الأربعاء، 9 مايو 2012

هادي يخوض مواجهة مزدوجة المصالح





يواجه الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، رزمة كبيرة من المشاكل المعقدة، المتداخلة والمتنوعة بين سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، كان قد ورث معظمها –إن لم يكن جلها- من النظام السابق.

وورث هادي بلدا شبه فاشل, فهو إلى جانب أنه أصبح في حكم المنهار اقتصاديا، مازالت الاختلافات والتوترات السياسية محكومة –حتى اليوم- بانعدام الثقة، مع توسع ملحوظ للتشظيات الاجتماعية، في وقت مازالت فيه المؤسسة العسكرية منقسمة إلى جبهتين شبه متكافئتين بالقوة: الأولى تتبع عائلة رأس النظام السابق، بينما الأخرى تتبع القيادات العسكرية المناصرة للثورة الشعبية.في الواقع، ربما كان هادي –قبل انتخابه رئيسا توافقيا في 21 فبراير/شباط الماضي– يدرك تماما أنه سيرث تركة ثقيلة من نظام كان هو نفسه جزءا منه، إلا أن المرجح أنه حين قبل بذلك، ربما كان ينظر إلى مستقبل البلاد بعيون المجتمع الدولي، الذي قدم وعودا مغرية والتزامات كبيرة بالمساعدة والوقوف إلى جانبه خطوة بخطوة، في سبيل حلحلة كافة تلك القضايا، وبشكل خاص خلال فترته الرئاسية المحددة بعامين من بداية انتخابه.
غير أن جزءا مما يحدث اليوم، قد يضع هادي أمام أعباء إضافية، من حيث مواجهة مصالح دولة عظمى، أكثر تأثيرا كأميركا, سواء تجاوب كليا مع رغباتها في توسيع نطاق عملياتها في محاربة الإرهاب، أم حتى في حال أبدى تجاوبا جزئيا مشروطا، لكنه قد يخرج عن السيطرة، تبعا لما قد تفرضه حاجته الماسة إليها للمساعدة في التخلص من التحدي الأكبر والمشترك، القادم من تنظيم القاعدة.


مع انتخاب هادي رئيسا، لوحظ تصاعد سيطرة القاعدة على عدة مناطق جنوبية، تركزت معظمها في محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس، وهو ما يعد تحديا شخصيا له
مواجهة القاعدة.. أكثر الأولويات الملحة 
مع أنه كان جزءا من النظام السابق، الذي خاض اليمنيون ثورة عارمة لإزاحة رموزه عن السلطة مع مطلع عام 2011، إلا أن رجلا هادئا، كـ "هادي"، كان هو الخيار الوحيد المتاح –كحل توافقي- أمام إتمام الصفقة السياسية، التي قادها المجتمع الدولي، عبر المبادرة الخليجية.
ولقد قبل الرجل بأن يكون هو المنقذ، بكونه الأنسب، مدركا في حينه أن المرحلة التي أسندت إليه، ستكون هي الأخطر في تاريخ البلاد. طبقا لتصريحات متكررة أصدرها في مناسبات مختلفة. ومع ذلك، فربما أصبح من الممكن القول: إن "هادي"، اليوم، ربما بات يدرك –أكثر من السابق- حجم وعظم المخاطر والصعوبات، والعوائق التي سيتوجب عليه مواجهتها، وتجاوزها لإنقاذ البلاد.
ومع انتخابه رئيسا، لوحظ تصاعد سيطرة هذا الفرع الإرهابي على عدة مناطق جنوبية، تركزت معظمها في محافظة أبين التي ينتمي إليها "هادي"، ما اعتبر بمثابة التحدي له شخصيا. وبدا أن مثل هذا المتغير، انعكس على تحديد الأولويات الأكثر أهمية على المدى القصير في أجندة الرئيس الجديد. وبحيث بات من الملاحظ أن المسألة الاقتصادية العويصة، أو إشكالية الخلافات والتجاذبات السياسية، القائمة على أساس من انعدام الثقة بين طرفي المعادلة السياسية المورثة من الماضي، وربما، في السياق أيضا، تلك التشظيات الاجتماعية المتوسعة، لم تعد هي القضايا الرئيسية الهامة التي يفترض بها أن تثير اهتمام ومخاوف الرجل بقدر ما كانت تقلقه أكثر مسألة توسع وانتشار وطغيان حضور فرع تنظيم القاعدة في اليمن، المعروف بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
وحتى حين كانت تحضر تلك القضايا الأخرى، باعتبارها رئيسية في مجال اهتماماته.. كان يمكننا –بقليل من التركيز- أن نتأكد، غالبا، من حضور قضية الحرب على القاعدة، بشكل أو بآخر، باعتبارها -في نهاية المطاف– هي القضية الأكثر أولوية.
وعلي سبيل المثال، كان قرار إقالة قائد المنطقة العسكرية الجنوبية، مهدي مقولة، الموالي لرئيس النظام السابق، والذي أصدره "هادي" مباشرة كأول قرار بعد انتخابه، قد اعتبر على أنه يجسد أحد أهم الأهداف الملحة للثورة (المتمثل بإزاحة وإقالة أتباع وأنصار النظام السابق).
فيما اعتبر بالنسبة للرئيس هادي والداعمين الغربيين له، قرارا ملحا يدخل في سياق الترتيب لمواجهة تنظيم القاعدة هناك. لاسيما بعد التشكيكات المتواترة والاتهامات المتكررة بوجود تعاون وإسناد للقاعدة هناك من جهة قيادة تلك المنطقة العسكرية.
ناهيك عن أنه قد لوحظ تحسن واضح في تصاعد وتيرة وقوة ونجاحات العمليات العسكرية في مواجهة المجموعات الإرهابية المسلحة في المناطق والمساحات التابعة لتلك المنطقة العسكرية، والتي كان التنظيم سيطر عليها بسهولة.


