الأحد، 30 سبتمبر 2007

لا وقت للتلاعب بمصير البلاد


هكذا دائماً.. كلما حاول المجتمع السياسي اليمني بلوغ أجزاء مهمة – ولو كانت بسيطة- لحلحلة أوضاعه السياسية المقلقة.. يكون هناك دائما تصرفات تراجعية ينتجها الطرف المتخوف من تلك الإصلاحات السياسية.
الوقت المتبقي لإنقاذ البلاد -اليوم- لا يساعد على التلاعب وانتهاج سياسة المواربة واللف والدوران. البلاد اليوم في مفترق طرق.. إما التغيير عبر مزيد من تكثيف الثورات السلمية، أو الرضوخ لتنفيذ إصلاح سياسي توافقي ينقذ البلاد من انفجار تبدو مقدماته خطيرة ونتائجه كارثية..!!
اليوم لم تعد الحذلقة السياسية -التي دأبت على انتهاجها السلطة- مفيدة كما كانت قبل أن تسوء الأوضاع في كافة مناحي الحياة الداخلية والخارجية.. فلم يعد من الحصافة السياسية اليوم مثلا : الدعوة إلى حوار يتم التوقيع على مبادئه من قبل الأحزاب السياسية والسلطة، ثم تفرض شروطه ومواده من الأعلى على الجميع..!!
مبادئ الحوار التي اتفقت ووقعت عليها الأحزاب الممثلة في مجلس النواب، وأمين عام المؤتمر في يونيو الماضي يجب الالتزام بها من قبل الجميع وهو ما كان يفترض قبل إطلاق أية مبادرة ( تعديلات دستورية وقانونية ) عبر الصحافة والأعلام، دون أن يتم التشاور بشأنها أو الموافقة عليها من قبل كافة الأحزاب الموقعة على مبادئ الحوار التي تنص على هذا الأمر.
واليوم توجب السياسة الحكيمة وليست المتهورة، لجم جماح "التوسيح" اللاقانوني للصحافة الحكومية. على الأقل يجب ذلك من باب إشعار الآخرين بحسن نية محاولة "تطبيق القانون" الذي يفرض على مؤسسات الأعلام الحكومية تمثل موقف "الحياد"، ناهيك عن ضرورة تخليها عن الكذب والافتراء المحرم شرعاً وقانوناً.
اليوم.. ليس من النباهة أن تطبل وسائل الإعلام الحكومية لتوسيع رقعة الخرق أو العمل كـ"زيت" تزيد من نار الأشتعالات والأحتقانات..!! بل على العكس يفترض عليها أن تعمل كـ"ماء" يطفي تلك الأشتعالات. وما تفرضه السياسة الحكيمة اليوم أن تخبر رؤساء ومحرري تلك الوسائل - الذين يستلمون مخصصاتهم ومكافئاتهم المبالغ بها من قوت الشعب المغلوب على أمره – أن التقرب لرأس النظام بهذه القرابين الزائفة.. ليس هذا هو التوقيت المناسب له اليوم. ذلك وإن ليس أخذاً بالاعتبار ردة الفعل الغاضبة للشعب، بل على الأقل احتراما لمسمياتها(الثورة، الجمهورية، 22 مايو، 14 أكتوبر،26 سبتمبر..) التي حلت وتحل ذكراها علينا هذه الأيام. أما إن كان الأمر مرتبط بتقديس النظام القائم على حساب عظمة الثورة (التي جاءت لتقضي على الاستبداد وتغيير مفهوم تقديس الفرد والأسرة، إلى الجمهورية ورأي الشعب )، فإن الأمر بحاجة إلى إعادة نظر يشترك فيها كافة أفراد الشعب "سلمياً"، إن لم يكن هناك إنصاف عبر القانون.
قد يكون نظام اليوم متيقناً تمام اليقين أن لا مخرج لهذه الأزمات المتلاحقة إلا بالحوار الذي يفضي إلى تنفيذ إصلاحات حقيقية على أرض الواقع من شانها إعادة الثقة بينه والشعب.. غير أن طبعه المتقلب نتيجة تخوفه من زوال الامتيازات غير المشروعة التي يهبها لنفسه.. قد تكون سبباً رئيسياً في تصرفاته غير المعقولة، والتي قد تقود إلى ذات النتيجة التي يتخوف منها لكن مع دفع الثمن غالياً من قبل الوطن والشعب.
إن رفض أحزاب المشترك اللقاء برئيس الجمهورية – الاثنين الماضي – لم يكن هدفه الأساس رفض دعوة الرئيس، لوضعه في صورة الأزمة لوحدة، بل كما أكد بيان المشترك بأن هدف ذلك هو فرض احترام الحوار ومبادئه التي تم التوقيع عليها مسبقاً في يونيو الماضي. وحين أدرك المشترك اللعبة التي حاولت أطراف في السلطة فرضها عليه بتحويل اللقاء الودي الذي دعا إليه الرئيس إلى لقاء حوار مفتوح.. توجب على أحزاب المشترك رفض الدعوة احتراما للحوار ومبادئه.. من حيث الالتزام بشفافية الاتفاقات ووضوح الدعوة إليها مسبقاً حتى لا تنكسر الجرة من جديد، وتلام المعارضة – كما هي طبيعة النظام بتوجيه الاتهامات – وسيقال أن المعارضة كانت السبب في فشل الحوار.
إن ظروف اليوم توجب ضرورة التعامل مع الحوار كضرورة وطنية ليس فقط للخروج من أزمة الاحتقانات والجوع المتكالب على الضعفاء والفقراء اليوم، بل يجب التعامل معه باعتباره ضرورة حقيقية للمستقبل متمثلا مصلحة كافة الأجيال اليمنية القادمة. وليس كما تعكسه حقائق اليوم : أن النظام يسعى لتكسب مكاسب إضافية من هذا الحوار. وقد يبدوا جليا للمتابع أنه نظام يحاول أن يجعل من الحوار تكتيك سياسي يسعى من خلاله إلى قلب المعادلة لمصلحته، في الوقت الذي تأكد أنه متهم عبر سياساته الخاطئة –التي حذرت منها المعارضة مرارا- بقيادة البلاد إلى نفق مظلم بدأ الشعب يلمح مدخله من بعيد.
غير أنه ما زال بيد الحكماء في الحزب الحاكم أن يقدموا نصائحهم لحزبهم، وإن لم يستطيعوا عبر تكويناتهم الداخلية بسبب وجود طبقة مصالحيه سميكة تحول بينهم وبين صانعي القرار، فعليهم توصيل تلك النصائح عبر الصحافة الحرة والمستقلة كما فعل بعض إسلافهم.. وبالإصرار والاستمرار، بعيداً عن اليأس، تخبرنا التجارب أنه لا بد أن ينبلج ضوء الفجر وإن تأخر الليل قليلا.

