" أ-اللجنة العليا مستقلة مالياً وإدارياً وتتمتع بالشخصية الاعتبارية وتمارس كافة المهام والاختصاصات والصلاحيات المنصوص عليها في هذا القانون باستقلالية تامة وحيادية كاملة ،وتكون قراراتها علنية ،ولا يجوز بأي حال من الأحوال لأية جهة كانت التدخل في شئون وأعمال اللجنة العليا أو اختصاصاتها أو الحد من صلاحياتها."
لكن اللجنة جعلت من نفسها خصماً لطرف دون آخر. فهي في الوقت الذي لجأت فيه للمحاكم والنيابات ضد عناصر في المعارضة بتهم شتى. لم تقدم أي فرد أو مؤسسة حكومية لمثل تلك المحاكمات..!!
- ألم يكن من الغباء الواضح، أو قل بالأحرى من عدم الاكتراث والوقاحة، أن لا تقدم اللجنة العليا حتى على تعنيف أو إحالة الى القانون أو قل رفض روتيني لخرق واحد من الخروقات التي طالت العمليات الانتخابية من قبل الحزب الحاكم وحكومته، والتي نفذت في ظل تلك اللجنة التي انتهى أجلها القانوني السبت الماضي. بعد أن وضعت الديمقراطية في بلادنا في مأزق حقيقي أمام المجتمع الدولي والإقليمي.  
وبالمقابل كانت النتيجة جزاء بالمثل عندما ظلت اللجنة العليا طوال تلك المدة دون حتى أن تحال الى القضاء ولو بمخالفة واحدة من جملة تلك المخالفات العظام التي اضطلعت بها وهي تضع رجل على أخرى دون خوف من نص المادة رقم (126) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة والاستفتاء. والتي تنص على «مع عدم الإخلال بأي عقوبة اشد منصوص عليها في قانون آخر يعاقب عضو اللجنة العليا بالحبس مدة لا تزيد عن أربع سنوات مع فصله من عضوية اللجنة وسحب كافة الامتيازات التي حصل عليها بسببها عند ارتكابه لأي من المخالفات التالية:
ثالثا: الامتناع عن تنفيذ قانون الانتخابات أو إعاقة تنفيذه أو مخالفة حكم من احكامة أو مخالفة اللائحة التنفيذية أو قرارات اللجنة العليا».
- بل لقد زاد الأمر سخرية"، تلك التصريحات التي ذرعها رئيس اللجنة العليا خالد الشريف أمام الصحافة قبل يوم واحد من الانتخابات البرلمانية 2003م حين أعتبر أن التجمع اليمني للإصلاح هو أكثر الأحزاب السياسية مخالفة أثناء سير عملية الدعاية الانتخابية. وأن المستقلون يأتون في المرتبة الثانية بعد الإصلاح وإن أقل المخالفات هي التي قام بها المرشحون التابعون للمؤتمر الشعبي العام.
وعلى الرغم من أن مثل هذه التصريحات كانت مخجلة جداً والأكثر خجلاً أن تصدر من رئيس اللجنة العليا قبل يوم واحد من الاقتراع..!! إلا أنها – بالمقاييس التي اشرنا إليها سابقاً- كانت ضرورية لزعزعة ثقة الناخبين بالمعارضة. ولو افترضنا جدلاً – أو لنقل لو توهمنا – أن ذلك كان صحيحاً فهل كان يفترض برئيس اللجنة أو أحد أعضائها الإعلان عن ذلك؟ أم كان يفترض به اتخاذ الآليات القانونية المخول بها، وليدع الصحافة تقول مثل تلك التصريحات؟!. لقد كان الفعل خرقاً للقانون الذي يوجب الحبس أربع سنوات لعضو اللجنة الذي يخل به. ومع ذلك تم التجديد للَجنة ورئيسها بشكل فاضح يكشف مدى الاستهتار بالعملية الديمقراطية في أهم جزئية فيها "الانتخابات".
  حسنتان من ورائهما ذنوب كثيرة
- حين تبحث عن السيرة الذاتية لـهذه "اللجنة العليا للانتخابات" حتى تكون منصفاً، لن أجد لها سوى موقفين حاولت اللجنة فيهما أن تبدوا محايدة. هما موقفها من الانتخابات التكميلية في محافظة ريمه الدائرة (227) شهر يناير 2006م والآخر موقفها من السجل الانتخابي الأخير وتصريحات بعض أعضائها بأنه أحتوى على مغالطات وأسماء صغار السن، وأنها قررت حذف تلك الأسماء.
لكن وللوهلة الأولى، كان قد يبدو الانطباع إزاء ذينك الموقفين جيداً لو لم يتكشف السر الحقيقي تباعاً وراء ما كان يقف خلفهما من مغاز سعت اللجنة لتحقيقها خلالهما. ففي انتخابات تكميلية ريمه. لم تستمع اللجنة الى صوت وبيانات المشترك أو التجمع اليمني للإصلاح(الذي كان مرشحة قد خاض غمار تلك الانتخابات) حول الخروقات التي رافقت العملية. بل تفتحت آذانها حين صدر تقرير المعهد الديمقراطي الوطني الأمريكي حول خروقات تلك الانتخابات. والذي رصد جملة كبيرة من المخالفات وطالب بتصحيحها بل أن السيدة روبن مدريد – مديرة المعهد حينها – كانت ذكية حين أعربت عن قلقها البالغ إزاء ما حدث قبيل انتخابات 2006م معتبرة أن ما حدث في الانتخابات التكميلية للدائرة (227) انه  يرسم صورة مبكرة لما قد يحصل في الانتخابات الرئاسية والمحلية القادمة. بل أنها شككت في قدرات اللجنة العليا في اختيار وتعيين أعضاء اللجان بمهنية وبطريقة غير حزبية.
