الأربعاء، 9 يناير 2013

شبكة عائلة صالح.. من ذهب ومن تبقى؟


جرد حساب العام الماضي

شبكة عائلة صالح

ظل علي عبد الله صالح متربعا عرش الحكم في اليمن أكثر من 33 عاماً، ما جعله صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحُكام العرب، الذين كانوا ما يزالون على قيد الحياة قبل أن تهب رياح ثورات الربيع العربي.

لم يساعده ذلك على تأسيس شبكة ولاءات ومحسوبية ضاربة القوة والجذور، فحسب، بل استطاع أن ينشئ شبكة عائلية قيادية مسيطرة، باسطة نفوذها على مؤسسات الجيش والأمن والاقتصاد؛ هي الأكبر على مستوى دول الشرق الأوسط، إذا ما استثنينا فقط بعض النّظم الملكية التوريثية.

12 قريباً من الدرجة الأولى، بين أبناء، إخوة أشقاء، أبناء إخوة أشقاء، وأبناء أخوة غير أشقاء، تم تعيينهم - طوال فترة حكمه - في مواقع قيادية عسكرية عليا، معظمها تتحكم في القوة العسكرية الضاربة الأكبر، وقوات النخبة ذات الإمكانيات والتدريبات الأفضل في البلاد.

ليس ذلك فقط، بل ثمة ضعف العدد السابق من الأصهار، الأنساب، الأحفاد، ومقربّي العائلة والمرتبطين معها بروابط دم من قريب أو بعيد.

لكن ذلك كله، أو بالأرجح «جلّه»، أو بالأصح لنقل «أهمه» بدا وكأن رياح التغيير شرعت بأخذه بعيدا، وأوشكت أن تجعل من تلك الشبكة «أوهن من بيت العنكبوت».

وهنا نركّز فقط على شبكة العائلة ذات القرابة من الدرجة الأولى، ونقتصر فيها على القيادات في الجيش.

ثورة شعبية أقوى
مع مطلع فبراير 2011، وصلت رياح الربيع العربي اليمن وتفجرت ثورة شعبية في كل المدن اليمنية بقوة غير متوقّعة.

لكن كان لتلك الشبكة العائلية، مضافا إليها شبكة القرابة الأسرية والقبلية معززة بشبكة الولاءات والمحسوبية الأكبر، الدور الحيوي في الإبقاء على إمبراطور أو ملك العائلة على الكرسي لقرابة عام كامل.

ومع ذلك، كان ولا بُد لتيار الثورة الجارف أن يجبره على التنحِّي.

وفي 25 نوفمبر من العام، وقّع «صالح» على مرسوم دولي يجبره على مغادرة كرسي الحكم (المترنّح)؛ مع أنه لم يتخلَّ عنه رسميا سوى في 21 فبراير من العام الماضي 2012، بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد.

لقد تحوّل الرئيس السابق، أب العائلة الأكبر، إلى مواطن لكنه فضّل أن يطلق على نفسه «الزعيم»، ربما تخفيفا لوقعة السقوط أو تحاشيا للصدمة من المصاب الجلل وغير المتوقّع، الذي ألمّ به.

بعدها، بدأت شبكته العائلية (العنكبوتية) بالدخول تدريجيا إلى دائرة التصفية الرسمية.

الحزمة الأولى من قرارات الإبعاد
في السادس من شهر إبريل 2012، أصدر الرئيس الجديد عبد ربه منصور هادي (نائبه السابق لفترة طويلة) أول مرسوم رئاسي بتصفية القشرة الوسطى من نواة الشبكة؛ أقال بموجبه كلا من اللواء محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لـ«الزعيم»، من قيادة القوات الجوية والدّفاع الجوي والعميد الركن طارق محمد عبدالله صالح نجل شقيقه من قيادة الحرس الرئاسي واللواء الثالث حرس جمهوري وإلى جانبهما أقيل اللواء علي صالح الأحمر الأخ (غير الشقيق) من منصبه في إدارة مكتب القائد الأعلى للقوات المسلّحة.

