الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

حرب صالح المعلقة


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال

قال أحد مستشاري الرئيس الذين خبروا تصرفاته وطباعه إن ردة الفعل الطبيعية للرئيس صالح حينما يكون في موقف الضعف تأتي عبر الهجوم. فبحسب إحدى البرقيات الدبلوماسية التي نشرها موقع ويكيليكس مؤخراً، وتطرقت لقضية إطلاق صالح لسراح جمال البدوي في 2007، (والبدوي يعتبر أحد أهم المطلوبين أمريكياً بتهمة كول) كشف أحد مستشاري الرئيس، في لقاء جمعه مع السفير الأمريكي، أن صالح أدرك لاحقاً – بعد الضغوطات الأمريكية - فداحة الخطأ الذي ارتكبه، بإطلاق سراح البدوي، مؤكداً أن تصرفاته (أي الرئيس) في الاجتماع الأخير كشفت ردة فعله الطبيعية (وهي الهجوم) دائماً، عندما يجد نفسه في موقف ضعيف. بحسب ما أوضحت البرقية على لسان المستشار. (والاجتماع المشار إليه في حديث المستشار يقصد به اجتماع سابق بأيام، ضم صالح والسفير الأمريكي بخصوص إطلاق سراح البدوي).

 وحين تحدث علي صالح قبل أيام (وتحديدا: السبت 8 أكتوبر) انه سيغادر السلطة بعد أيام، كان كثيرون يرونها مناورة مفضوحة لتثبيط تحركات المجتمع الدولي وعمل مغناطيس في طريق مجلس الأمن يعيق مواصلة إجراءاته لإصدار قرار بشأن اليمن.

هذا التفسير كان يبدو هو الأقرب للواقع كون التصريحات جاءت بعد أيام قليلة من ذيوع خبر تحركات ثلاث دول دائمة العضوية (هي: أمريكا، بريطانيا، وفرنسا) لمناقشة مشروع قرار حول اليمن يصدره المجلس خلال أيام.

ومع أن الرئيس في خطابه ذاك كرر مقولة أنه جاء حاملاً غصن الزيتون، وحمامة السلام، إلا أن قواته، بعدها بأيام (مساء الأحد الماضي)، شنت حرباً ليلية شرسة ضد مناوئيه في الحصبة، ومدينة صوفان، والفرقة الأولى مدرع، استخدمت فيها المدافع الثقيلة، والصواريخ، والطيران – بحسب بعض الروايات. ووفقاً لمعظم وسائل الإعلام المحلية –غير الرسمية – والخارجية، فقد عاشت صنعاء أسوأ لياليها منذ تسعة أشهر.

• غالباً ما تكون الحقيقة بخلاف التصريح 
بالنسبة لي، كنت أتحدث بشكل شبه دائم عن طبيعة خطابات الرئيس بوصفها النقيض العملي السلوكي لما يند عنه من تصريحات. وحتى لا أجافي الواقع، يمكنني التريث قليلاً لأقول إن هذا يصدق مع معظم خطاباته وليس جميعها. ولدينا أمثلة خصبة تدعم ذلك، موزعة على مدى سنوات حكمه. وعلى سبيل المثال - وهو الأبرز دائماً – فهو حينما كان يتحدث عن إجراءات حكومية شديدة لمنع ارتفاع الأسعار، كانت الأسعار ترتفع مباشرة في اليوم التالي لخطابه! أما حينما كان يتحدث عن السلام وضرورة الحوار ونبذ العنف والتخلي عن السلاح، أو عن قرب التوصل إلى إيقاف الحرب في صعدة، كانت الأيام التالية تنذر بمعارك أشد ضراوة.

وعلى مدى سنوات الحوار الطويلة مع المعارضة، فإنه حينما كان يتحدث عن قرب التوصل إلى اتفاق، مطعّماً حديثه بوصفه المعارضة «الوجه الثاني للسلطة»، وضرورة أن يشارك الجميع في بناء الوطن، كان ذلك يعد مؤشراً لتصاعد حدة الخلاف بين الطرفين.

وبالمقابل، فإن تصريحاته التهديدية، الساخنة، المتحدية، والمشبعة بالقوة والغرور والضرب بيد من حديد، وحروب ومواجهات والتهديد بأن الدماء ستسيل إلى الركب..الخ. كانت تعني، في معظم الأحيان، مقدمة للتهدئة، وسيادة الحوار والسلم والأمان. غالباً ما كانت تقف وراء تلك التصريحات النارية شخصية ضعيفة ومنهزمة. وهو في مثل هذه المواقف، كان غالباً ما يحاول تقمص دور الرجل القوي والشجاع، ليخفي حقيقة ما هو عليه ساعتئذ الرجل الضعيف في داخله، الخائف، الواقع في ورطة كبيرة يخشى نتائجها.

وفي موقف كهذا يروقني إيراد المثل الشهير«الكلاب التي تنبح لا تعض». هذا هو منطوق المثل القادم من التراث الجنوب أمريكي على ما أعتقد، أما المفهوم العام فيتبين من نقيضه: احذروا دائما أن تباغتكم الكلاب الهادئة.

ولطالما حملت السياسة معاني غير نبيلة، كالخسة والنذالة والمكر والخداع. فهدوء وسكينة الحكام – لاسيما الطغاة منهم – في مواجهة العواصف والاضطرابات والخصوم..الخ، قد تشي بخديعة ما. أو أن ثمة أمراً جللاً وخطيراً قادم سيتوجب الحذر منه. أما صراخهم المرتفع فيكشف أنهم لا يمتلكون شيئا يقومون به للمواجهة سوى الصراخ. تذكروا صراخ القذافي في أنه سيعمل على تطهير ليبيا من الثوار«بيت بيت، ودار دار..» وصولا إلى «زنجة زنجة»..والحقيقة على الأرض الآن: أنهم هم اليوم من يبحثون عنه وأولاده «زنجة زنجة» لتطهير ليبيا منهم.

أما السوريون فعليهم فعلا أن يحذروا هدوء «الأسد» المقل في خطاباته، الموغل في قتله ومخططاته الإجرامية. لا يتحدث الأسد كثيرا، لا يهدد شعبه بالقتل والتطهير، لا يقول إن الدماء ستسيل إلى الركب..لا ..لا.. لكنه يقوم بكل ذلك فعلا، بل وأكثر مما يجب.

الحالة اليمنية تختلف كثيرا عن الحالتين الليبية والسورية، سواء على مستوى بعض سلوكيات وتصرفات قمة النظام، وانهياره العملي، أو على مستوى ما وصلت إليه حالة الثورة الشعبية السلمية من تقدم كبير، ونزول الثوار إلى الشوارع والتخييم في أكثر من 17 ساحة في مختلف المحافظات.

• لماذا الحرب الآن؟
في الواقع، ربما كان خطاب الرئيس بتسليم السلطة بعد أيام، فعلاً، مناورة حقيقية أمام ضغوطات المجتمع الدولي، غير أنه لاحقاً، باستخدامه القوة والعنف المفرط ضد خصومه، قد يوحي بعكس ذلك تماما. لكن هناك من ما زال يعتقد أن استخدام القوة والعنف، هو الآخر، حتى، لا يخرج عن إطار المناورة ذاتها. من حيث أن صالح إنما أراد بهذا العنف أن يوصل رسالة مفادها: إن مزيدا من الضغط، في اتجاه إصدار قرار دولي يفرض التوقيع على المبادرة الخليجية، والذي قد يقضي بالضرورة على تلك المساعي الأخيرة في فرض مزيد من الاشتراطات ترافق التوقيع عليها (آلية التنفيذ)، لن يعني سوى الإعلان عن انتهاء خيارات السلم وضبط النفس التي كانت تتيحها الدبلوماسية. يأتي هذا، في الوقت الذي لا يفتأ يكرر فيه حديثه عن استعداده للتوقيع على المبادرة الخليجية وتسليم السلطة (كما جاء في آخر خطاب له، الأحد الماضي أمام أجهزته الأمنية)، وقبل ساعات قليلة فقط من إمطار منطقة الحصبة، وحي صوفان، ومقر الفرقة الأولى بالقذائف الثقيلة والصواريخ.