- ذلك الأمر الأول. أما فيما يخص النقطة الثانية : فإن تصريحات الدكتور محمد السياني - رئيس قطاع الشؤون الفنية والتخطيط باللجنة - في مؤتمر صحفي أن اللجنة قررت حرمان 248 ألفا و664 ناخبا وناخبة من التصويت في الانتخابات الرئاسية الثانية والمجالس المحلية. أتضح أن تلك العملية إنما قامت بها اللجنة لأمرين : الأول لإعادة الثقة باللجنة لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الداعم للانتخابات، والذي كانت الصحف نشرت نقاطاً في مسودة يتم تجهيزها كتقرير للجنة العليا من قبل البرنامج ، وتشير بعض تلك النقاط الى عدم جدية اللجنة العليا في إحداث إصلاحات حقيقية في العملية الانتخابية مستدلة بما كانت المعارضة أشارت اليه من وجود أكثر من (3) مليون اسم في سجلات الناخبين مابين وهمية ولصغار السن ومكررة.. ورفعت الأحزاب رسالة الى الرئيس محددة بالاسم والمركز الانتخابي تلك الأسماء.. الأمر الذي سارعت فيه اللجنة الى إعلان تلك الأعداد وحذفها في محاولة لاستعادة ثقة المنظمة الأممية وإحباط محاولة المعارضة في إيجاد تصحيح حقيقي للسجل.
- لقد تبادل المتماهيان (اللجنة والحزب الحاكم) جوائز النجاح وكلمات المديح. ففي حين أكدت الوقائع تصرف اللجنة العليا بمخصصات المرشح الرئاسي فتحي العزب (12) مليون ريال تقريباً، مقابل نجاحها في إدارة العملية الانتخابية، لم تحرك الحكومة ساكناً واحداً إزاء مثل هذه المخالفة التي اختتمت بها اللجنة خروقاتها. وكان الرئيس قد قدم أوسمة الوحدة والوطنية للجنة جزاء شكورا على ما قامت به..!!
—————————
لأكثر من عقد.. محاولة في تغيير الهامش 
أنهكت المعارضة معظم جهودها على مدى أكثر من عقد من الزمن وهي تتصارع مع الحزب الحاكم من أجل تصحيح مسار عملية التحول الديمقراطي عبر تصحيح سجلات الناخبين تارة، وأخرى حول تشكيل اللجنة العليا للانتخابات واللجان الدنيا لها. غير أن استخدام الحزب الحاكم لأسلوب التهدئة والحوار وتوقيع الاتفاق تلو الأخر حول تلك الأشياء، ساعد على بقائه حاكماً طوال تلك الفترة. وكان الحاكم وهو يعمد الى تلك الأساليب يؤمن أن بقائه منوط ببقاء تلك الإختلالات على ما خطط لها منذ إعلان التعددية السياسية في البلاد. وفي كل مرة كان يعمد الى تلك الأساليب كان يكسب أمرين هما: إدخال المعارضة في صراعات تفسيرية مع مواد القوانين المطاطية وغير المحددة. وتحويل المعركة بين المعارضة واللجنة العليا التابعة له ليظل هو متفرغاً لانتهاك القوانين الانتخابية واستغلال السلطة والمال العام الى جانب ما كانت اللجنة العليا تقوم به في تمهد الفوز له في كل عملية انتخابية عبر الإصرار على تشويه السجل الانتخابي بداية والإصرار عليه نهاية. ولو كانت اللجنة العليا للانتخابات تسير على ما قرره القانون من وجودها أولاً ولسلوكها تالياً، فإن كافة تلك الإشكالات كانت ستزول. ولما استمر الحزب الحاكم في السلطة في انتخابات 2003م عقب تنفيذ برنامجه في تجريع الشعب وتجويعه.
واليوم وبعد انتهاء الفترة القانونية للجنة العليا للانتخابات، يسعى الحزب الحاكم من جديد لسلق لجنة انتخابية شبيهة بأختها تواصل مسيرة التخلف عن الانتقال الى التحول الديمقراطي الطبيعي. 
   
  تاريخ غير مشرف
- يؤكد المراقبون الدوليون والمحليون بأن انتخابات 1993م كانت الأفضل من حيث تشكيلة اللجنة العليا للانتخابات، الأمر الذي قلل من حجم التجاوزات والأخطاء الانتخابية. وقد ركز المراقبون حينها على حجم التوازن الذي كان حاصلاً في تشكيلة اللجنة المشرفة على الانتخابات بسبب ما كان يتمتع به الحزب الاشتراكي من مكانة في السلطة والمؤسسات الحكومية في ذلك الوقت كونه كان شريكاً في الحكم أثناء ما كان يسمى بالفترة الانتقالية (1990 – 1993م). وبعد حرب 1994م دخل التجمع اليمني للإصلاح في شراكة حكومية مع المؤتمر الحاكم بنسبة قليلة من الصلاحيات لم تمكنه من تصحيح لا جداول الناخبين ولا تشكيلة اللجنة العليا للانتخابات التي كان الحزب الحاكم يسيطر على غالبية أعضائها. فمنذ العام 2006م دخل الإصلاح في صراع قوي مع المؤتمر الشعبي العام حول تلكما النقطتين، الأمر الذي أفضى في نهايته الى فرز تكتلات جديدة كان الإصلاح فيها يقف مع المعارضة ليعلن المؤتمر الشعبي العام إثرها أن الإصلاح أصبح في صف الأعداء. وكانت الحوارات بين أطراف العملية الانتخابية تركز على ذات النقطتين : إصلاح سجل الناخبين واللجنة العليا للانتخابات، لكنها فشلت بسبب تمسك الحزب الحاكم بالأمر معاً. وبالتالي مثلت انتخابات 1997م تراجعاً أولياً كبيراً عن العملية الديمقراطية بالمقارنة مع العام 1993م. 
وكانت مشكلة سجل الناخبين المشكوك فيه تطرح كلما اقترب موعد انتخابات جديدة! وحينما اقتربت الانتخابات الرئاسية (1999م) التي رافقتها استفتاء على التعديلات الدستورية. وفي أكتوبر عام 1998م عقد الإصلاح مؤتمره العام الثاني – الدورة الأولى. وفيها أتخذ قراراً بعدم المشاركة في أي انتخابات ما لم يتم تصحيح جداول الناخبين؛ لكنه تراجع عن ذلك القرار في مؤتمر استثنائي عقده لمناقشة الأمر وحضره الرئيس بنفسه لمناشدته العدول عن قراره،! وتلقى منه وعداً رئاسياً بإصلاح سجل الناخبين  واللجنة العليا. مؤكداً لهم أن عملية تصحيح الجداول الانتخابية عملية طويلة، كما عرض عليهم ما يفيد تصحيح أكثر من 30 ألف اسم بصورة فعلية. والبقية تتبع.
