الخميس، 2 ديسمبر 2010

فريدمان” في اليمن.. هل ستحل بنا الكارثة قريباً؟



المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
الصحفي الأمريكي الشهير توماس لورن فريدمان في اليمن. مثل هذا الخبر يجب أن يكون له قيمته السياسية قبل الإعلامية. فالرجل يعد أحد صناع السياسات الأمريكية، إلى جانب كونه أحد أشهر الصحفيين في أمريكا والعالم. تربطه علاقة مباشرة بالرؤساء وزعماء العالم، ويتصل مباشرة بالرئيس الأمريكي باراك أوباما ليتجاذب معه أطراف الحديث، وأحياناً: النكت الظريفة حول الشرق الأوسط.
قبل أن نشرع –هنا- في الحديث عن نوعية الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا الصحفي الكبير والمؤثر في اليمن من خلال ما سينقله في كتاباته المتابعة على مستوى العالم، والتي لها وزنها لدى الساسة الإمريكان، سنقوم هنا بسرد بعض من سيرة الرجل وحياته أملاً في تقديم صورة واضحة تساعد القارئ على تقدير الأهمية التي يقف عليها.
* * *
من هو فريدمان؟
يعمل الرجل حالياً في صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية الشهيرة. متخصص بالشأن الدولي، وبالشرق الأوسط أكثر من غيره (حاصل على ماجستير من كلية سانت انتوني بجامعة اكسفورد البريطانية في الدراسات الشرق الاوسطية). كتب افتتاحيات الـ "نيويورك تايمز" لعدة سنوات، وتنشر مقالته في أكثر من مائة جريده في العالم، (تلك التي تتعامل مع خدمة نيوزويك للتوزيع). وبلغت عالميته أن أصبح قلمه ذا تأثير بالغ على مستوى العالم بما فيه العالم العربي. حيث تنشر عموده عدة صحف عربية أهمها صحيفتي الشرق الأوسط – الصادرة من لندن – والإتحاد الإماراتية.
ويصف الكاتب والمفكر الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، في إحدى مقالاته، تلهف المسئولين العرب للتواصل مع هذا الكاتب الشهير، قائلاً: "فرغم أن فريدمان صهيوني معتز بصهيونيته، عاشق لإسرائيل رغم مساوئها كما يقول في كتابه "من بيروت إلى القدس" .. فإنه ملء سمع وبصر المسؤولين العرب، فهذا وزير الإعلام الكويتي يطارده بالهاتف في محطة المترو ليخبره بأنه (أي معالي الوزير شخصيا) يوزع مقالاته على الصحفيين المحليين ليترجموها إلى العربية، وهذا الملك عبد الله في الأردن يستدعيه في بيته لدعوة أسرية، وينبهه إلى خطورة المؤسسات الخيرية الإسلامية ودورها في الإرهاب، وذاك وزير الإعلام السعودي يتصل بالهاتف ليعتذر له عن كلمة لأحد الصحفيين السعوديين أشار فيها إلى النفوذ اليهودي في أمريكا.. واللائحة تطول.." (جزء من مقال للشنقيطي نشر في العام 2002).
درس فريدمان اللغة العربية في القاهرة، لكنه لم يكمل تعلمها. وبدء مشواره الصحفي الحافل بالعمل مع وكالة «يو.بي.اي» الأمريكية في لندن. ثم مراسلاً لـ"نيويرك تايمز" في أواخر السبعينات ومطلع الثمانينات في بيروت (غطى الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982)، ومن ثم انتقل إلى مدينة القدس المحتلة، حيث عمل مديراً لمكتب الصحيفة هناك حتى عام 1989، عاد بعدها الى أميركا وعمل في مناصب عدة في مجلة "التايمز"، من ضمنها مراسلاً لدى البيت الأبيض. وفي عام 1995 تحول إلى كتابة المقالات، حيث أصبح له عمود ثابت منذ ذلك الحين في صحيفة النيويورك تايمز، ويعد عموده من أشهر الأعمدة على مستوى العالم. فهو ومن أجل ذلك العمود – الذي يوصف أنه أشبه بتقرير- يجوب العالم من أقصاه إلى أقصاه. واشتهر عموده بشكل أكبر بعد كشفه مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز – ملك المملكة العربية السعودية – تلك المبادرة التاريخية للسلام مع الإسرائيليين.
إلى جانب كونه صحفياً متميزاً ولامعاً(حصل على جائزة بولتزر عام 1983 عن تقرير له عن لبنان، وجائزة بولتزر عام 1988 عن تقرير له حول إسرائيل)، فهو رجل مثير للجدل، واتهم من قبل الكثير من العرب بتحيزه الواضح لإسرائيل، ومع ذلك فله منتقدوه من الأمريكيين أيضاً بسبب بعض أفكاره وكتاباته. ولعل أكثر ما انتقد بسببه هو تأييده للحرب الأمريكية في العراق، وحشده الأصوات في حملة الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الحرب. ‏
وبالإضافة إلى تخصصه في شئون الشرق الأوسط بدرجة أولى، يعتبر الرجل أحد أهم منظري "العولمة"، وله في ذلك مؤلفان شهيران. الأول تحت عنوان: "لكزس وشجرة الزيتون: فهم العولمة"، والآخر "العالم مسطح" والذي يعتبر آخر مؤلفاته حتى اليوم.
عقب أحداث 11 سبتمبر، اشتهر كتابه المعنون بـ " استكشاف العالم بعد الحادي عشر من سبتمبر". ومنذ ذلك الحين ركز في كتاباته على نقد المملكة العربية السعودية، حيث كتب سلسلة مقالات في "نيويورك تايمز" تنتقد السعودية، والأسرة المالكة بالذات. وذلك من منطلق أن خمسة عشر من مختطفي الطائرات ومفجريها (يتهمون بقتل ثلاثة آلاف من بني جلدته) هم ممن ينتمون إلى المملكة.
إن تلك الكتابات، يعتقد أنها أثرت كثيراً على السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، بحسب بعض المتابعين. ويستشهد هؤلاء بالنتيجة النهائية التي انتهت إليها تلك السياسة من خلال تغيرها بشكل واضح في بعض المناحي. لعل أبرز الشواهد: حصوله هو شخصياً – أثناء زيارته للسعودية مطلع العام 2002 – على مايصفه "استعداد السعودية لتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية". حيث يقول في كتابه عن أحداث 11 سبتمبر " أما أنا فيكفيني أني ساعدت على استصدار إعلان من قائد المملكة العربية السعودية – أهم دولة مسلمة في العالم – يعبر فيه لأول مرة عن استعداده لتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية.."
* * *
لماذا اليمن؟
إن حضور رجل بهذا الحجم وذلك الوزن من العيار الثقيل إلى اليمن المثخنة بالجراح، يجعلنا لا نفوت التساؤل حول المغزى من حضوره. والسؤال الأول الذي تبادر إلى ذهني هنا: هل حضر الرجل إلى اليمن بتكليف إداري من إدارة الصحيفة، أم بطلب أمريكي، أم برغبته الشخصية؟
على الأرجح أن الإجابة هي الأخيرة. أو لنتعامل مع الأمر على هذا النحو، استناداً إلى ما جاء في كتابه حول هجمات 11 سبتمبر، حيث يؤكد ذلك بقوله: "أنا الذي أقرر متى أسافر، وإلى أين أسافر، وأتمتع بحرية كاملة في اتخاذ أي موقف أريده حول أي موضوع أختاره".
إذاً.. لنقل أن أحداث اليمن الأخيرة، منحت الكاتب – الذي يقف على ميزانية غير محدودة في سفرياته – رغبة في اتخاذ قرار بأول زيارة له إلى اليمن. وفي أول مقال له منذ وصوله اليمن - مطلع هذا الشهر– أكد فريدمان ذلك، بقوله: "لم يتردد رئيس الوزراء اليمني السابق عبد الكريم الإرياني في التعبير عما كان يدور في خلده عندما وصلت إلى منزله في صنعاء للعشاء: "إذاً، يا توماس، هل احتاج مجيئك إلى هنا في نهاية الأمر إلى النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب؟". واعترفت بأن هذا صحيح..". يقول فريدمان
لكنه مع ذلك بالغ كثيراً حين قال "..قررت أن أرى اليمن رأي العين مباشرةً. واعترفت أيضا للإرياني: "كنت قلقاً إلى حدٍ ما في مجيئي إلى هنا. توقعت نصف توقع أن يستقبلني عند أسفل سلم طائرة الخطوط القطرية التي حملتني أسامة بن لادن نفسه". وهي مبالغة لا تعكس جهل الرجل بما يدور في اليمن باعتباره متخصصاً بالشأن الخارجي، بقدر ما تعكس مفهوم المبالغة ذاتها توخياً لروح النكتة التي يتمتع بها، عكساً على ما ينقل عن اليمن من مبالغات في العالم الخارجي.
لكن ومع ذلك، فالرجل يحاول المحافظة على سمعته الصحفية رغم ترديها كثيراً في العالم العربي والإسلامي على وجه الخصوص، بسبب حرب العراق ومحاولاته المكثفة لفرض السلام العربي الإسرائيلي بشكله غير العادل من خلال حرصه الشديد على اختيار الكلمات المناسبة، فهو في المقال المعنون بـ "بطاقة بريدية من اليمن" يتوصل إلى النتيجة التالية " لكن من حسن الحظ أنني وجدت أن صنعاء ليست كابول وأن اليمن ليست افغانستان أو هي ليست مثلها حتى الآن".