القرارات الرئاسية الأخيرة
وفي 6 أبريل/ نيسان الماضي، أصدر الرئيس الجديد حزمة قرارات رئاسية -وصفت بالهامة والجريئة– استهدف بها إقالة واستبدال رموز وقيادات عسكرية بارزة. ومع أنه كان يدرك مسبقا أن معظمها ستثير حفيظة مراكز القوى التي مازالت قابضة على مفاصل المؤسسة العسكرية، وبالتالي من المتوقع جدا أنها (أي تلك القرارات) سترمي به إلى بداية المواجهة في أتون معركة داخلية يدرك أنها لن تكون سهلة, إلا أنه ربما كان قد أدرك، أيضا، أن هذه المعركة -حتمية الحدوث- سيتوجب عليه البدء بخوضها الآن، لتعزيز قوته وسيطرته على مفاصل الجيش كرئيس شرعي منتخب وقائد أعلى للقوات المسلحة.
وبدون ذلك، أو في حال تأخر الأمر، فإن "أنصار الشريعة"، الجماعة "الإرهابية" التابعة للقاعدة، والتي أعلنت نفسها بهذا الاسم في محافظة أبين وما جاورها، سيتاح لها المجال لتنجح أكثر في تعزيز حضورها هناك، وربما إلى الحد الذي قد يصعب عنده النجاح في فكفكتها لاحقا، لاسيما مع إعلانها إحراز المزيد من النجاحات ضد القوات العسكرية المرابطة، في الوقت الذي كان يزداد فيه ضعف الجيش وانكساراته في ظل استمرار الانقسام والتشتت وتعدد الولاءات بين القيادات العسكرية التي يتبع بعضها –وأهمها- المعسكر المحسوب على النظام السابق.
أصدر الرئيس هادي حزمة قرارات رئاسية كان يدرك أنها لا بد منها لتعزيز قوته وسيطرته على مفاصل الجيش كرئيس شرعي منتخب وقائد أعلى للقوات المسلحة 
الواقع أن تلك القرارات لم تنفذ كاملة، وبشكل خاص من جهة الطرف التابع للرئيس السابق. وبصورة أكثر تحديدا، فقد تمرد عليها قائد القوات الجوية اليمنية، محمد صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، وكذا طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق صالح، والذي كان عين قائدا للواء الثالث حرس جمهوري مدرع (أكبر الألوية العسكرية المحيطة بالعاصمة صنعاء) بقرار أصدره مؤخرا أحمد علي، نجل صالح، وقائد الحرس الجمهوري (القوة العسكرية الأكثر عددا وعتادا وتدريبا في اليمن).
وكان قرار أحمد علي، هذا، فسر على أنه إجراء احترازي هدف إلى محاولة تأمين قيادة هذا اللواء الضارب، بإسناده إلى إمرة ابن عمه، والذي كان أصدره بعد أيام من انتخاب هادي، وقراره الأول بإقالة قائد المنطقة الجنوبية. لكن هادي اعتبر ذلك التصريف تحديا لسلطاته العليا على القوات المسلحة، ليعمل لاحقا على تغييره في سياق قراراته الأخيرة.
وحتى الآن، ما زال نجل شقيق الرئيس يرفض تنفيذ القرار، فيما رضخ الأول، مؤخرا، ووافق على تسليم قيادة القوات الجوية، في 24 أبريل/نيسان، أي بعد 18 يوما من التمرد، تحت ضغوطات وتهديدات المجتمع الدولي بإمكانية فرض عقوبات دولية في حال استمر التمرد.
وقبل يومين فقط، من إعلان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر (الذي حضر في 18 أبريل/نيسان، لحل الإشكالية) عن نجاحه في إقناع صالح وأخيه غير الشقيق على التنفيذ والتسليم، بعث السفير الأميركي بصنعاء، برسالة واضحة –في مؤتمر صحفي مصغر، الأحد 22 أبريل/نيسان– حين أكد أن التغييرات الرئاسية الأخيرة انعكست بشكل إيجابي على عمليات الجيش في أبين ضد تنظيم القاعدة، وأن قرارات الرئيس يجب أن تنفذ كاملة، موصيا بعدم التراجع عنها.


