الاثنين، 16 أبريل 2012

المصدر أونلاين - قراءة أولية في التغييرات المحتملة داخل قيادات حزب المؤتمر: من سيمسك بخيوط المستقبل.. هادي أم صالح؟

المصدر أونلاين - قراءة أولية في التغييرات المحتملة داخل قيادات حزب المؤتمر: من سيمسك بخيوط المستقبل.. هادي أم صالح؟



المصدر أونلاين-خاص-عبدالحكيم هلال

تتواصل معركة كسر العظم بين الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، وسلفه، علي عبد الله صالح.

وفيما أن الأول يحاول جاهدا فرض شرعيته الرئاسية على أرض الواقع، يناضل الثاني من أجل الحفاظ على مفاصل القوة لإضعاف خلفه، تحقيقا لفكرة الحضور والسيطرة، ربما وصولا للإنتقام من ألد وابرز خصومه، الذين نجحوا في الإطاحة به.

وعلى ما يبدو فإن الصراع الثنائي – ومتعدد الأقطاب في آن – الذي برز على هيئة حرب باردة داخل أطر الدولة وأجهزتها، قد أرتكز مؤخرا، على ما يمكن اعتباره الناظم الأول للصراع، في اطر وثنايا هيئات حزب المؤتمر الشعبي العام.

وبشكل أولي، أكد قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام للمصدر اونلاين، صحة تلك الأنباء التي تم تداولها بعد عصر أمس الأحد بشأن الترتيبات الداخلية والتغييرات التي يزمع الحزب إجراءها في إطار المسميات القيادية العليا والتي تشمل رئاسة الحزب وأمانته العامة وبعض دوائره الداخلية. فيما أنه كان قد حرص كثيرا على التنويه بأن تلك التغييرات، مع أنها تعتبر شبه نهائية، إلا أن القرار بخصوص بعض الأسماء لم يتخذ بعد بشكل نهائي.

ووفقا لتلك الترتيبات، فمن المتوقع أن يتنازل علي عبد الله صالح، للرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، عن منصبه في رئاسة الحزب، فيما يظل هو رئيسا فخريا.

وفيما تنص اللائحة الداخلية للمؤتمر على أن يكون رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب، فإنها لا تتضمن منصبا تحت مسمى "رئيس فخري" للحزب. ما سيتطلب إدخال بعض التعديلات عليها أولا من شأنها أن تستحدث مثل هذا الموقع.

وبموجب الاتفاق – بحسب المصدر الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته – فمن المتوقع أن يتم تعيين الدكتور محمد علي مجور امينا عاما بدلا عن هادي، مع إحداث بعض التغييرات في قيادات الأمانة العامة السابقة..

وفيما أشار المصدر إلى أن الاتفاق بخصوص بعض الأسماء يعتبر - إلى حد ما - شبه نهائي، إلا أنه نوه إلى أن القرار الأخير بهذا الشأن لم يبت فيه بعد. وعليه فقد ترك كافة الاحتمالات مفتوحة، من حيث أنه: إما أن الأمور قد تتعثر في حال لم يتم التوصل إلى أتفاق نهائي، وإما أن تنجح، ويتم التوصل إلى أتفاق نهائي بشأنها، وأخيرا، ربما تستمر النقاشات وتعدل الشخصيات والمواقع. وأضاف معززا حديثه "كافة الاحتمالات تظل مفتوحة"، مع انه رجح أكثر احتمالية النجاح وقال "وحتى الآن، تذهب كافة المؤشرات نحو التوافق".

وعليه، فقد فضل عدم الخوض في الأسماء، والإكتفاء بالقول أن الحديث يدور حاليا حول استبدال ثلاثة أمناء مساعدين، وأثنين من رؤوساء الدوائر في الأمانة العامة، كتغيرات رئيسية، إلى جانب بعض القرارات التنظيمية الداخلية، لافتا في الوقت ذاته إلى أن تلك المواقع القيادية [التي تم تحديدها] هي بالأساس كانت تعتبر مواقع شاغرة، أو معطلة.

وكانت معلومات ذكرت إن التغيرات ستأتي بعبدالقادر هلال إلى موقع الأمين العام المساعد للشئون التنظيمية (بدلا عن صادق أمين أبو رأس- الذي مازال يتلقى العلاج الطبي خارج البلاد إثر جروح بالغة تعرض لها في حادثة النهدين)، كما سيتم تعين عبده محمد الجندي أمينا عاما مساعدا لشئون الإعلام (بديلا عن أحمد بن دغر – الذي عين مؤخرا وزيرا للإتصالات)، وسيتولى ياسر العواضي منصب الأمين العام المساعد لشئون الإدارة والخدمات (بديلا عن يحيى الراعي)، فيما سيعين نعمان الصهيبي – وزير المالية السابق - رئيسا للدائرة المالية بدلا عن فؤاد الكميم، وعبدالسلام الجوفي رئيسا للدائرة التربوية والتعليمية بدلا عن حسين حازب.

