الأحد، 9 نوفمبر 2014

اليمن..قراءة أولية في التشكيلة الحكومية الجديدة


تجاوزت الوجوه الجديدة بنسبة (70 %) وانخفضت الوجوه القديمة لأول مرّة إلى ما دون الـ 30 %


الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خلال لقاء مع رئيس الحكومة خالد بحاح

الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خلال لقاء مع رئيس الحكومة خالد بحاح
لاقت التشكيلة الوزارية الجديدة المُعلن عنها الجمعة الماضية بقرار جمهوري ردود فعل شعبية متفاوتة بين التأييد والنّقد، برزت معظمها خلال اليومين الماضيين عبر صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والتويتر)، إلى جانب تناولات الكُتّاب في وسائل الإعلام الإخبارية المحلية (مواقع الكترونية، وصحافة مكتوبة).

ولعلّ أهم ما ميّز هذه الحكومة عن سابقاتها هي أنها شُكِّلت بعيداً عن الصراعات السياسية، بعد أن فوّضت المكوِّنات السياسية الموقِّعة على اتفاق "السلم والشراكة الوطنية" كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المُكلّف بتشكيل حكومة كفاءات وطنية باعتبار ذلك هو المخرج والحل الأنسب لتجاوز الخلافات التي نشبت خلال الفترة الماضية بين المكوِّنات السياسية.  

وعلى ذلك الأساس، وبعد أسبوع واحد تقريباً من التفويض، أعلن مساء الجمعة عن الحكومة الجديدة، التي أطلق عليها رئيس الوزراء المكلّف المهندس خالد بحاح  "الحكومة الوطنية" في أول تصريح له نُشر على صفحته الخاصة في "الفيسبوك" بعد ساعات من إعلانها.

قراءة سريعة في تمثيل المكوِّنات
ومن بين الـ36 وزيراً، بضمنهم منصب رئيس الوزراء، شملت التشكيلة الحكومية الجديدة  26 وزيراً جديداً يتم تعيينهم لأول مرّة، أي بنسبة تصل إلى 72.2 %، إلى جانب عشرة وزراء تولوا مناصب وزارية في الحكومات السابقة، أي بنسبة 27.7 %، مُعظمهم تم التجديد لهم من حكومة التوافق السابقة، بعدد ثمانية من بين الوزراء العشرة.

وحيث حاز المستقلون على النسبة الأكبر، بنسبة تجاوزت النصف، تنوّعت بقية الحقائب الوزارية بين وزراء محسوبين على المكوِّنات السياسية، على رأسها المؤتمر الشعبي العام وجماعة أنصار الله (الحوثي) وتحالف اللقاء المشترك، وحلفائها وشركائها.

وتفيد بعض التقديرات المنشورة بهذا الخصوص إلى أن نسبة المستقلين وصلت إلى قرابة 60 % من التشكيلة الوزارية، مقابل حوالي نسبة 40 %، توزّعت بين بقية المكوِّنات السياسية.

وبالنسبة لتمثيل أبناء المحافظات الجنوبية في التشكيلة الوزارية الجديدة، بلغت نسبتهم حوالي 40% من بين الوزراء، طبقاً لتقديرات نشرتها وكالة الأناضول (التركية) عبر مراسلها في صنعاء.

أعلى نسبة تمثيل للمرأة والشباب
ولعلّ أهم ما تميزت به الحكومة الجديدة أن رفعت حصة تمثيل المرأة إلى أربع حقائب وزارية، أي بنسبة تتجاوز بقليل الـ11 %. وهي أعلى نسبة تمثيل لم تحز المرأة على مثلها مقارنة بالحكومات المتعاقبة السابقة خلال العقدين ونصف الماضيين منذ أول حكومة تشكلت بعد إعلان الوحدة اليمنية في مايو 1990.   

وفي التشكيلة الحكومية الأخيرة منحت المرأة أربع حقائب وزارية، هي: وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزارة الدولة، وزارة الإعلام، ووزارة الثقافة.

وحيث تم الإبقاء على وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من نصيب المرأة، لكن بعد تغيير الوزيرة السابقة التي لم تعرف الوزارة غيرها منذ سلمت للمرأة في عهد با جمّال (2006 – 2007)، فقد تم في المقابل تثبيت حقيبة "وزير الدولة" للمرأة، والتي منحتها في حكومة التوافق الوطنية (ديسمبر 2011 – نوفمبر 2014). لكن، وفي مقابل ذلك أيضاً تم كسر التقليد السابق الذي ثبتته حكومة باجمّال فيما يتعلق بوزارة حقوق الإنسان، التي سلبت هذه المرّة من المرأة لتمنح لها وزارتين إضافيتين جديدتين هما: الإعلام والثقافة.