توسيع الضربات الجوية الأميركية
لعل من المناسب أن تقرأ تصريحات السفير الأميركي السابقة في إطار التحركات الأميركية الأخيرة في اليمن لتوسيع إستراتيجيتها بشأن الضربات الجوية للطائرات بدون طيار التابعة لها. حينها ربما يمكننا القول إن السفير كان يبعث رسالة مزدوجة، بحيث كان الجزء الواضح والمباشر فيها تهديدا موجها إلى المتمردين على شرعية الرئيس، بضرورة الانصياع. بيد أن الجزء الأخر، غير المباشر، قصد به إبلاغ الرئيس هادي، أن الحكومة الأميركية تعلن بقوة وقوفها مع قراراته الرئاسية.
وبالنظر إلى الحوارات الجانبية التي تواصلها الإدارة الأميركية مع الرئيس هادي، وأخذا بالاعتبار تركيز وحاجة هذا الأخير إلى محاربة تنظيم القاعدة، فإنه سيمكننا القول بأن تصريحات السفير الأميركي تلك، كانت تصب في مصلحة تقوية سلطات هادي الرئاسية، طالما أنها ستفضي إلى تحقيق مصالح الطرفين.
وفي 26 أبريل/نيسان نشرت وكالة أسوشيتد برس –مقرها الرئيسي في نيويورك– تقريرا ضمنت فيه تصريحات على لسان مسؤولين أميركين ويمنيين، أكدت على حاجة الرئيس اليمني "هادي" للدعم والمساندة الأميركية في القضاء على القاعدة. ومع أنها قالت إنه منح الضوء الأخضر لوكالة الـ(CIA) لتنفيذ ضربات جوية عبر الطائرات بدون طيار، إلا أنها أكدت أيضا على أنه قصرها على ما يسمى بـ"الضربات المفوضة"، أي تلك التي يتم الموافقة عليها مسبقا. كما يجري الأمر في باكستان. وذلك خوفا من تعرض المدنيين للقتل، مما قد يؤدي إلى المزيد من العداء القبلي العشائري ضد الحكومة اليمنية.
يأتي ذلك، فيما كانت تقارير نشرت –في اليوم نفسه– بواسطة وسائل إعلام أميركية –بشكل خاص– تحدثت عن مصادقة البيت الأبيض –في وقت سابق من هذا الشهر- على قرار توسيع نطاق ضربات الطائرات الأميركية –بدون طيار– في اليمن. وإن كانت نوهت إلى أن المسؤولين الأميركيين أكدوا "على أن الغارات الأميركية في اليمن ستظل مفروضة عليها الكثير من القيود، بشكل أكبر مما هو الحال عليه في باكستان" حسب واشنطن بوست.
وبحسب المعلومات المنشورة في الصحافة الأميركية، فإن المحادثات بخصوص توسيع نطاق البرنامج كانت قد بدأت في ديسمبر/كانون الأول الماضي. أي بعد توقيع الرئيس اليمني السابق على المبادرة الخليجية، التي قضت بتفويض هادي في معظم صلاحياته الرئاسية، مع بقاء صالح رئيسا لمدة ثلاثة أشهر تنتهي بانتخاب هادي رئيسا توافقيا.


رغبة الولايات المتحدة في توسيع ضربات طائراتها -بدون طيار- ضد أهداف إرهابية, تشكل مبررا قويا للإدارة الأميركية في الانحياز الواضح والمعلن لدعم الرئيس هادي وقراراته 
أعباء إضافية في حضن الرئيس
إجمالا، يمكن القول إن رغبة الولايات المتحدة في توسيع ضربات طائراتها -بدون طيار- ضد أهداف إرهابية وأفراد بمجرد الشك بأنهم على علاقة بتنظيم القاعدة في اليمن، حتى دون أن يكون قد تم التأكد تماما من هويتهم وانتمائهم للقاعدة، تبرز -جنبا إلى جنب مع رغبة الرئيس هادي في توسيع التعاون والدعم الأميركي للتخلص من سيطرة وحضور تنظيم القاعدة في اليمن- لتشكل مبررا قويا للإدارة الأميركية في الانحياز الواضح والمعلن لدعم الرئيس هادي وقراراته. كما قد يشكل الأمر ذاته، مع رفع وتيرة الدعم والتأييد الأميركي المعلن، مبررا لرضوخ هادي وتجاوبه اللاحق مع الرغبات والمصالح الأميركية.
على أن ذلك، يعتقد بأنه في الوقت الذي يمكن أن يمثل قوة إضافية للرئيس هادي تمكنه من مواصلة إصدار قرارات أخرى، أكثر قوة وجراءة، في سبيل فرض سيطرته وشرعيته الرئاسية على المؤسسة العسكرية، بداية، ثم وصولا إلى إعادة السيطرة على كامل البلاد، والنجاح في إضعاف تنظيم القاعدة واستعادة المناطق التي خرجت عن السيطرة. فإنها –ومن زاوية أخرى- قد تمثل عبئا إضافيا عليه، لاسيما في حال انعكست إستراتيجية توسيع نطاق عمليات الضربات الأميركية الجوية سلبا على المدنيين من غير المقاتلين في تلك المناطق. وأن مثل تلك الانعكاسات السالبة، لن تطال فقط ولاءات رجال القبائل المتضررين، بل أكثر من هذا، فهي ربما تتجاوز ذلك لما هو أبعد بحيث تطال عملية الحوار الوطني القادم الذي بدأ الشروع في التحضير له هذه الأيام.
وأخيرا، ربما كان من المهم التأكيد على أن احتمال كهذا، مازالت نسبة ترجيح حدوثه مرتفعة بشكل كبير جدا، طالما وأن أجزاء كبيرة ومهمة من المؤسسة العسكرية، والأمنية في اليمن، بما فيها قوات مكافحة الإرهاب، مازالت تحت سيطرة وقيادة عائلة رئيس النظام السابق. وبشكل أكثر تحديدا يمكن تخصيص الحديث أكثر على الاستخبارات اليمنية التي مازالت كلية تحت سيطرة عمار محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق، ووكيل جهاز الأمن القومي، المعني بتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجانب الأميركي.
المصدر:الجزيرة