وبحسب مصادر مقربة في الحزب، فإن تلك التغييرات تأتي بعد إصرار رئيس الجمهورية عبد ربه هادي – والذي يشغل في الوقت ذاته منصب نائب رئيس وأمين العام الحزب – على ضرورة إعادة الهيكلة الداخلية للحزب، تحقيقا لمجموعة أهداف، قال المصدر أنه يأتي على رأسها: البت في التضارب القائم بشأن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحزب والأمانة العامة، ولما تستوجبه المتغيرات الأخيرة وطبيعة المرحلة القادمة من ضرورة إعادة بناء الحزب على أسس متينة تمكنه من البقاء كطرف مؤثر في العملية السياسية.

وكانت صحيفة الخليج الإماراتية، أشارت في عددها الصادر امس الأحد أن هادي رفض حضور آخر اجتماع للحزب عقد يوم أمس الأول، السبت، في منزل صالح.

وفيما كانت معلومات سابقة أشارت ايضا إلى أن هادي رفض لعدة مرات حضور اجتماعات كان دعي إليها في السابق إبان انتخابه رئيسا للجمهورية، في فبراير الماضي، بحجة أنه أنتخب رئيسا توافقيا للجميع، ومن غير المستحب ان يظل ممثلا لطرف بعينه.. فقد أفادت بعض المعلومات المسربة أنه (هادي) كان قد طلب إعفائه من منصبه كأمين عام للحزب عقب انتخابه رئيسا للبلاد.

لكن البعض تحدث عن حجة أخرى تتعلق بوجود صالح وتمسكه بمنصب رئاسة الحزب، وعليه فسيكون من الصعب – لاسيما في مثل هذه الظروف والمرحلة الحرجة - على رئيس جمهورية منتخب من الشعب أن يلتزم بقرارات وتوجيهات الحزب السياسية، لاسيما أنه (الحزب) مايزال تحت قيادة الرجل الذي ألزمته المبادرة الخليجية بتقديم استقالته، واستبدلته نيابة عنه لمدة عامين كحل توافقي.

وتعزز المواقف والتدخلات الأخيرة من جهة صالح، وجهة النظر هذه، من حيث أنه أتهم بمحاولاته إفساد تنفيذ بقية بنود ونصوص المبادرة الخليجية، وعرقلة برنامج حكومة التوافق.

وعلى ضوء تلك التدخلات، نشرت معلومات تالية تفيد بتدخل وسطاء الدول الراعية والمشرفة والمعنية بتنفيذ المبادرة، وممارستهم ضغوطا ضد صالح تلزمه التوقف عن التدخل في الحياة السياسية. بل وفي السياق ذاته، ذهبت بعض المعلومات المنشورة لتؤكد ان بعض الضغوطات هدفت لإقناعه على مغادرة البلاد، على الأقل لفترة عامين، حتى انتهاء المرحلة الإنتقالية الثانية.

واتهم صالح، بأنه من يقف وراء رفض قيادات عسكرية – من أسرته – تنفيذ القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس هادي وقضت بإقالتهم من مواقعهم العسكرية المؤثرة ونقلهم إلى مواقع أخرى أقل أهمية.

وحتى الآن، ما زال كل من محمد صالح الأحمر (أخ غير شقيق لصالح)، وطارق محمد عبد الله صالح (إبن أخيه)، يرفضون تسليم مواقعهم السابقة في قيادة القوات الجوية، وقوات الحراسة الرئاسية الخاصة، على التوالي.

ويرى مراقبون أن المستجدات والمواقف السلبية الأخيرة، من جهة معسكر صالح، إلى جانب أنها زادت من حجم استياء الرئيس هادي، وجعلته يصر أكثر على إحداث تغييرات داخلية تطال الموقع القيادي الأول في الحزب، فإنها عملت في الوقت ذاته على رفع وتيرة الضغوط الدولية في هذا الجانب.

وعليه، يعتقد البعض أن، صالح قد يكون فعلا رضخ - بفعل نلك الضغوطات القوية - ووافق أخيرا على أن يتخلى عن مواصلة أن يكون الرجل الأول في رئاسة الحزب، ولكن تحت مجموعة شروط، على رأسها: أن يظل رئيسا فخريا، إلى جانب فرضه لأسماء تلك القيادات الحزبية المقترحة – الموالية له - لتشغل تلك المواقع القيادية.