- وفي عام 2001م تشكلت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء الأخيرة كهيئة وطنية مستقلة مسئولة عن إدارة العملية الانتخابية. لكنها سعت جاهدة لقتل عملية التحول الديمقراطي عقب الانتهاء من الانتخابات المحلية عام 2001م بعد أن حصلت المعارضة على عدد من المقاعد المحلية يقترب مما حصل عليه الحزب الحاكم.
لكن اللجنة عملت خلال الفترة بين (2001 – 2003) على كثير من القضايا كان أهمها التلاعب بسجل الناخبين قبل انتخابات 2003 النيابية.
في عام 2002م كانت اللجنة العليا تقوم بالدور المرسوم لها حيث بدأت تتضح معالم المخالفات القانونية التي كانت تعدها سراً وعلانية. وفي تاريخ (8/10/2002م) عقدت الهيئة العليا للإصلاح اجتماعا لمناقشة تلك الخروقات وانتهت بإصدار بيان شديد اللهجة تجاه المخالفات التي تقوم بها اللجنة معلناً رفضه لها ومطالباً بتصحيحها وهي كما جاء في البيان الصادر عن الهيئة : 1- التكتم الشديد خلال إجراءات التقسيم الانتخابي الجديد، والسماح لتفرد بعض أعضاء الحزب الحاكم للقيام بذلك وحرمان أحزاب المعارضة من المشاركة، بل ومن مجرد الاطلاع على التقسيم الانتخابي رغم المطالبة المتكررة، مما أدى إلى حدوث المخالفات الفادحة في هذا التقسيم للمعايير السكانية والجغرافية والاجتماعية التي حددها القانون، وكل ذلك أفقد اللجنة العليا الحيادية والشفافية المفترضة.
2- الانتقاص من نسب التمثيل لأحزاب المعارضة واستبدال العديد من أسمائها بأسماء من الحزب الحاكم، في مختلف اللجان وفي عموم المحافظات.
3- إصدار تعميم بإلغاء التقيد بالموطن الانتخابي في قيد وتسجيل منتسبي القوات المسلحة والأمن، مخالفة بذلك قانون الانتخابات رقم (13) لسنة 2001 في مواده الحاكية بهذه الشأن (2) فقرة (د-ن-س) و(4) (أ-ب) و(10-144).
 وكانت تلك المخالفات تأتي بعد الاتفاق الذي عقدته أحزاب المعارضة مع المؤتمر الشعبي الحاكم على إيجاد سجل انتخابي جديد خال من الأخطاء والتجاوزات التي طالت السجل السابق، بحيث يشكل أساساً موثوقاً لكل الانتخابات والاستفتاءات، وكان ذلك شرطاً للتسجيل الجديد، وأكد البيان أن الممارسات والمخالفات التي ترافق السجل الجديد اليوم تفوق الخروقات والمخالفات التي رافقت السجل السابق المجمع على إلغائه.
ومع ذلك لم تقم اللجنة بما اتفق بشأنه بل تعمدت بمختلف الطرق إنشاء سجل انتخابي آخر كان أسوء من السابق حيث أكدت أحزاب المعارضة أن لديها أدلة بوجود أكثر من (2) مليون أسم مكرر وصغار السن. لكن اللجنة لم تعلن سوء عن (112) ألف تم حذفهم. ومن المخالفات التي قامت بها اللجنة للقانون أنها قامت بحذف أجزاء هامة من المادة التلفزيونية المسجلة للبرنامج الانتخابي للإصلاح في انتخابات 2003م. وإسقاطها لعدد من المرشحين التابعين للمعارضة في بعض الدوائر ( 191، 193) في الوقت الذي وافقت فيه على مرشحين للحزب الحاكم من خارج دوائرهم.
- وبعد انتخابات 2003م، ركزت المعارضة جهودها على تصحيح سجل الناخبين الذي طالته الخروقات خلال الانتخابات البرلمانية 2003م أكثر من ذي قبل. وطالب أمين عام الإصلاح اللجنة العليا بتاريخ 13 / 6/2004م بنسخة من سجلات الناخبين كحق مكفول قانوناً في المادة رقم 13 الفقرة (أ) من القانون. غير أن اللجنة اصمت أذانها. وبعد ثلاث رسائل معها وبعد أن تدخل المعهد الديمقراطي الأمريكي. اضطرت اللجنة للرد بتاريخ (28/2/2005م) لكنها أيضا ظلت مصرة على رفض الطلب. وفي 22/11/2005م تجاهلت اللجنة أيضاً طلب اللقاء المشترك بتزويده بنسخ من الأدلة والنماذج التي ستنظم عملية مراجعة وتعديل جداول الناخبين القادمة. تحت مبرر عدم جاهزيتها بالرغم أن رئيسها أعلن بتاريخ 21/11/2005م أن اللجنة انتهت من إعدادها.
لقد أصبح واضحاً أن اللجنة العليا لا تنفذ القانون الرسمي للانتخابات، بل كانت تعمل على تنفيذ أجندة أخرى ضمن قانون أخر قانون آخر كشفت الأيام انه قانون خاص ببقاء الحزب الحاكم الذي أعلن أكثر من مرة تخوفه من تسليم السجل الى الأحزاب للعبث به..!! وهو ذات المبرر الذي أكدته اللجنة فيما بعد..!!
وليس هناك أدل على توجيه مسار اللجنة من قبل الحزب الحاكم علناً أمام مرأى ومسمع الجميع من هذه المواقف: فإلى جانب ما سبق الإشارة اليه.. هناك مواقف أخرى عديدة يمكن الإشارة الى بعضها:-   في 8/1/2006م أعلن على لسان مصدر مسئول في الحزب الحاكم تمسك المؤتمر بتشكيل اللجان الفرعية من حزب الأغلبية وحسب أصواته التي حصل عليها في انتخابات 2003م، وعدم إشراك الأحزاب في إدارة الانتخابات. بعدها كانت تلك التصريحات هي الخيارات التي أخذت بها اللجنة العليا للانتخابات فيما بعد.