الاثنين، 16 أبريل 2012

المصدر أونلاين - قراءة أولية في التغييرات المحتملة داخل قيادات حزب المؤتمر: من سيمسك بخيوط المستقبل.. هادي أم صالح؟

المصدر أونلاين - قراءة أولية في التغييرات المحتملة داخل قيادات حزب المؤتمر: من سيمسك بخيوط المستقبل.. هادي أم صالح؟



المصدر أونلاين-خاص-عبدالحكيم هلال

تتواصل معركة كسر العظم بين الرئيس اليمني الجديد، عبد ربه منصور هادي، وسلفه، علي عبد الله صالح.

وفيما أن الأول يحاول جاهدا فرض شرعيته الرئاسية على أرض الواقع، يناضل الثاني من أجل الحفاظ على مفاصل القوة لإضعاف خلفه، تحقيقا لفكرة الحضور والسيطرة، ربما وصولا للإنتقام من ألد وابرز خصومه، الذين نجحوا في الإطاحة به.

وعلى ما يبدو فإن الصراع الثنائي – ومتعدد الأقطاب في آن – الذي برز على هيئة حرب باردة داخل أطر الدولة وأجهزتها، قد أرتكز مؤخرا، على ما يمكن اعتباره الناظم الأول للصراع، في اطر وثنايا هيئات حزب المؤتمر الشعبي العام.

وبشكل أولي، أكد قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام للمصدر اونلاين، صحة تلك الأنباء التي تم تداولها بعد عصر أمس الأحد بشأن الترتيبات الداخلية والتغييرات التي يزمع الحزب إجراءها في إطار المسميات القيادية العليا والتي تشمل رئاسة الحزب وأمانته العامة وبعض دوائره الداخلية. فيما أنه كان قد حرص كثيرا على التنويه بأن تلك التغييرات، مع أنها تعتبر شبه نهائية، إلا أن القرار بخصوص بعض الأسماء لم يتخذ بعد بشكل نهائي.

ووفقا لتلك الترتيبات، فمن المتوقع أن يتنازل علي عبد الله صالح، للرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، عن منصبه في رئاسة الحزب، فيما يظل هو رئيسا فخريا.

وفيما تنص اللائحة الداخلية للمؤتمر على أن يكون رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب، فإنها لا تتضمن منصبا تحت مسمى "رئيس فخري" للحزب. ما سيتطلب إدخال بعض التعديلات عليها أولا من شأنها أن تستحدث مثل هذا الموقع.

وبموجب الاتفاق – بحسب المصدر الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته – فمن المتوقع أن يتم تعيين الدكتور محمد علي مجور امينا عاما بدلا عن هادي، مع إحداث بعض التغييرات في قيادات الأمانة العامة السابقة..

وفيما أشار المصدر إلى أن الاتفاق بخصوص بعض الأسماء يعتبر - إلى حد ما - شبه نهائي، إلا أنه نوه إلى أن القرار الأخير بهذا الشأن لم يبت فيه بعد. وعليه فقد ترك كافة الاحتمالات مفتوحة، من حيث أنه: إما أن الأمور قد تتعثر في حال لم يتم التوصل إلى أتفاق نهائي، وإما أن تنجح، ويتم التوصل إلى أتفاق نهائي بشأنها، وأخيرا، ربما تستمر النقاشات وتعدل الشخصيات والمواقع. وأضاف معززا حديثه "كافة الاحتمالات تظل مفتوحة"، مع انه رجح أكثر احتمالية النجاح وقال "وحتى الآن، تذهب كافة المؤشرات نحو التوافق".

وعليه، فقد فضل عدم الخوض في الأسماء، والإكتفاء بالقول أن الحديث يدور حاليا حول استبدال ثلاثة أمناء مساعدين، وأثنين من رؤوساء الدوائر في الأمانة العامة، كتغيرات رئيسية، إلى جانب بعض القرارات التنظيمية الداخلية، لافتا في الوقت ذاته إلى أن تلك المواقع القيادية [التي تم تحديدها] هي بالأساس كانت تعتبر مواقع شاغرة، أو معطلة.