وفيما يرى البعض، أنه لم يعد أمام صالح مزيد من الخيارات، أو كثير من الوقت لخوض مناورات جديدة، كون المجتمع الدولي، كما المحلي والإقليمي، بات يدرك تماما حقيقة تصرفاته وأساليبه ومناوراته وخدعه تلك. لاسيما بعد أن نقض كافة الوعود والعهود التي أبرمها مع الجميع دون استثناء. إلا أن هناك من يعتقد أن لجوؤه للقوة في ظل تضييق الخناق عليه، إنما جاء على خلفية نصيحة غير صادقة بأن قرار مجلس الأمن المتوقع لن يشكل خطرًا كبيراً على مخططاته الانتقامية ومساعيه العنيفة في فرض سياسة الأمر الواقع. والاستشهاد المناسب هنا تقدمه حرب صيف 1994، التي فرض فيها الأمر الواقع على قرارات مجلس الأمن. ناهيك عن ضمان فيتو دولتين دائمتي العضوية هما روسيا والصين.

• ما وراء مخطط الحرب وإفشاله
لكن ثمة أمراً آخر لا يخرج عن سياق البحث في تفسيرات هذه التطورات، على ضوء تغييرات المشهد اليمني الأخير، والتي ربما يرى البعض عدم توافقها – منطقيا – مع تصاعد الضغوطات الدولية. وفي هذا السياق، يرى البعض، أن استخدام صالح للعنف، في مثل هذا التوقيت المعقد، إنما أراد من خلاله جر الطرف الآخر، وبشكل خاص، الفرقة الأولى مدرع، بقيادة علي محسن، إلى مربع الحرب الشاملة. ما سيعني دخول البلاد في حالة حرب، وبالتالي احتمالية القضاء على فكرة الثورة السلمية التي تحظى بدعم المجتمع الغربي، الخائف أصلا – وخصوصا أمريكا – من فكرة الحرب تحت مخاوف توفير المناخ المناسب والحرية الكاملة لتحركات تنظيم القاعدة. حينها سيكون الحديث عن ضرورة التوقيع على المبادرة الخليجية عبر قرار من مجلس الأمن أمراً عبثياً أمام ما يجب انتظار ما ستفرضه سياسة الأمر الواقع.

وإن تفسير تراجع حدة الهجوم الحكومي المسلح في اليوم التالي، يمكن إرجاعه بسبب عدم انجرار الفرقة، أو آل الأحمر ومناصريهم، للرد على ذلك العدوان. وسمعنا تصريحات تؤكد هذا الأمر، وتتحدث عن اعتداء من طرف واحد. ما قد يعني أن المخطط ربما يكون قد تعقد، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه قد توقف بشكل نهائي. بقدر ما قد يعني التريث إما أمام دراسة النتائج التي أسفر عنها الهجوم سلبا أو إيجابا، وبالتالي تغيير أساليب المعركة بهدف إنجاح المخطط، وإما إنها تنظر في ردود الفعل الدولية، والتي غالبا ما تبدأ بتوجيه رسائل بصورة شخصية.

قد يكون الأمر غير هذا وذاك تماما إذا ما تحدثنا عن تنامي رفض داخلي لمنهجية الحرب ونتائجها المدمرة، في إطار «حمائم» الحزب والنظام نفسه. علينا أن لا نغفل مثل هذا الأمر. الذي يعتقد انه كان ضمن أسباب الضغط التي أرضخت صالح لقبول الدخول في حوار سياسي يجنب الحزب نهاية مأساوية، ويحافظ على مصالحهم الشخصية في المستقبل. وهنا علينا أن نذكر بتلميحات الرئيس، حين قال مخاطبا خصومه: «وكما تحدثتم في مقايلكم وفي جلساتكم أنكم ستجتثون المؤتمر الشعبي العام وقياداته كما اجتثوا حزب البعث في العراق»، مضيفا أن هذا الأمر«سيبدأ تدريجيا بالرئيس وعائلته ..». في خطابه أمام أعضاء من مجلسي النواب والشورى (السبت 8 أكتوبر). هذه التلميحات من الواضح أنه هدف بها بعث مخاوف من يطالبون باستقالة الرئيس مقابل تجنب الانهيار الكلي للحزب والنظام.

• ولكن ما التالي؟
وفي حال لم تشهد البلاد تطوراً وانفراجاً في التحركات السياسية بحيث إما أن تفضي تلك التحركات إلى تطمين النظام، أو حتى تضعه أمام حقيقة ما سيجنيه من انعكاسات سالبة بسبب ما أقدم عليه، فإننا قد نشهد عودة الهجوم في أي لحظة.

وإذا كان علينا أن نفترض أن قوات صالح قررت معاودة اعتداءاتها على خصومه في الفرقة وقبائل آل الأحمر، في إطار مخطط وقرار نهائي وأخير ضد تحركات المجتمع الغربي، وجناح الحمائم في الحزب الحاكم، فإن السؤال هنا سيكون: ما نوع الانتصار الذي يفترض أن يتحقق من تلك الحرب؟

خصوصاً إذا أيقنا أن اجتثاث الفرقة وقبائل آل الأحمر لن يعمل على القضاء على الثورة ويمنعها من تحقيق أهدافها ومطالبها بإزالة النظام، بقدر ما سيزيد ذلك من إصرارها على المضي قدماً وبوتيرة أكثر من ذي قبل.

أضف إلى ذلك؛ أن صالح وأفراد أسرته من قيادات الجيش وأعوانهم لن يكونوا سوى أمراء حرب، لا قادة دولة مستقرة.
-------------------------
نشرت المادة في صحيفة المصدر في العدد (187) الثلاثاء 18 أكتوبر 2011

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

دراسة جديدة للباحث الأمريكي جريجوري جونسون عن: إعادة ضبط السياسية الأمريكية تجاه اليمن


جونسون: على إدارة أوباما إزاحة أبناء صالح وأقاربه من السلطة كي تنجح عملية التحول السياسي في البلاد


- ترجمة خاصة: عبدالحكيم هلال
أكدت دراسة حديثة انه يتوجب على الإدارة الأمريكية أولاً العمل مع شركائها في دول الخليج – وخصوصا المملكة السعودية - على إزالة العائق المتمثل بأبناء صالح وأولاد أخيه من الطريق حتى يتسنى لها النجاح في مساعيها لإحداث التحول السياسي في اليمن.

وقالت الدراسة التي أعدها الباحث الأمريكي جريجوري جونسون: «إنه لمن المستحيل أن تمضي اليمن قدماً طالما ظل أبناء صالح وأولاد أخيه في وضع يستطيعون فيه إحباط الصفقات التي يرون أنها غير مناسبة لهم»، مضيفة «وعليه، يتوجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع شركائها في الخليج لإزالة هذا العائق من الطريق حتى ينجح التحول السياسي».

