الجمعة، 3 أغسطس 2012

«كاك بنك» يستمر في إيقاف مشروع يموله الاتحاد الأوروبي وغموض بشأن نشاط فرع البنك في جيبوتي



المصدر أونلاين-خاص-عبدالحكيم هلال
بعد أن نشر موقع «المصدر اونلاين»، مطلع الأسبوع، تقريراً عن إيقاف رئيس مجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) إجراءات التوقيع النهائية لتنفيذ مشروع المنحة المقدمة من مفوضية الإتحاد الأوروبي بمبلغ (4.240.000 يورو) لمساعدة الحكومة اليمنية في تخفيض نسبة الفقر بمحافظة تعز، حظي التقرير بردود فعل إيجابية كبيرة، كان أهمها تواصل العديد من المصادر مع الموقع لتقديم معلومات جديدة، بعضها تعلقت بأحدث المستجدات، فيما قدمت أخرى معلومات تتعرض لمخالفات أخرى للبنك ورئيسه من وراء الكواليس.

وعلم «المصدر أونلاين»، من مصادر متطابقة أن رئيس البنك محضار السقاف، عقد اجتماعا خاصاً لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات الخاصة والوثائق المتعلقة بمشروع المفوضية الأوروبية.
ونشر «المصدر أونلاين»، مطلع الأسبوع، معلومات تؤكد أن رئيس «كاك بنك» أوقف العمل بمشروع ممول خارجياً بمبلغ (4.240.000) يورو، كمنحة مالية نقدية عاجلة، وطارئة لمساعدة الحكومة اليمنية في التخفيف من حدة الفقر بمحافظة تعز. وذلك بعد أن كانت مناقصة المشروع (الممول من مفوضية الإتحاد الأوروبي)، قد رست على «كاك بنك» كشريك «مزود للخدمة»، من بين ثلاثة عطاءات، تقدم بهما – إلى جانبه - كل من بنكي التضامن الإسلامي، والأمل؛ بهدف تقديم خدمات تسليم المبالغ الخاصة بمشروع المساعدات النقدية المشروطة للمستفيدين، مقابل حصول البنك على عمولة لا تزيد عن 3.5% من إجمالي قيمة المبالغ المحولة للمستفيدين في كل دفعة.
وبحسب المصادر، فقد أعترى الغضب رئيس البنك، في اعقاب نشر تلك المادة الصحفية، وعقد اجتماعا خاصا لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات من داخل البنك. وأكدت المصادر ذاتها أن الاجتماع خلص إلى الشك بالموظفين الثلاثة الذين كان رئيس البنك اوقفهم عن العمل سابقاً على خلفية عملهم في إطار المشروع؛ الذي كان سيعمل على «تخفيض الفقر في المدى القصير من خلال الحوالات المالية للأسر الفقيرة، وفي المدى الطويل بناء رأس المال البشري للأطفال الفقراء في بعض مديريات محافظة تعز الملحة كمرحلة أولى، وكافة مديريات المحافظة كمرحلة ثانية».