وكانت معلومات ذكرت إن التغيرات ستأتي بعبدالقادر هلال إلى موقع الأمين العام المساعد للشئون التنظيمية (بدلا عن صادق أمين أبو رأس- الذي مازال يتلقى العلاج الطبي خارج البلاد إثر جروح بالغة تعرض لها في حادثة النهدين)، كما سيتم تعين عبده محمد الجندي أمينا عاما مساعدا لشئون الإعلام (بديلا عن أحمد بن دغر – الذي عين مؤخرا وزيرا للإتصالات)، وسيتولى ياسر العواضي منصب الأمين العام المساعد لشئون الإدارة والخدمات (بديلا عن يحيى الراعي)، فيما سيعين نعمان الصهيبي – وزير المالية السابق - رئيسا للدائرة المالية بدلا عن فؤاد الكميم، وعبدالسلام الجوفي رئيسا للدائرة التربوية والتعليمية بدلا عن حسين حازب.

وبحسب مصادر مقربة في الحزب، فإن تلك التغييرات تأتي بعد إصرار رئيس الجمهورية عبد ربه هادي – والذي يشغل في الوقت ذاته منصب نائب رئيس وأمين العام الحزب – على ضرورة إعادة الهيكلة الداخلية للحزب، تحقيقا لمجموعة أهداف، قال المصدر أنه يأتي على رأسها: البت في التضارب القائم بشأن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحزب والأمانة العامة، ولما تستوجبه المتغيرات الأخيرة وطبيعة المرحلة القادمة من ضرورة إعادة بناء الحزب على أسس متينة تمكنه من البقاء كطرف مؤثر في العملية السياسية.

وكانت صحيفة الخليج الإماراتية، أشارت في عددها الصادر امس الأحد أن هادي رفض حضور آخر اجتماع للحزب عقد يوم أمس الأول، السبت، في منزل صالح.

وفيما كانت معلومات سابقة أشارت ايضا إلى أن هادي رفض لعدة مرات حضور اجتماعات كان دعي إليها في السابق إبان انتخابه رئيسا للجمهورية، في فبراير الماضي، بحجة أنه أنتخب رئيسا توافقيا للجميع، ومن غير المستحب ان يظل ممثلا لطرف بعينه.. فقد أفادت بعض المعلومات المسربة أنه (هادي) كان قد طلب إعفائه من منصبه كأمين عام للحزب عقب انتخابه رئيسا للبلاد.

لكن البعض تحدث عن حجة أخرى تتعلق بوجود صالح وتمسكه بمنصب رئاسة الحزب، وعليه فسيكون من الصعب – لاسيما في مثل هذه الظروف والمرحلة الحرجة - على رئيس جمهورية منتخب من الشعب أن يلتزم بقرارات وتوجيهات الحزب السياسية، لاسيما أنه (الحزب) مايزال تحت قيادة الرجل الذي ألزمته المبادرة الخليجية بتقديم استقالته، واستبدلته نيابة عنه لمدة عامين كحل توافقي.

وتعزز المواقف والتدخلات الأخيرة من جهة صالح، وجهة النظر هذه، من حيث أنه أتهم بمحاولاته إفساد تنفيذ بقية بنود ونصوص المبادرة الخليجية، وعرقلة برنامج حكومة التوافق.

وعلى ضوء تلك التدخلات، نشرت معلومات تالية تفيد بتدخل وسطاء الدول الراعية والمشرفة والمعنية بتنفيذ المبادرة، وممارستهم ضغوطا ضد صالح تلزمه التوقف عن التدخل في الحياة السياسية. بل وفي السياق ذاته، ذهبت بعض المعلومات المنشورة لتؤكد ان بعض الضغوطات هدفت لإقناعه على مغادرة البلاد، على الأقل لفترة عامين، حتى انتهاء المرحلة الإنتقالية الثانية.

واتهم صالح، بأنه من يقف وراء رفض قيادات عسكرية – من أسرته – تنفيذ القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيس هادي وقضت بإقالتهم من مواقعهم العسكرية المؤثرة ونقلهم إلى مواقع أخرى أقل أهمية.

وحتى الآن، ما زال كل من محمد صالح الأحمر (أخ غير شقيق لصالح)، وطارق محمد عبد الله صالح (إبن أخيه)، يرفضون تسليم مواقعهم السابقة في قيادة القوات الجوية، وقوات الحراسة الرئاسية الخاصة، على التوالي.

ويرى مراقبون أن المستجدات والمواقف السلبية الأخيرة، من جهة معسكر صالح، إلى جانب أنها زادت من حجم استياء الرئيس هادي، وجعلته يصر أكثر على إحداث تغييرات داخلية تطال الموقع القيادي الأول في الحزب، فإنها عملت في الوقت ذاته على رفع وتيرة الضغوط الدولية في هذا الجانب.