وقدّم الباحث المتخصص بالشأن اليمني، عدة نصائح في هذا الجانب، قائلاً إنه يتعين على الإدارة الأمريكية البدء بممارسة الضغط على الأولاد للتنحي عن السلطة وذلك عبر استخدام عدة خيارات منها التحذير الأولي بقطع أموال المعونات العسكرية الأمريكية، إلى جانب تحذيرهم بأنهم سيكونون مستهدفين بشكل مباشر بعقوبات الأمم المتحدة في حال رفضهم التنحي وعدم الموافقة على إعادة تشكيل الجيش.

الدراسة نشرت باللغة الإنجليزية على الموقع الخاص بـ«مجلس العلاقات الخارجية»، الأمريكي، بتاريخ 27 سبتمبر الماضي. وقام المصدر أونلاين بترجمـة خاصة لها ونعيد نشرها فيما يلي:

إعادة ضبط السياسة الأمريكية تجاه اليمن
بقلم: غريغوري جونسون *
تنزلق اليمن باتجاه مستقبل مجهول وخطير. وفي أوائل يونيو 2011، كان الرئيس علي عبد الله صالح، الذي حكم البلاد للسنوات الـ 33 الماضية، قد نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال. وفي اليوم التالي غادر إلى المملكة العربية السعودية لتلقي علاج طبي طارئ، حيث بقي هناك لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يعود بصورة مثيرة وغير متوقعة إلى صنعاء الأسبوع الماضي.

وأثناء غيابه، انتقل نجل صالح البكر، أحمد، والرباعي من أبناء أخيه إلى القصر الرئاسي، الأمر الذي ينذر بنشوب حرب مفتوحة في حال ما لو كان هناك تحرك في اتجاه إحداث عملية انتقال سياسي. وكان قد اصطف ضد صالح وورثته تحالف مزعج من الخصوم السابقين كما وتخلى عنه مجموعة من الجنرالات والذين يتفقون جميعاً على نقطة واحدة ووحيدة فقط: لا يمكن لصالح أن يكون رئيسا للبلاد بعد الآن.

وتقريباً نصف عدد الجيش النظامي انشق تحت قيادة على محسن الأحمر، الجنرال الذي ينتمي لقبيلة صالح نفسه. ومع ذلك إلا أن الأمر يعتبر ابعد بكثير من كونه معركة ذات شقين بين رفاق السلاح القدامى. فقد استغلت جماعات مسلحة عديدة تمزق سلطة الدولة إلى ما هو أبعد من أجندتها الطائفية الخاصة. ففي الشمال، بالقرب من الحدود مع المملكة العربية السعودية، عزّز الحوثيون من سيطرتهم على مساحات شاسعة من الأرض. وفي المحافظات الجنوبية في أبين وشبوة، أثار مقاتلون لهم ارتباط بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (AQAP) موجة هلع مخيفة، باجتياحهم المدن والقواعد العسكرية. ولم تكن أي من فصائل الجيش مستعدة لمواجهة المسلحين بعزيمة وبشكل مفتوح خوفاً من إنهاك أنفسهم قبل حرب أهلية محتملة.

وفي خضم هذا المزيج الضبابي من المصالح المتنافسة، ظلت سياسة الولايات المتحدة تسير على غير هدى [عائمة]. وبتركيزها على الخطر الذي يشكله تنظيم القاعدة على الولايات المتحدة، كثفت إدارة أوباما الغارات الجوية وضربات الطائرات بدون طيار بشكل كبير في اليمن. وفي أحسن الأحوال، فإن التكتيك المتأخر هذا صمم من أجل الإبقاء على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خارج التوازن حتى يتمكن الجيش اليمني من مسك زمام المبادرة.

إن القوة الجوية وحدها لا تكفي لهزيمة القاعدة في جزيرة العرب. وفي الواقع، فإن قاعدة جزيرة العرب قد تزداد قوة فعلا نتيجة للضربات. إلا أن أكثر ما يبعث على القلق، أن يعتبر هذا بمثابة المكسب الثاني لتنظيم القاعدة في البلاد. وكانت المكاسب التي تحققت في عامي 2002 و2003 قد ذهبت هباءً بفعل سنوات من الإهمال عندما تأرجحت سياسة الولايات المتحدة من أزمة إلى أخرى دونما وجود نظرة بنيوية شاملة. وما هو مطلوب الآن في اليمن هو أن يعاد ضبط الاستراتيجية بحيث تحقق الأهداف الثلاثة التالية: البدء بعملية انتقال سياسي فوري من القمة، مهاجمة المنابت [الجذور] الداعمة لتنظيم القاعدة في اليمن، وتعبئة مجلس التعاون الخليجي (GCC) لتنشيط الاقتصاد اليمني الفاشل.

• التحدي في اليمن
على مدى العقود الثلاثة الماضية حكم الرئيس صالح اليمن من خلال إشغال جماعات المعارضة المختلفة ضد بعضها البعض. إن هذا النموذج من الحكم الاستبدادي وشبكة الرعاية [المحسوبية]، والتي يكافئ من خلالها حلفاء صالح بينما يتم مضايقة خصومه، قد أدى إلى تنفير فئات كبيرة من السكان. وبحلول عام 2004، ساعد [هذا النموذج من الحكم] في إثارة ثورة عشائرية في الشمال. كما أن الفساد المستشري وسوء الحكم ساهما أيضا في نشوء حركة انفصالية في الجنوب في السنوات الثلاث التالية، وأبعد من ذلك ساهم أكثر في تقويض الاقتصاد اليمني الهش على الدوام.

وعلى الرغم من أنها أدركت هذه المشاكل، إلا أن الولايات المتحدة كانت تهتم في المقام الأول بالتهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة – وهو التهديد المسلح الذي كان يقلق صالح والحكومة اليمنية بدرجة أقل من غيره. وقد اعتمدت واشنطن بشدة على الغارات الجوية والطائرات بدون طيار، التي تحد من الخطر المباشر على موظفي الخدمة الأمريكيين، ويمكن انجازها بتكلفة أقل من الوسائل العسكرية التقليدية. لكن مثل هذا النهج كان له عيوب جوهرية: فالصواريخ الطائشة وسقوط ضحايا من المدنيين ساعدا على خلق جيل جديد من المقاتلين أكثر تطرفا، كما وأقنعت الكثيرين بأن اليمن - مثل العراق وأفغانستان – تعتبر في الوقت الراهن بمثابة المسرح الشرعي للجهاد.

• عناصر إستراتيجية ذات نطاق أوسع 
وبالنظر إلى المشاكل المتداخلة والعميقة في اليمن، فإنه يتعين على الولايات المتحدة أن تكون واقعية حول ما يمكن إنجازه هناك. وبسبب الموارد المحدودة والشهية الشعبية المغلقة أمام أية أعباء سياسية خارجية إضافية تزيد من إنهاكها في هذا الوقت، فإنه يتعين على الولايات المتحدة الاستفادة من قوة ونفوذ الجهات الإقليمية الفاعلة، وبدرجة رئيسية المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن العلاقات مع المملكة باتت أكثر تعقيدا منذ بداية الصحوة العربية، إلا أنه ما يزال هناك مجالا للتعاون بخصوص اليمن.