وبمقارنة سريعة لتمثيل المرأة اليمنية في الحكومات المتعاقبة طوال فترة الوحدة، لم تحصل المرأة اليمنية على أية حقيبة وزارية طوال الخمس حكومات الأولى خلال العقد الأول منذ العام 1990 وحتى العام 2001، لتظهر لأول مرّة في الحكومة السادسة برئاسة عبد القادر باجمّال (4-4-2001- ابريل2003) بحقيبة واحدة تحت مسمى "وزير دولة لشؤون حقوق الإنسان" وتولتها الدكتورة وهيبة فارع.

وفي الحكومة السابعة بقيادة باجمّال نفسه (مايو 2003 - فبراير2006) تم فصل هذه الحقيبة الوزارية عن وزارة الدولة لتصبح وزارة مستقلة تحت اسم "وزارة حقوق الإنسان" وعيّنت أمة العليم السوسوة كأول وزيرة لها. بعدها ثبتت هذه الوزارة بحيث أصبحت حكراً على تمثيل المرأة كتقليد تم اتباعه في كافة الحكومات اللاحقة.

وفي التعديل الوزاري ضمن الحكومة السابعة (فبراير 2006 - ابريل 2007م) برئاسة باجمّال أيضاً، تم رفع نصيب المرأة إلى وزارتين، حيث أضيفت إلى وزارة حقوق الإنسان وزارة أخرى للمرأة هي "وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل"، وتولتها منذ ذلك الحين الدكتورة أمة الرزاق حُمد، التي ظلت الوزارة من نصيبها حتى الجمعة الماضية.

ومنذ ذلك الحين (2007) لم يرتفع تمثيل المرأة عن حقيبتين وزاريتين، حتى الحكومة التاسعة (حكومة التوافق الوطنية) التي تشكلت في ديسمبر 2011، إبان الثورة الشبابية الشعبية برئاسة محمد سالم باسندوة، الذي ارتفع تمثيل المرأة في عهده إلى ثلاث وزارات بتعيين جوهرة حمود "وزيرة دولة لشؤون مجلس الوزراء". حينها وصل تمثيل المرأة إلى نسبة 8.5 % بعدد ثلاث وزارات من بين 35 حقيبة وزارية.

ومثلها، في حكومة التوافق الوطنية فقط، وصل تمثيل الشباب أيضاً، بعد أن ظل شبه منعدم طوال فترة العقدين ونصف الماضية، إلا من تمثيل واحد أو اثنين بالكثير.

وحيث ارتفع تمثيل الشباب بثلاث حقائب وزارية في حكومة التوافق (ديسمبر 2001 – نوفمبر 2014)، فقد ارتفع تمثيله هو الآخر، أكثر من أي وقت مضى في الحكومة الوطنية المُعلنة الجمعة الماضية، وتقريباً بالنسبة ذاتها التي مثلت فيه المرأة.

وهذه النسبة – بالنسبة لتمثيل الشباب – من المُهم التأكيد أنها نسبة تقديرية أولية تم استقاؤها بشكل أولي من أسماء الوزراء المعينين مؤخراً، حيث لم تنشر السيرة الذاتية كاملة لكافة الوزراء للتأكد من تاريخ الميلاد، وبالتالي التأكد من نسبتهم بشكل أكثر دقة. 
----------------------------------------------------
نشرت في موقع المصدر أونلاين..رابط النشر 
http://almasdaronline.com/article/63874

الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

حقيقة المؤامرة لإسقاط صنعاء



عبد الحكيم هلال- الجزيرة نت
 
 فرضية المؤامرة
مسارات المؤامرة
تعزيز حقيقة التآمر
أطراف المؤامرة

بكل يُسر مُكنت جماعة الحوثي المسلحة من السيطرة على مفاصل العاصمة اليمنية صنعاء وسط ذهول لمّا تنقشع استفهاماته الكبيرة بعد.
يكاد تفسير "المؤامرة" يطغى على كافة التفسيرات القليلة الأخرى، ولكي نتحقق من صواب هذا التفسير الافتراضي، ينبغي علينا الخوض فيما حدث بالقدر الذي تسندنا فيه المعلومات والحقائق المتوافرة، وربطها جنبا إلى جنب مع تصريحات سابقة ومرافقة ولاحقة لمسئولين محليين وخارجيين رفيعين.