وعليه، يعتقد البعض أن، صالح قد يكون فعلا رضخ - بفعل نلك الضغوطات القوية - ووافق أخيرا على أن يتخلى عن مواصلة أن يكون الرجل الأول في رئاسة الحزب، ولكن تحت مجموعة شروط، على رأسها: أن يظل رئيسا فخريا، إلى جانب فرضه لأسماء تلك القيادات الحزبية المقترحة – الموالية له - لتشغل تلك المواقع القيادية.

وبالنظر إلى تلك الأسماء، فسيمكن ملاحظة أنها من الشخصيات المحسوبة على صالح، والتي ظلت وما زالت موالية له. مع ما يمكن القول، أيضا، أن أثنين منها على الأقل، ربما تحمل موقفا إيجابيا من الرئيس هادي. أو بالأحرى يمكن القول أنه بمقدورها أن تتعامل أحيانا - على نحو ما - بشكل إيجابي معه.

وبالنظر إلى قوام أعضاء اللجنة العامة – وهي أعلى هيئة قيادية في الحزب - فسنجد أن معظمهم – إن لم يكن جميعهم – قد تم اختيارهم أو دعمهم، (وتعيين بعضهم)، من قبل صالح نفسه، طوال الفترات السابقة. أضف إلى ذلك أن من كانوا يعارضونه داخل اللجنة العامة، كانوا قد قدموا استقالتهم منها، في اثناء الثورة الشعبية.
ما يعني – في نهاية المطاف – أن القرار الأخير في الحزب، على الأرجح، انه ما يزال بيد صالح.

وعليه، فإنه إذا ما صحت تلك المعلومات (بشأن الأسماء والتعديلات الجديدة) - والتي لم تعلن بشكل رسمي حتى الآن – فسيمكن التأكيد أن هادي سيكون مايزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود، في اتجاهين مترافقين.

الأول: عبر إحداث تغييرات وتعيينات جوهرية داخلية تصب في مصلحته. وذلك في إطار عملية إعادة الهيكلة التي يقال أنه يصر – رفقة آخرين كالأرياني - على إجراءها داخل هيئات وإدارات الحزب المختلفة؛ بعضها يتعلق بملئ الفراغات الشاغرة؛ نتيجة لتغيير المواقف وإعلان بعض قيادات الحزب استقالتها خلال الفترة الماضية أثناء الثورة الشعبية..

والثاني: بذل المزيد من الجهد لكسب – أو على الأقل، تحييد بعض تلك القيادات في الحزب، التي مازالت تدين بالولاء لصالح؛ معظمهم يرى أن مصالحة ما تزال مرتبطة به، حتى الآن، على الأقل.

وسيكون الجهد الأهم والأكثر إلحاحا في كلا هاتين المهمتين، منصبا اكثر داخل إطار اللجنة العامة، باعتبارها الهيئة القيادية الأعلى في الحزب، سواء من خلال نجاحه في تعيين البدلاء المناسبين لمن قدموا استقالاتهم منها، أو النجاح في كسب النسبة الأكبر من الموجودين حاليا، بحيث يعمل على كسب الأغلبية إلى جانبه.

وفيما عدى ذلك، فمن المرجح أن صالح سيواصل فرض بقائه لتنفيذ مخططاته الخاصة، كعادته عبر تكتيك الانتقال إلى اللعب على مربعات جديدة.

وهو في الوقت الذي سيكون قد نجح فيه، مجددا، الإيعاز للجميع بأنه قدم المزيد من التنازلات، فإنه سيكون في مقابل ذلك قد نجح، أيضا، ولمرة أخرى، في فرض بعض الاشتراطات التي تبقيه محافظا على قدرة مواصلة الحضور واللعب لفترة أطول.

وبالنظر إلى متطلبات المرحلة الحالية والقادمة – وبالأخص تلك التي على المدى الأقصر – وما تفرضه الضرورة من التسريع في عملية الإنقاذ، وفقا للجدول الزمني المحدد في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (والتي من الملاحظ أن بعض خطواتها قد تأخرت عن موعدها المحدد)..

فإنه سيمكننا - في نهاية المطاف - القول بأن نجاح صالح في الحصول على المزيد من الفرص لمواصلة البقاء والاستمرار في لعبة التدمير والانتقام من شأنه أن يعمل على إضعاف فرص الإنفاذ..

ذلك انه - بالضرورة – ستتضاعف فرص توسع الإنفجارات الداخلية التي كانت قد بدأت بالتفجر في مناطق مختلفة من البلاد مع استقالة صالح، وزادت بالتضاعف أكثر، عقب عودته الأخيرة من رحلته العلاجية في الولايات المتحدة.

بل أبعد من ذلك، كان يمكن ملاحظة أنها تضاعفت بشكل أكبر من أي وقت مضى، مع قرارات الرئيس هادي الأخيرة بإحداث تغيرات وتنقلات في القيادات العسكرية التابعة لأسرة صالح والمحسوبة عليه.