ليس من الجيد الغوص في تحليل تلك العبارة، وحملها من التفسيرات أكثر من اللازم، غير أني أعتقد أن مثل هذا الأمر كان لزاماً علي، لو لم يكن الكاتب هنا صحفي مثل فريدمان، بحنكته ودبلوماسيته وقدرته الحريصة على انتقاء الكلمات لتصب في جميع الاتجاهات. بدت العبارة هنا أكثر وضوحاً أنها أرادت مزج شيئين في شيء واحد، بحيث تستوي معه عملية التوافق وكسب جميع الأطراف. فهو في الوقت الذي أراد فيه أن يشعر أصدقاؤه ومستضيفوه من الجانب الحكومي بإيجابية ما توصل إليه من أن اليمن ليست مثل أفغانستان، عكساً على ما استقاه منهم. إلا أنه لم يرد أن يغلق الباب على مثل تلك النتيجة فقط، حرصاً منه أيضاً على أن لا يغرد خارج السرب الدولي، والأمريكي تحديداً، بقوله "أو هي ليست مثلها حتى الآن" بما يفهم أن هناك مؤشرات قد تؤدي حتماً إلى تلك النتيجة في وقت لاحق!
* * *
إذن: ما الذي يمكن أن يقدمه الرجل بدرجة أساسية لإدارته الأمريكية من خلال هذه الزيارة، وبدرجة تالية لجمهوره من القراء في العالم، ومن ثم -إن افترضنا أن يحدث ذلك- لليمن؟
علينا أن نتمثل الواقعية بعيداً عن مدى إعجابنا بقلم الرجل ومكانته وذلك بالنظر إلى تلك الميزانية المفتوحة المتاحة له للسفر حيثما يشاء ووقت ما يشاء. والتساؤل: هل يمكن أن يصرف رجل مثل فريدمان وقته وأموال صحيفته ليكتب مجرد بطاقات بريدية تتوخى المجاملة لأصدقائه ومستضيفيه، دون أن يقدم تشخيصاً مناسباً ودقيقاً للأوضاع التي تمر بها اليمن؟ لعل السؤال له ما يسنده، مع ما توليه الإدارة الإمريكية، ومعها أوروبا والعالم، من اهتمام بما يحدث في اليمن، وخصوصاً بعد زخم الأحداث الأخيرة التي عكست تهديداً عالمياً من تنظيم القاعدة في اليمن.
للرجل علاقات واسعة مع كبار المسئولين في معظم دول العالم، وفي اليمن تربطه علاقة قديمة بالدكتور عبد الكريم الإرياني. وربما كان في استقباله الزميل الخلوق فارس السنباني –أحد سكرتارية الرئيس اليمني في الجانب الإعلامي، ورئيس تحرير صحيفة يمن أوبزرفر– الأمر الذي قد يفسره البعض على نحو من الاقتصار على تدفق المعلومات من طرف واحد. لكن ذلك قد لا يتناسب -إلى حد ما من وجهة نظري– مع شخص مثل فريدمان، وإن شكك البعض من جهة أن للرجل علاقة بالعمل السياسي أكثر من كونه إعلامياً خالصاً.
وقد يمكن استشفاف ذلك من خلال ما جاء في مقالته –سابقة الذكر عن اليمن– وحديثه عن القاعدة وتطرقه إلى جوانب الضعف في الحكومة اليمنية. قال "يمكن تشبيه القاعدة بالجرثومة التي يوحي ظهورها بين الملأ على أن هناك خطأ في نظام الحصانة في البلاد. وهناك أشياء خاطئة في اليمن. فهناك حكومة مركزية ضعيفة في صنعاء تحكم على مجموعات مختلطة من القبائل القروية مستخدمة اسلوباً ارتجالياً من الحماية والتعاون والفساد والقوة".
حتى أنه أضاف أيضاً "وهناك مساحات واسعة من البلاد تظل خارج إطار السيطرة الحكومية، وخاصة في الجنوب والشرق، حيث وجد ما بين 300 إلى 500 من مقاتلي "القاعدة" مأوى لهم. ومع ذلك تمكنت هذه "الطريقة اليمنية" من الإبقاء على تماسك البلاد ودفعها إلى الأمام بحذر رغم الحركات الانقصالية في الشمال والجنوب. إلا أن ذلك الأسلوب العتيق والتسارع في تحقيق الأشياء لم يعد بإمكانه أن يسابق الخطوات السلبية". كما قدم معلومات وإحصائيات أخرى وردت في المقال بما فيها الحديث عن شحة المياه. أضف إلى ذلك إيراده عدة مجاملات لبعض الصحفيين الذين التقاهم في منتدى الإعلاميات اليمنيات، وطبع مجاملة أخرى لرئيسة المنتدى وموظفاتها..
لكن مرة أخرى: هل ذلك ما تنتظره منه صحيفته وأمريكا، قياساً على ما ينتظر منه من معجزات؟ هل هذا هو فقط: مجرد معلومات قديمة ملت منها الصحافة والتقارير الغربية. وبضعة مجاملات! قطعاً لا. ولا يمكن أن يكون الأمر على هذا النحو.
* * *
لماذا علينا أن نشكك ببساطة الأمر؟ ولماذا تتملكنا رغبة عارمة في الحديث عن أن ما يجب أن يقدمه الرجل يجب أن يكون شيئاً آخر.. شيئاً أكبر، ربما بمستوى ماهو مطلوب منه دائماً كصحفي مرموق ومؤثر.
الواقع أن خلفية الرجل، ومكانته وأفكاره ومواقفه، هي من تجعلنا في موقف التشكيك. أتصور أن ذلك المقال الأول لم يكن سوى المقال المطلوب منه – شخصياً- بداية للجانب اليمني. وأنه سيقدم سلسلة مقالات حول اليمن تتعرض لنظرته القادمة عما يجب على أمريكا القيام به هنا في هذا البلد الذي يتمنى أن تزوه ابنتاه الوحيدتان.
في الحقيقة لقد بدأ ذلك بالفعل. فقد تلى ذلك المقال بآخر، كان أكثر وضوحاً، وإن لم يكن بالمستوى المطلوب منه بعد. ففى مقال كتبه بتاريخ 9 من الشهر، تحت عنوان "الأمر كله يتعلق بالمدارس" دعا فيه بلده (الولايات المتحدة الأمريكية) "لبناء المدارس والاهتمام بالنظام التعليمى فى اليمن للحيلولة دون تحول هذه الدولة الفقيرة إلى ملاذ جديد آمن لتنظيم القاعدة".
إذن ربما بدأ بالحديث عما هو منتظر منه. وإنها – بداية - لفكرة جيدة، وجديدة لم تتطرق لها التقارير الغربية بعمق. تلك التي ركزت كثيراً على ضعف النظام، وفساده، والتركيبة الاجتماعية المعقدة.
وهو يعتقد أن هذه الطريقة – التركيز على التعليم - "ستكون ذات تأثير أكثر إيجابية من الصواريخ التى تقصفها أمريكا ضد معاقل القاعدة فى اليمن". لماذا؟ ألا يؤمن فريدمان بالقوة في مواجهة التطرف الإسلامي؟ قد تتسائلون!
الجواب: لا، ليس كما تعتقدون. فالرجل عرف بتمجيده للقوة في حسم الأمور لمصلحة أمريكا. وهذا ما يؤكده قوله "إن واشنطن يجب أن تبنى 50 مدرسة جديدة تدرس العلوم والرياضيات والتفكير النقدى للطلاب من البنين والبنات، مقابل كل صاروخ ضد القاعدة". وهنا عليكم أن تضعوا ثلاثة خطوط حمراء تحت كلمة "مقابل كل صاروخ ضد القاعدة". إنها دعوة واضحة لإشراك أمريكا في الضربات العسكرية ضد القاعدة، لكن تلك الدعوة غلفت بدعوة أخلاقية: الاهتمام بالتعليم وبناء المدارس. عليكم ربط ذلك بخلافات الصقور والحمائم في الإدارة الأمريكية حول ضرورة التدخل الأمريكي باليمن من عدمه.
هاكم أيضاً، اقرأو ما جاء في المقال، يقول: "إذا تقيدنا بصرامة بهذه النسب بحيث كان عدد الحضانات ورياض الأطفال التي نفتتحها مساوياً لعدد عمليات ‏القتل والاستهداف فإن لدينا فرصة لمنع اليمن من أن يتحول أرضاً لتفريخ القاعدة‏". إنه لا يتورع عن كتابة ألفاظ مثل "القتل والاستهداف" بل باتت تخرج منه كأنها أمور عادية، بل وضرورية.