---------------------
سبتمبر 2007

الاثنين، 24 سبتمبر 2007

في ذكراها الـ(45) .. أهداف الثورة اليمنية وتقييم خط توجهها الثوري


ضد الظلم والقهر والاستبداد، قامت الثورة اليمنية في 26 سبتمبر 1962م. وضد الظلم والقهر والاستبداد في أي مكان وزمان تقوم الثورات الشعبية.

لـ 45 عاما خلت تطورت الحضارة العمرانية بشكل كبير ومعها تطورت المفاهيم ربما بشكل أكبر. فالظلم الذي كان قبل 45 عاما يقوم به حاكم مطلق يحبس ويقتل وينكل لأتفه الأسباب أو بدونها أحياناً، تطور هو أيضاً ضمن سياقه التاريخي التقدمي.. بل أن الأنكى في هذا الأخير أنه يتم في ظل وجود قوانين وتشريعات يفترض أنه تم صياغتها للتخلص منه أو حتى التقليل منه. كما أن الاستبداد الذي كان نموذجاً لواقع الحال المعاش في أغلبه تحت سلاح سلطة أحتلالية جبرية خارجية تحاول الحفاظ به على بقائها، أم داخلية تجهيلية تقمع كل ما من شأنه أن يفضي الى إزاحتها.. هو الآخر تطور ليصبح مقتصراً -في الغالب- على الداخل، وإن تلبس – أحيانا- لباس الحرية والتقدمية، غير أنه أنتقل من مرحلة الفوضى الى مرحلة التنظيم المقيت والأكثر قهراً.