وفيما يشبه - إلى حد كبير - علاقة الولايات المتحدة مع المكسيك، فإن المملكة العربية السعودية تنظر إلى جارتها الجنوبية باعتبارها مصدرا لعدم الاستقرار ولمشاكل محتملة خلال السنوات القادمة. وكما يمثل وجود يمن غير مستقر تهديدا كبيرا بالنسبة للولايات المتحدة، فإنه يمثل تهديدا اكبر بكثير بالنسبة للمملكة العربية السعودية تواجه مخاطر أكبر بكثير.

وما زالت المملكة على استعداد لحماية رهاناتها، إلا أن هناك إدراكاً متزايداً داخل الرياض أنه على الرغم من عودة صالح إلا أنه لن يكون قادراً على إعادة توحيد البلاد. وانه كلما طالت مدة بقاء صالح رئيسا للبلاد، كلما ازداد وضع اليمن سوءاً.

إن كلاً من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تتفقان إلى حد كبير حول المشاكل الرئيسية في اليمن: الحاجة الملحة لإحداث عملية الانتقال السياسي، خطر تنظيم القاعدة، والتهديد المتفاقم للاقتصاد اليمني الهش. وإن أياً من الولايات المتحدة أو السعودية لن تكونا قادرتين من القضاء على التحدي الذي تواجهه اليمن إذا عملتا بشكل منفرد، غير أنهما ستكونان قادرتين على المساعدة في كبح الانهيار المتواصل للبلاد فيما لو عملتا مع بعضهما بعضاً.

• مرحلة التحول السياسي
إنه لمن المستحيل أن تمضي اليمن قدماً طالما ظل أبناء صالح وأولاد أخيه في وضع يمكنهم من إحباط الصفقات التي يرون أنها غير مناسبة لهم. وعليه، يتوجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع شركائها في الخليج لإزالة هذا العائق من الطريق حتى يتسنى لها النجاح في إنجاز التحول السياسي.

في العام الماضي، خصصت الولايات المتحدة 75 مليون دولار لمساعدة قوات مكافحة الإرهاب اليمنية في إطار وزارة الداخلية كما قدمت المزيد من الملايين لوحدات أخرى، بما فيها تلك التي تقع تحت قيادة نجل صالح البكر. وعليه، ينبغي على الولايات المتحدة، بالتنسيق مع دول مجلس التعاون الخليجي، إبلاغ أحمد وأبناء عمومته بأن هذه الأموال إلى جانب الموارد المالية التي تقدمها دول مجلس التعاون الخليجي، سيتم قطعها، وكذا تحذيرهم بأنهم سيكونون مستهدفين بتطبيق عقوبات الأمم المتحدة إذا لم يتنحوا ويوافقوا على إجراء إعادة الهيكلة في الجيش وتشكيل مجلس عسكري انتقالي. كما وينبغي لهذا التحذير أن يعرض على ثلاث مراحل. أولا، سيتوجب على الولايات المتحدة، بالاشتراك مع المملكة العربية السعودية، إيصال رسالة بشكل شخصي تتضمن عرضا بخروج مشرف [يحفظ ماء الوجه] ولكن مع التأكيد لأقارب صالح المباشرين بأن الإجراءات التأديبية [العقابية] ستتخذ في حال رفضهم التنحي.

وإذا فشل هذا الأمر، فحينها سيكون من اللازم تحذيرهم بشكل علني. وأخيرا، إذا كانوا ما زالوا يرفضون التنحي، فإنه ينبغي أن تقطع أموال المساعدات كما ينبغي للعقوبات أن تجد طريقها للتنفيذ. إن أحمد وأبناء عمومته يعتمدون اعتمادا كبيرا على المال لتأمين الولاء الدائم للقوات التابعة لهم. ومن دون ذلك، فإن العديد من أفراد الحرس الجمهوري سينضمون إلى التحالف المناهض لصالح.

وإنه في حال ما إذا لم ينجح أسلوب التنسيق في قطع النقود والعقوبات، فينبغي على الولايات المتحدة انتهاج سياسة العزل القسري [الإجباري]. ولكي تنجح، فإن الولايات المتحدة ستكون بحاجة إلى سحب من تبقى من حلفاء صالح المحليين المهمين– مثل أعضاء البرلمان، الوزراء، وشيوخ القبائل - من خلال الضغط إلى جانب الإغراءات إلى أن يتم عزل صالح وعائلته المقربين بشكل كلي.

• مهاجمة جذور تنظيم القاعدة 
لم يسبق على الإطلاق أن واجهت المؤسسات الفرعية التابعة لتنظيم القاعدة الهزيمة عبر استخدام القوة وحدها. وإن المرة الوحيدة التي تم فيها تفكيك مؤسسة فرعية تابعة للتنظيم بنجاح كانت في المملكة العربية السعودية، في الفترة من 2003 إلى 2006، عندما انقلب السكان على الجماعة الإرهابية.

ولتكرار النجاح ذاته في اليمن، فإن الولايات المتحدة بحاجة لأن تتشارك مع حكومات كل من اليمن والمملكة العربية السعودية في التصدي للدعاية المضللة [البروباجندا] التي يقوم عليها تنظيم القاعدة. وسيتوجب على واشنطن والرياض محاولة إثارة الجدل العام حول أفكار تنظيم القاعدة وأساليبها، بأن تلفت انتباه الجمهور إلى حقيقة أن الجماعة تعمل على قتل المدنيين وتنتهك المعايير الإسلامية بشكل متواصل. إن تجربة الرياض تقوم على أساس استخدام القوة الناعمة لإضعاف القاعدة في المملكة العربية السعودية وإن معرفة مسؤولين يمنيين بالساحة المحلية سيكون أمراً حيوياً من شأنه أن يضمن عدم استبدال المتطرفين بالسرعة نفسها التي يقتلون بها. ومن جانبها، فإنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تشارك بفريق صغير من الدبلوماسيين الناطقين باللغة العربية ذوي الخبرة في شؤون اليمن.

وجنباً إلى جنب مع زملائهم السعوديين واليمنيين، ينبغي على صانعي السياسة الأميركية إنشاء مركز مشترك للتوعية العامة [الشعبية]. المركز سيسعى إلى حرمان تنظيم القاعدة من واحدة من دوافعه الرئيسية: الإصرار على امتلاكه الحق العام بدون منازع. وفي الوقت الراهن، لا يوجد كيان في اليمن يتحدث باللغة العربية ضد تنظيم القاعدة، وهو ما يعني أن المنظمة قادرة على صياغة رسالتها الجماهيرية دون منافس. وإن مركز العمل المشترك سيعمل على جعل إسم تنظيم القاعدة كمرادف للإرهاب في اليمن كما هو الحال في الولايات المتحدة.

• صندوق خاص 
كما سيتوجب على الولايات المتحدة أيضاً أن تشارك مع دول مجلس التعاون الخليجي لإنشاء صندوق خاص من أجل المساعدة على استقرار الاقتصاد اليمني وتوفير المساعدة الإنسانية في أعقاب رحيل صالح. وإن رأس المال الأولي للصندوق، والذي يتوقف على ترك صالح لمنصبه، يجب أن يبدأ بأكثر من ملياري دولار تقدم من دول مجلس التعاون الخليجي التي كانت تعهدت بها في مؤتمر لندن عام 2006 لكنها لم تقدم بسبب المخاوف من الفساد.