ومع ذلك فتركيزه على التعليم يدخل أيضاً في إطار أفكاره المتعلقة بتجفيف منابع الإرهاب. إذ يعتقد فريدمان أن نظام التعليمفي العالم الإسلامي يأتي كأحد الأسباب المهمة في صناعة آلة الإرهاب. ولنأخذ مثلاً بعضاً من سلسلة مقالاته التي هاجم فيها المملكة العربية السعودية عقب أحداث 11 سبتمبر 2001. وفي هذا المضمار، يقول الشنقيطي في مقالته التي أشرنا إليها في مقدمة المقال (نشرت في 2002): "بدأ فريدمان حملة عنيفة على السعودية بعيد هجمات 11 سبتمبر 2001، وكتب سلسلة مقالات في "نيويورك تايمز" تطعن في السعودية دولة ومجتمعاً، سياسة وثقافة، مع نقد لاذع للأسرة المالكة بالذات. أحد هذه المقالات عنوانه "عزيزتي العربية السعودية"، وهو في شكل رسالة خيالية إلى صالح الشيخ الوزير السعودي للشؤون الإسلامية من الرئيس جورج بوش، باعتباره أول رئيس أمريكي يرغب في أن يكون صديقاً للسعودية لا مجرد زبون لها" (سلسلة المقالات بما فيها الرسالة نشرت جميعها في كتابه حول هجمات 11 سبتمبر - ص129).
ويضيف الشنقيطي: تدعو الرسالة الوزير السعودي إلى إعادة النظر في البرامج الإسلامية المقررة في المدارس والجامعات السعودية، لأن "عصر الترابط الدولي الذي جعل الأفراد قادرين على امتلاك أسلحة الدمار الشامل يجعلنا بحاجة إلى تأويل لتعاليم الإسلام بما يخدم التسامح والسلم"(ص128).
ولنترك جانباً حديثه عن النسبة والتناسب فيما يتعلق ببناء المدارس مقابل الضربات الصاروخية الأمريكية ضد القاعدة. فإذن تلك هي الفكرة الجديدة التي تفتق عنها ذهن الكاتب الأمريكي الشهير: في البداية ضرورة الاهتمام بالتعليم، وصولاً إلى ضرورة تغيير المناهج، بحذف الأفكار المتطرفة منها. في الحقيقة لقد انتشرت في الآونة الأخيرة – خلال السنوات الخمس الأخيرة تحديداً – أخبار عن توجه سعودي لتغيير المناهج، للتخفيف من حدة تطرفها. ونشرت بعض التقارير الغربية - الأمريكية تحديداً - تضمنت دراسات وأفكار ومعلومات حول عملية التغيير تلك وأهميتها.
بالعودة إلى اليمن، يقدم فريدمان في مقالته حول التعليم خلفية حول نظم التعليم في العالم العربي وما آلت إليه، يقول: "ولا غرو في ذلك، فبدءاً من السبعينات كان الاتجاه في اليمن والمغرب ومصر والخليج الفارسي، كما يوضحه ‏البروفيسور في جامعة الرباط "الحسن حداد" والخبير في الحكم وأنظمة الإدارة الدولية والمتعاقد مع الحكومة ‏الأمريكية، يتمثل في أسلمة التعليم كوسيلة لمحاربة اليسار ومناصري الشيوعية بمباركة الولايات المتحدة". ثم في ‏العام 1979 بعد أن هُزت العائلة المالكة في السعودية بهجوم في مكة شنه متطرفوها الوهابيون، قرر النظام ‏السعودي أن يتقي غضب الوهابيين عبرإطلاق العنان لهم لأسلمة التعليم والحياة الاجتماعية في السعودية ودول ‏الجوار".‏. ضعوا خطاً تحت كلمتي "دول الجوار".
وعليه يؤكد: "عندما ذهبت لرؤية الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قال لي في لحظة تأمل "أتمنى أن ينتهي سباق الجيوش هذا ‏ونستعيض عنه بسباق نحو التنمية".‏ على أن فريدمان – وله الحق في ذلك – يعتقد أن تلك التنمية يجب أن تبدأ أولاً بالتعليم. حيث يرى أن "هذه هي الوسيلة الوحيدة التي سيكون فيها لليمن مستقبل. لذا، أجل، فلنقاتل هؤلاء الوحوش أينما كانوا، لكن ‏فلنساعد على بناء مدارس وتمويل منح لأمريكا قدر المستطاع". ومخاطباً إدارته الأمريكية يقول "وأرجوكم، أرجوكم، فلننه إدماننا على النفط، ‏فهو ما يمنح وزارة الأوقاف السعودية والجمعيات الخيرية المال لنشر التفكير المناهض للاعتدال في المنطقة".‏
* * *
ربما كانت تلك الفكرة جيدة، بالنظر إلى أن التطرف بمقدماته إنما جاء عن طريق المناهج المتطرفة. وبإزالة المسبب (باستبدال النظم التعليمية المتطرفة بنظم منفتحه تنبذ التطرف وتجرمه) سينتهي الأمر. لكن هناك من يرى أن تلك النظرة مازالت قاصرة، لاسيما وأن هناك دول غربية درس مناهجها الكثير من المتطرفين، ولم تؤثر فيهم. إن أحد جذور المشكلة لم يقترب منه الرجل. ذلك ما يعتقده البعض: إن تعقيدات ملف الشرق الأوسط، والتعامل الغربي مع المسلمين والعرب على أساس التحيز الواضح لإسرائيل، يأتي في مقدمة أسباب تعزيز التطرف. هذا ما تستند إليه زعامات تنظيم القاعدة في خطاباتها أكثر بكثير مما تستند فيه إلى الاستدلالات الدينية المتطرفة.
فريدمان نفسه، وفي تشخيصه للمشكلة الشرق أوسطية، يذهب في بعض آرائه إلى أن التعامل الغربي مع مشكلة التطرف، كان له نصيب من التعقيد. ففي مقال له بعنوان "1977 ضد 1979"، وهو أحد نتاجات زيارته لليمن، يوضح أن "الشرق الأوسط الذى نتعامل معه اليوم ما هو إلا نتاج اتجاهات طويلة يعود تاريخها إلى عام 1979، ولكن ساعدت واشنطن فى دفع هذه الاتجاهات قدماً، عندما أدارت أذناً صماء لانتشار الوهابية فى المملكة العربية السعودية، بينما مجد الرئيس الأمريكى الأسبق، رونالد ريجان المجاهدين الأفغان وأشاد الأوربيون بثورة الخومينى فى إيران واعتبروها حدثاً تحريريا.." .
مجدداً، دعونا من ذلك، ولنواصل الحديث عما يمكن أن يقدمه الصحفي الشهير لأمريكا والعالم من أجل حل مشكلة التطرف. منذ فترة طويلة، ترجع إلى بداية شهرته، يتهم البعض فريدمان – من خلال كتاباته – بتطرفه ضد العالم الإسلامي والمسلمين. وإن بدت بعض مقالاته المتأخرة متخففة من مهاجمة المسلمين والعالم الإسلامي، وأكثر قرباً من الحلول العامة المستقاة غالباً من واقعنا المعاش. ربما يكون قد توصل إلى قناعة متأخرة بعدم القدرة على تغيير ذلك الواقع بمواجهة القضايا المقدسة لدى العالم الإسلامي والعربي.
بالنسبة لشخص فريدمان: هل يمكن للرجل أن يتحدث عن حلول جيدة، بعيدة عن التطرف والعنف؟ يشكك البعض في ذلك. ويستشهد هؤلاء بمواقفه الداعمة للقوة والحربمثلاً: عندما هددت فرنسا باستخدام الفيتو إذا عُرض مشروع حق استخدام القوة ضد ‏العراق، كتب توماس فريدمان، مقالاً في "نيويورك تايمز" بتاريخ (9/2/2003)، يطالب فيه بطرد فرنسا ‏من مجلس الأمن، لأنها حسب وصفه: "ما زالت في روضة أطفال ولا تجيد اللعب مع الكبار". كما أنه كتب ‏قبل ذلك عن الفلسطينيين يقول: "إن كل ما يريده الفلسطينيون هو الدم والقتل"، وكان للسيد فريدمان موقفاً ‏‏"مميزا" من الانتفاضة الأولى حين قال للصحافة الإسرائيلية في أبريل عام 1988، على إسرائيل أن تفعل في ‏الأراضي الفلسطينية ما فعلته بجنوب لبنان، أي أن تكثف ضرباتها العسكرية ضد الفلسطينيين". (مقتبس من مقال دموع وأحزان توماس فريدمان !! لكاتبه: أحمد بوقرين- صحيفة القدس العربي( .
وفي الإطار ذاته يضيف بوقرين: وكان لفريدمان أيضا موقف "مميز" من التغيير في العراق، فأثناء تمرد الجيش العراقي في الجنوب عام 1991 ‏شرح فريدمان الموقف الأميركي بالقول: "علينا أن نسمح لصدام حسين بسحق المقاومة، وأن أفضل شيء للولايات ‏المتحدة أن توجِد في العراق عصبة عسكرية تحكم بقبضة حديدية، بطريقة صدام نفسها على أن تحظى هذه العصبة ‏بتأييد المملكة العربية السعودية وتركيا والولايات المتحدة، ومن الأفضل أن لا يكون على رأس النظام صدام نفسه، ‏لكن نسخة منه تفي بالحاجة، وهذا ما نسعى إليه ".
الغريب أنه، وفي إحدى مقالاته القديمة (يناير 2004) تحت عنوان " حرب الأفكار"، يتحدث فريدمان عن صعوبة مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة، يقول:"فإننا نواجه أشخاصاً يكرهوننا أكثر مما يحبون الحياة". وفيما أنه لم يتطرق بالتحليل والتقييم لسؤال: لماذا يكرهوننا؟ فقد قدم ثلاثة حلول يعتقد أنها ستكون هي الأنسب للمواجهة، وهي: تحسين معلوماتنا الاستخباراتية لردع واعتقال الارهابيين قبل شروعهم بفعلهموتعلم العيش في أجواء خطر أكبر بينما نحافظ على مجتمعنا المنفتح.وأخيراً: والأكثر أهمية إيجاد سبل لجعل المجتمعات التي يأتي منها هؤلاء الإسلاميون تردعهم أولاً، فهم الوحيدون ‏الذين يعرفون أناسهم، وهم الوحيدون القادرون على كبح متطرفيهم.