نجاح الثورات ليس فقط مجرد تنفيذ المرحلة الأولى منه وهو الانقلاب على الظالم المستبد فرداً كان أو أسرة أو نظام.. بل يحكم على نجاح هذه الثورة أم تلك بتحقيق الأهداف التي قامت على أساسها هذه الثورة وهو ما يسميه المفكر العربي مالك بن نبي بـ"خط التوجه الثوري" أي السير في اتجاه ما بعد الثورة وتحقيق أهدافها.
والثورة اليمنية التي قامت قبل (45) عاما على يد مجموعة متنورة من الثوار الأحرار قامت لتحقيق ستة أهداف سميت بأهداف ومبادئ ثورة الـ 26 من سبتمبر المجيدة. وإذا ما أردنا محاكمة تلك الأهداف والمبادئ للواقع اليمني بعد هذه المدة الطويلة فلن تسعفنا فترة ما بعد الثورة على مدى عقدين من الزمن لتكوين حكم منطقي عليها بسبب الاضطرابات التي لحقت بها طوال تلك المدة والتي تعاقب عليها خمسة رؤساء بعضهم لم تتجاوز فترة رئاستهم أيام والبعض أشهر ومنهم سنوات.. غير أن ما بعد تلك الفترة وحتى الآن هي المدى التي يمكن أحالة أهداف الثورة إليها لإدراك مدى تحققها أو جزء منها من عدمه لنستطيع الوصول الى تكوين راي أولي يساعدنا في الحكم على نجاح الثورة من عدمه أخذا بالقياس لخط مسارها وتوجهها الثوري الذي قامت من أجله بداية.

إن قراءة أهداف الثورة الستة وربطها بالواقع المعاش اليوم بشكل دقيق وبعيدا عن المجاملات ذات الطابع الوظائفي والتزلفي الذي يعد من أهم أسباب تقوقعنا في دائرة التخلف عن ركب دول مجاورة وغير مجاورة سبقتنا بأشهر أو سنوات، وبعضها تبعتنا بأشهر أو سنوات.. لوجدنا أن تلك الأهداف الستة ما زالت بحاجة الى جهد شعبي لفرض تنفيذ ما هو تحت الاستطاعة في الوقت الحالي.

قد تتباين الآراء حول مدى تحقق بعض تلك الأهداف بين يمني وآخر، ويظل هذا التفاوت محكوما بالفعل السياسي المسيطر بين السلطة والمعارضة. غير أن المراقب الخارجي للأوضاع اليمنية لاسيما أولئك الذين تفرض عليهم رقابتهم لهذه الأوضاع تقديم مصلحة للبلاد كالمساعدات والمنح والقروض حينما يرتبط هذا الأمر بعمل إصلاحات مشروطة.. حتما سيكون لهذا المراقب – في الغالب - تقييمه العادل، وإن كان هناك تفاوت أيضاً من جهة الى أخرى إذا ما وضعنا في الحسبان قضية تبادل المصالح التي لكل طرف فيها طريقته في الحساب ومراعاة النتائج.
وسيكون من الظلم والإجحاف القول أن اليمن لم تحقق إنجازات مشهودة طوال هذه المدة في مختلف ألأصعدة. غير أن هناك من يعتبر أن هذا التطور هو أقل بكثير مما يجب أن يكون في سياق الفترة التاريخية التطورية التي شهدها العالم  خلال النصف القرن الأخير. وأن أي نظام آخر توفرت له الظروف التي توفرت لهذا النظام، ربما كان - بوطنية مناسبة – سيقدم أكثر مما قدم للبلاد خلال هذه الفترة التي تطاول عمر جيل.