فرضية المؤامرة
يُعتقد على نطاق واسع أن ما حدث، لم يكن سوى "مؤامرة ثلاثية الأضلاع (دولية، إقليمية، محلية) تخطيطا وتنفيذا"، هكذا  يلخص معظم اليمنيين ما حدث، نظرا لتلك السهولة التي احتُلت بها العاصمة صنعاء، حتى يكاد هذا الإيجاز التفسيري السهل يطغى على ما دونه ليكون هو "العنوان الرئيسي" والأبرز، المجمع عليه تقريبا من القمة إلى القاعدة.
تفاصيل مسارات الأحداث الأخيرة ليس لها أن تقول غير ذلك، فالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، نفسه لم يجد وصفا لما حدث سوى تأكيد المؤكد، ليقر في مؤتمر صحفي عقده في 23 سبتمبر/أيلول أنها "مؤامرة كبيرة أعدت سلفا وتحالفت فيها قوى خارجية وداخلية وتجاوزت حدود الوطن"، متهما "الانتهازيين" من الداخل بالمشاركة فيها، فيما أحجم عن تفصيل طبيعة تلك "المؤامرة"، مفضلا إغلاق ملفها نهائيا بإحالة كشف خيوطها إلى ما سيكتبه التاريخ، واكتفى بالدعوة للتوقف عن "لغة التخوين" وتحميل المسئولية لطرف بعينه.
 لكن الأمر لم يكن عارضا كي تنتهي القصة عند هذا الحد باستجابة الناس لمثل تلك الدعوة الرئاسية.
ومازال معظم الشعب هنا يتساءل: كيف يمكن التوقف عند هذا التبسيط، وقد سلمت العاصمة اليمنية لتصرّف مليشيا مسلحة على ذلك النحو دون مقاومة تذكر؟

مسارات المؤامرة
حدث ذلك في الوقت الذي كان فيه الجميع على موعد مع التوقيع على اتفاق سلم وشراكة في اليوم ذاته، والذي كان يفترض به أن ينهي أي خيارات لتصعيد العنف.
في تلك الأثناء كان قادة الأحزاب السياسية الأخرى قد توافدوا منذ الصباح الباكر إلى دار الرئاسة بانتظار موعد التوقيع على ما سمي لاحقا "اتفاقية السلم والشراكة الوطنية"، والتي كان من المقرر توقيعها صباح ذلك اليوم المشئوم (21 سبتمبر/أيلول)، فتم تفتيشهم وأخذت منهم جوالاتهم الشخصية وأدخلوا إلى القاعة الرئاسية للانتظار.
وهناك ظلوا ينتظرون لساعات طويلة حضور ممثلي الحوثي الذين لم يصلا إلا بعد أن ذهب النهار وبسط الظلام سطوته على العاصمة، وقد أنجزت مليشياتهم ما يُعتقد أنه الجزء الرئيسي المتفق عليه من الخطة، وربما تجاوزوه إلى تحقيق معظم أهدافهم بسيطرة شبه كاملة على أهم المفاصل الرئيسية للعاصمة.
في الواقع ألمح ممثل أحد الأطراف الموقعة، في جلسة خاصة، إلى أنهم كانوا شبه محتجزين داخل دار الرئاسة، وإن حدث ذلك بطريقة غير معلنة، حيث لم يكن غالبيتهم، وربما جميعهم، يعلمون ما الذي كان يحدث في الخارج على وجه الدقة! وقد تم تجريدهم من وسيلة التواصل الوحيدة مع الخارج (هواتفهم)..!
وحين وقعوا في الظلام وصف بعضهم التوقيع أنه كان بمثابة "عملية تبييض" للجريمة، وللأسف الشديد يتحسر البعض من حدوث تلك الجريمة تحت إشراف المبعوث الأممي جمال بن عمر! ولا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فثمة من يتحدث أيضا عن وجود "ضوء أخضر" من أبرز الرعاة الخارجيين المؤثرين للتسوية السياسية.
وحتى تكتمل الصورة يتوجب إعادة شريط الأحداث قليلا إلى الوراء، فقبل أربعة أيام فقط من تسليم صنعاء للحوثيين والتوقيع على "صك البراءة"، كان المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر قد توجه إلى صعدة في مهمة تفاوضية مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، بعد أن فشلت كافة المحاولات السابقة لأكثر من لجنة رئاسية في صعدة وفي صنعاء، ليكون بن عمر بمثابة الورقة الأخيرة للرئيس، هكذا يعتقد البعض.
وعلى غير المتوقع استغرقت مهمته ثلاثة أيام (18-20 سبتمبر/أيلول) في كنف الحوثي بصعده، ليعود إلى صنعاء بدون معالم واضحة للنتيجة، فيما كانت معركة اقتحام صنعاء قد دشنت منذ اليوم الأول لوصوله محافظة صعده، وحين عاد إلى صنعاء كانت المواجهات قد بلغت عمق العاصمة.
في ذلك المساء اجتمع بن عمر مع الرئيس بحضور مستشاريه السياسيين لتدارس الأمر، وعقب انتهاء الاجتماع عقد بن عمر مؤتمرا صحفيا ليبشر الصحفيين بالتوصل إلى اتفاق سيتم توقيعه صباح اليوم التالي (21 سبتمبر/أيلول)، ولم ينس بن عمر الإعراب عن أسفه لما آلت إليه الأوضاع في العاصمة أثناء فترة غيابه، تلك الفترة التي تمكنت فيها مليشيات الحوثي من بسط سيطرتها الكلية على أهم المؤسسات السيادية للدولة، ودون مقاومة تذكر.
 آنذاك لم يكن قد تبقى للمليشيات سوى بعض الأماكن التي وجدت فيها مقاومة شديدة، وفي صباح اليوم الموعود للتوقيع حضر الجميع في الموعد باستثناء ممثلي الحوثي، وعوضا عن ذلك واصلت مليشياتهم بطولاتها حتى تمكنت مساء اليوم ذاته من انتزاع سيطرة شبه كاملة تقريبا على العاصمة بعد اقتحام آخر وأقوى معقل رمزي للجيش وسط صنعاء: مقر المنطقة العسكرية السادسة (الفرقة الأولى مدرع سابقا)، بعدها أُحضر ممثلا الحوثي على متن طائرة رئاسية من صعدة إلى صنعاء للتوقيع على الصفقة، وبمجرد وصولهما انفرد بهما رئيس الجمهورية مع بن عمر قبل التوقيع، طبقا لصحفيين حضروا تغطية مراسيم التوقيع.
من خلال تلك المسارات، اعتُقد على نطاق واسع غير قابل للكثير من التأويلات، أن الجماعة كانت قد حصلت على "مُهلتها" الأولية لإنفاذ المخطط أثناء وجود بن عمر في صعدة في مهمة تجاوزت موعدها المفترض بيوم واحد إلى ثلاثة أيام، ولأن المليشيات لم تكن قد نجحت سوى في تحقيق ما يعتقد أنه جزء من الخطة الكلية، فقد منحت -عشية إعلان تأجيل التوقيع لليوم التالي- فرصة أخرى لاستكمال الجزء المتبقي والأهم، لذلك ربما تطلب الأمر إحضار الجميع إلى دار الرئاسة باكرا، واحتجازهم هناك على ذلك النحو.
وقد عزز تقرير إستراتيجي عربي حديث، عني بالأحداث الأخيرة في اليمن، مثل تلك الافتراضات، حيث ذهب آخر تقرير لـ"المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" إلى اعتبار أن "المفاوضات التي كانت تجري بإشراف مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، جمال بن عمر" لم تكن سوى "غطاء للتقدّم على الأرض، ومن ثمّ الاستيلاء على العاصمة".