إن تلك الحلول الثلاثة، لا تتوخى أبداً مصلحة العالم، بقدر ما تتوخى مصلحة أمريكا فقط، على حساب العالم، والعالم الإسلامي والعربي تحديداً. وإذ قد يدخل في إطار سبل الحل الثالث، المطالبة بتغيير المناهج الدينية، فإن الأخطر في الحل ذاته: مطالبته بجعل الصراع داخلياً بين الجماعات المتطرفة وحكوماتها الإسلامية والعربية.
أخيراً: إن ما سبق لا يقلل من كون الرجل صحفياً وسياسياً بارعاً ويمتلك القدرة على التشخيص وتقديم الحلول. لكنه ربما يجعلنا نعزز قناعاتنا أن الأمة الأمريكية، بكثرة تنوعاتها الثقافية والفكرية، تمتلك رجالاً مؤثرين في العالم، لكن ثبت أنهم يضعون مصلحة أمريكا فوق مصالح مادونها من الأمم.
وأما ما يتعلق بالشأن اليمني، فالواضح أن الرجل مازال لديه الكثير مما سيكتبه في الأيام القليلة القادمة. فهو لم يخرج من المعلومات التي حصل عليها من خلال لقاءاته بالرئيس اليمني والمسئولين سوى القليل جداً.
خلاصة الأمر هنا أن كل ما سيكتبه، يعتقد أنه لن يتجاوز مصلحة بلده "أمريكا" التي يكن لها حبه الكبير، ويضعها فوق كل اعتبارات المهنة والأخلاق. على أن الأمر غير المدرك هنا: كيف سيمكنه الإلمام وتفكيك تعقيدات الدولة والنظام والحكومة والتركيبة الاجتماعية اليمنية..تلك التي أفضت إلى مجموعة متراكبة من الأحداث السلبية المترابطة بعضها ببعض؟ يبدو أن هذا الأمر لن يكون مهماً بالنسبة لرجل حضر ليقدم حلولاً لبلده، يسعى من خلالها إلى عدم تعرض مصالحها للخطر في المستقبل. هذا ما ستكشفه بقية قصة زيارته لليمن.
-------------
نشر في فبراير 2010

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

ما الذي يمكن أن يحدث في المملكة وتخشاه أمريكا؟



صحة الملك وولي العهد في تدهور مستمر، والأمير نايف في غرفة الانتظار




المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
من على كرسيه الملكي الفاخر تحتم على العاهل السعودي الملك عبد الله (87 عاما) الظهور أمام عدسات التلفزيون في أول أيام عيد الأضحى المبارك (الثلاثاء 16 نوفمبر) لطمأنة شعبه أن قلبه مازال يعمل، وأن ما تردد حول تدهور صحته هو انزلاق غضروفي ليس إلا.
بعدها بيوم واحد (الأربعاء) أصدر الملك قراراً قضى بتعيين نجله الأمير متعب (57 عاماً) رئيسا لقوات الحرس الوطني، وهو المنصب الذي ظل الملك محتفظاً به لنفسه منذ 1962، لكن الأخبار تقول إن تعيين الأمير متعب تأتي بعد أن أعفي الأمير بدر بن عبدالعزيز (شقيق الملك) من منصبه كنائب لرئيس الحرس الوطني بناء على طلبه، كما قالت وكالة الأنباء السعودية.
ويعتبر الحرس الوطني هو مصدر قوة الملك عبد الله، لاسيما بعد أن حوله من قوات شرفية إلى قوة قوامها 260 ألفاً، وأصبح أكثر كفاءة من الجيش السعودي.
والجمعة، أعيد العاهل السعودي إلى مستشفى الملك فيصل بسبب "زيادة في آلام الظهر" حسب ما نقل عن الديوان الملكي، الذي أكد مغادرته المستشفى بعد ساعات من دخوله.
لكن العاهل السعودي – الذي وصفه صحفي أمريكي ذات يوم، عقب توليه الملك رسمياً، أن من يصافحه كأنه يصافح جذع شجرة – غادر الأثنين إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج. وقبل أن يغادر الملك أرض المملكة على كرسيه المتحرك، كانت أقدام ولي العهد الأمير سلطان تطأ أرض مطار الرياض الدولي، في وقت متأخر من مساء الأحد، قادما من إجازته المرضية الطويلة، حيث حظى باستقبال كبير ولافت من أفراد الأسرة المالكة.
ماذا تعني عودة ولي العهد؟
لقد ظل الامير سلطان (86 عاما)، ولي العهد والنائب الاول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، في قصره الفخم في المغرب منذ آخر عودة إليها في اغسطس الماضي. وكان قبلها أمضى أكثر من عام تقريباً خارج البلاد بعد أن أجريت له عمليتان جراحيتان، تأكد بعد ذلك أنه يعالج من مرض السرطان، وذلك عامي 2008 و2009 في الولايات المتحدة. كما خضع قبل ذلك لعملية جراحية لإزالة ورم في الأمعاء في السعودية عام 2005.
وتفيد المعلومات أن الأمير سلطان، الذي يتولى حقيبة الدفاع والطيران منذ عام 1962، جاءت عودته الأخيرة – الأحد الماضي – لإدارة شئون المملكة لفترة غياب الملك عبد الله في رحلته العلاجية في أمريكا، باعتباره ولياً للعهد. ذلك مع أنه نصح من قبل الأطباء – سابقاً- بترك العمل والنقاهة بسبب حالته الصحية المريعة.
لكن العاهل السعودي الملك عبد الله، كان أصدر أمراً ملكياً، في27 مارس 2009 قضى بتعيين شقيقه الأمير نايف بن عبد العزيز(77 عاماً) نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء إلى جانب منصبه كوزير للداخلية، الذي يحتفظ به منذ العام 1975.
وبحسب المحللين المتابعون للشأن السعودي، فإن خطوة الملك تلك تعني أن الأمير نايف قد اقترب خطوة كبيرة أخرى نحو وراثة الملك. وعزا البعض ذلك الأمر الملكي لتخوف الملك من الفراغ الذي يمكن حصوله في حالة حدوث أمر خطير للملك وولي عهده بسبب الحالة الصحية المتدنية لكليهما، وكذا بسبب العمر. غير أن بعض المعلومات تؤكد أن الأمير نايف معتل هو الأخر، لكنها لم توضح تفاصيل أخرى حول المرض الذي يعاني منه.
مستقبل الملك في المملكة
ويقول الباحث الأمريكي سايمون هندرسون – معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى – أن النقاش حول مستقبل القيادة في المملكة العربية السعودية، اشتد منذ مارس المنصرم، عندما تم تعيين وزير الداخلية الأمير نايف نائباً ثانياً لرئيس الوزراء، وهو المنصب الذي ينظر إليه كـ "ولي العهد في الانتظار". ويضيف: وبسبب اعتلال صحة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، يؤكد التعيين الأخير بأن الأمير نايف هو الأوفر حظاً لتولي منصب ولي العهد المقبل أو ربما حتى الملك.
والأسبوع الماضي ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن الملك عبد الله كلف الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء بالإشراف على الحج، وهو الأمر الذي كان الملك يقوم به بنفسه كل موسم.
ويعتبر كل من الأميرين سلطان ونايف أخوين شقيقين – من فرع السديري – وهما يعتبران أخوين غير شقيقين للملك عبد الله.
وفي وقت سابق عقب توليه الملك في العام 2005، أنشأ الملك ما يسمى بـ"هيئة البيعة"، التي يعتقد البعض أنها "تهدف إلى نزع فتيل صراع الخلافة داخل عائلة آل سعود". ويرى هندرسون أن الملك حين أنشأ هذه الهيئة وضع في اعتباره أن تكون أداة لعرقلة تقدم ما يسمى بالأمراء السديريين - أكبر وأقوى مجموعة فرعية من أبناء ابن سعود، التي تضم الأمراء سلطان ونايف.
حيث أفاد هندرسون نفسه أن السديريين لا يمثلون سوى خمس هيئة البيعة. لكن هذه النظرية قد لا تكون مفيدة إذا ما ذهبنا إلى تفسير قرار الملك بتعين نايف نائباً ثانياً لرئيس الوزراء على أنه قرار تقريب له لولاية العهد. فالأمير نايف هو أحد السديريين السبعة في عائلة الملك الراحل عبد العزيز بن سعود. إذن ربما أن الأمر هنا قد يكون متعلقاً أكثر بالحذر من الوقوع في مشكلة الفراغ الملكي المحتمل. 
سيناريوهات محتملة
"إن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أنه قد لا يطول عمر الأمير سلطان البالغ من العمر خمسة وثمانين عاماً، أكثر من عمر الملك عبد الله، مما سيضع ضغطاً هائلاً على الملك لتعيين الأمير نايف ولياً للعهد. ولكن هذه الشراكة الجديدة قد لا تستمر طويلاً، لأنه يقال بأن الأمير نايف نفسه معتل الصحة". كما يعتقد هندرسون في ملخص دراسة نشرت منتصف 2009 تحت عنوان "بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية".