كما يجب أن يكون هذا الصندوق تحت رئاسة مدير الصندوق العربي، مع جميع البلدان المانحة والمؤسسات الممثلة في المجلس. إن هذا من شأنه أن يفعل كثير من أجل القضاء على العشوائية التي تواجه المانحين بسبب فشل التنسيق، والذي غالبا ما أعاق الكثير من الجهود في هذا الجانب في السابق. وبمجرد استقرار الاقتصاد، فإن تركيز الصندوق يجب أن يتحول إلى تمويل الاستثمارات طويلة الأجل والتي تهدف إلى خلق فرص العمل والتدريب التقني.

إن أياً من هذه التوصيات لن تعمل على تحويل اليمن بشكل خارق إلى ديمقراطية نموذجية بين عشية وضحاها، ولكن بالعمل مع بعضنا البعض سوف نكبح الانحدار المتسارع للبلاد نحو الانهيار، وسنحرم تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات المتشددة من فرصة استغلال الاضطرابات للقيام بأعمال من شأنها أن تهدد أمن الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة.

وعلى أية حال، كلما انزلقت اليمن إلى مزيد من الفوضى تضاءلت فرصة تطبيق هذه التدابير [الإجراءات] بشكل أسرع.

------
*غريغوري دي جونسون باحث متخصص في الشأن اليمني وهو زميل سابق في برنامج فولبرايت (Fulbright) في اليمن، وحالياً مرشح لدرجة الدكتوراه في دراسات الشرق الأدنى بجامعة برينستون.
- المادة نشرت في صحيفة الصحوة (الخميس 14 أكتوبر 2011) بالتزامن مع موقع المصدر أونلاين

الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

السفير الأمريكي بصنعاء في حوار خاص مع «المصدر& المصدر أونلاين»: الكلام لا يكفي.. نريد خطوات واضحة وغير قابلة للتعديل لتنفيذ المبادرة الخليجية

عودة صالح عقدت الحل لكن لم توقفه.- نتطلع لأن يقوم الرئيس بالوفاء بالالتزامات التي قطعها لنا وللشعب اليمني والمجتمع الدولي بتنفيذ المبادرة الخليجية.
- نتعامل مع النائب منذ يونيو وحتى الآن لم نجد أي سبب لتغير ذلك.
- يجب ألا يستغل حادث الرئاسة لمصالح سياسية ويجب محاكمة مرتكبي كل الجرائم التي حدثت.
- صالح لم يرفض آلية التنفيذ والخلاف فقط حول جزئيات بسيطة نسعى لتجاوزها خلال أيام.
- لدينا علاقات قديمة مع المعارضة وتعاوننا سيستمر بغض النظر عمن سيقود البلد.


المصدر - المصدر أونلاين: حاوره: سمير جبران - عبالحكيم هلال

على كرسي غير فخم سحبه من مكان قريب ووضعه أمام مكتبه في السفارة الأمريكية بصنعاء، جلس السفير جيرالد فيرستاين قائلا: أرى أنه من الجيد أن نبدأ الآن نظرا لبعض الأعمال التي تنتظرني بعد المقابلة..
 أثناء الحوار كانت عيني أحيانا تقفز بعيدا عن ما يفترض أنه مركز الاهتمام: السفير. وكان أكثر ما لفت انتباهي في أثاث المكتب الصغير، المتواضع، وجود لوحة إبداعية صغيرة وضعت على مقدمة مكتبه حملت علم الجمهورية اليمنية، وفي منتصفها كتبت كلمة (YEMEN) بحروف ركبت من طلقات نارية (رصاص) منوعة بين رصاص آلي كبيرة ورصاص مسدس صغيرة. اللوحة مؤرخة في أسفلها من اليسار بتاريخ (مايو 2011)، ما يعني أنه ربما يكون أو من الراجح جدا - قد اهديت إليه حديثا. ومع أنها من حيث الشكل العام تبدو عملا إبداعيا لا يدعوا إلى الاندهاش، إلا أن فكرة كتابة أسم اليمن بأعيرة نارية هو الأمر الذي ربما جعل السفير يوليها كل هذا الاهتمام ليمنحها مكانا بارزا على مقدمة المكتب..

الأمر أشبه بتجسيد فكرة اليمن بشكل إبداعي بسيط..وربما أراد السفير من خلالها أن لا ينسى إلى أي معركة قد رمي به وما هي طبيعة الدولة التي يجب أن يتعامل معها بالضبط ..!

ربما، أيضا، أن تفاصيل هذه المقابلة تجسد المعنى ذاته..
(ع. ه)


بداية هلا وضعتمونا في صورة المشهد اليمني على ضوء ما توصل إليه الحوار بين السلطة والمعارضة وتحركاتكم الأخيرة حول ملف اليمن في مجلس الأمن؟
كما تعلمون فقد ذهب وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي إلى أبو ظبي يوم أمس [الأحد] والتقى وزير خارجية دولة الإمارات العربية الشيخ عبد الله بن زايد والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبد اللطيف الزياني. والغرض من زيارة القربي إكمال العناصر الهامة في الآلية التنفيذية (للمبادرة الحليجية).

وكما تعلمون عقدت سلسلة من النقاشات منذ شهر يوليو بين الحكومة والمعارضة حول تفاصيل متعلقة بكيفية تطبيق المبادرة الخليجية. وهذا بالطبع يأتي في ضوء القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس صالح في 12 سبتمبر (المقصود هو قرار تفويض نائب الرئيس بالحوار وتوقيع المبادرة). وما فهمناه من خلال النقاشات التي دارت بيننا وبين الجانبين هو أن هناك بعض القضايا العالقة التي تعتبر سهلة الحل سيتوجب الاتفاق عليها. ونأمل أن يكون هناك فرصة في الأيام القليلة القادمة لكلا الجانبين للاتفاق حول هذه القضايا. وبالطبع ووفقاً للقرار الجمهوري فإن نائب الرئيس مخوّل بالتوقيع على المبادرة الخليجية.

هذا الحديث يدور منذ أشهر، ونحن نعرف أن مندوب الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر قد غادر اليمن بعد مفاوضات متعثرة، كما نعلم أن هذه التفاصيل قد رفضت من قبل الرئيس أكثر من مرة.. والسؤال هنا: ما هو الجديد في الأمر عدا النقاشات والمفاوضات، وهل هناك أمل لتوقيع المبادرة الخليجية خلال أيام؟
ليس لهذا أي علاقة بابن عمر. هناك سوء فهم أن بن عمر كان يجري مفاوضات حول تفاصيل هذه المبادرات. هذه النقاشات دارت بين الجانبين (السلطة والمعارضة). كان التفاوض حول الآلية التنفيذية يتم بين المعارضة ممثلةً بالدكتور ياسين سعيد نعمان وعبدالوهاب الآنسي ومحمد باسندوة، والحكومة ممثلةً بنائب الرئيس عبد ربه منصور هادي والدكتور عبدالكريم الإرياني. وليس صحيحاً القول إن الرئيس قد رفض كل هذه الأمور التي قبلتها معظم الأطراف.

لكننا نعرف أن المفاوضات توقفت دون التوصل إلى اتفاق نهائي.. فمن الذي رفضها إذن؟
لم يرفضها أحد. بل على العكس من ذلك فقد قبل بها الطرفان. لكن وكما ذكرت فهناك بعض الأمور التي لم يتم حلها حتى الآن، والتي هي محل تركيز في الوقت الراهن، كما أنها سبب ذهاب القربي إلى أبو ظبي يوم أمس [الأحد]. 