الأربعاء، 14 مارس 2012

هكذا يصنع الديكتاتور «هادي»


مظاهر التماهي بقيم المتسلط السابق وأسلوبه الحياتي تبعث مخاوف البعض من صناعة «متسلط» آخر جديد


عبد الحكيم هلالa.hakeem72@gmail.com
كان الرئيس عبد ربه منصور هادي، على ما يبدو، نهب مخاوف وتوجسات قاتلة مبعثها احتمالية حصوله على نتيجة انتخابية "مخزية" غير مشرفة، من شأنها أن تضن عليه بالفخر والاعتزاز؛ وتبقيه خجلا ومفتقدا للقوة خلال العامين القادمين من فترته الرئاسية.

على العكس حصد الرجل من الأصوات فوق المتوقع. وفي أكثر من خطاب له، بعد انتخابه، بدا أنه يظهر بهالة جديدة، متشحا وشاح النصر. ولقد كان يحلو له أن يتحدث عن شرعية الشعب التي أكسبته إكسير القوة للتحكم في مستقبل البلاد.

الذين يشخصون سلوك الرئيس الجديد بإسناده إلى الماضي الذي جاء منه - كنائب سابق لرئيس شمولي ظل شطرا كبيرا من سنوات حكمة الـ 34 حريصا على صناعة نفسه بقهر كل من حوله كي يبقى هو فقط الرجل الأقوى، المتسلط دون منازع، يعتقدون بإمكانية تلبس وسيطرة حالة القهر على النائب السابق، الرئيس الجديد، أمام قوة التسلط التي فرضت عليه من المتسلط؛ الحاكم القوي؛ ولي نعمته الأول، ومانحه المكانة والجاه وكل ما هو عليه، والذي لولاه ما كان له أن يكون شيئا يذكر. بل حتى أنه هو من وجه الشعب لانتخابه. كما أراد أن يوعزه هو [المتسلط السابق] من خلال خطاباته الأخيرة بهذا الخصوص.

وهنا تتجسد فكرة العلاقة بين المتسلط والإنسان المقهور. بحسب الدكتور مصطفى حجازي في كتابه "التخلف الاجتماعي – مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور". فالمقهور "..لا يجد سوى الرضوخ والتبعية، سوى الوقوع في الدونية كقدر مفروض"

"ومن هنا شيوع تصرفات التزلف والاستزلام، والمبالغة في تعظيم السيد، اتقاء لشره أو طمعا في رضاه.." يواصل المؤلف. وبعد عدة مراحل يقدمها، يوصلنا إلى مرحلة يسميها: "تماهي المقهور بقيم المتسلط وأسلوبه الحياتي" والذي يصل الأسلوب في هذه الحالة أخطر درجاته.."من خلال رغبة الإنسان المقهور في الذوبان في عالم المتسلط، بالتقرب من أسلوبه الحياتي وتبني قيمه ومثله العليا"..

يقتضي التنويه، أن المؤلف، فيما سبق، كان يتحدث عن المجموع (الشعوب المقهورة من سيدها، حاكمها المتسلط)، وهو أمر ينطبق بالضرورة على كل فرد بذاته. وتكون نسبة انطباق النظرية أكثر من غيرها في الدائرة الأكثر قربا من محيط المتسلط.
بالنسبة لهادي، فمن يعرفونه جيدا يزعمون بأن الأمر، ربما، ليس على ذلك النحو تماما. من حيث أن الرجل ظل غالبا يفضل البقاء بعيدا عن دائرة المتسلط شديدة الجاذبية. حتى مع ما يفترضه العكس بكونه كان الرجل الثاني، إلا أنه – في واقع الفعل - لم يكنه على الإطلاق. وهذا من شأنه أن جعله، ربما، أقل من غيره تزلفا وتمسحا مقارنة بالمحيط الرئاسي المخصص أكثر من أي مكان آخر لحاملي تلك الصفات القهرية. على أن هذا لا ينفي عنه – بالضرورة – كونه أحد المقهورين.

ومع ذلك، يتبادر إلى الذهن هذا التساؤل: هل كان النائب المقهور يشعر بدونيته وضعف مكانته الحقيقية مقارنة بموقعه الرسمي، ولاسيما حينما كان يحضر مجالس الرئيس السابق ويشاهد غيره من المقهورين وهم يتمسحون ويتزلفون ويبالغون في "تعظيم السيد، اتقاء لشره أو طمعا في رضاه.."؟.

الإجابة على هذا التساؤل تفضي بنا إلى الحديث عن كيفية "صناعة الديكتاتور" في مصنع يعمل به المقهورون. ومعه قد يساعدنا ذلك إلى معرفة نسبة التماهي المحتملة بقيم المتسلط وأسلوبه الحياتي. ثم ليبعث ذلك مخاوفنا أكثر، أو ليطمئننا من أننا إزاء أو لسنا إزاء "متسلط" جديد؟

إن صور الرئيس الجديد، التي فرضتها العملية الانتخابية، وغطت كافة شوارع الجمهورية والأماكن العامة، ما زال بقاؤها حتى الآن يذكرنا بنفس الطريقة والأسلوب والإخراج والبذخ الذي شكل جزءاً من حياة المتسلط السابق. ويقال إن الديكتاتور يشعر بسعادة غامرة حين ينظر إلى نفسه في كل مكان يمر به. وإن فكرة فرض مثل تلك الصور غالبا ما كانت تأتي بداية من قبل ناصحين متزلفين أو متمصلحين من إضفاء مزيد من الشعور بالسعادة لدى المتسلط.