- ضمن تعليماتها في دليل الناخبين خالفت اللجنة العليا القانون الذي نص انه من حق أي عضو مقيد الطعن بأي عدد حفاظاً على سلامة الجدول. إذ قيد الدليل ذلك العدد بعشرة أسماء فقط مع فرض الكثير من التعقيدات التي يستحيل معها تصحيح أي خلل في السجل.
- كما خالفت اللجنة الفقرة(ب) من المادة (142) التي تنص على حق الأحزاب في تشكيل لجان للرقابة منها بهدف الشفافية وضمان النزاهة، غير أن اللجنة بدأت في دليلها بتقليص عدد المراقبين من الأحزاب الى عضو واحد في الدائرة أو المديرية بالرغم من احتواء الدائرة على مراكز ما بين (5 -69) مركزاً. ثم أعلنت بعد ذلك تشكيل تلك اللجان من المتقدمين للتوظيف في كشوفات الحكومة. وهي مع ما كانت مخالفة صريحة لنصوص القانون، فإنها أيضاً عملت على توقيف وفصل من كانت تكتشف أنهم يعملون بشكل صحيح لتسجيل الناخبين دون الامتثال لقيادات و مشائخ الحزب الحاكم في الدوائر والمديريات.
- بل تصرف بعض أعضاء اللجنة مع أحزاب المشترك كخصوم. وكانت الكثير من تصريحاتهم تتهم الأحزاب أنها تسعى لتحقيق مكاسب مالية ومحاولة الدخول مع اللجنة في مساومات ومهاترات ومحاولة للكسب السياسي (تصريحات رئيس اللجنة العليا لصحيفة الجمهورية 21/11/2005م). كما وأتهم الناطق باسم اللجنة في تصريحات صحفية لموقع الحزب الحاكم(24/11/2005م)، أتهم أحزاب المعارضة أنها تسعى لتجيش اللجان الفرعية لرفع حصصها من اللجان وتضخيم سجلها الانتخابي من خلال تكرار الأسماء.
- وغيرها الكثير من المخالفات التي تمس سيادة القانون تضج بها صفحات المعارضة ضد اللجنة العليا للانتخابات. و إجمالاً يمكن الحديث عن إنجازات اللجنة العليا بجملة من الخروقات القانونية والأخلاقية تمثلت بـ: 
- مخالفات دستورية وقانونية قامت بها بنفسها- التغاضي عن مخالفات قانونية ودستورية قامت بها الحكومة - التغاضي عن مخالفات قانونية ودستورية قام بها الحزب الحاكم - التعامل مع الأحزاب المعارضة كأنها عدو لا شريك - المماطلة في تنفيذ الكثير من القرارات المتفق بشأنها مع الأحزاب والمنظمات الدولية المشرفة على الانتخابات والداعمة لها… الخ
 الأمر الذي أوصل أحزاب المشترك الى المطالبة بمحاكمة اللجنة ورفضها الدخول في أي عملية انتخابية ما لم يتم تغيير اللجنة العليا باعتبارها أصبحت تمثل عائقاً للتحول الديمقراطي. لكن المؤتمر الشعبي الحاكم رفض التخلي عنها كونها تؤدي المطلوب منها على أكمل وجه. 
وهذا ما أكدته أحزاب اللقاء المشترك من خلال بيانها الصادر بتاريخ (7/3/2006م) حول رؤيته في إصلاح العملية الانتخابية. وهو يوضح ما دار في الحوارات بين المشترك والحزب الحاكم فيما يخص اللجنة العليا. وبعد أن ذكر البيان لقاء المشترك الذي تم مع رئيس الجمهورية في (7/2/2006م) والذي بدوره وجه الأمين العام للمؤتمر بالتحاور مع المشترك حول تلك الأمور. يقول البيان " وعقب هذا اللقاء عقد أمناء عموم المشترك أربعة اجتماعات مع ممثلي المؤتمر الشعبي العام، اجتماعين ترأسهما الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام الأخ عبد الرحمن الأكوع، الأول بتاريخ 8 فبراير 2006م والثاني بتاريخ 13 فبراير 2006م، واجتماعين برئاسة رئيس الوزراء أمين عام المؤتمر الأخ عبد القادر باجمال الأول بتاريخ 22 فبراير 2006م والأخير بتاريخ 3/3/2006م.إن أحزاب اللقاء المشترك تعلن بشفافية ووضوح للرأي العام ما جرى في تلك اللقاءات والتي تركزت حول تقديم اللقاء المشترك رؤيته لإصلاح الإدارة الانتخابية ابتداءً من اللجنة العليا مروراً بحيادية مؤسسات الدولة ونزاهة المنافسة الانتخابية، وانتهاء بإعلان الاتفاق على إصلاح النظام الانتخابي بعد إجراء الانتخابات الحالية، وعرض اللقاء المشترك في ثلاثة اجتماعات الخيارات الدستورية والقانونية وقدم الآليات والمقترحات التي يراها متوافقة مع المواعيد القانونية للاستحقاقات الانتخابية، وكانت إجابات ممثلي المؤتمر، الاتفاق على الحوار وعلى قاعدة ضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وبإجابة واحدة رفضوا الحديث عن اللجنة العليا ووضعها ومخالفاتها وخروقاتها المتواصلة واستعدائها الأحزاب وتشويه مواقفها بوسائل الإعلام العامة، والرد على مطالب المشترك بأنهم ليسوا مخولين بمناقشتها، وفي نهاية كل اجتماع كان ممثلوا المؤتمر يعدون بعرض الموضوع على اللجنة العامة، حتى استنزف الوقت وجاء الرد النهائي في أخر اجتماع في منزل رئيس الوزراء أمين عام المؤتمر بتاريخ 3/3/2006م برفض قاطع لمطالب المشترك في تحقيق حيادية واستقلالية اللجنة العليا للانتخابات"..!!!
————————————
الرقابة الدولية بالمرصاد
- إذا كانت اللجنة العليا لا تقبل ما في تقارير أحزاب المعارضة حتى وإن كانت دقيقة، كونها تعتبرها عدوا ونداً لها بحكم أن المعارضة تسعى للفوز على الحزب الحاكم من خلال الانتخابات، ولذا فإن دورها الوطني يحتم عليها إفشال ذلك..!! فما الذي يمكن أن تقوله اللجنة العليا أمام التقارير الدولية والإقليمية. 