ويضيف: "وإذا توفي الملك عبدالله قبل الأمير سلطان، ربما يطالب ولي العهد بالعرش، على الرغم من اعتلال صحته، ويعين الأمير نايف الرجل الثاني في البلاد. ولكن يتعين على "هيئة البيعة" المشكلة حديثاً وغير المختبرة من قبل، الموافقة على لياقة الأمير سلطان واختياره للأمير نايف ولياً للعهد على حد سواء".
لكنه، ومع أنه يعتقد إن الهيئة ربما تتجنب أي مواجهة وتذعن بهدوء، إلا أنه عاد ليقدم هذه الرؤية: إذا حدث [سيناريو معين] بحيث لا يستطيع الملك عبد الله والأمير سلطان على حد سواء أداء الواجبات الرسمية، فإن "هيئة البيعة"، بعد تعيين مجلس مخصص لحكم البلاد لمدة سبعة أيام، سوف تختار مرشحاً مناسباً ليصبح ملكاً. وفي هذا السيناريو، من المحتمل أن يطالب الأمير نايف بالعرش. وتثير قيادته للعديد من قوى الأمن الداخلي، الاحتمال بأنه اذا كانت هناك معارضة ملكية واسعة لمطالبته، يمكنه أن يقوم وبصورة فعالة بانقلاب [لتولي السلطة].
الواضح جداً أن السعودية تمر بفترة انتقالية حرجة، قد يتمكن أهم رجالها المؤثرين بتجاوزها إذا استمروا بالعمل على قاعدة أبيهم الملك عبد العزيز، الذي وضعها في أبنائه بحسب الأول فالأول، ولكن من دون الأبناء الذين هم لأم أجنبية (يقال أن ابن سعود – مؤسس المملكة قد صرح بأنه ينبغي أن لا يكون ملك المستقبل قد ولد [لأم] أجنبية.. والمعلوم أن من بين اثنين وعشرين من زوجاته، كان نصفهن فقط تقريباً من أصل عربي- هندرسون). وهناك مايزال عشرون من أبناء ابن سعود على قيد الحياة إلا أن أهم عائلتين قويتين و مؤثرتين منهما هما عائلتا: الأمير سلطان، والأمير نايف.
لكن الحقيقة القائمة اليوم أن ولي العهد المفترض - الأمير سلطان – يبدو واضحاً أنه غير قادر (عملياً) على قيادة زمام أكبر دولة مزودة للطاقة في العالم، وأهم دولة مؤثرة في الشرق الأوسط. وفيما يبدو أن الفرصة تكون أكثر مواتاة لشقيقة الأصغر - بتسع سنوات تقريباً - الأمير نايف. وهو ربما ما يسعى الملك ويخطط للوصول إليه – أو ما يبدو على الواجهة - حفاظاً على الاستقرار، ولكن ربما، لتحقيق مثل هذا، قد يتطلب الأمر صفقة من نوع ما قد تؤول فيها وزارة الدفاع لنجل سلطان الشاب القوي الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية (يعتقد البعض أن قوة خالد بدأ التشكيك فيها في الحرب الأخيرة مع الحوثي، وربما كانت الحرب مفتعلة لبلوغ مثل هذه النتيجة) لكن إذا ما حدث مثل هذا الأمر فإن الصفقة قد تتطلب توابع أخرى تتعلق بتحديد ولي العهد القادم.
مستقبل يهم أمريكا أكثر
إلا أن النظر لمستقبل هذه البلاد يبدو ذا أهمية أكبر بالنسبة للدولة العظمى في العالم: الولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارها من أكبر الدول المستهلكة للنفط الخليجي في العالم، إلى جانب حاجتها الملحة لملك سعودي منفتح، يواصل شراكته معها ويعمل على تحقيق الأهداف السياسية المشتركة في المنطقة كـ:السلام في الشرق الأوسط، وملف إيران، وملفات الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان وباكستان، وأخرى لا تقل أهمية بالنسبة لأمن الدولة اليهودية، الحليفة الكبرى لأمريكا في الشرق الأوسط. حيث تمتلك المملكة تأثيراً مباشراً على لبنان وقليلاً في سوريا. ذلك إلى جانب الشراكة في ملف محاربة الإرهاب، ولا يقل أهمية ملف مواصلة الإصلاحات التعليمية والفكرية في المملكة لتجفيف منابع التشدد والتطرف، والتي كان الملك عبد الله بدأها ولاقت خطواته ترحيباً ودعم أمريكي.
وهنا سيبدو شخص مثل الأمير نايف – أو الملك نايف ربما في المستقبل القريب – رجلاً صعب المراس بالنسبة للأمريكان كما يعتقد محللوها وسياسيوها. حيث يعتقد هندرسون أن العلاقات الأمريكية السعودية ستواجه عقبات خطيرة في ظل حكم الأمير نايف؛ "فهو رجل من الصعب العمل معه ويُسمع عنه بأنه قريب من رجال الدين المحافظين. كما أنه تحدث ضد الانتخابات الديمقراطية، لأنه ينظر إلى تعيين مسؤولين بصورة مباشرة خياراً مضموناً. وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يقوم الأمير نايف بإلغاء بعض إجراءات الإصلاح التي اتخذها الملك عبد الله، ومن الواضح بالفعل بأنه منذ التعيين الأخير للأمير نايف، فقد برنامج الإصلاح الذي اتبعه الملك عبد الله زخمه".
لكن النظرة الأمريكية للأمير نايف قد تختلف من شخص إلى آخر، فالرجل وصف من قبل سفير واشنطن السابق في السعودية روبرت جوردن، بأنه "قادر على تحمل المسؤولية عن أمن البلاد".
وجوردن الذي عين سفيراً هناك بعد فترة وجيزة من وقوع الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر، جاء بشهادته تلك بعد حديثه عن الأعمال التي نجح فيها الأمير نايف، لاسيما في محاربة المتطرفين. وجاء في شهادته: وفي المقابل، قام المسؤولون السعوديون بقيادة الأمير نايف بإزالة عدد من الخلايا الارهابية في السنوات القليلة الماضية، وهي الخلايا التي لم تعترف المملكة حتى بوجودها في عام 2001. وقد أثبتت هذه الانجازات بأن الأمير نايف قادر على تحمل المسؤولية عن أمن البلاد".
خلاصة الفهم الأمريكي لمصالحها
تنظر الولايات المتحدة الأمريكية – منذ وقت ليس بقصير – إلى التغييرات المؤكد حدوثها – على المدى القصير - في زعامات دول عربية معينة، بنظرة قلق متزايدة، ذلك لكونها تتفهم جيداً مدى الارتباط المباشر بين تلك الزعامات – في الوقت الحاضر – أو من سيخلفونهم في المستقبل القريب وبين استمرار تطور مصالحها، أو احتمالية تدهورها وفتورها وفقاً لشخصية الرئيس أو الملك القادم.
إن الأمر – في نهاية المطاف - سيتعلق بمدى قابلية الوارث الجديد وإستجابته لمواصلة توجهات وسياسات سلفه في المحافظة على مصالح الولايات المتحدة بالدرجة الأولى.
وفي الحقيقة – ومنذ سنوات خلت – بدأ المحللون السياسيون الإمريكيون المتخصصون بشئون الشرق الأوسط (العربي)، يتشاركون مع إدارتهم هذا القلق المبرر. بل إن ذلك يتم بصوت مرتفع وحاد – ربما بدى أحياناً أنه أكثر من اللازم - دون أن يساورهم قلق من انكشاف ما يسوقونه من تحليلات – لا تخلو من تلميحات وتوجيهات لما يجب أن تكون عليها الأوضاع في المستقبل، أو احتمالات، غالباً ما تنتهي بنصائح يغلب – بل يسيطر عليها – الطابع البرجماتي البحت الذي تمتاز به أمريكا في تسيير شئون سياساتها الخارجية بشكل واضح دون الحاجة – غالباً - إلى تقية أو تستر.
وتبرز تلك المخاوف أكثر حول التغيير المتوقع حدوثه – على المدى القصير - في كل من المملكة العربية السعودية ودولة مصر. فكلا الحليفين يمران بظروف صحية صعبة، عوضاً عن كونهما في سن تقترب بهما من نهاية وشيكة الحدوث. بل يعتقد أنهما يمران في الوقت الحالي من حالة لا تمكنهما من مواصلة القدرة على تسيير شئون البلاد.
ولأن الرئيس المصري - إن تركنا الحديث عن أمر رحيله جانباً – ربما ما زال أمام تغييره أشهراً قليلة حتى الإنتخابات الرئاسية القادمة في العام القادم، إلا أن حالة الملك السعودي الصحية الأخيرة تجعل من الحديث عن مستقبل القيادة في المملكة هو الأمر الباعث على القلق في الوقت الحالي. أضف إلى ذلك: أهمية المملكة لدى الولايات المتحدة أكثر من أي دولة أخرى.
في الحقيقة ترتكز مصالح الإدارة الأمريكية وصناع السياسة فيها، على مفهوم برجماتي حين تنظر إلى مستقبل القيادة في المملكة وما يمكن أن يحدث فيها. فهي - إن عجزت عن مسك زمام توجيه الأوضاع، كثيراً ما تلجأ إلى فكرة ترتكز على سياسة إمكانية إحداث ترويض مستقبلي.