رفض مقابلة الممولين.. واتصال رئيس الوزراء
وأوضحت المصادر لـ«المصدر أونلاين»، أن المسؤولين عن المشروع في مفوضية الإتحاد الأوروبي، بعد أن صدموا بقرار إيقاف المشروع، حاولوا اللقاء برئيس البنك لأكثر من مره لمناقشته ومعرفة وجهة نظره والوقوف على الأسباب الحقيقية التي دعته إلى اتخاذ قرار إيقافه لإجراءات التوقيع على عقد تنفيذ المشروع - قبل أيام قليلة فقط - لكنهم عجزوا من اللقاء به، بسبب تهربه من اللقاء بهم.
يأتي ذلك، فيما علم «المصدر أونلاين»، أن المفوضية الأوروبية، ومعهم إدارة المشروع المكلفة من طرفها في صندوق الرعاية الاجتماعية- مشروع المساعدات النقدية المشروطة، مستاءون من قرار رئيس «كاك بنك»، الذي أتخذه بإيقاف تنفيذ المشروع قبل أيام قليلة فقط من الموعد المحدد للتوقيع على عقد التنفيذ.
وقالت مصادر مطلعة على المستجدات، إن قرار المفوضية الأوروبية بتجميد مبلغ المنحة بات شبه مؤكد، لكنها أرادت أن تلتقي برئيس البنك لمناقشته ومعرفة وجهة نظره، وبالتالي ربما محاولة تسوية الأمر بطريقة تناسب الطرفين، لاسيما إذا كانت هناك مطالب من طرف البنك يمكن مناقشتها.. إلا أن فشل محاولاتهم المتكررة من اللقاء برئيس البنك، من المرجح جدا أنها ستجعل المسؤولين عن المشروع في المفوضية الأوروبية اتخاذ قرارهم النهائي بتجميد أموال المنحة، وخصوصا إذا لم تستجد أية معلومات أخرى بهذا الخصوص من شأنها أن تعمل على تسوية الأمر خلال أيام.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر لـ«المصدر اونلاين»، أن رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه كان أجرى اتصالا تلفونيا مع رئيس البنك، في أعقاب نشر الموقع للقضية. ومع أن المصادر نفت علمها بأية تفاصيل أو ما يمكن أن يكون قد تم الاتفاق بشأنه على خلفية هذا الاتصال، إلا أنها لفتت إلى أنه ليس ثمة أية نتائج ملموسة على الأرض يمكن أن توحي بتغيير موقف رئيس البنك من المشروع..! بل اعتبرت أن تصعيد رئيس البنك للموقف بعقده اجتماع خاص لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات، يوحي أنه (رئيس البنك) مازال متمسكا بموقفه السلبي من المشروع..!

فصل بسبب الثورة 
إلى ذلك، علم «المصدر أونلاين»، أن رئيس البنك قام، قبل أيام، بفصل احد الموظفين من وظيفته نهائيا في «كاك بنك – الإسلامي» بحجة تغيبه عن العمل. لكن مصادر مطلعة في البنك، قالت أن فصل هذا الموظف جاء على خلفية اشتهاره بمعارضته الواضحة لسياسات البنك، وانضمامه للثورة في وقت سابق، موضحة أن الموظف كان نشر على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، انتقادات كثيرة وجريئة لسياسات البنك ورئيسه، بضمنها انتقادات كتبها على صفحته في ابريل الماضي، أنتقد فيها التوظيف في مواقع كبيرة لأشخاص بسبب قرابتهم من رئيس النظام السابق، مشيرا في هذا الصدد إلى نجل شقيقة الرئيس السابق: علي عبدالله صالح، الذي عين رئيسا لمجلس إدارة «كاك بنك – الإسلامي»، بدلا عن المدير السابق المتهم بتأييده للثورة. وعليه فقد تساءل هذا الموظف (المفصول) على صفحته: متى تصل الثورة إلى كاك بنك..؟ كما كتب بعدها – على نفس الصفحة – توديعا لرئيس البنك، على خلفية انتشار إشاعة بأنه سيصدر قرارا رئاسيا بتغييره بآخر، وتضمنت مقالته ترحيبا بإقالة رئيس البنك الحالي «إلى غير رجعة»، موضحا في السياق أن هذا الرئيس متغيب دائما عن عمله في سفريات إلى الخارج، وأنه يصعب الالتقاء به.. الخ

وإثر ذلك، منع الموظف لأيام من دخول البنك من قبل الحراسة، بأمر شفهي من رئيس البنك، ليفصل بعد ذلك (قبل أيام – وبعد نشر موقعنا لقضية رفض تنفيذ مشروع المفوضية الأوروبية الأخير) وذلك بحجة تغيبه عن عمله. ذلك على الرغم من تقديمه شكوى لرئيس الوزراء (أثناء منعه من الدخول وقبل فصله بأيام) وحصوله على أمر بإعادته إلى الوظيفة أو أي موقع يتناسب مع مؤهلاته، إلا أن توجيهات رئيس الوزراء تم تجاهلها، ليصدر رئيس البنك – بعدها بأيام - أمر الفصل بشكل نهائي. ويحتفظ الموقع بالوثائق الخاصة بالمراسلات وأوامر منع الموظف من دخول البنك، وكذا أوامر رئيس الوزراء، إلى جانب توجيهات الموافقة على منح الموظف إجازة ضمن حقوقه من الإجازة السنوية، أثناء تغيبه عن العمل..
وفي السياق ذاته، تؤكد المصادر ايضا، أن «تغييرات وأوامر توقيف عن العمل» صدرت في حق مدراء وموظفين في البنك، خلال الأشهر القليلة الماضية، على خلفية مواقفهم المساندة للثورة الشعبية السلمية.