- سنكتفي هنا بالإشارة الى أهم تقريرين دوليين هما تقرير المعهد الديمقراطي الأمريكي، وتقرير بعثة الاتحاد الأوروبي للرقابة على الانتخابات الأخيرة.
- سنكتشف أن كل مخالفة من هذه المخالفات كان يمكنها أن تودي الى فصل وحبس أعضاء اللجنة العليا للانتخابات لمدة أربع سنوات بحسب ما حدده القانون. ذلك إذا كان هناك من يطبق القانون..!!
ولن ندخل في تفاصيل تلك التقارير فهي طويلة جداً وسنكتفي بأخذ نماذج منها فيما يتعلق باللجنة العليا أو بالمخالفات الكبيرة التي تدخل في اختصاصات اللجنة القانونية.
  أولا تقرير المعهد ألأمريكي
- يقول تقرير المعهد الديمقراطي الأمريكي وهو يتحدث في السياق عن العمليات الديمقراطية السابقة: " وقد تشكلت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء للمرة الأخيرة عام 2001 كهيئة وطنية مستقلة مسئولة عن إدارة العملية الانتخابية وقد سجلت كثير من التقارير بعض من سلبيات وإشكاليات العمليات الانتخابية السابقة كان أبرزها عيوب وأخطاء في السجل الانتخابي، وجملة من مخالفات وخروقات للقانون والتي أبرزها استخدام الموارد العامة للدولة وتخويف مرشحي المعارضة وتغطيه الحملات الانتخابية بشكل غير عادل لصالح الحزب الحاكم وسوء أداء أعضاء اللجان الانتخابية وتدخل أعضاء اللجان الأمنية في صلاحيات اللجان الانتخابية بالإضافة الى أحداث العنف".
- "إن إدارة العملية الانتخابية من الناحية الإجرائية تمت بشكل جيد نسبياً. غير أن أداء اللجنة فيما يتعلق بإدارة أعمال التحضير والتنظيم للعملية الانتخابية كانت أفضل من أداءها فيما يتعلق بمنع وتصحيح الانتهاكات والخروقات المتعلقة بالعملية التنفيذية.."
سجلات الناخبين:" للأسف كانت هنالك ومازالت العديد من الشكوك حول نزاهة السجل الانتخابي اليمني. فقد أقرت اللجنة العليا للانتخابات باحتواء سجلات الناخبين على أكثر من 150000 اسما مكررا وناخبين ممن لا يحق لهم التسجيل أو من صغار السن بينما صدرت عن أحزاب المعارضة تصريحات بأضعاف الرقم الذي صرحت به اللجنة. و قد أدت هذه العيوب والأخطاء الكبيرة في السجل الانتخابي الى توتر العلاقة بين أحزاب اللقاء المشترك من جهة و بين اللجنة العليا للانتخابات والحزب الحاكم من جهة أخرى قبيل الانتخابات. وبالرغم من ذلك فان آلية حل هذه المشكلة قبل الانتخابات لم تتم بشفافية مما أدى الى تفاقم المشكلة.."
إعلان النتائج : "من ناحية أخرى وفي حوالي الساعة 11 مساء أذيع على وسائل الإعلام الرسمية والدولية "بلاغ أولي" عن ما اسماه المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات أن النتائج الأولية التي وصلت الى اللجنة حتى تلك الساعة عن تقدم محسوب لصالح مرشح المؤتمر الشعبي العام للرئاسة علي عبد الله صالح ب 82% من الصناديق التي فرزت حتى تلك اللحظة. عكست تقارير المراقبين استغرابا لذلك الإعلان خصوصا وان عملية الفرز في كثير من المراكز لم تكن قد بدأت أو هي لم تتعدى الصناديق الأولى (من 1 الى 4 صناديق) في اغلب الأحوال. كشفت هذه القضية من وجهة نظر المراقبين كثير من أوجه القصور في أداء اللجنة العليا للانتخابات وفي المسؤولية القانونية الملقاة على اللجنة اذ كشف ذلك الإعلان أن اللجنة كانت تستقي معلوماتها من كثير من المصادر والهياكل الغير رسمية بحسب ما جاء في سياق الردود على تساؤلات الصحفيين في المركز الإعلامي من قبل الناطق باسم اللجنة العليا للانتخابات. كما ان اللجنة لم تكن تلتزم بالإجراءات التي نص عليها قانون الانتخابات وأدلته التنفيذية عند إعلان النتائج. وهذا بالتالي يؤثر على مصداقية العملية الانتخابية برمتها لدى المواطنين والمهتمين."
- الدعاية الانتخابية : "بالرغم من وجود تقييم إيجابي حول مرحلة الدعاية الانتخابية، إلا أنه كانت هناك العديد من الخروقات الخطيرة أشارت إليها تقارير المراقبين، وأهم هذه الخروقات مايلي:
• تعرض مرشحي المجالس المحلية و خصوصاً النساء منهم للضغوط لإجبارهم على الانسحاب بحسب شكاوى وتقارير رفعت للجنة العليا للانتخابات وصلت صور منها للمعهد.
• بدا الخطاب السياسي عدوانيا. على سبيل المثال كان خطاب الحزب الحاكم باتجاه أحزاب اللقاء المشترك هجوميا ويتسم بالحدة وبالذات ما يمكن فهمه بأنه اتهام صريح لأحزاب المشترك بأن لها علاقة بالإرهاب.
• حدثت اعتقالات لمرشحين وناشطين من اللقاء المشترك ووجهت إليهم اتهامات لا تخلو من دوافع سياسية.
• اخفق رجال الأمن والجيش في العديد من المراكز الانتخابية بالعمل بصورة حياديه و اظهروا دعمهم الواضح والصريح للرئيس الحالي و مرشحي حزب المؤتمر الشعبي العام.."
- استخدام الموارد العامة
- أشار أكثر من 33% المراقبين بحدوث فعاليات الدعاية الانتخابية في منشئات حكومية غير الأماكن المخصصة للدعاية. أشار أكثر من 50% من المراقبين استخدام وسائل النقل الحكومية للدعاية الانتخابية و إشراك موظفي الدولة في نشاطات الدعاية خلال ساعات العمل الرسمية. ذكر 75% من المراقبين وجود الملصقات الدعائية على المباني الحكومية الغير مخصصة للدعاية. بالمجمل أشار 25% من المراقبين الى استخدام احزاب اللقاء المشترك لموارد الدولة بينما أشار 60% منهم الى استخدام المؤتمر الشعبي العام لموارد الدولة.