 الهدف الأول .. إزالة أم تكريس الفوارق الطبقية 
وحتى نكون دقيقين علينا أن نشير الى أهداف الثورة الستة هدفا هدفا للوصول الى معرفة نسبة نجاح الثورة قياساً بخط توجهها الثوري..  

بالنسبة للهدف الأول وهو "التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات". تشير التقارير الى نسبة نجاح لا بأس بها بالنسبة للشق الأول من الهدف، لكن معظم تلك التقارير تؤكد تحول البلاد الى فرض مزيد من الفوارق والامتيازات بين الطبقات، وتقول أن حوالي(10%) من الشعب يحصل على (80%) من الثروة. بينما يتصارع الـ(90%) على النسبة المتبقية من الثروة وهي(20%). ويتضح هذا الأمر جلياً من خلال الفرز الموجود في سلم وظائف الدولة حيث يزداد الأغنياء تصاعدياً من فوق درجة و كيل وزارة. بينما يزداد الفقراء تنازليا من عند نفس الدرجة. بل أن الأشد وضوحاً هو الفرز الجغرافي لهذه الفوارق والامتيازات الطبقية مثلا بين صنعاء والحديدة أو بين صنعاء ومناطق أخرى مثل أبين ولحج وغيرها..
  الهدف الثاني.. بناء جيش لحماية مكاسب الثورة أم لحماية النظام  
يؤكد الهدف الثاني على "بناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها ".
والواقع أن الجيش اليمني يتم بنائه بعيدا عن الوطنية التي يعنى بها الولاء للوطن..!! ومن عاما الى آخر يتضح أن كافة مؤسسات الجيش تتحول الى مؤسسات أسرية تسيطر عليها قيادات أسرية/عصبوية/قبلية. وهي بذلك تنحرف عن هدف الثورة لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها الى حماية أسرة واحدة وحراسة مكاسبها. وقد أصبح اليوم لا يخفى على أحد أن كافة مفاصل القوات المسلحة والأمن الإستراتيجية الهامة  يقف على رأسها أحد أبناء الرئيس أو أبناء عمومته أو أولاد أبناء عمومته أو أحد أفراد الأسرة وصولا الى المنطقة والقبيلة. بل أن الرئيس نفسه كلما شعر بخطر الشعب تجاه سياسة حكومته ونظامه يلجأ الى تثوير وتحريض هذه المؤسسات ضد الشعب والأحزاب والصحافة. والتي كان أخرها الخطاب الذي ألقاه قبل أسابيع في إحدى الكليات العسكرية وحرض فيه المؤسسة العسكرية ضد المعارضة بشكل واضح.
 الهدف الثالث .. رفع مستوى الشعب اقتصاديا .. الخ
يسعى الهدف الثالث من أهداف الثورة المجيدة الى "رفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً وثقافيا".
أياً كانت الأسباب فالسير بعكس هذا الهدف  هو الواقع الذي تعيشه البلاد، سيما الجانب الاقتصادي ويمكن أن يكون الجانب الثقافي أيضاً ولكن بنسبة محددة. ونشير هنا الى آخر تقرير أمريكي صدر حديثاً عن الكونجرس الأمريكي، وهو بصدد مناقشته تقديم دعم لليمن عبر صندوق تحدي الألفية.. يشير التقرير الى اليمن قائلا "..  بمصادرها الطبيعية المحدودة، ونسبة الأمية الكبيرة، والنمو السكاني المرتفع، تواجه اليمن مصفوفة تحديات تنمية مرعبة، فبعض المراقبين يعتقدون أنها واقعة تحت خطر أن تصبح دولة فاشلة في العقود القليلة القادمة. ويضيف التقرير"..حالياً، هي مصنفة في المرتبة 151 بين 177 بلدا في دليل الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية، وهي مرتبة قريبة من أفقر البلدان الصحراوية الأفريقية، إذ أن أكثر من 43 % من السكان يعيشون دون خط الفقر.."..!! أما بالنسبة للجانب الثقافي يمضي التقرير قائلا "..في اليمن تصل نسبة المتعلمين الى 49 % للذكور و33 % للإناث. وطبقاً لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، فإن ثلث الأطفال اليمنيين لا يذهبون المدرسة الابتدائية، وسيصل الاحتياج الى أكثر من عشرة آلاف مدرسة جديدة في السنوات القادمة فقط.."..!!.