مخالفات هيكلية 
قبل تعيين رئيس «كاك بنك» الحالي، كان رئيسه السابق، والمقال: حافظ معياد، قد صرف مبالغ طائلة تحت اسم «مشروع إعادة هيكلة البنك»، الذي أوكله إلى شركة أمريكية، بهدف القيام بالتوصيف الوظيفي وملاحقه، وصولا إلى إعادة هيكلة البنك بطريقة إدارية مناسبة وحديثه..
لكن المصادر تفيد أنه وبعد تعيين محضار السقاف رئيسا لمجلس إدارة البنك، قام بخرق قواعد الهيكلة تلك، واستحدث وظائف جديدة، بالمخالفة لبنود ومبادئ الهيكلة المعتمدة مؤخرا. حسب تأكيدات المصادر.
وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، فقد جاء رئيس البنك الحالي من «بنك كاليون» الذي صفى فرعه في اليمن في الربع الأول من عام 2011، وعليه، تكشف المصادر، أنه، وبعد تعيينه رئيسا للبنك، قام بجلب عدد من زملاءه من الفروع الأربعة لـ«بنك كاليون»، وعينهم في مواقع مهمة على الرغم من ان البنك كان قد أوقف التعيينات الجديدة منذ سنتين، عملا بمشروع إعادة هيكلة البنك..
كما تفيد المصادر، أن رئيس البنك الحالي، عين في وقت سابق ايضا - وبشكل مخالف لمبادئ التعيين - موظفتين من اسرة رئيس الوزراء السابق: على مجور، رغم رفض تعيين الكثير من المتقدمين المستحقين من أصحاب المؤهلات الكبيرة، والكفاءات المناسبة، بحسب المصادر.

ماذا بشأن فرع كاك بنك – جيبوتي؟
تكشف أيضاً، ان رئيس مجلس الإدارة السابق، حافظ معياد، كان قد فتح فرعا للبنك في جيبوتي، إلا أن أحد - وحتى الآن – لا يعرف عن هذا الفرع أية معلومات تتعلق بأعماله أو حساباته المالية، أو الدور الذي يقوم به إلا حافظ معياد نفسه، كونه ما يزال «خارج الكنترول» حد وصف المصادر، التي تعتقد أنه مايزال تحت سيطرة رئيس البنك السابق، وأنه (أي فرع البنك هناك) ربما يشكل أحد مصادر التمويل المهمة التي تدر الأموال لعائلة الرئيس السابق.

وفيما لم يتسنى لنا التأكد من مصادر مؤكدة بشأن استمرار سيطرة رئيس البنك السابق على القرار الأول في هذا الفرع، فقد اكدت لنا مصادر متطابقة، قلة المعلومات بخصوص أعمال ومهام وحسابات هذا الفرع.

وطالبت المصادر، من رئيس الجمهورية، والحكومة، سرعة تشكيل لجنة نزيهة ومحايدة للتحقيق في القضايا السابقة: إيقاف مشروع المفوضية الأوروبية، فصل نشطاء الثورة، ومهام وحسابات – وكل ما يتعلق – بفرع البنك في جيبوتي. واتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة، التي من شأنها ان تعيد الاعتبار لهيبة النظام الحالي والحكومة وتثبت الجدية في القضاء على مخلفات النظام السابق الفاسدة، وإنقاذ البلاد وقيادتها نحو المستقبل المنشود.
---------------------------------------
نشرت على موقع المصدر أونلاين بتاريخ 3 أغسطس 2012

الخميس، 2 أغسطس 2012

هل آن أوان اتخاذ القرارات الفاصلة؟


قراءة أولية لردود الفعل حول حادثة الداخلية.. ضعف الحكومة أم قوة النظام السابق


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
طالب عدد من السياسيين والمراقبين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بضرورة اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة تطال كل من يثبت تورطهم في اقتحام وزارة الداخلية ونهب محتوياتها أمس الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الجنود والمواطنين.