- هنالك حالات تشير إلى أن بعض الناخبين اللذين صوتوا في انتخابات عام 2003 سقطت أسمائهم من سجلات الناخبين لهذه الانتخابات و قد أدركوا ذلك عند ذهابهم للتصويت في مراكز الاقتراع مما يدل على أن هنالك حاجة لتحسين وإجراء عملية ومراجعة وتعديل سجل الناخبين بشفافية. إلا أنه، وبشكل عام فأن المشاكل الأكبر كانت تتعلق بالتعسفات والخروقات التي حدثت ميدانياً. فلم تكن لدى اللجنة العليا للانتخابات أو حتى أعضاء اللجان الانتخابية الرغبة بفرض قانون الانتخابات.
- أوضح أكثر من 40% من المراقبين عن وجود من يعطي توجيهات للناخبين داخل المراكز الانتخابية حول من يجب أن ينتخبوا. كان من هؤلاء أعضاء اللجان أنفسهم حيث أعطوا تعليمات للناخبين حول من يصوتوا له أو قاموا بالتأشير نيابة عنهم. كانت المشكلة الأكبر في الخروقات التي ارتكبها ذوي النفوذ من أبناء المنطقة نفسها. تقريبا في 20% من المراكز الانتخابية التي تم مراقبتها ذكر مراقب واحد على الأقل من كل مركز أفرادا يقومون بتخويف الناخبين لدى اقترابهم من المراكز الانتخابية. وفي 20% من المراكز التي تم مراقبتها رأى جميع المراقبين أفرادا يقومون بتخويف الناخبين لدى اقترابهم من المراكز الانتخابية.
- رصد المراقبون تواجد أشخاص غير مصرح لهم في تقريباً 33% من لجان الفرز وأن الكثير من هؤلاء شاركوا في عملية الفرز. وقد ذكرت تقارير الرقابة أن 40% من هؤلاء كانوا من اللجان الأمنية و 60% من مندوبي المرشحين.
- التوصيات: سنركز هنا على أهم التوصيات المتعلقة باللجنةالعليا:
- إن فرض قانون الانتخابات وضوابط تنفيذ الحملات الانتخابية ويوم الاقتراع هو أمر جوهري من اجل تأسيس عملية انتخابية ديمقراطية حقيقية. ولذلك فإننا نوصي بان تتخذ الأطراف الفاعلة في صنع القرار وفي مقدمتها البرلمان اليمني الخطوات الضرورية لتعزيز مسؤوليات وصلاحيات اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.
- تبسيط إجراءات الانتخابات بحيث يسهل على العدد الكبير من الناخبين الأميين ومحدودي التعليم ممارسة حقهم الانتخابي بسهولة. ذلك أن الإجراءات المعقدة تخلق أجواء مربكة يسهل فيها التلاعب و عندها تصبح شرعية الانتخابات عرضة للشكوك.
- تدريب الجان الأمنية وإصدار تعميمات أكثر من قبل المشرفين عليهم تحثهم على الالتزام بالقيام بعملهم وفقا للقانون وبحيادية ومنعهم من التأثير بأي شكل على الناخب.
- عقد المزيد من الدورات التدريبية لأعضاء وموظفي اللجنة العليا للانتخابات لفهم مسؤولياتهم وصلاحياتهم، وبخاصة إذا تم تعيين أعضاء جدد للجنة بحسب اتفاق المبادئ الموقع في 18 يونيو 2006.
- كان سجل الناخبين ولا يزال مصدر لخلافات وتوترات شديدة بين المعارضة واللجنة العليا للانتخابات واليه يعزى السبب في تأجيل التحضير للانتخابات أكثر من مرة. وقد فشلت كل الجهود لتصحيح السجل من الأسماء المكررة والمسجلين تحت السن القانونية بل وتسببت بالمزيد من التوتر. يجب أن تعالج اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء العيوب والاختلالات الموجودة سجل الناخبين بصورة جادة وشفافة ومحايدة. ويجب أن توضع خطوات لشطب الأسماء من السجل الانتخابي ولكن بعد فترة محددة من نشرها مع إعطاء الفرصة للطعن في الأسماء المبعدة. بالإضافة لذلك يجب تسليم الأحزاب نسخ من سجل الناخبين معززة بنظام بحثي. 
-  تطوير الأداء الإشرافي لقطاع الإعلام في اللجنة العليا للانتخابات على وسائل الإعلام الرسمية وخاصة المقروءة منها حيث كانت هناك تحيز واضح في تغطية برامج مرشح لصالح الحزب الحاكم.
- تسلم اللجنة العليا للانتخابات نسخ من سجل الناخبين معززة بنظام بحثي للأحزاب السياسية المختلفة.
    ثانياً من تقرير بعثة الإتحاد الأوروبي 
- قالت عضوة البرلمان الأوروبي رئيسة البعثة البارونة نيكولوسون ونتربورن،  أن عملية إعلان النتائج فقدت مصداقيتها ولم يكن بالإمكان الثقة في دقة النتائج النهائية للانتخابات. ومن نقاط الضعف التي أثرت سلبا على الانتخابات بحسب ما أوردته بعثة الرقابة الأوروبية في تقريرها :" الانحياز الحزبي للجنة العليا للانتخابات لصالح حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وتهميش ممثلي المعارضة في اللجان الانتخابية من عملية صنع القرار". وأشار التقرير إلى المشاكل التي واجهت عملية تحديث السجل الانتخابي, واصفا إجراءات اللجنة العليا بحذف ما يزيد على 200 ألف اسم بالعملية غير الشفافة "لأنها لم تعط فرصة حقيقية للناخبين وللأحزاب السياسية للتحقيق من دقتها".