بهذا الخصوص قد يكون ماتحقق مناسباً، غير أن الحديث عن مثل هذه الفوارق في التعليم ينسب غالباً للدول المتخلفة جداً إذ أن الحديث عن ضعف التعليم هذه الأيام يعد من الأمور المهينة في العالم..!! في وقت يتحدث فيه العالم عن محو في أمية الحواسب الألية.
 الهدف الرابع .. إنشاء مجتمع ديمقراطي..
يتجه هذا الهدف نحو "إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف".

لن نتمدد كثيرا في هذه النقطة بحكم غياب توفرها فعلياً وليس نظرياً. برغم ما يشار الى أن بلادنا تعد البلد الديمقراطي من بين دول المنطقة المجاورة. سنشير هنا الى ما استخلصته الباحثة الأسترالية سارة فليبس في تقريرها الأخير المقدم الى مؤسسة "كارنيغي" في فبراير 2007م، حول تقييم الإصلاح السياسي في اليمن.. وخلصت فليبس الى أن "التغييرات التي تحققت في اليمن منذ العام 1990، لا تمثل عملية انتقال واضحة وصريحة نحو الديمقراطية، إلا أنها تتضمن عناصر من أنماط متعددة وعريضة مماثلة لها من التغيرات السياسية في العالم العربي، حيث تتسنى فرص مفتوحة وتعددية تبقى تحت السيطرة، وأنظمة يواصل تحملها، وكل هذه الأنماط تكون بمثابة عمليات مترابطة، وحيث غالباً ما تعقب فترات تخفيف حدة السيطرة، فترات من قمع الحريات..".

 وكما تحدثت بعض التقارير الدولية عن الديمقراطية اليمنية بشكل جيد قصد به التشجيع لاستمرارها على ما هي عليه من تخلف.. إلا أن الكثير من تلك التقارير أيضا أنتقد بوضوح هذه الديمقراطية ووصفها بالضعيفة وأتهمها بأنها فقط مستمرة بضغوط دولية بغرض التحصل على المساعدات التي تقدم للدول التي تقدم إصلاحات في الجانب الديمقراطي.

وأي يكن الأمر فإن الديمقراطية في بلادنا لا يمكن تجاهل وجودها لكن مع وجود تلك الممارسات    
 التي تشوهها وغالبا ما تنتج من قلق النظام على فقدان السيطرة عليها والخروج من خلالها الى خارج السلطة.
 الهدف الخامس.. الوحدة الوطنية
يتجه الهدف لـ"العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة".

ربما كان ت الجزء الأول من هذا الهدف هو الذي تحقق بشكل واضح وعكس ما يمكن الافتخار به بين العالم. غير أن الممارسات المتهورة والخاطئة منذ ما بعد حرب صيف 1994م، أوصلت هذا الهدف وبعد (17) عاما من الوحدة، الى أن يصبح مهدداً ويخشى على ثباته واستمراره بعد الأحداث الأخيرة وظهور أصوات جنوبية تنادي بالانفصال. الأمر الذي يعيد الحديث عن مدى استقرار الوحدة بعد أن كان الحديث عن ذلك من المحرمات. وبعيداً عن أسلوب التخوين والتخويف وكيل الاتهامات فالأمر قد تعاظم وأصبح يستحق النقاش وتصحيح ألأخطاء التي تطال الوحدة من أي طرف كان. وليس هناك طرف معصوم حتى وإن كان يمارس الخروقات الوحدوية بشكل غير مباشر. وطرف آخر تكال اليه الاتهامات دائماٍ حتى وإن كان يتحدث ويطالب بحقائق أعترف بها مؤخرا بعض أقوياء النظام.