تعزيز حقيقة التآمر
هي إذا مؤامرة محبوكة استهدفت تصفية واجتثاث ما كان يروج لها على أنها "معاقل راديكالية" عسكرية ودينية تابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح، الشريك الرئيسي في سلطة "المبادرة الخليجية"، والحزب الإسلامي المعتدل الذي ظل خصومه يروجون لاستهدافه بوصفه امتدادا لـ"جماعة الإخوان المسلمين".
حدث ذلك في سياق التسويق لفكرة ضرورة اجتثاثه، عطفا على ما حدث في مصر، كما حدث أيضا في وقت عكس فيه المجتمع الغربي إشارات خادعة حيث كان وحتى وقت قريب يعد حزب "الإصلاح" الأكثر تسيسا ومدنية مقارنة بغيره من الحركات الإسلامية سواء في اليمن أم الوطن العربي برمته.
وبشكل غير مباشر كشف بن عمر حقيقة ذلك التوجه الدولي، حين صرح في وقت لاحق على الأحداث الأخيرة، أن الحوثيين لم يكونوا وحدهم الجماعة التي تمتلك مليشيات عسكرية وقبلية مسلحة، بل أيضا "حزب الإصلاح"، متبنيا تهم خصومه بأنه من واجه الحوثيين -وليس الدولة- في حروب ومعارك سابقة في محافظات أخرى، كما اعتبره أيضا آخر من واجههم في صنعاء دفاعا عن المنطقة العسكرية السادسة. ( لقاء مع قناة "سكاي نيوز عربية" بثته في 28 سبتمبر/أيلول).
في الواقع كان الجنرال علي محسن (الذي يحسبه بن عمر وآخرون جزءا من تكوين حزب الإصلاح) هو من يدير معركة الحفاظ على رمزية وشرف الجيش اليمني من داخل مقر المنطقة العسكرية، لكن محسن -وهو مستشار أمني وعسكري لرئيس الجمهورية- لم يكن يقوم سوى بواجبه تنفيذا لتوجيهات صدرت له من الرئيس هادي قبل يوم واحد فقط من "مؤامرة" تسليم صنعاء لمليشيات الحوثي.
ويتردد على نطاق واسع أن إقحام الجنرال "محسن" في تلك المعركة جاء في سياق الخطة، وأن الأخير حين شعر بالمؤامرة، لاسيما بعد ما نكث هادي وعده له بالدعم بالسلاح، قرر الانسحاب في اللحظات الأخيرة.