وحول استخدام موارد الدولة في الدعاية الانتخابية قال التقرير "تقوضت عدالة الحملات الانتخابية بسبب الاستخدام النظامي والحصري لموارد الدولة لصالح الرئيس الحالي حيث أظهرت هيئات الدولة وعلى الأخص الشرطة والجيش دعما كبيراً للرئيس صالح والحزب الحاكم" معيبا على اللجنة العليا للانتخابات عدم اتخاذ أي خطوات لإنقاذ النصوص القانونية التي تحظر ذلك السلوك.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني للانتخابات التقرير وجود العديد من الإشكاليات التي ينبغي معالجها لتلافيها في الانتخابات المستقبلية والتي من أهمها "الأحكام المتعلقة بتسجيل المرشحين وعدم وجود إجراءات واضحة للشكاوى ضد المخالفات الانتخابية بالإضافة إلى ما وصفته بمحدودية الثقة العامة في الإنفاذ المناسب للنصوص القانونية بسبب ضعف النظام القضائي في تنفيذ أحكام القانون".
وانتقد التقرير انحياز وسائل الإعلام الرسمية على مستوى تقاريرها الرسمية لصالح نشاطات الرئيس صالح والحكومة، منتقداً تغييب الإعلام الرسمي لتغطية الانتخابات المحلية معزيا ذلك إلى تعليمات اللجنة العليا للانتخابات التي قيدت من المعلومات التي يمكن أن تنشرها وسائل الإعلام حول المرشحين المحليين، واعتبر التقرير ذلك مبعثاً يخيب الآمال.
وأكد أن السجل الانتخابي تعرض لشبهات كبيرة أثناء تحديثه في ابريل ـ مايو 2006م لسببت مقاطعة أحزاب المعارضة تشكيل لجان القيد والتسجيل ونتيجة لذلك اشتمل سجل الناخبين "على عدد كبير من الأسماء المكررة وأولئك الذين لا يحق لهم التصويت".
وسرد التقرير نسب المخالفات من واقع الزيارات الميدانية لمحطات الاقتراع التي زارها. حيث وجد :
ـ في 20 بالمائة منها لوحظ مخالفة سرية الاقتراع - في 14 بالمائة منها تم تقديم مساعدة غير قانونية للناخبين الأميين. ـ في 7 بالمائة منها صوت ناخبون من الواضع أنهم لا يبلغون السن القانونية. ـ في 4 بالمائة منها كانت هناك محاولات لتهديد الناخبين. ـ في 50 بالمائة من مراكز الاقتراع النسائية، لم يطلب من الناخبات كشف النقاب للتعرف على هوياتهن.
* التوصيات:
وفي ختام تقريرها أوصت لبعثة الأوروبية، الحكومة  اليمنية فيما يخص اللجنة العليا والسجل الانتخابي، بضرورة العمل على تعديل قانون الانتخابات بما يؤسس إطار واضح لعملية جدولة وإعلان النتائج في كل مرحلة من أجل أن يتم نشر النتائج بسرعة وباكتمال وبدقة, وأكدت البعثة الأوروبية على ضرورة تعديل قانون الانتخابات من اجل أن ينص على حق الأحزاب السياسية في أن تمثل داخل اللجنة العليا وفي اللجان ذات المستويات الأدنى وان ينص على معايير تحديد مستوى ذلك التمثيل, كما أكدت على ضرورة إلغاء المادة (197) من قانون العقوبات التي تجرم أي فعل يعتبر أنه "إهانة لرئيس الجمهورية", مشددة على ضرورة أن يكون للقضاء والنيابة العامة أطر واضحة حول آلية تعاملهم مع الشكاوى المتعلقة بالانتخابات على أن تلتزم اللجنة العليا والنيابة العامة والقضاء بتوفير معلومات عامة حول عدد الشكاوى المتعلقة والطريقة التي حلت بها، موصيا بالأخذ بعين الاعتبار إجراء مراجعات تشاوريه حول إصلاح النظام الانتخابي للانتخابات النيابية والمحلية. وأكدت البعثة على ضرورة أن تتقيد اللجنة العليا للانتخابات بمراجعة مفتوحة ومتعددة الأطراف لسجل الناخبين.
ملاحظة: عن كل مخالفة أو خرق مما تم الإشارة اليه في تلك التقارير الدولية. يدل دلالة كاملة أن اللجنة العليا متهمة بحياديتها واستقلاليتها. وهو ما يتطلب العمل بالتوصيات الدولية الي أشارت الى ضرورة التوازن في اختيار أعضاء اللجنة العليا وتصحيح جداول الناخبين. فمن دون ذلك لن يحدث أي تطور للعملية الديمقراطية وستكرر نفسها بشكل ممل ومؤلم ربما لن يستمر كثيراً كما استمر من قبل.
——————————–
رؤية أحزاب اللقاء المشترك للاستحقاق الدستوري المتمثل بإجراء الانتخابات الرئاسية والمحلية في شهر سبتمبر القادم 2006م، والضمانات اللازمة لإنجاحها.
 أصدرت أحزاب اللقاء المشترك بياناً مطولا لها بتاريخ 7 مارس 2006م، تضمن الإشارة الى الكثير من الانتهاكات والخروقات التي تعمدتها اللجنة العليا للانتخابات أثناء عملية التتقسم الإداري للدوائر والمديريات الانتخابية واللجان الفرعية والإشرافية وغيرها من المخالفات. الى جانب إشارته الى ما أفضت اليه الحوارات مع الحزب الحاكم ورفضه الحديث نهائياً عن اللجنة العليا وإصلاحها.. وفي نهاية البيان حددت أحزاب المشترك رؤيتها للضمانات اللازمة لأنجاح الانتخابات وهي :
1- تتحمل اللجنة العليا للانتخابات المسئولية الدستورية والقانونية عن تبعات إصرارها في المضي بإجراءاتها غير القانونية وعن النتائج الغير شرعية المترتبة عنها، بما في ذلك أي تأخير أو تعطيل للاستحقاق الانتخابي القادم.
2- يتحمل الحزب الحاكم من موقعه في السلطة التنفيذية، وتحكمه بالغالبية في السلطة التشريعية، المسئولية الكاملة عن التبعات غير القانونية المترتبة على المضي في الإجراءات الانتخابية المخالفة للدستور والقانون، لرفضه وممانعته غير المبررة للمعالجات المقترحة لإصلاح تلك الإختلالات وإجراء التعديلات القانونية الضرورية بشأنها بما في ذلك الوضع المختل للجنة العليا للانتخابات لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وعادلة.