وبوجه عام فإن هذا الهدف السامي المتحقق من أهداف الثورة مهدد بأن يتحول الى هدف يسعى لتحقيقه مرة أخرى إذا لم تتصرف الحكومة بعقلانية وتوازن بعيداً عن التحدي وأسلوب القوة والجبر والقهر والاستبداد الظالم.
  الهدف السادس.. احترام المواثيق الدولية..    
يعد هذا الهدف هو الأخير من أهداف الثورة السبتمبرية المجيدة، وهو أيضا من أطول الأهداف صياغة وأصعبها تحقيقاً. يدعو الهدف الى " احترام مواثيق ألأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الايجابي وعدم الانحياز والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم".

غالباً ما توصف بلادنا بأنها من أكثر البلدان مصادقة على المواثيق والعهود الدولية، لكنها من أقل البلدان عملا بها. تكاد تسمه هذه العبارة في كل مؤتمر أو ندوة تتحدث عن حقوق الإنسان والحرية العامة وحرية الرأي والتعبير والمرأة والطفولة ووو.. ألخ.

وهنا نضرب مثلا بسيطاً، حول قانون الصحافة النافذ أو مشروع القانون الجديد.. أظهر بعض القانونيين مخالفات عديدة لموادهما تتعارض مع بعض تلك المواثيق والعهود الدولية التي صادقت عليها بلادنا. ولن نطيل كثرا في هذا الجانب ويكفي لمن يريد المواصلة أن يطلع على مواد القوانين اليمنية ويقارنها مع تلك العهود والمواثيق. ومدى تطبيقها واحترامها على أرض الواقع.   

أما بالنسبة لمبدأ الحياد الايجابي، فإن السياسية الخارجية لبلادنا أنهكت اقتصادنا بسبب عدم السير على هدى هذا المبدأ في كثير من الأحيان. وهي حتى ألآن تعمل جاهدة على ترميم وترقيع بعض تلك السياسات المتهورة التي تم اتخاذها على مبدأ المحابة والمجاملة والصداقات الثنائية..!!

ولعل الشطر ألأخير من هذا الهدف هو الشيء الوحيد الذي تحشر بلادنا أنفها فيه حتى وإن تقدم نفسها مسخرة للعالم. مثل تقديمها مبادرات دولية لإصلاح الأمم المتحدة والجامعة العربية، القوانين النووية والمصالحات بين المتحاربين وغيرها من الأمور التي تسعى بلادنا من خلالها الى تحقيق هذا الهدف من خلال أقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم. 
  وأخيرا.. ضرورة تقييم خط التوجه الثوري
تلك هي أهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر.. نجد في كل واحد منها اختلالات تنفيذية تدعونا الى مراجعة ما يمكن وصفه بنجاح الثورة اليمنية ضد الظلم والقهر والاستبداد وتبعاتها من مخلفات الأمامية البائدة. وينطلق حكمنا هذا على قاعدة النظر في "خط التوجه الثوري" للمفكر مالك بن نبي. الذي يفرض على الشعوب متابعة ومراقبة هذا الخط من الانحرافات التي قد تطاله أثناء السير في طريق ما بعد الثورة. وهذا ما نحن اليوم بحاجة ماسة اليه تقييما وتجذيراً لبناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون.