حسناً.. ما هي هذه الأمور العالقة التي لم يتم حلها حتى الآن؟
{ إحدى هذه الأمور يتعلق بتفاصيل التنفيذ ومن ستقع عليه مسؤولية الدفع بهذه العملية نحو تشكيل حكومة وإجراء انتخابات. والأمر الآخر يتعلق بالقضية الجنوبية وإجراء نقاشات حول الجنوب بعد الانتخابات وفي إطار الحوار الوطني.

هل نفهم من خلال حديثك أن هذه الآلية مختلفة عن تلك التي تقدم بها بن عمر؟ 
كان بن عمر هنا في شهر يوليو، وكان الطرفان يتفاوضان في الوقت نفسه. وقد حضر بن عمر بعض تلك النقاشات. لكن المفاوضات كانت دائماً تتم بين الجانين المعنيين دون أن يكون لابن عمر علاقة بها. واستمرت هذه النقاشات، وعندما عاد ابن عمر إلى صنعاء مؤخراً التقى بالأطراف المعنية كما نلتقي نحن معهم، إلا أن النقاشات كانت دائماً ما تجرى بين اليمنيين أنفسهم.

ربما فهمنا من خلال حديثكم أن الحوار مازال مستمراً بين السلطة والمعارضة، غير أننا سمعنا خلال اليومين الماضيين تصريحات من المعارضة ومن الزياني أيضاً، تؤكد أن الحوار متوقف في الوقت الراهن! 
وصلت النقاشات بين الجانبين إلى ما اعتبرته المعارضة نهاية لتلك النقاشات. وإذا كان السؤال هل التقى الطرفان يوم أمس أو هل هما بصدد اللقاء اليوم فالجواب على هذا السؤال هو لا. لكن وبطبيعة الحال فقد أقرت المعارضة أنه يجب الاتفاق حول هاتين القضيتين. فالقضية تتعلق بكيفية إنهاء وكذا التعاطي والوصول إلى اتفاقية حول هذه القضايا الأخيرة، ثم الانتقال إلى استكمال آلية لتنفيذ المبادرة الخليجية بعد التوقيع عليها.

هل ستؤثر زيارة القربي إلى أبو ظبي على المفاوضات لاسيما وان ثمة معلومات تفيد أنه ذهب لتقديم وجهة نظر الحكومة اليمنية فقط؟ 
أعتقد أن الغرض من زيارة القربي إلى أبو ظبي هي إطلاع مجلس التعاون الخليجي على وضع القائم بخصوص النقاشات الأخيرة، وبالتالي وضع مجلس التعاون الخليجي في الصورة نظراً للدور الهام الذي سيلعبه المجلس في تنفيذ المبادرة الخليجية.

 إذا انتقلنا للحديث حول مشروع قرار مجلس الأمن بشأن اليمن.. ما هو شكل القرار الذي تريد الولايات المتحدة من المجلس الخروج به؟
 نتوقع أن يقوم ابن عمر بإطلاع مجلس الأمن هذا الأسبوع على نتائج زيارته إلى اليمن، واللقاءات والحوارات التي أجراها. وعندها يحتمل أن يبدأ مجلس الأمن الخوض في إجراءات إصدار قرار. لا أريد أن أحدد الفترة الزمنية ومتى سينتهي العمل للوصول إلى مثل هذا القرار، لكن ذلك سيتم وفقاً لإجراءات مجلس الأمن. وستدار نقاشات ومشاورات بين أعضاء المجلس، كما سيتم إعداد صيغة لمسودة أولية تقدم لأعضاء مجلس الأمن، ليتم إقرارها قبل التصويت النهائي. وبالطبع سيأخذ القرار بعين الاعتبار تقرير ابن عمر وكذا التطورات الأخيرة. وأتوقع أن نرى كل هذه الأمور في الأيام القادمة، لكني لا أعلم متى سيتم التصويت على القرار.

هل تسعى الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون قرار الأمم المتحدة ملزماً للرئيس صالح للتوقيع على المبادرة الخليجية لاسيما وقد وقع عليها الطرفان في المؤتمر والمعارضة ولم يتبقَّ إلا توقيع الرئيس؟

 أتوقع بالتأكيد أن يدعم القرار المبادرة الخليجية، وأن يوضح بأن نظرة المجتمع الدولي هي أن المبادرة الخليجية الآلية المثالية للوصول إلى حل سلمي لهذه القضية.


هل ستؤثر الأحداث الأخيرة في اليمن على قرار مجلس الأمن، لاسيما وأن هناك من ينظر إلى تصريحات الرئيس الأخيرة أمام مجلسي النواب والشورى بأنه سيوقع على المبادرة في الأيام القليلة القادمة، على أنها محاولة للتشويش على رغبة المجتمع الدولي بهذا الخصوص؟ 
أفترض أن الحقائق على أرض الواقع ستؤثر على صياغة القرار، خلال فترة الإجراءات المفترضة لإصداره، غير أن التصريحات في الوقت الحالي هي أقل أهمية من العمل. نحن نريد أن نرى خطوات واضحة وغير قابلة للتعديل لتنفيذ المبادرة الخليجية.

في حال عدم وجود قرار قوي من مجلس الأمن ولم تنجح المفوضات بين اليمنيين.. فهل ستقوم الولايات المتحدة بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على النظام كما فعلت في سوريا؟ 
هذا سؤال افتراضي. لكن توقعاتنا وآمالنا هي نجاح المفاوضات في اليمن وتنفيذ المبادرة الخليجية. كما نأمل أن يتمكن المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن من الإعراب وبوضوح عن أهمية التوصل إلى حل. ونحن في الوقت الراهن نركز جهودنا على هذه الأمور، وسوف نرى ما قد نفعله لاحقاً.

مرت تسعة أشهر من المفاوضات والأخذ والرد والقبول والرفض، وما هو مستغرب هنا أن الولايات المتحدة ما يزال لديها أمل أو تفاؤل في نجاح المفاوضات.. هل هذا مبني على أي مؤشرات لديكم تجعلكم متفائلين بأن العملية يمكن الدفع بها إلى الأمام بعد كل هذا؟ 
سؤالك منطقي وشرعي. لكن لو عدنا إلى بداية شهر يناير أو فبراير عندما ألقى الرئيس صالح خطاباً في مجلس النواب لم يكن هناك أي تواصل أو حوار بين الجانبين. وقد تدخل المجتمع الدولي ممثلاً بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في الوقت الذي كان فيه كلا الطرفين يرفضان الحديث مع بعضهما بشكل مباشر. وبناءً على هذا، فقد قمنا بوساطة وحوار غير مباشرين أفضيا إلى المبادرة الخليجية.

حتى أننا نتذكر أنه عندما اجتمع مجلس التعاون الخليجي في الرياض وأبو ظبي ذهب الطرفان منفردين للالتقاء بدول مجلس التعاون الخليجي، ولم يجلسا في الغرفة نفسها لمناقشة المبادرة الخليجية. وقد استمر هذا الحال حتى فصل الصيف الماضي. بل حتى عندما كنا نتفاوض حول توقيع المبادرة الخليجية اضطررنا لنفعل ذلك بشكل فردي مع كل طرف. لكن ومنذ فصل الصيف، رأينا أن القيادات لا سيما الدكتور ياسين سعيد نعمان ونائب الرئيس قد جلسا مع بعضهما وتمكنا من مناقشة معظم القضايا التي تواجههما. ونتيجةً لجهودهما فقد وصلنا إلى نقطة لم يتبقّ فيها إلا القليل جداً من القضايا التي تحتاج إلى حل. ورؤيتنا الدائمة هي أنه وفي نهاية المطاف سيحل اليمنيون هذه القضايا بأنفسهم. لهذا فنحن لدينا ثقة بأنه نتيجةً لاستعداد اليمنيين للتحدث مع بعضهم بعضاً وبشكل مباشر، فسيتمكنون من حل قضاياهم.