وفيما طالب البعض أن تشمل تلك القرارات محاسبة من يثبت تقصيرهم في أداء واجبهم في الحكومة والجيش، دعا آخرون الرئيس هادي إلى ضرورة إصدار قرارات حاسمة وفاصلة لإنهاء الانقسام المخل في المؤسستين العسكرية والأمنية، وإقالة من تبقى من القيادات العسكرية والأمنية التابعة لعائلة الرئيس السابق، والموالية له، أو تلك التي مازالت تشكل بؤرة توتر ومراكز قوى تعمل خارج الدولة، لاسيما من تحدثت الأنباء عن تورطها؛ سواء بالتخطيط أو الدعم أو المساندة أو التحريض وتسهيل مهمة الجنود والمسلحين الذين اقتحموا الوزارة ونهبوا محتوياتها..

واقتحم جنود ومسلحون بزي مدني مبنى وزارة الداخلية، ظهر أمس الثلاثاء، ونهبوا محتوياتها بعد مواجهات مسلحة مع حراسة الوزارة، ما أسفر عن سقوط ضحايا، أكد مصدر امني لـ«المصدر أونلاين» أن حصيلتهم بلغت 15 قتيلا، بينهم نائب مدير أمن وزارة الداخلية، فيما أصيب العشرات. وتحدثت وسائل إعلام محلية ودولية عن سقوط 8 قتلى فقط.

وجاءت هذه العملية بعد يومين فقط من الاقتحام الأول، يوم الأحد، من قبل جنود قيل أنهم يتبعون النجدة ويطالبون باعتماد توظيفهم رسمياً ومنحهم حقوقهم المالية بعد أن حدثت عملية توظيف واسعة من قبل قائد النجدة السابق، قبل إقالته بقرار رئاسي. وهو الاقتحام الذي يعتقد أن وزارة الداخلية نجحت في احتواه سريعاً، وبموجبه أصدرت الوزارة حينها تصريحات تنفي ما رددته وسائل الإعلام من اقتحام أو سيطرة على الوزارة.
لكن، وعلى ما يقال، فأن أطرافا وقيادات - ما تزال نافذة في السلطة والجيش والأمن- لم يرقها ذلك، تتهم بأنها عمدت إلى الدعم والتحريض مجددا لإثارة الفوضى بهدف إعاقة التسوية السياسية القائمة على أساس ما تبقى من المبادرة الخليجية. بحسب تصريحات لمسئولين في الحكومة والأمن. حيث وصف مجلس الوزراء الاعتداء على أنه «محاولة يائسة لعرقلة وتعطيل العملية السياسية واستكمال تنفيذ بقية بنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة».

أراء ومطالب متباينة
وعلى إثر الاقتحام الأخير، الثلاثاء، تباينت الآراء والمطالب بخصوص التدابير التي يفترض على رئيس الجمهورية اتخاذها إزاء ما حدث.

وفيما تحدثت أنباء عن أن الرئيس سارع إلى إصدار توجيهاته للجنة الأمنية بسرعة تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة القادة العسكريين الذين يقفون وراء تصعيد الأحداث ورفع التقرير خلال 24 ساعة، أتهم البعض الرئيس السابق والقيادات العسكرية والأمنية المتبقية من عائلته، بالتخطيط والتحريض والدعم، فيما وجه آخرون نقداً لاذعاً لحكومة التوافق ممثلة برئيسها باسندوة، ووزير الداخلية عبدالقادر قحطان، متهمين إياهم بالضعف والعجز عن مواجهة مثل هذه الفوضى «المتعمدة»، وعدم استخدامهم للصلاحيات الممنوحة لهم في مواجهة مثل هذه الاختلالات التي تكرس لانعدام الأمن والاستقرار تمهيدا للعودة بالوطن إلى مربع العنف لتحقيق أهداف ومآرب خاصة، لا سيما بعد أن شعر من فقدوا مصالحهم أنهم ربما باتوا عاجزين عن تحقيقها في ظل التوجه بحسم نحو فرض استتباب الأمن وإعادة الاستقرار وإنجاز ما تبقى من عملية الانتقال السلمي للسلطة وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..

بين ضعف الحكومة وقوة النظام السابق
وعلى ضوء ذلك، فقد برزت، على صفحات التواصل الاجتماعي، دعوات تطالب بإقالة الحكومة، بعد أن سخرت من عجزها عن حماية وزارة سيادية معنية بأمن الوطن والمواطن، من قبل مجاميع مسلحة.