3- إن الاستقواء بالأغلبية في التعامل مع الشأن الانتخابي إدارة وتشريعاً لصلاح الحزب الحاكم، سيفضي حتماً لإعادة إنتاج الأغلبية لنفسها في كل استحقاق انتخابي، وتعطيل مبدأ التداول السلمي للسلطة.
4- تؤكد أحزاب اللقاء المشترك أن رؤيتها في إيجاد إدارة انتخابية محايدة ومستقلة تبدأ من اللجنة العليا للانتخابات، وترفض رفضاً مطلقاً حصر الموضوع في تشكيل لجان إدارة الانتخابات الإشرافية والأساسية والفرعية.
5- تؤكد أحزاب اللقاء المشترك على ضرورة توفير كافة الضمانات اللازمة لحياد الإعلام العام والمال العام والوظيفة العامة والسلطات المحلية والمركزية والمؤسستين الأمنية والعسكرية، وبما في ذلك الضمانات السياسية التي توفر مناخات ملائمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
———————————-
حتمية إصلاح النظام الانتخابي وإدارته
- لقد قدمت أحزاب المشترك اقتراحاتها الى اللجنة العليا في إصلاح العملية الانتخابية وضماناتها في أكثر من مرة. كما قدمت مقترحاتها للرئيس والحزب الحاكم. وضمنت ذلك في مشروعها الوطني للإصلاح السياسي.
وعلى خلفية التجربة الديمقراطية في بلادنا كان ولابد من الخروج من الصفوف الأولى للتجربة والانتقال بها الى الصفوف العليا. وقد كثفت أحزاب المشترك تلك المطالب في الحوارات الأخيرة مع الحزب الحاكم. إذ وضعت إصلاح النظام الانتخابي واللجنة العليا للانتخابات في مقدمة قضايا الحوار. كما أن وثيقة المبادئ الموقعة بين الأحزاب قبيل انتخابات 2006م الرئاسية أشارت الى إصلاح تلك الأمور عقب الانتخابات الرئاسية.
ونهاية الأسبوع الماضي فقط.. بينما كان الحزب الحاكم ما يزال في اجتماعات يومية مع المشترك من أجل ضبط إيقاع الحوار.. أعلن بطريقة فردية غير مسئولة تحديد زمن معين للحوار وكذا انتخاب اللجنة العليا للانتخابات خلال أسبوع واحد فقط ذلك بعد أن انتهت فترة صلاحيتها القانونية.
- وهذا التصرف المؤتمري يدعم ما ذهبنا اليه من تخوف الحزب الحاكم من فقدان السيطرة على زمام الانتخابات بفقدانه امتيازات اللجنة العليا غير القانونية (العصا السحرية للفوز). خصوصاً وأنه وجد إصراراً كبيراً لدى أحزاب المشترك – هذه المرة أكثر من غيرها- في ضرورة إصلاح نظام الانتخابات واللجنة العليا بشكل متوازن حسب ما تقتضيه النظم الديمقراطية العالمية. يقول الدكتور عبد الله الفقية –أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء – في مقال سابق له في صحيفة الوسط، أن فكرة تقسيم اللجنة العليا بحسب الأغلبية أمر غير قانوني أو منطقي في العملية الانتخابية. كون الحكام بين طرفي اللعب في أي مباراة يجب أن يكونوا محايدين. ".. فقواعد اللعبة، وعلى عكس ما يظن البعض، لا يتم تحديدها على أساس «الأغلبية». هذه مسألة منطقية واضحة لا تحتاج إلى برهنة. وتشكل مسألة استقلالية اللجنة العليا للانتخابات حجر الزاوية بالنسبة للكثير من المطالب التي تقدمها أحزاب المعارضة بما في ذلك الاستقلالية النسبية المطلوبة للمال والإعلام والجيش والأمن"
- هذا الأمر هو أيضاً ما أكدته التقارير الدولية في الوقت الذي يظل فيه المؤتمر الحاكم خائفاً من الانتقال لهذه الخطوة التي فيما يبدوا أن المشترك أصبح مصراً عليها باعتبارها حجرة الإصلاح السياسي الحقيقة التي ظل لأكثر من عقد ينادي بها. غير أن الظروف التي مرت بها البلاد حينها لم تكن مؤاتية للإصرار عليها كما هي اليوم بعد زيادة الوعي الجماهيري حول ضرورة التغيير ووسائله وكذا تأكيدات المجتمع الدولي الداعم للعملية الديمقراطية في البلاد على مثل تلك الإصلاحات. وهو ما لن يستطيع المؤتمر الحاكم تجاوزه هذه المرة كما كان يفعل في المرات السابقة. وإن بدى أنه يسبق في رمي الحجر الى الماء لتعكيره أمام المشترك. فقد أصبحت المعارضة اليوم تدرك جيداً ماذا تريد؟ ومتى؟ وكيف؟
- وإذا ما عدنا الى الوراء قليلاً الى الانتخابات الأخيرة لوجدنا أن المشترك سبق وأن رمى بالحجر أولاً حين قدم مبادرته الخاصة بشأن ما يجب أن تكون عليها اللجنة العليا للانتخابات. وإن كانت الظروف لم تسمح حينها بالتنفيذ، فإنها اليوم يجب أن تسمح.
- وتركزت مبادرة المشترك بشأن اللجنة العليا للانتخابات على ست نقاط جوهرية هي:
- إعادة تشكيل اللجنة بطريقة تحقق التوازن في التمثيل بين القوى السياسية - تقديم كل عضو من أعضاء اللجنة إقرار براءة الذمة - تمثيل المرأة اليمنية في اللجنة - إعطاء مجلس النواب سلطة المصادقة على تعيين أعضاء اللجنة وهو ما يوفر لها الاستقلال المناسب - الاستقلال المالي والإداري للجنة - الشفافية في أداء اللجنة لعملها.
وهي نقاط تبدو أنها ما زالت صالحة للحديث عنها اليوم الى جانب نقاط أخرى فرضتها المتغيرات السياسية الداخلية سيكون للحديث عنها وقتاً مناسباً في حينه.
-----------------
يناير 2008