أطراف المؤامرة
إزاء ترسخ مثل تلك الاتهامات التفسيرية وتداولها على نطاق واسع كحقائق شبه مؤكدة، لم يكن أمام المبعوث الأممي جمال بن عمر إلا أن يظهر ليوضح بعض التفاصيل المتداولة أصلا، فتحدث هو الآخر عن وجود "مؤامرة"، كما فعل الرئيس قبله بأيام قليلة فقط.
في مقابلة أجريت معه في جريدة عكاظ السعودية، نشرت في 28 سبتمبر/أيلول، أكد بن عمر أن أطرافا كانت "تعمل في الخفاء من أجل مساعدة جماعة الحوثي المسلحة على دخول صنعاء". لم يوضح من هي تلك الأطراف، لكنه فضل جعل الباب مفتوحا أمام كافة التأويلات المتاحة.
وإذا كان من الراجح أنه كان يشير إلى الرئيس السابق "صالح" بعد تأكد تورطه في مشاركة الحوثي معاركه عبر قيادات حزبية وسياسية ومجاميع قبلية تابعة له بغية الانتقام من خصومه السياسيين الكبار الذين انحازوا لثورة فبراير/شباط 2011، فإن هذا التعميم المفتوح لا يستثني أيضا أطرافا أخرى على رأسها وزير الدفاع وآخرين في الدولة، خصوصا وأن قيادات عسكرية متعددة كشفت -عبر تصريحات صحفية متداولة- أن أوامر وجهت إليهم من وزير الدفاع تحذرهم من المقاومة وتنصحهم بتسليم المعسكرات والأسلحة للحوثيين.
وقد يعزز هذا الترجيح أن بن عمر كان يستدل بذلك في سياق حديثه عن انهيار الأجهزة الأمنية والعسكرية "في وقت وجيز".
وفي السياق أيضا كرر بن عمر أكثر من مرة الحديث -ضمن مقابلته المشار إليها مع قناة سكاي نيوز- عن أن احتلال مليشيات الحوثي لصنعاء أصبح "أمرا واقعا"، مشددا على ضرورة التعامل مع هذه النتيجة كـ"أمر واقع".
ولعل ما يؤسف عليه هنا أن مبعوثا أمميا، يعول عليه لتكريس لغة الحوار لمعالجة النزاعات، لم يكن ليشعر بالخجل وهو يتحدث عن استخدام القوة باعتبارها أحد الطرق الممكنة لفرض "الأمر الواقع".!
لكن ذلك، على أية حال، لا يقصر تهمة "التآمر" على الأطراف الداخلية فحسب، دون وجود ضوء أخضر من الأطراف الإقليمية والدولية المؤثرة في اليمن.
يقودنا هذا إلى الحديث عن تواطؤ المجتمع الإقليمي والدولي، وثمة تساؤل مثار وملح: لماذا لم تعلن أي دولة أجنبية أو عربية حالة الطوارئ وتصدر أوامرها لدبلوماسييها ورعاياها -كالعادة- بضرورة مغادرة اليمن؟
حتى الآن، لم تقدم أية توضيحات أو تفسيرات من شأنها أن تلغي أو تخفف من الاعتقاد الراسخ أن أطرافا إقليمية ودولية متورطة، إذ يوحي كل ذلك -يقينا- أنه كان معلوما لدى المتآمرين حدود الخطة وإلى أين سيصل منتهاها؟ سيما وأن السفارات الأجنبية والعربية دأبت على إعلان إجراءات أمنية احترازية في ظروف أقل خطورة من ظروف الحرب والمواجهات التي جرت مؤخرا!
ويرجح ما ذهبنا إليه ذلك الموقف الدولي المتخاذل في عدم تنفيذ مضمون قرار مجلس الأمن الأخير (2140) بفرض عقوبات على جماعة الحوثي التي ثبت استخدامها السلاح لتحقيق أهداف سياسية أكثر من مرة منذ ما بعد صدور القرار في فبراير/شباط الماضي.
المصدر : الجزيرة
----------------------------------
نشر المقال على موقع الجزيرة نت بتاريخ 6 أكتوبر 2014
رابط النشر:

الأحد، 7 سبتمبر 2014

من يتحكم في الصراع اليمني؟





عبد الحكيم هلال

-         - توصيف الصراع
-         - مسار الصراع السياسي
-         - طبيعة الصراع المذهبي
-         - حرب الوكالة
-         - وجهة الصراع


بعد أن كانت تشكو ظلم وجبروت دولة تسعى لسحق أقلية مذهبية في أطراف البلاد لم تكن تنشد سوى حرية الفكر المذهبي.. ها هي جماعة الحوثي اليوم، بعد عقد من ذاك الزمان المر، تفرض حصارا مسلحا على العاصمة صنعاء تمهيدا لإسقاط النظام وفرض معادلة سياسية جديدة تحت تهديد السلاح.
·       
* توصيف الصراع

في هذه الأثناء، لا يفصل اليمن عن الانزلاق إلى مواجهات مسلحة سوى قرار يتخذه أحد الطرفين: سواء الدولة في حال قررت القضاء على هذا التهديد وردع طغيان مليشيات خارجة عن القانون تتمادى في استنزاف هيبتها، أم جماعة الحوثي المتمردة عند اللحظة التي تقرر فيها بلوغ ساعة الصفر لاستكمال مخططها الأخير في السيطرة.