وهنا قد يغدو التخوف من وراثة ملك مثل نايف – يوصف عندهم بإنه أقرب في فكره إلى الطبقة الدينية المتشددة في المملكة – أمراً ثانوياً أمام قدرة الدولة العظمى الأقوى في العالم على التشكيل والصناعة وفقاً لمصالحها.
ومما أكده السفير جوردن في هذا الجانب قوله "على الرغم من المخاوف الأمريكية حول الخلافة السعودية، من المرجح أن يحافظ العاهل السعودي المقبل - كائناً من كان - على مواقف البلاد الحالية حول العديد من القضايا."
لمثل هذه الأفكار ما يؤيدها على أرض الفعل. حيث يستشهد السفير بحالة الملك عبد الله، يقول "على الرغم من التصريحات العلنية في الماضي. وقبل أن يصبح ملكاً، كان يُعتقد بأن عبد الله عارض تماماً الغزو الأمريكي للعراق ولكن ثبت بأن ذلك لم يكن صحيحاً. فقد قدمت الرياض دعماً أساسياً للولايات المتحدة خلال الحرب، وأثبتت بأن "الضرورة تؤدي إلى بعض التوافقات من وقت لآخر".
وهنا، يعتقد بعض المحللين الأمريكين، أن التحدي الإيراني سيقف أمام أي وارث جديد للعرش السعودي، كعامل من ذلك النوع الذي يؤدي إلى التوافق.
وأخيراً: إن كل ما تقدم من تحليل وسيناريوهات، قد تشكل حقائق أمام المهتمين بالمشهد السعودي، وما يمكن أن يكون عليه القادم. ولكن دعونا نختتم بهذه المقولة التحذيرية التي أوردها الباحث "هندرسون" في مقدمة دراسته سابقة الذكر: "هناك مثل قديم مفاده أن الذين يعرفون في الواقع ماذا يجري في العائلة المالكة السعودية لا يتحدثون عن ذلك - وأن الذين يتحدثون عن ذلك لا يعرفون ماذا يجري [في المملكة]".
وبحسب الرجل فـ: غالباً ما يُستخدم هذا المثل من قبل أولئك المقربين من آل سعود كوسيلة مريحة لتقويض التقارير الانتقادية حول المملكة العربية السعودية. بيد أن هذا المثل يشكل أيضاً تذكرة هامة بأن معرفتنا بالسياسات الغامضة للمملكة لن ترقى يوماً إلى المستوى المطلوب.
------------------
نشرت في صحيفة المصدر بتاريخ 23 نوفمبر 2010
الرابط على الموقع الألكتروني:
http://www.almasdaronline.com/index.php?page=news&article-section=10&news_id=13466


الأحد، 21 نوفمبر 2010

قراءة في تفاصيل التسجيل الوثائقي الجديد للقاعدة في اليمن



هل نجحت محاولة تبرير المعركة الداخلية ضد قوات الأمن، أم عززت شهية القتل والدمار؟!  

المصدر أونلاين- خاص -عبدالحكيم هلال
 دنت سيارة الشبح، ذات اللون الصحرواي، وعليها أربعة مسلحين من تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، من نقطة عسكرية نائية تتبع مديرية "جعار" – أبين، ولما لم يعد أمامها سوى أمتار قليلة، بدأ صوت أحدهم يلهج بالدعاء: "اللهم سدد الرمي يا رب العالمين..". وفجأة.. بعد لحظات، أنهمر سيل من الرصاص الكثيف على جنود النقطة الأمنية، وسط أصوات التكبير المرتفعة تدريجياً من حناجر المسلحين الذين قفزوا من ظهر سيارتهم إلى الأرض مواصلين إفراغ عبوات آلياتهم على صدور ورؤوس الجنود الذين تم مباغتتهم، لتسقط جثثهم على الأرض مضرجة بالدماء.
لم ينته المشهد، فلقد اختلطت التكبيرات مع هدير القذائف وصوت الرصاص، بينما كانت كاميرا التصوير تهتز وهي تحاول التركيز على أحد "مقاتلي القاعدة" وهو يصوب قاذفة الـ "آر بي جي" من على كتفه، بإتجاه الطقم العسكري القابع جوار النقطة، لتندلع منه النيران في كل اتجاه، ومباشرة توجهت قذيفة أخرى لتسكن مبنى إدارة النقطة المجاور، فشبت فيه النيران هو الآخر.
وحينما بدا وكأن كل شيء قد انتهى، وجاء أمر المغادرة، شوهد مسلح آخر، لم يشبع غريزته بعد، وهو يتوجه إلى أحد الجنود الملقين على الأرض كانت ندت منه حركة صغيرة وهو ينازع سكرات الموت الأخيرة، ليجهز عليه بما تبقى من ذخيرته. لحقه آخر وباشر معه بإطلاق سيل من الرصاص التأكيدية على جثث الجنود القتلى. أرتفع صوت أحدهم "لقد أنذرناكم مراراً وتكرارا، وقلنا لكم أبتعدوا..."، بعدها التقط المسلحون أسلحة الجنود وعادوا أدراجهم..
 أقفلت السيارة عائدة بالغنائم، مخلفة جثث الجنود ومبنى وطقم ما زالت النيران تأتي على ما تبقى منها. وعلى ظهر السيارة التقطت الكاميرا مشهداً "لمقاتلي القاعدة" وهم يضمدون جراح بسيطة على يد أحدهم. حينها ظهر صوت المعلق في تسجيل مرئي، وهو يقول "ويمضي الأبطال ليعيدوا الحقوق إلى أهلها، ويرفعوا الظلم عن المظلومين، ويحكموا الشريعة، وينشروا العدل ويبسطوا الشورى ويصونوا الحرمات، ويحرروا المقدسات محطمين كل القيود..". ثم يظهر أسامة بن لادن في خطابه التبشيري لمدد اليمن: " ونبشركم أن مدد الإسلام قادم، وأن مدد اليمن سيتواصل بإذن الله الواحد الأحد".
 أمس الجمعة، بث تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب، فيلماً وثائقياً مدته 31 دقيقة و22 ثانية، تضمن توضيحات وإيحاءات لما يريده التنظيم في اليمن، والعالم. وفي الفيلم قدم التنظيم مجموعة موجهة بعناية من اقتباسات وتصريحات لمسئولين، وحقوقيين، ومواطنين، هدف من خلالها في الوصول إلى تبرير ما قام ويقوم به من عمليات ضد ضباط وجنود ومنشآت أمنية كان نفذها في اليمن، وقام الفيلم بسردها خلال الفترة من 9 رمضان الماضي، وحتى منتصف شوال. وقد تضمن توثيقاً ميدانياً لبعض تلك العمليات وبينها عملية الاقتحام السابقة للنقطة العسكرية في جعار..
 لماذا هذا الفيلم؟
ليست المرة الأولى التي يقوم فيها تنظيم القاعدة بتوثيق عملياته في أشرطة مرئية مسجلة من أرض المعركة مباشرة، ومن ثم نشرها على مواقع الإنترنت. إذ أن التنظيم - قديماً في أفغانستان، وحديثاً في العراق – قد دأب على مثل هذا الأمر. وحتى في اليمن وثقت القاعدة بعض عملياتها في مأرب، وغيرها، وبثتها على الإنترنت. غير أن هذا التسجيل ربما يكون هو الأول من نوعه على هذا النحو المتضمن مونتاجاً إعلامياً حديثاً رتبت فيه العناصر بشكل فلم وثائقي شمل: مقدمة عاطفية مؤدلجة، وجسماً مفصلاً للأحداث يمهد فيه لما يريد أن يصل إليه من أهداف، ورسائل، إلى جانب خاتمة مبرمجة تعزز الفكرة الرئيسية للتسجيل.
 وبشكل أكثر إيجازاً، يمكننا بسهولة بلوغ رسالة التنظيم الرئيسية من هذا العمل على أنها: محاولة تبريرية لاستهدافهم الجنود وضباط الأمن اليمنيين. بما يوحي أنها محاولة لحسم جدلاً ربما ما زال يدور حول شرعية مثل هذا الفعل. يأتي ذلك مع أن تنظيرات أصوليي التنظيم حسمت هذا الأمر في أوقات سابقة، حينما اعتبرتهم عملاء أو يدافعون عن العملاء – من رؤوسا الأنظمة العربية والإسلامية – الذين يتعاملون مع الصليبيين والنصارى قاتلي المسلمين في كل بقاع الأرض. وخلصت فتاويهم إلى أن الواجب الشرعي يأتي بقتلهم بداية وإعتبار أن الجهاد الأكبر بقتل هؤلاء الذين يسمونهم بـ"الطواغيت".