تمرد القائدان العسكريان (محمد وطارق) على قرارات الرئيس، ربما تحذيرا لـ«هادي» من محاولة التغول أكثر في عُمق الشبكة، لكنهما في نهاية الأمر سلّما ورضخا تحت ضغط دولي؛ سلّم الأول بعد 20 يوما، بينما قُسر الثاني على التسليم بعد قرابة شهر من القرار.

الحزمة الثانية: الأمن القومي
بعد أسبوعين من الحزمة الأولى فقط، وتحديدا في 21 مايو، كانت اليمن مع قرار آخر في إطار الإطاحة، التي طالت هذه المرة جهاز الأمن القومي (الاستخبارات الأقوى والأهم) بإقالة وكيله المتحكم عمار محمد عبدالله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق.

كانت حزمة صغيرة لكنها مهمّة في سياق قرارات تفكيك شبكة العائلة المتشابكة.

الحزمة الثالثة والأهم
كان من الصعب على الرئيس هادي أن ينجز حزمته الثالثة والأهم، وكونها ستصل هذه المرّة عُمق نواة الشبكة، تطلبت ستة أشهر من الانتظار، ومن الرئيس التفكير والتخطيط للقيام بذلك.

وأخيراً وفي 19 ديسمبر، أصدر هادي حزمته الثالثة بإلغاء القوة التي كان يقودها العميد الركن أحمد علي عبدالله صالح، النجل الأكبر للرئيس السابق، (الحرس الجمهوري، القوة الأكبر والأعتى في البلاد)، وإقالة العميد الركن يحيى محمد عبدالله صالح، نجل الشقيق، من قيادة اركان قوات الأمن المركزي (التي كان هو القائد الفعلي لها).

جردة حساب
وحتى هنا – بعد عامين من الانتفاضة – أُنجزت من المهمّة: تصفية النصف الأهم والأقوى، وسط نواة الشبكة من الحرس القديم وعمقها من الصف الأول. فيما تبقى النصف الآخر: معظمهم من الصف الثاني والثالث في العائلة (القشرة الخارجية للنواة).

تبقى من القائمة ستة: نجلان للرئيس السابق، هما الملازم خالد وأخيه صلاح علي عبد الله صالح، ونجل رابع لشقيقه محمد هو العقيد محمد محمد عبدالله صالح (شقيق يحيى، عمار، وطارق)، الذي تقول رواية أنه يتولى قائد كتيبة في وحدة مكافحة الارهاب، في حين يقول مصدر آخر أنه يتولى قيادة لواء الصواريخ الواقع في فج عطان. وتبقى أيضاً العقيد تيسير صالح عبدالله صالح، والعقيد هيثم محمد صالح الأحمر، وسادسهم هو العقيد الركن كنعان يحيى محمد عبدالله صالح ابن نجل شقيق صالح وولد ابنته.

بقايا عائلة صالح
بالنسبة للملازم خالد علي عبدالله صالح فقد أثيرت حوله مجموعة أخبار تناولت تعيين والده له قائدا للواء الثالث مشاة جبلي - حرس جمهوري، مع أواخر يناير 2012، قبل اندلاع الثورة بأسابيع. لكن وثيقة رسمية (نشرتها مؤخرا صحيفة الأولى) أكدت تعيين والده له في العام 2010. وبحسب الوثيقة، فقد أصدر القائد الأعلى للقوات المسلّحة – حينها – أمرا في 27 سبتمبر من العام 2010 بـ«إلحاق وتعيين الأخ خالد علي عبد الله صالح في القوات المسلحة (مشاة جبلي) برتبة ملازم ثانٍ»، فور تخرجه من كلية «سانت هرست» البريطانية.

أضف إلى ذلك أن اسم الملازم خالد ظهر على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية منذ العام 2010، ضمن الموظفين الدبلوماسيين التابعين للسفارة اليمنية بواشنطن بوظيفة «مُلحق». لكن وحتى الآن ما يزال اسمه موجودا في الصفحة ذاتها حتى بعد تضمينها آخر تحديث بأسماء موظفي السفارة اليمنية للعام 2012.

وتفيد المعلومات أيضا بأن خالد قائدا لكتيبة في اللواء الثالث حرس جمهوري، في حين قالت مصادر أنه بعد إبعاد طارق صالح من قيادة اللواء وتعيين الحليلي بدلاً عنه قام بنقل كتيبة الدفاع الجوي بسلاحها وافرادها إلى معسكر ٤٨.