بالنظر إلى المطالب والمبررات التي تتذرع بها جماعة الحوثي لتسويغ تصعيداتها الأخيرة ضد الدولة، سيبدو من السهل توصيف هذه الحالة على أنها "صراع سياسي" بين سلطة شرعية وتيار شعبي ساخط ضد سياساتها الفاسدة والفاشلة. وذلك ما تزعمه الجماعة حاليا إذ تصر على أنها تمثل إرادة الشعب وتسعى لتحقيق مطالبه.

لكن الحقيقة لم تكن لتقتصر على ذلك التوصيف الذي يقوم فقط على الجزء الأخير من الصورة. وسيتطلب الحكم على طبيعة ونوعية الصراع القائم، تجميع الأجزاء الأخرى القريبة والبعيدة المتناثرة على طول خط ظهور هذه الجماعة كأقلية مضطهدة، وصولا إلى بلوغ العاصمة صنعاء ومحاصرتها من أطرافها وفرض أنشطتها الاستقوائية على الدولة في عمقها.. مع البحث في الأهداف والمنهجية والسلوكيات التي رافقت هذا المسار التاريخي الأقرب.

وفقا لذلك كله، سيمكننا الجزم أن هذا "الصراع السياسي" الظاهر اليوم في مؤخرة الأحداث، ليس سوى جزء مكمل لصراعات أخرى صبغت عقل وتكوين ومسار الحركة طوال فترة العقد الماضية. حيث استحكم فيها "الصراع المذهبي" مع المختلفين والمخالفين، في الوقت الذي يمكن التأكيد أيضا أنها تخوض في العمق "حربا بالوكالة" لمصلحة حليفتها المذهبية: "جمهورية إيران الإسلامية".

·        * مسار الصراع السياسي

لم يعد جديدا القول إن جماعة الحوثي ظهرت وقوى عودها بفعل وفضل تلك الحروب الست التي خاضها النظام السابق معها، خلال الفترة: (2004 - 2010). حيث لم تكن حينها سوى حركة صغيرة تتخذ من مناطق محددة بمحافظة صعدة الشمالية مقرا لأنشطتها الاستنهاضية للمذهب الزيدي الشيعي.

عام 2010 توقفت الدولة بشكل نهائي عن مواصلة حروبها. وفي فبراير/شباط 2011 دخل اليمن في ثورة سلمية لإسقاط نظام علي صالح، ليستغل الحوثيون الاضطرابات لفرض سيطرتهم الكلية على محافظة صعدة، والتوسع إلى المناطق المحيطة والمجاورة لها.

كان اليمن، في إثر ثورته السلمية تلك، قد أدخل في عملية سياسية طويلة على أساس مبادرة خليجية، قدمتها السعودية وفصلت آلياتها الأمم المتحدة. ولم تكن جماعة الحوثي جزءا من تلك الصفقة التي رفضتها منذ البداية، لذلك تم تجاهل إشراكها في حكومة الوفاق الوطني. لكنها مع ذلك قبلت المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الذي يعد جزءا أساسيا وهاما من المبادرة.

في الشهر الأخير على نهاية مؤتمر الحوار، عاودت جماعة الحوثي عملياتها المسلحة التوسعية وتمددت أكثر لتقترب من صنعاء، فيما كانت الدولة تمارس دور الوسيط الفاشل، ليصل الحوثيون إلى معقل قبيلة حاشد القوية بمحافظة "عمران" على حدود العاصمة اليمنية.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، قررت الدولة اتخاذ قرار طالما ارجأت اتخاذه خوفا من التبعات. ضبطت توقيتها على إجازة عيد الفطر الماضي، وقررت رفع الدعم عن المشتقات النفطية بنسبة تتجاوز الـ(50%).

شكل ذلك القرار فرصة ذهبية لجماعة الحوثي للانتقال إلى المرحلة التالية من مخططها. أعلنت رفضها للقرار وتحملت مسؤولية الحديث باسم الشعب الجائع والمظلوم. وعلى وقع الفوضى، بدأت التنفيذ وحشدت مسلحيها من مختلف المحافظات لمحاصرة العاصمة، مهددة باقتحامها إن رفضت مطالبها الثلاثة: تغيير الحكومة بحكومة شراكة وطنية، إلغاء الجرعة السعرية على المشتقات النفطية، تنفيذ مخرجات الحوار (التي لم توقع عليها أصلا).