 بل ربما كان الأمر – من زاوية أخرى – عبارة عن محاولة تبريرية أمام المجتمع المتدين، اليمني خصوصاً - والعالمي عموماً، والذي تتوخى القاعدة جعله محايداً في المعركة، إن لم يكن مناصراً أو مؤيداً لما تقوم به. وتتعز مثل هذه المحاولة في التسجيل الجديد عند وصم السلطة اليمنية بأنها ظالمة وقاتلة للأبرياء، ومنتهكة للحقوق وفاسدة، بل وخارجة عن تطبيق الشريعة الإسلامية، ناهيك عن كونها عميلة للغرب الكافر..الخ. فكل ذلك ونحوه، يمكن أن يأتي في سياق المحاولة لتبرير: أن المعركة يجب أن تبدأ داخلية. وعليه فإن من يدافع عن تلك السلطة، من ضباط وجنود، يضعون أنفسهم في طائلة الاستهداف والقتل. على أن الثمرة الأخرى من هذا هي أن: إزالة هؤلاء سيتيح تنمية التنظيم بشرياً وجغرافياً، ليتسنى له الانطلاق إلى تحرير فلسطين. كما يقولون في أدبياتهم، ويتجسد مثل ذلك، في أمكان وأجزاء عدة في التسجيل. بل يمكن القول أن محور الشريط الوثائقي يدور حول هذه المحاولة برمتها. وهذا ما سنحاول هنا توضيحه.
 محتوى الفلم الوثائقي:
الخلاصة التمهيدية الأولى: عدوان لا بد من ردعه
أفتتح التسجيل بقراءة آيات تحث على الدفاع عن المستضعفين، وتحرض على الجهاد والقتال في سبيل الله. بعدها يعرض مجموعة من مقاطع مسجلة مقتبسة من برامج وتقارير إخبارية مختلفة لقنوات فضائية محلية ودولية، اختير منها – على نحو ربما يكون منسجما إلى حد ما – مع ما يؤكد القول أن السلطة القائمة تمارس الظلم والاعتقالات والانتهاكات ضد الشعب المسلم. يعزز ذلك اقتباسات من تصريحات لأعضاء مجلس نواب خلال جلسة برلمانية ركزت على الانتهاكات التي تمارسها السلطة ضد المواطنين، ومداهمات واعتقالات تقوم بها خارج أطر القانون. وأخرى لمواطنين يتحدثون عن مداهمات قوات الأمن لقراهم ومناطقهم واستخدامها القوة القاتلة والمفرطة بالقتل دون هوادة.
 وعطفاً على ماسبق، يدخل المونتاج، صوت المعلق الخارجي وهو يقدم الخلاصة التمهيدية الأولى للرسالة المطلوبة، قائلاً: "حقوق مسلوبة..قهر وظلم..فساد واستبداد..كل ذلك عندما يطغى العدوان على الحق، ولابد للحق من قوة تحميه وتردع هذا العدوان". ليظهر عنوان التسجيل مكتوباً "ردع العدوان"..محدداً فيه الزمن: ذي القعدة 1431 هـ
 الخلاصة التمهيدية الثانية: دور مشبوه للجيش يجب مواجهته
يلي ذلك مباشرة، مقاطع مقتبسة لصور استعراض آليات عسكرية وجنود رسميين يمنيين.. يترافق معها شرحاً توضيحياً للمعلق، يقرر فيه "أن هذه الترسانة العسكرية تدعم وتصرف عليها الأموال الطائلة وتدعم وتدرب من قبل الصليبيين الذين مازالوا يقتلون المسلمين ويحتلون أراضيهم وينهبون ثرواتهم". يتم تعزز ذلك مباشرة بإقتباس تصريحات مسجلة للسفير الأمريكي الجديد "جيرالد فايرستين" وهو يتحدث عن تركيز إدارته على دعم القوات اليمنية لمواجهة تهديد القاعدة في جزيرة العرب. وانسجاما مع ذلك تظهر مباشرة صورة للعميد يحيى محمد عبد الله صالح – أركان حرب الأمن المركزي – ببزته العسكرية ومرافقيه وهو يشير بيده اليسرى إلى مجموعة من الآليات العسكرية في أحد هناجر معسكر ما، قائلاً "هذا كله من عند الأمريكان.." ثم وهو يشير إلى سيارات الهامر الأمريكية الحديثة يواصل القول: " وهذا الهامر من الأمريكان".
 بعدها يظهر تسجيلاً للشيخ أنور العولقي، ليعزز ذلك كله، بالحديث عن آلية تعامل الإدارة الأمريكية مع السلطات اليمنية حول رغبة الأولى في تصفية من تريدهم في اليمن، بدون حاجتها لتقديم الأدلة، مستشهداً بما حدث مؤخراً من قتل عبد الله المحضار في الحوطة بمحافظة شبوة. يأتي ذلك مع عرض لصور المنزل المهدم للمحضار مع صورة جانبية صغيرة له. ثم يظهر تسجيلا مقتبسا من تقرير قناة فضائية لمواطن من المنطقة يتحدث عن 200 طقم عسكري حضروا لمحاصرة المنزل وقتل عبد الله المحضار.
 يعقب ذلك، تصريحات لوزير يمني سابق، اقتبست من مقابلة مع قناة فضائية يمنية خاصة، وهو يستنكر فيها قتل المواطنين خارج القانون بدون محاكمة، متسائلاً: كيف يمكن السماح للآخرين باستخدام طائراتهم لقتل المواطنين اليمنيين؟، ومحذراً من انعكاس مثل ذلك على زيادة نمو القاعدة وكسبها المزيد من الأنصار، وتحولها لتصبح جزء من نسيج اجتماعي كما حصل في أفغانستان.
 تعقبها مقاطع لصور أخرى لما جرى في حوطة شبوة من تدمير واستهداف للمواطنين الآمنين وفقاً لما يرد في التعليق التوضيحي للمعلق الخارجي، وتصريح أحد المواطنين في المنطقة. وعلى النسق ذاته يستغل تنظيم القاعدة تصريحات لمسئول سياسي في المعارضة اقتبست من مؤتمر صحفي أثناء حديثه عن تحول دور الجيش لحماية النظام وقياداته، وإقحامه في القتالات والنزاعات المختلفة التي تدور في البلاد، إلى جانب استخدامه في قمع الشعب.
 ويختتم المعلق هذا الجزء ببلوغه الخلاصة التمهيدية الثانية التي تمهد للرسالة التي أرادها التسجيل، بقوله "ولقد بدا واضحاً أكثر من أي وقت مضى الدور المشبوه الذي تقوم به هذه القوات حتى أصبحت كمثال آخر للجيش الباكستاني العميل الذي يقاتل شعبه في باكستان". وللتعزيز يورد مقاطع مسجلة لتصريحات مشايخ من مأرب حول ما جرى هناك من قبل قوات الأمن. ويتم تعزيز نتيجة هذه الخلاصة بجزء من خطاب للشيخ أيمن الظواهري – المسئول الثاني لتنظيم القاعدة الدولي – وهو يخاطب عاطفة قبائل اليمن "العزيزة الشريفة" ويحثهم على عدم قبول أن تصبح بلادهم مركز إمداد للحملة الصليبية على بلاد المسلمين..
وإذا ما افترضنا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يعمل بمفرده دون دعم لوجيستي من أي جهة أو طرف سواء داخلي أم خارجي، فإننا هنا علينا أن نجزم أن لدى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وحدة رصد وتوثيق متكاملة، ترصد وتوثق كل ما يدور في القنوات الفضائية حول اليمن من تصريحات ومؤتمرات صحفية لمسئولين ومعارضين ومتذمرين. كما أن لديها كاميرات ووحدة إنتاج حديثة متكاملة وفنيين وخبراء يعملون عليها. وهو أمر ربما من المسلمات القول به، إلا أن السؤال هنا يبقى: حول قدراتهم في الوصول إلى بعض تلك التسجيلات التي عرضت في الفلم بينما أنها لم تنشر على الملا بواسطة الإعلام..!
 الخلاصة التمهيدية الثالثة: طغيان أدى إلى مواجهة وانتقام
إن ما سبق تقديمه خلال مدة اقتربت من نصف مدة الشريط، لم يكن أكثر من مقدمات وأجزاء تمهيدية مهمة لما أراد التنظيم أن يقوله ويؤكده. وما بعد ذلك يفترض أنه سيكون مبرراً لما حدث لاحقاً من انتفاضة للقاعدة في المناطق الجنوبية من البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية..
 لهذا الجزء، يمهد التسجيل، لما أقدم عليه من تكثيف للاغتيالات وعمليات الاقتحام والقتل الأخرى التي طالت ضباطاً وجنوداً يمنيين مسلمين، بذكر ما يعتقد أنه السبب الأعظم. ذلك أنه أعتبر أن النقطة التحولية الفاصلة جاءت بعد أن أقدمت قوات الأمن في التاسع من رمضان الماضي بحملة عسكرية إلى مدينة لودر – محافظة أبين، ضد معاقل التنظيم. غير أن المعلق يصف تلك الحملة أنها نفذت ضد المواطنين في المنطقة.
 من هذه النقطة الفاصلة، سيمكننا ملاحظة أن التنظيم استغنى كلياً عن الاقتباسات الأخرى، مكتفياً بما تلتقطه وتوثقه عدسات كاميراته. حيث يتضح من التسجيل أنه قام بجولة صحفية حول المنطقة (لودر)، ربما لم يستطع أحد من الصحفيين القيام بها هناك، وقام بتصوير وتوثيق الدمار الذي لحق بالمنطقة، مع أخذ تصريحات من المواطنين حول خلفية ما حدث. ليس هذا فقط، بل إنه قام بأخذ تصريحات من قياديين في التنظيم يشرحون الدرس الذي لقنوه لقوات الأمن ويهددون بالمزيد. وهو يقوم بكل ذلك، كان يعمل على تمويه وإخفاء وجوه كل من أدلى بتصريح أو توجهت عدسة الكاميرا نحوه، سواء أولئك الذين كانوا يتحدثون باسم أنهم مواطنين أم أولئك الذين تحدثوا باسم تنظيم القاعدة.