صلاح علي عبد الله صالح، ليس ثمة معلومات كثيرة عنه سوى أن اسمه هو الآخر ظهر ضمن ملحقية السفارة اليمنية بواشنطن وما زال اسمه موجودا حتى الآن.

وعلى ذكر موظفي الملحق العسكري والأمني في السفارة اليمنية بواشنطن، ظهر إلى جانب خالد وصلاح (أولاد علي عبد الله صالح) كلٌ من: العقيد تيسير صالح عبد الله صالح (نجل شقيق الرئيس السابق) بوظيفة ملحق عسكري وكنعان يحيى محمد عبد الله صالح (نجل نجل شقيق صالح وحفيده) بوظيفة (ملحق).

وما زالت اسماء الأربعة تظهر حتى الآن مع آخر تحديث، حتى بعد تردد أخبار بتعيين ملحق عسكري جديد قبل زيارة الرئيس هادي الأخيرة إلى واشنطن، لكن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها بشكل رسمي حتى الآن.اضغط هنا.

العقيدان محمد وهيثم
ومن مجموع أفراد العائلة الستة المتبقين، تبقّى لدينا عقيدان هما: محمد محمد عبدالله صالح، وهيثم محمد صالح الأحمر.

الأول ما زال يتولّى منصب قائد وحدة المهام الصعبة في وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للحرس الجمهوري، بينما ما زال الثاني في منصبه كقائد كتيبة في اللواء الرابع حرس جمهوري في معسكر السواد، وتضعه بعض الأخبار كنائب لقائد الحرس الرئاسي الخاص.

وبشكل عام لا توجد معلومات كافية عن هؤلاء الستة (القادة) المتبقين في مناصبهم من أفراد العائلة الحاكمة (سابقا).

لكن مع البحث المتواصل يمكنك أن تجد حسابا شخصيا في موقعي التواصل الاجتماعي (فيس بوك، تويتر) باسم العقيد محمد محمد عبدالله صالح.

وأنشأ محمد حسابه في «فيس بوك» مؤخرا في 10 نوفمبر من العام 2012، وكان أول منشور استفتح به حسابه ذو صبغة انتقامية: «لن ننسى جريمة جامع دار الرئاسة». أما في «تويتر» فقد افتتح حسابا شخصيا سمّى نفسه فيه «محمد بن عفاش»، وفي التعريف كتب مفتخرا «صفحتي الخاصة محمد محمد عبدالله صالح آل عفاش».

أما العقيد هيثم نجل اللواء محمد صالح الأحمر الأخ غير الشقيق للرئيس السابق وقائد القوات الجوية المقال فقد ترددت معلومات بأنه قاد مجموعة من المسلحين لمواجهة وتأديب أفراد من قوات الدفاع الجوي أثناء ثورتهم على والده قبل أشهر قليلة من إقالته رسميا.

وبحسب الوثائق الرسمية التي نشرتها إحدى الصحف مؤخرا، فإنه وفي 24 أكتوبر من العام 2004 تم إصدار قرار بتعيين الجندي هيثم محمد صالح الأحمر برتبة «الملازم أول» في القوات المسلحة.

وعلى ذكر الوثائق الرسمية، تظهر إحدى الوثائق أمرا صدر في 28 مارس من العام 2004 بترقية الرائد تيسير صالح عبد الله صالح إلى رتبة عقيد في القوات المسلّحة، وذلك بعد حوالي ثلاثة أشهر فقط من توجيه رئاسي بترشيحه للدراسة في كلية أركان حرب الولايات المتحدة الأمريكية.
-------------------------------------
نشرت في صحيفة المصدر اليومية العدد 225 السبت 5 يناير 2013

هناك تعليقان (2):

  1. مدونة رائعة مثل صاحبها .. وبما أنها تحوي معلومات هامة وقيمة فستكون من مفضلاتي ولن تنقطع زيارتي لها .. شكراً جزيلاً استاذ عبدالحكيم.

    ردحذف
  2. متشكر أخي العزيز زياد على المرور والتعليق..

    ردحذف