الآن لم يتبق إلا ساعة الصفر للتنفيذ. فيما أن تلك الحوارات التي خاضتها وتخوضها الدولة مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في صعدة، لا تحقق أكثر من استنزاف ما تبقى من هيبة الدولة، التي بدت وكأنها عاجزة عن القيام بشيء غير إرسال المفاوضين إلى صعدة لمحاورة زعيم مليشيا مسلحة لإقناعه بخيارات أخرى غير اقتحام العاصمة بالقوة..!! وحتى الآن أبدى الحوثي تعنتا ورفضا لكافة الحلول المعروضة من الدولة.

ولعل أكثر ما يؤكد طبيعة هذا النوع من الصراع السياسي، وقوف جناح الرئيس السابق في حزب المؤتمر الشعبي العام، بمشايخه القبليين ومسلحيهم، مع جماعة الحوثي ودعمهم لها في المناطق التي سيطرت عليها وبمحاصرتها للعاصمة حاليا.

·        * طبيعة الصراع المذهبي

لقد أكدت سلوكيات الجماعة طوال الفترة الماضية على أن الحامل الرئيسي لتحركاتها وأنشطتها التوسعية مبني أساسا على استنهاض وعودة قوة وحكم الهاشميين تنفيذا لمشيئة الله الذي منحهم الحق الإلهي في الولاية، التي تمنح لكل من يخرج بالسيف على الحاكم الظالم.

وتجسد هذا النوع من الصراع عبر استهداف الجماعة للمخالفين لها في المذهب في كافة المناطق التي سيطرت عليها واحتلتها: بدءا بالسلفيين بدماج - صعدة، مديرية أرحب التابعة لمحافظة صنعاء، محافظة الجوف، وصولا إلى عمق ورأس قبيلة حاشد بعمران المحسوبين على حزب التجمع اليمني للإصلاح، الحركة الإسلامية المعتدلة، والتي لم يكن الحوثي ليجد أكثر منها قوة وقدرة على مواجهة توسعه وتمدده فكريا وميدانيا طوال الفترة الماضية.

وكان من الواضح أن معظم تلك التوسعات الأخيرة التي ظل يقوم بها كانت تستهدف عمق وقوة الإصلاح ومشايخه القبليين، حيث كان يقوم بتفجير منازل رموزهم الكبيرة في كل منطقة يدخلها ويسيطر عليها. بل اتضح الأمر أكثر من خلال الإصرار على محو وإزالة كل ما له علاقة بالمذهب السني، من خلال تفجير المساجد ودور تعليم الحديث ومدارس تحفيظ القرآن الكريم في المناطق التي سيطرت عليها الجماعة.

كانت الأحداث والسلوكيات والمسارات المناقضة هي الأكثر وضوحا وتجليا، فضلا عما كانت تكشفه الأفكار والتصريحات والأدبيات والوثائق والمبادئ الأساسية القائمة على أسس مذهبية إقصائية ضيقة.

·        * حرب الوكالة

لا يمكن القول إن هذه الحرب جديدة أو مستحدثة بفعل الأحداث الأخيرة في الداخل اليمني والمنطقة برمتها، بل هي قديمة يمكن إرجاعها إلى بدايات المواجهات العسكرية مع جماعة الحوثي، لكنها عمليا تحدثت بشكل كبير، وارتفعت أسهمها أكثر بفعل الصراعات والحروب التي تمر بها المنطقة.

لم تكن الأدلة والمؤشرات منعدمة أو ناقصة للحكم على أن ما يحدث في اليمن ليس سوى امتداد لصراعات الوكالة بين القوتين العظميين في الإقليم، أو ما يمكن وصفهما بـ"قطبي الرحى" في منطقة الشرق الأوسط: السعودية (بكونها حامل لواء السنة)، وإيران (بكونها فارسة التشييع العالمي).

وبينما ظل اليمن، طوال نصف القرن الماضي، ما يمكن اعتباره جزءا ملحقا بالمملكة العربية السعودية، فقد بات من غير الممكن اليوم مواصلة الحديث على ذلك النحو السهل. ليس بعد اكتمال تشكل قوة داخلية مقلقة مثل جماعة الحوثي المسلحة، التي تحولت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة إلى ثقل مؤثر لمصلحة الخصم التاريخي اللدود للمملكة السعودية.

لقد طغت قوة هذه المليشيات المدعومة من طهران، ليس على حين غفلة من الجارة السعودية، بل أمام ناظريها، وربما بملء إرادتها لمصلحة حسابات سياسية قلقة من ثورات الربيع العربي. وأتاح الانشغال الوهمي القلق من حركة الإخوان المسلمين مجالا واسعا أمام إيران لتقوية حلفائها ليس فقط الأقربون (في سوريا والعراق)، بل أيضا في اليمن، حيث نجحت في صناعة حليف قوي، مستغلة ضعف الدولة وانقسامات المجتمع المحلي في ظل مرحلة انتقالية هشة دخلتها البلاد في أعقاب ثورة فبراير/ شباط 2011.