 على أن هذا قد يؤكد أمراً ما يتركز حول حقيقة أن تنظيم القاعدة يسيطر فعلياً على تلك المنطقة، الأمر الذي يتضح من حرية تحركاتهم هناك دون أي خوف من مضايقات، حيث أظهرت الكاميرا مجموعة ملثمين حاملين أسلحتهم بين قاعد ووافق، يكبرون ويتحدثون عن تكبيدهم الجيش خسائر فادحة بالأرواح والعتاد. والأهم هنا أن بعض من وقف منهم متحدثا أمام الكاميرا لم يكونوا ملثمين غير أن المونتاج عمل على إخفاء وجوههم. والمعنى هنا أنهم لم يكونوا حريصين على إخفاء هويتهم أمام عدسة كاميرا (صديقة). أضف إلى ذلك، أن مضمون تلك الأحاديث التي أدلى بها بعض من يفترض أنهم مواطنون عاديون هناك (تحت أسم شهود عيان)، أشاروا فيها للبطولات التي واجه بها أعضاء تنظيم القاعدة لتلك الحملة الأمنية، مكللة بدعوات النصر لهم من رب العالمين..!
ظلت الكاميرا تجول كثيراً هناك، حتى أنها سجلت جلسة زامل خاصة لمسلحي القاعدة بينما كانوا يجلسون مع أسلحتهم على الأرض على شكل حلقة وهم يرددون الزامل خلف منشدهم. "وراحوا يحدون، ويتذاكرون النصر الذي حباهم الله" بحسب ما جاء على لسان المعلق الخارجي. لقد كانت لهجة بعض المتحدثين تشي بأنهم من خارج المنطقة. ربما هي أقرب إلى لهجة معروفة يتسم بها أعضاء تنظيم القاعدة القادمين من خارج اليمن.
 إن الخلاصة التي قالها المعلق هنا، بلغت الهدف والرسالة المهمة التي أراد التنظيم قولها بعد ذلك كله: "فلم يسكت المجاهدون على هذا الظلم، ولم يقعدوا مكتوفي الأيدي، ودافعوا عن أعراض الناس وبيوتهم، وقاموا بما أوجبه الله عليهم من دفع الصائل المعتدي على الدين والحرمات..". وهنا جاءت الصورة لتعزز ما قاموا به بعرض أطقم عسكرية ومصفحات محترقة، وجثث مكومة لجنود متفحمين ومجندلين على الأرض بملابسهم العسكرية..
 ومن هنا فصاعداً، سينتقل الفلم الوثائقي إلى نقطة فاصلة، ليكتفي بتقديم شروحاً وعروضاً لبطولات المجاهدين، رداً على ما أفترض أن يكون عدواناً – بحسب وصفهم – على المواطنين الأبرياء وحرماتهم. ويمكننا في السياق ملاحظة ذلك من خلال محاولة تكريس فكرة أن ما حدث وسيحدث لاحقاً بعد 9 رمضان، ما هو إلا رداً على ما قامت به السلطة، وردعاً لعدوانها. 
ولقد بدأ معلق الفلم، يتحدث عن ذلك، قائلاً: "وأنتفض جند اليمن في جميع الولايات منقضين على أوكار العدو العميل..". أما الحصيلة التي جاءت بعد ذلك، فتم تقديمها بالتفصيل منذ تلك النقطة الفاصلة (من التاسع من رمضان) وحتى 16 شوال. وهي على النحو التالي:-
-     في صعدة: أسر نائب مدير الأمن السياسي علي محمد صلاح الحسام.
-     في مأرب: اغتيال نائب مدير البحث محمد فارع، وهجوم بقذائف الـ (أر بي جي) والأسلحة الخفيفة على مقر القيادة العسكرية داخل المجمع الحكومي، وهجوم على نقطة عسكرية للجيش.
-     في شبوة: تدمير طقم للأمن المركزي في مدينة "عتق "، وتفجير أنبوب الغاز التابع لشركة توتال الممتد إلى ميناء بلحاف.
-     في لحج: استهداف مبنى الأمن السياسي في الحوطة ومقتل 8 من الضباط والجنود، اغتيال القائم بأعمال نائب مدير الأمن السياسي ومدير التحقيقات العقيد علي عبد الكريم البان، وتفجير في مبنى الأمن العام في مدينة الحوطة بعبوتين ناسفتين.
-     في أبين: تفجير عبوة ناسفة على عربة عسكرية للأمن المركزي، الهجوم على عربة عسكرية وقتل من فيها وغنيمة أسلحتهم، وكمين على عربة عسكرية وقتل جندي وإصابة آخر. وفي مدينة جعار: اقتحام نقطة عسكرية وإحراقها كاملة وغنيمة الأسلحة.
-     في صنعاء: كمين على حافلة للأمن السياسي وقتل 14 ضابط فيها من الأمن السياسي شعبة مكافحة الإرهاب وإصابة آخرين.
  استعراض للقوة:
بعد كل تلك المقدمات والتمهيدات التبريرية التي قدمها التسجيل، ربما أنه بات مطمئناً لعرض عملياته القتالية وبطولاته لقتل الجنود والضباط، دون أن يخالجه شكا أو شعورا بأن أحداً يمكنه أن يحمل في نفسه السوية عتاباً أو لوماً أو ربما إستنكاراً، لشهيته المفتوحة على إزهاق الأرواح ورؤية الدماء وجثث الجنود المتفحمة، واستعراضاته المختلفة في ذلك كله باعتبارها بطولات لا ثلمات يمكن أن تأخذ على انحراف مسار الجهاد وتشويه أهدافه ومبادئه الإسلامية السامية والسمحة.
 ففي التسجيل يظهر مجموعة مسلحين ملثمين وهم يجلسون حول قائدهم الذي يلقي عليهم توجيهات ويحرضهم على قتال "هؤلاء الطواغيت لأخذ الثأر لإخوانهم وأخواتهم الذين أهينوا من هؤلاء المرتدين". ويقرر دون هوادة: أن أفضل جهاد اليوم هو "جهاد هؤلاء الطواغيت".
 تتواصل الصورة، وقائدهم ممسكاً بعصا صغيرة يخط بها على الأرض شارحاً المخطط القادم لاستهداف جنود في إحدى النقاط العسكرية في جعار. يتواصل التوثيق الميداني، عارضاً تفاصيل العملية من خلف تلة صغيرة وأشجار، حينما بداءو بالتنفيذ. سيل من الرصاص باتجاه النقطة التي لم يظهرها التوثيق واكتفى بإظهار أربعة مسلحين يتناوبون على إطلاق الرصاص الغزير على الهدف لفترة طويلة. تلاها مباشرة عرض توثيقي لعملية استهداف أخرى لطقم عسكري بعبوتين ناسفتين، بجعار. بعد إنفجارين متعاقبين شوهد الدخان وهو يتصاعد في الهواء. ثم ينتقل الفلم ليستعرض تلك العملية الكبيرة التي أوردناها في المقدمة (الاقتحام الذي نفذ على نقطة عسكرية في جعار وإحراقها كاملة بالياتها وقتل جنودها وغنم أسلحتهم..)
 الخاتمة: فلسطين.. نحن قادمون..
الشريط لم ينته بعد، إذ لا بد له من نهاية عاطفية مؤثرة. كان صوت "أبو هاجر عبد العزيز المقرن" يرتفع حاداً من خطبة تحريضية على القتال والبطولة. ولقد ظلت الكاميرا تواصل توثيق عودة الحملة إلى مكامنها في الجبال البعيدة، وفي الفضاء كانت تتناوب خلفية مكثفة من الزوامل تحث على النهوض والجهاد والصحوة بينما كانت الكاميرا مصوبة على سيارات الشبح والحبة - بدون أرقام - وهي تمخر طريقها بين الوديان الوعرة المحاطة بالجبال القاسية، وعليها مجموعة من المسلحين يحملون راية سوداء كتب عليها بخط أبيض كبير:"لا إله إلا الله" وفي الدائرة البيضاء في منتصفها كتب بداخلها: "محمد رسول الله". كان الركب يمضي وهم يرددون كلمات الزامل: "اصحى يا مسلم لا تغفل، فلدينا بشرى نبوية..أن فلسطين ستتحرر..والبشرى بشرى يمنية..سنهب اسودا وسنثأر.. ثورة من أبين عدنية..".
 وفي منطقة وعرة كان في استقبالهم مجموعة من المسلحين بعضهم كان يلبس الفانلة العسكرية المموهة، حيث يختتم المشهد بإبراز حديث الرسول "يخرج من عدن أبين اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم) مكتوب باللغتين العربية والإنجليزية.
 وقبل أن يتوقف الفلم عن الحركة معلناً نهايته تبرز هذه العبارة: قادمون يا أقصى، مع ترجمة لها بالإنجليزية: Aqsa, We are Coming
انتهى الفلم. لكن علامات الاستفهام حلت مكانه: هل فعلاً، نجحت القاعدة في توصيل رسائلها بالشكل المطلوب؟ أم أنها عززت فكرة شهيتها المفتوحة على الدماء والجثث والدمار، وخدمة ما تسميهم بالصليبين والطواغيت؟
---------------------------
نشر في المصدر أونلاين بتاريخ 2010-11-12