لكن مثل تلك الدعوات (الواسعة إلى حد ما) كان من الواضح أنها اصطدمت بآراء وتوجهات أخرى، اعتبرت ما حدث أمرا مدبرا من قبل من أطلق عليها «عصابات بقايا العائلة»، هدفها ليس إضعاف سلطة الحكومة فحسب، بل سلطة الرئيس نفسه، وإظهاره في موقع الضعيف العاجز عن إدارة شئون البلاد، في الوقت الذي يستعرض فيه ما تبقى من النظام السابق «عضلاته»، وكأنما يريد أن يقول «مازلت هنا، قادرا على عمل الكثير»..

يأتي ذلك، ربما بعد ما أعتقد أن معسكر النظام السابق بات عاجزا عن استخدام أوراق مثل: القاعدة وتخريب خطوط الكهرباء وأنابيب النفط وزعزعة الأمن عبر التقطعات القبلية في الطرقات. وهي الأوراق التي استطاعت وزارة الدفاع بمساعدة الداخلية – بشكل خاص – من محاصرتها والتضييق عليها أو التخفيف منها إلى حد كبير. الأمر الذي يعتقد معه أصحاب هذا الرأي أنه ربما أستدعى استهداف الداخلية بشكل خاص، لما حققته من إنجازات بشأن معظم تلك الاختلالات الأمنية.

ويرى هؤلاء أن فرص إمكانيات نجاح معسكر «الثورة المضادة» ما تزال كبيرة، في ظل استمرار الانقسام الحاصل في المؤسسة العسكرية، وفق ميزان قوى يرجح كفة هذا الطرف. وعليه فقد اعتبروا حادثة الداخلية بمثابة «جرس إنذار» مبكر، يتوجب على الرئيس معه اتخاذ القرارات المناسبة (والتي طال انتظارها) وفقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية، مشددين على أن تأخيرها من شأنه أن يزيد من خطر الانزلاق إلى ما هو أسوء من ذلك.

الحادث من زاوية أخرى
تلك كانت قراءة موجزة لما ذهبت إليه ردود الفعل الأولية من تباين في المواقف إزاء الحادث. بيد أن ثمة نظرة تنظر إلى ما حدث من زاوية أخرى تستند إلى معلومات لم يتسنى التأكد من دقته من مصادر أكثر موثوقية.

تقول بعض المصادر الخاصة إن الرئيس هادي أخر الإعلان عن قرارات حاسمة بخصوص إنهاء الانقسام الحاصل في المؤسسة العسكرية، وذلك بناء على مطالب خارجية، لم توضح المصادر من هي بالضبط.

هذه القرارات تلبي مطالب المبادرة الخليجية بإزالة بؤر التوتر قبل الدخول في الحوار الوطني: تمهد الأجواء لإنجاح الحوار، وتشمل إحداث تغييرات مفصلية في القيادات العسكرية والأمنية الكبيرة المختلف حولها.

وعليه، يعتقد أن حادث الداخلية الأخير، يتضمن رسالة أولى للرئيس - قد تتبعها رسائل أخرى أكثر قوة – تحذره بأن الأمور ليست بيده بالكامل كما قد يظن، وأن ثمة أوراق كثيرة يمكن تحريكها للعودة إلى مربع المواجهات المسلحة.

من هنا، يمكن أن ينظر إلى موقف الحكومة، المتمثل بعدم تصعيد الموقف عبر الانجرار إلى المواجهة المسلحة من قبل وزارة الداخلية، على أنه إفشال لمخطط جر الحكومة إلى المربع الذي يريده المخططون للعملية.

على أن ردة الفعل الآن، قد توجب على الرئيس استغلال الظرف وإصدار بعض قراراته تلك وإن على مستوى أقل من المطلوب كليا، لما من شأنه أن يقلب النتيجة المتوقعة ويفسد بقية المخطط المرسوم.

وسيجد الرئيس المبرر الأقوى الذي تضعف أمامه مبررات الجهات الدولية بالتأخير، لاسيما إذا أثبتت التحقيقات تورط قيادات أمنية بارزة عطفا على المؤشرات الميدانية الأولية.
------------------------------------
المادة نشرت في المصدر أونلاين: الأربعاء 1 أغسطس 2012