في تصرح لوكالة رويترز قال الرئيس الحالي لأحزاب اللقاء المشترك، الدكتور ياسين سعيد نعمان، إنه بعد أن كان قد تم الاتفاق مع نائب الرئيس على آلية وعلى المبادرة وكانوا على وشك التوقيع إلا أن عودة صالح أحبطت كل ذلك؟ 
أعتقد أن عودة الرئيس صالح ربما عقدت المسألة لكن لا أعتقد أنها أوقفتها. فنحن نرى أنه يجب علينا الاستمرار في استكمال حل هذا القضايا العالقة. وأنا لا زلت متفائلاً بأنه بالإمكان حلها.

يعزو البعض هذا التفاؤل والتمديد الأمريكي إلى مصالح الولايات المتحدة داخل النظام كالقول مثلاً بعدم رغبتها في التخلي عن أولاد الرئيس خصوصاً أولئك الذين يتولون مهام تتعلق بمكافحة الإرهاب؟
 أتمنى أن تقرأ نص الخطاب الذي ألقاه الرئيس أوباما أمام الجمعية العمومية الشهر الماضي. وأنا لا أعتقد أن أي زعيم في العالم قد تحدث حول آمالنا وتوقعاتنا حيال عملية التغيير في اليمن بوضوح أكثر مما فعل الرئيس أوباما في نيويورك. ولقد كنا دوماً واضحين جداً. فقد تحدث الرئيس ووزيرة الخارجية مرات عدة أننا لا ندعم النظام ولا المعارضة، وأننا ندعم حلاً سلمياً لهذه الأزمة يخدم مصالح الشعب اليمني.

السؤال مرة أخرى بشكل مباشر: هناك من يعتقد أن الولايات المتحدة لا تريد رحيل أبناء صالح من الجيش والأمن، فأين سيكون موقع هؤلاء في ظل المفاوضات الجارية بشأن المبادرة الخليجية؟
هناك كثير من الإشاعات. كما أن كثيراً من الناس يتنبأون بحدوث كثير من الأمور، ويفترضون أنهم يعلمون كثيراً عن السياسات والرؤى الأمريكية التي وببساطة لا توجد على أرض الواقع. ونحن لم ندلِ بأي تعليق لأي شخص حول توقعاتنا حول الكيفية التي سيُعامل بها أي فرد في الحكومة اليمنية. فهذا قرار يتخذه اليمنيون أنفسهم.

من وجهة نظركم هل ترون أن تخلي أولاد صالح عن مؤسسات الجيش والأمن سيمثل دافعاً لحل المشكلة، لاسيما وأن هناك من يرى أن مشكلة اليمن لم تعد في شخص صالح بل في أولاده؟
مرةً أخرى، أقول إنه يتوجب على اليمنيين البت في هذه القضايا بأنفسهم. فهم الذين يقررون ما يريدون بخصوص الشخصيات التي يريدونها في الحكومة، وليس فقط أفراد أسرة صالح، بل أيضاً حيال شخصيات مثل علي محسن وعائلة الأحمر. علاقاتنا هي مع مؤسسات الحكومة اليمنية، بما فيها العسكرية والأمنية، وأيضاً مع الوزارات والهيئات المدنية في الحكومة. فرغبتنا هي دعم هذه المؤسسات، وليس لهذا الدعم أي علاقة بالشخصيات. 

في السياق ذاته، ولكن من زاوية أخرى، هناك من يرى أيضا أن ضعف الموقف الأمريكي ربما يكون سببه أن لدى الولايات المتحدة تخوفاً من وصول المعارضة إلى السلطة الذي قد يعمل على تغيير في السياسية اليمنية إزاء الولايات المتحدة.. ما مدى صحة ذلك؟ 
لدينا علاقات قديمة مع المعارضة تعود إلى ما قبل الأزمة الراهنة. عقدنا حوارات جيدة مع المعارضة حول طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة واليمن. كما أننا أوضحنا لهم جيداً ماهية سياساتنا. فرؤيتنا هي أن علاقات الولايات المتحدة هي مع اليمن. ونتوقع، وبغض النظر عمن سيكون على رأس الحكومة اليمنية، أن تستمر هذه العلاقة.

من خلال لقاءاتكم بالمعارضة وتعاملكم معها طوال فترة الأزمة، هل وصلتم إلى طمأنينة أنه في حال وصول المعارضة إلى الحكم لن يؤثر ذلك على العلاقات الأمريكية اليمنية؟
بالتأكيد. ونحن نأمل ذلك. ونحن نعتقد أن لدينا مصالح مشتركة مع اليمن في العديد من المجالات سواء في المجال الأمني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية أو في بناء مؤسسات ديمقراطية قوية في اليمن، وكذا في مساعدة الشعب اليمني على تحقيق طموحاته المستقبلية، فالولايات المتحدة واليمن تتمتعان بقاعدة قوية للتعاون فيما بينهما. ولدينا نية لمواصلة هذه العلاقة بغض النظر عمن سيقود البلد.

هناك حل طرح في السابق يتعلق بمغادرة الرئيس صالح وعلي محسن الأحمر، وهناك من طرح رحيل صالح وأولاده وعلي محسن وأشخاص آخرين من المعارضة.. هل ترى أن هذا ما يزال حلاً متوقعاً؟ 
هذه مسألة داخلية، واليمنيون هم من يقررون ذلك، وكأطراف خارجية ليس لدينا أي دور في هذه القرارات، كما أننا لم نشرك الطرفين في هذا النوع من الحوارات.

حسناً .. هل ستبدون ترحيبكم في حال تم التوصل إلى هذا النوع من الاتفاق؟ 
لن نقول شيئاً لو تم ذلك، لكننا سنرحب بأي اتفاق يقود إلى التوصل لحل سلمي وعادل للأزمة. كما أننا لن نعلق على مغادرة أي شخص للبلد.

هل قلصت الولايات المتحدة من مساعداتها العسكرية لليمن؟ 
لم نقم بتقليص مساعداتنا لليمن. وفي الواقع، قامت الولايات المتحدة برفع المساعدات المقدّمة إلى اليمن خلال الأعوام القليلة الماضية. لكن وبالتأكيد فإن الوضع الأمني قد أثّر على مواصلة تقديمنا للمساعدات الاقتصادية والتنموية لليمن. وعليه فإننا نتعامل مع هذا الواقع بالطريقة نفسها التي يتعامل بها بقية شركاء اليمن الدوليين.

وماذا بشأن المساعدات العسكرية؟ 
لقد أثر الوضع الأمني على المساعدات العسكرية أيضاً. ومع هذا فإن تعاوننا الأساسي مع اليمن فيما يتعلق بالجانب الأمني سوف يستمر. لكن الأزمة السياسية والأمنية سيكون لها تأثير في ذلك. لكنني أستطيع القول إنه فيما يخص الكونغرس فإن هناك فهماً قوياً بأن تعاوننا الاقتصادي والأمني مع اليمن سوف يستمر، أما فيما يتعلق بمسار هذا التعاون في المستقبل، فإنني أعتقد أن هناك قاعدة قوية لدعم برامج المساعدات في حالة حل القضايا السياسية والأمنية، وحينها سنتمكن من مواصلة وتوسيع المساعدات.