--------------------
سبتمبر 2007


السبت، 1 سبتمبر 2007

اليمن.. حركة الشارع والبحث عن الحقوق






حصل اليمنيون - نتيجة ضغطهم الميداني عبر الإعتصامات والمظاهرات التي شهدتها البلاد خلال الشهرين، الماضي والحالي - على بعض الحقوق التي ظلوا ينادون بها طوال سنوات خلت.
فعقب إعتصامات المتقاعدين في المحافظات الجنوبية عمل الرئيس على إصدار قرارات مختلفة من شأنها امتصاص الغضب الشعبي في تلك المناطق، وشكل لجان ميدانية وأرسل الوزراء والمسئولين لذات الغرض. وإن كان الأمر ما يزال طور المراوحة والمجاذبة بين الواقع وتلك الأوامر إلا أنها دلت على أهمية التحرك الشعبي السلمي لنيل حقوقه.
وخلال هذه الفترة حصل الموظفون والمواطنون بشكل عام على وعود رئاسية ووزارية ومحلية في تنفيذ بعض الإصلاحات، ففي تعز ونتيجة لإعتصامات المواطنين التي دعا إليها المشترك، وعد محافظ المحافظة بإصلاح الكثير من الأمور والتي كان على رأسها مشكلة الماء وهي المشكلة التي يعاني منها أبناء محافظة تعز منذ سنوات ولم يلق لنداءاتهم استجابة طوال عقد من ظهورها.
وقبيل ثلاثة أيام من تنفيذ المنظمات والنقابات المحلية لاعتصامها السبت الماضي - في نفس المحافظة - وجه الرئيس، الحكومة بصرف المرحلة الثانية من استراتيجية الأجور خلال مدة أقصاها أكتوبر القادم، وهي المرحلة التي كان يجب تنفيذها قبل مطلع هذا العام بحسب الاستراتيجية نفسها بحيث كان يجب أن ينتهى من المرحلة الثالثة هذا العام، إلا أن شيء خير من لاشيء.
ليس هذا فحسب، بل أن الضغط الشعبي جعل الرئيس يوجه بصرف ملياري دولار من الاحتياطي من أجل إصلاح الكهرباء وعمل مشاريع للعاطلين عن العمل. وإن كان هناك من يعتقد أن هذه الإجراءات والتوجيهات والقرارات ستكون مثل كافة القرارات السابقة التي تعود الشعب اليمني عليها، إلا أن استمرار الرقابة الشعبية والضغط عبر استخدام الوسائل السلمية من شأنها أن تحرج النظام أو تصل به إلى نهاية المطاف الذي يجب أن يصل إليه كل نظام يكذب على شعبه ويذيقه الويلات من الفقر والجوع والمرض في الوقت الذي يزداد فيه الفساد استشراء ويقدم أشخاص وأسماء وأساليب جديدة تضاف إلى القائمة السابقة.
على أن المعلوم والذي لا يخفى على أحد، أن بداية إصدار القرارات الإصلاحية أو لنقل الاستدراكية نتيجة لهذا الضغط الشعبي ستكون نهايته (أي تنفيذ تلك القرارات على أرض الواقع) مرتبطاً بنفس الضغط واستمراريته على نفس النسق وفي ذات الاتجاهات.
إن القرارات الأخيرة للحكومة والمتمثلة إما بصرف راتب إضافي للموظفين أو بإمهال الجهات المتخلفة عن نقل موظفيها إلى هيكل الأجور إلى نهاية هذا الشهر، أو غيرها من التي سمعناها وسنسمعها تباعا لا تكفي لأن تسكت غضبة المواطن والموظف المكتوي بنار سياسات خاطئة طالما حذر المتخصصون من نتائجها.. بل يجب أن يتلو ذلك تنفيذاً حقيقياً على أرض الواقع، مالم فإن العواقب ستكون وخيمة. فالشعب أصبح يدرك جيداً أن مزيداً من التغاضي والسكوت عن حقوقه ستؤدي إلى مزيد من انتفاخ الفاسدين وتجبر الظلمة على حساب عدد المجانيين من الشعب الذين يزداد عددهم كل يوم إلى الشارع، وعدد المنتحرين وعدد الأطفال في الجولات وعدد الباحثين عن عمالة في الخارج وغيرها من النتائج التي يدركها الناس ويعيشونها كل يوم.. ومن كل ذلك كان على من صحت ذاكرتهم وأدركوا أن هذا مصيرهم أن يستمروا في ضغطهم لاستعادة وطنهم الذين ظلوا يحلمون به طوال عقود بعد قيام الثورة اليمنية.

---------------
سبتمبر 2007