وفي لحظة من تلك المتغيرات، تغاضت الرياض عن توسعات جماعة الحوثي الأخيرة في محافظة عمران، وسط معلومات متواترة تفيد بدعمها لمشايخ الرئيس صالح في المنطقة للوقوف مع الحوثي في معاركه ضد قبائل حاشد الموالية لـ"الإصلاح".

وبعد تجاوز الحوثي للحدود المرسومة في خيال الرياض، وسيطرته كليا على عمران، بدأ القلق يراود المملكة من المغامرات اللاحقة التي ستترتب عليها تلك السيطرة، حتى شرعت بالتواصل مع الرئيس هادي من أجل إحداث مصالحة مع صالح وخلق اصطفاف وطني واسع لمواجهة الحوثي، وسط وعود بدعم سخي لتجاوز أزمات البلاد الاقتصادية. عمليا اقتصر حدوث ذلك التصالح على تسريبات صحافية.

وحين تقدمت المليشيات صوب صنعاء لإسقاطها، ارتفعت المخاوف السعودية أكثر. حيث كان من الملاحظ أن توسعات الحوثي تتزامن تقريبا مع توسعات وانتصارات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في العراق. في الوقت الذي بات فيه من المؤكد أن قوات بشار الأسد، بمساعدة إيران وحزب الله، لم تعد قادرة على حسم معاركها مع المعارضة السورية المدعومة من بعض دول الخليج، والتي باتت تقترب أكثر من دمشق.

وعليه فقد فسر ذلك التسارع الكبير للأحداث في صنعاء من قبل مليشيات الحوثي (التي أصبحت العاصمة اليمنية الآن تحت رحمة مسلحيها)، على أنه محاولة من طهران لخلق جبهة جديدة قوية تناور عبرها المملكة وحلفاءها في الخليج والعالم.

وأكد الرئيس هادي مثل ذلك في تصريحات صحفية أطلقها بعد رفض الحوثيين كافة المفاوضات لإنهاء الأزمة وسحب مسلحيهم من العاصمة وحولها، متهما دولا إقليمية بالسعي إلى مقايضة دمشق بصنعاء.

ومؤخرا أيضا، نشرت تصريحات خطيرة في هذا السياق، نسبت لقائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، أشار فيها إلى أن إيران سوف تدخل في حرب شاملة مع الدول العربية "المعادية للثورة الإسلامية الإيرانية" في المنطقة. حسب ما نسبته الصحافة لموقع "عماريون" التابع للحرس الثوري الإيراني.

وأشار مجلس الأمن الدولي إلى مثل تلك التدخلات الإقليمية في اليمن، عندما دعا "جميع الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يهدف إلى إثارة النزاعات وزعزعة الاستقرار"، وذلك في بيانه الصادر بشأن اليمن في 30 أغسطس/آب الماضي.

·        * وجهة الصراع
هي إذا: حزمة مدمرة، متداخلة ومترافقة، من الصراعات السياسية والمذهبية وحروب الوكالة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تعقيد التكهنات لما ستؤول إليه الأحداث مستقبلا.

ومع ذلك، قد يمكن التكهن أن الحالة الراهنة من هذا الصراع السياسي (الظاهر)، ستؤول لاحقا إلى صراعات مذهبية طائفية، أخذا بالاعتبار الحامل المذهبي لجماعة الحوثي الذي بات من الواضح -قياسا بمسارها التاريخي الأقرب- أنه لا يخلو من نزعة انتقامية تطهيرية لكل متعارض مع مذهبها.

ويشعر معظم المراقبين السياسيين هنا إلى أن قرار الحرب من عدمه، يرتبط بعوامل خارجية أكثر منها داخلية. وذلك بناء على مؤشرات عديدة بينها عدم تجاوب الحوثيين مع دعوات مجلس الأمن الدولي وصنعاء بضرورة سحب مليشياتهم المسلحة من العاصمة وتسليم محافظة عمران للدولة ووقف المواجهات المتواصلة في محافظة الجوف. ويزيد من ذلك: رفضها الأخير لمبادرة الدولة المتضمنة حلولا تنفذ مطالبها الثلاثة الرئيسية، بشكل أو بآخر.

وحيث يرجح البعض أن تكون "حرب الوكالة" هي العامل الأقوى المسيطر على مسار الأحداث الراهنة والقادمة، إلا أن ثمة اعتقادا سائدا يرى أن هذا الضغط الحوثي إنما يسعى إلى خلق واقع مشابه للبنان، من خلال الوصول إلى معادلة الشراكة في السلطة والقرار السياسي على قاعدة "الثلث المعطل".
--------------------------------------------------------------------
المصدر: الجزيرة نت - الأحد 12/11/1435 هـ - الموافق 7/9/2014 م
رابط المقال: 

http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2014/9/7/%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A