وبالنظر إلى تلك الأسماء، فسيمكن ملاحظة أنها من الشخصيات المحسوبة على صالح، والتي ظلت وما زالت موالية له. مع ما يمكن القول، أيضا، أن أثنين منها على الأقل، ربما تحمل موقفا إيجابيا من الرئيس هادي. أو بالأحرى يمكن القول أنه بمقدورها أن تتعامل أحيانا - على نحو ما - بشكل إيجابي معه.

وبالنظر إلى قوام أعضاء اللجنة العامة – وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب - فسنجد أن معظمهم – إن لم يكن جميعهم – قد تم اختيارهم أو دعمهم، (وتعيين بعضهم)، من قبل صالح نفسه، طوال الفترات السابقة. أضف إلى ذلك أن من كانوا يعارضونه داخل اللجنة العامة، كانوا قد قدموا استقالتهم منها، في اثناء الثورة الشعبية.
ما يعني – في نهاية المطاف – أن القرار الأخير في الحزب، على الأرجح، انه ما يزال بيد صالح.

وعليه، فإنه إذا ما صحت تلك المعلومات (بشأن الأسماء والتعديلات الجديدة) - والتي لم تعلن بشكل رسمي حتى الآن – فسيمكن التأكيد أن هادي سيكون مايزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود، في اتجاهين مترافقين.

الأول: عبر إحداث تغييرات وتعيينات جوهرية داخلية تصب في مصلحته. وذلك في إطار عملية إعادة الهيكلة التي يقال أنه يصر – رفقة آخرين كالأرياني - على إجراءها داخل هيئات وإدارات الحزب المختلفة؛ بعضها يتعلق بملئ الفراغات الشاغرة؛ نتيجة لتغيير المواقف وإعلان بعض قيادات الحزب استقالتها خلال الفترة الماضية أثناء الثورة الشعبية..

والثاني: بذل المزيد من الجهد لكسب – أو على الأقل، تحييد بعض تلك القيادات في الحزب، التي مازالت تدين بالولاء لصالح؛ معظمهم يرى أن مصالحة ما تزال مرتبطة به، حتى الآن، على الأقل.

وسيكون الجهد الأهم والأكثر إلحاحا في كلا هاتين المهمتين، منصبا اكثر داخل إطار اللجنة العامة، باعتبارها الهيئة القيادية الأعلى في الحزب، سواء من خلال نجاحه في تعيين البدلاء المناسبين لمن قدموا استقالاتهم منها، أو النجاح في كسب النسبة الأكبر من الموجودين حاليا، بحيث يعمل على كسب الأغلبية إلى جانبه.

وفيما عدى ذلك، فمن المرجح أن صالح سيواصل فرض بقائه لتنفيذ مخططاته الخاصة، كعادته عبر تكتيك الانتقال إلى اللعب على مربعات جديدة.

وهو في الوقت الذي سيكون قد نجح فيه، مجددا، الإيعاز للجميع بأنه قدم المزيد من التنازلات، فإنه سيكون في مقابل ذلك قد نجح، أيضا، ولمرة أخرى، في فرض بعض الاشتراطات التي تبقيه محافظا على قدرة مواصلة الحضور واللعب لفترة أطول.

وبالنظر إلى متطلبات المرحلة الحالية والقادمة – وبالأخص تلك التي على المدى الأقصر – وما تفرضه الضرورة من التسريع في عملية الإنقاذ، وفقا للجدول الزمني المحدد في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (والتي من الملاحظ أن بعض خطواتها قد تأخرت عن موعدها المحدد)..

فإنه سيمكننا - في نهاية المطاف - القول بأن نجاح صالح في الحصول على المزيد من الفرص لمواصلة البقاء والاستمرار في لعبة التدمير والانتقام من شأنه أن يعمل على إضعاف فرص الإنفاذ..

ذلك انه - بالضرورة – ستتضاعف فرص توسع الإنفجارات الداخلية التي كانت قد بدأت بالتفجر في مناطق مختلفة من البلاد مع استقالة صالح، وزادت بالتضاعف أكثر، عقب عودته الأخيرة من رحلته العلاجية في الولايات المتحدة.

بل أبعد من ذلك، كان يمكن ملاحظة أنها تضاعفت بشكل أكبر من أي وقت مضى، مع قرارات الرئيس هادي الأخيرة بإحداث تغيرات وتنقلات في القيادات العسكرية التابعة لأسرة صالح والمحسوبة عليه.