إذن هل نفهم أن الولايات المتحدة لم تقلص مساعداتها العسكرية، مع أن هناك تصريحات لقادة يمنيين بهذا الخصوص؟ 
لعلك تشير إلى تصريحات العميد يحيى صالح! في الواقع إن برامج التدريب التي كنا ننفذها مع تلك الوحدات قد توقفت لأن تلك الوحدات قد توقفت عن التدريب، وبالتالي فإن قرار وقف التدريب تم اتخاذه من قبل تلك الوحدات وليس من قبلنا، وهذا ما يدركه العميد يحيى جيداً. وقد غادر مدربونا البلد لأسباب أمنية وبسبب اندلاع القتال وبسبب أنه لم يعد لديهم ما يقومون به. لكنه في حال حلحلة الأوضاع السياسية والأمنية في اليمن أتمنى أن نتمكن من مواصلة هذا التعاون المهم، وبناء قدرات قوات الأمن اليمنية من أجل مكافحة التطرف في البلد وإلحاق الهزيمة به.

من الواضح أن تصريحات يحيى كانت غاضبة من إيقاف المساعدات الأمريكية، حيث أنه قال إن أمريكا خفضت المساعدات ودعمت المعارضة.. ما تعليقكم؟ 
يحيى يعرف ما هي الحقيقة تماماً، وإذا كان غاضباً فليس بمقدوري فعل أي شيء له حيال ذلك.

كشفت وثائق ويكيليكس عن استخدام قوات مكافحة الإرهاب من قبل الحكومة اليمنية في حرب صعدة.. ومؤخراً وجهت التهمة ذاتها في حرب الحصبة الأخيرة، فيما أكدت قيادات عسكرية أنها لم تستخدم في أبين.. هل لديكم أي معلومات حول ذلك؟ 
حسناً، أعتقد أن ما حدث في أبين يعد أمراً خطيراً، ونحن نعمل عن كثب مع قوات الأمن اليمنية لمحاولة مساعدتها على مواجهة ما يعتبر في الواقع تحدياً فريداً من قبل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وهذه أول مرة أدرك فيها أن هناك تنظيماً يتبع القاعدة قد حاول فعلياً السيطرة على أراضٍ وبسط نفوذه عليها. وعليه فإننا والحكومة اليمنية نرى أنه من المهم منع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من تحقيق أهدافه هناك. ولقد تمكنا من التعاون، ومع أنه لم يتم إنجاز المهمة بعد إلا أننا أحرزنا تقدماً. ونحن نرى أنه ونتيجةً لذلك فقد تم إضعاف القاعدة في جزيرة العرب.

لم تجب على سؤالي بالضبط: هل لديكم أية معلومات حول استخدام قوات مكافحة الإرهاب لغير مهامها؟ 
لا. ليس لدينا أية معلومات تتعلق بهذا الموضوع.

كيف تقرأون خطاب الرئيس صالح الأخير في مجلس الشورى، بخصوص حديثه حول التخلي عن السلطة في غضون أيام، مع ما اعتبره البعض تهديداً بتأكيده أن هناك مدنيين أو عسكريين سيستلمون السلطة؟ هل ترون أن هذا يساعد أو يعقد خروج اليمن من الأزمة؟ 
حسناً، موقفنا واضح. وأكرر أننا ندعم حل هذه الأزمة السياسية بناءً على تطبيق المبادرة الخليجية، ومن خلال تفعيل آلية تنفيذية لهذه المبادرة. ونحن نتطلع لأن يقوم الرئيس بالوفاء بالالتزامات التي قطعها لنا وللشعب اليمني والمجتمع الدولي بتنفيذ المبادرة الخليجية.

منذ عودة صالح لم تعقدوا لقاءات معه فيما تواصلون لقاءاتكم بنائب الرئيس.. هل نعتبر أن ثمة موقفاً بهذا الخصوص؟ 
حسناً، لقد قمنا بعملنا منذ الرابع من يونيو مع نائب الرئيس، وحتى الآن لم نجد أي سبب لتغيير ذلك.

هل لديكم أي معلومات حول ما توصلت إليه التحقيقات بخصوص حادث جامع النهدين في دار الرئاسة بصنعاء؟ 
لقد طُلب منا التعاون في هذه التحقيقات، وقد قدمنا يد العون في ذلك. كما قمنا بتقديم نتائج تحليلاتنا بشأن بعض المواد وغير ذلك إلى الحكومة اليمنية. ونعتقد أن الحكومة اليمنية في صدد دارسة التقرير لاتخاذ قراراتها.

ألا يُخشى أن تستغل الحكومة ذلك في اتهام المعارضين وتأزيم الوضع أكثر؟ 
نحن نرى أن هذه جريمة كبيرة، فقد قتل فيها العديد من الأشخاص، كما أصيب فيها كثيرون بإصابات بالغة. وعندما طلب منا المساعدة أخذنا الأمر بجدية. إذ رأينا أنه من المهم مساعدة الحكومة اليمنية في معرفة المسؤولين عن هذه الحادثة. وقد أوضحنا أنه يجب تقديم المسؤولين عن هذا الاعتداء للعدالة. لكن يجب أن يتم البت في هذه القضية في المحاكم المحلية ووفقاً للقوانين اليمنية. ورؤيتنا هي أنه يجب ألا يستغل هذا لمصالح سياسية.

هذا جيد.. ولكن لماذا لا تتخذ الولايات المتحدة الموقف الحازم نفسه حيال عمليات القتل التي يقوم بها النظام ضد المتظاهرين؟ 
نحن نقوم بذلك فعلا. وموقفنا هو ذاته. فقد شاركت الولايات المتحدة في صياغة وإعداد تقرير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والدعوة لإجراء تحقيقات مستقلة حول الأحداث. وقد وافقنا تماماً على إجراء تحقيقات مستقلة سواء حول حادثة 18 مارس أو الأحداث التي وقعت في مدينة تعز أو في مناطق أخرى. وبطبيعة الحال، يجب التحقيق في هذه الجرائم ومحاكمة مرتكبيها.

نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن هناك أزمة بين صنعاء وواشنطن سببها عدم إطلاع اليمن بالعملية التي قتل فيها أنور العولقي.. ما مدى صحة ذلك؟ 
الحقيقة، وكما نقول في العلن، إن التعاون بين الولايات المتحدة واليمن بشأن قضية العولقي كان ممتازاً، ولربما أن الأمر قد اختلط على صحيفة لوس أنجلوس بين أنور العولقي وأسامة بن لادن.

كيف تردون على الانتقادات التي أطلقتها منظمات محلية ودولية أن مقتل العولقي تم خارج القانون؟ 
بالنسبة للولايات المتحدة لم يكن ذلك خارج القانون.

ما تعليقكم بخصوص فوز الناشطة توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام لهذا العام؟ 
لقد سررنا كثيراً لسماع هذا الخبر. وقد هنأ الرئيس أوباما توكل كرمان على حصولها على جائزة نوبل للسلام. ونحن نعتقد أن توكل كرمان تلعب أدواراً هامة جداً باعتبارها رئيسة لمنظمة «صحفيات بلا قيود»، أو في تعزيز دور المرأة في الواقع السياسي، وكذا كونها تمثل صوتاً مهماً في التطورات السياسية. وقد التقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بتوكل خلال زيارتها إلى اليمن في شهر يناير الماضي. نحن نرى أن توكل هي رمز وقدوة لمنظمات المجتمع المدني القوية في اليمن، ونتطلع للعمل معها في المستقبل.