وإن أحد مباعث التخوف، هو: أن الطاقم السابق من المقهورين المقربين، بدأ مباشرة، وبشكل سريع، وبحرفية بمهنته التزلفية مع الرئيس الجديد. ظهر ذلك على شاشات التلفزيون المتغنية به، والممجدة له، وعلى صفحات الجرائد الرسمية باستبدال الإضاءات اليومية باسمه. وكما برز ذلك باستبدال البعض اسم "الصالح" باسم "الهادي"، فقد ظهر أيضا بالتقرب والتمسح والمبالغة في التعظيم، وتكلل بتطوع البعض في إسداء النصائح الخاصة والتسابق إلى مرافقته في تحركاته ومحافله الرسمية..الخ.

وكان أحد المصادر الخاصة، في دار الرئاسة، أكد لي، باستهجان: أن ثمة من يحاول أن ينقل ويحاكي العهد السابق من خلال إحياء وتجسيد بعض المظاهر القديمة في دار الرئاسة خلال الأيام القليلة الماضية. وعلى سبيل المثال: صور الرئيس الجديد الكبيرة والباذخة نشرت على نطاق واسع لتغطي معظم الأماكن هناك. ونجل الرئيس وسكرتيره الصحفي حضرا بهدف إعادة تأهيل المسبح وحمامات السونا والبخار النوعية وباهظة الثمن..الخ. ناهيك عن ملاحظات استفزازية أخرى، منها: حضور طاقم كبير من البلاد والقبيلة معه إلى الدار، والتصرف بطريقة باعثة على التقزز..!

كل تلك الأمور، بالطبع، لا ترقى إلى درجة الخطورة المقلقة. فمن حق الرئيس الجديد، الذي أشيع ولعه بالسباحة، أن يعمل كل ذلك دون ملامة من أحد، بيد أن ما يثير حفيظة المنتقدين هو شعورهم بنسبة – ولو أنها ضئيلة جدا - من التماهي الحياتي مع عهد المتسلط السابق. مما يذكر إلى حد ما بسياسات المصنع السابق. ولعل ما يفرض حساسية أكبر ويدعو إلى تسليط الضوء عليه أكثر، كونه جاء على أنقاض رفض الشعب الثائر لمسالك ذلك العهد المشبع بالبذخ والفساد.

وبالتالي فإن أي توجه – حتى إن كان طبيعيا بريئا وغير مستفز – وفقط ان يكون مشابها، فمن شانه أن يذكر بالماضي البغيض، في الوقت الذي يثير مخاوف البعض من إمكانية السير نحو إعادة صناعة ديكتاتور جديد آخر.
إن كل ديكتاتور، متسلط، غالبا لا يبدأ بكونه كذلك. غير أن صناعته تبدأ بتلك الطريقة المشابهة: تبدأ بمظاهر بسيطة من التبجيل والتطبيل والمبالغة في التعظيم، لتضفي لاحقا شعورا بالعظمة والذكاء والقوة والتفرد، ومن ثم – غالبا – ما يقود ذلك إلى استمراء الواقع الجديد المزيف، والذي يفضي بدوره إلى سيطرة شهوة السلطة والتسلط، ومن ثم، من شأن ذلك أن يفرض عليه استملاء المتمسحين والمتزلفين وشراء الخبراء والمستشارين للتخطيط والمساعدة في الحفاظ على التسلط والقوة، ما يجعل الفساد يستشري..الخ، لينتهي الأمر بتخليق وصناعة ديكتاتور خالص لا يمنعه شيئا عن القمع والقتل والظلم..حفاظا على سلطاته.

المصدر أونلاين 
--------------------------
نشرت في صحيفة المصدر الأسبوعية العدد 196 بتاريخ: 6 مارس 2012


الأحد، 4 مارس 2012

السير على فوهة بركان متفجر


إعادة هيكلة الجيش كبؤرة لتفجير الصراع مجدداً


عبد الحكيم هلالa.hakeem72@gmail.com
عكست الطريقة التي تابعناها ومضامين التصريحات التي أدلى بها الرئيس السابق عقب وصوله صنعاء، قادماً من رحلته العلاجية الأخيرة، شعوراً ما يوحي أن الرجل قرر جدياً التسليم بالأمر الواقع. ولعل أهم ما أوحى بذلك حديثه المكتوم عن قيادة واحدة وسيف واحد في غمد واحد، وضرورة تكاتف الجميع وتعاونهم مع الرئيس الجديد المنتخب..الخ

ذلك ما تبادر، لأول وهلة، إلى ذهن أحد الأصدقاء بعد سماعه الخطاب.

حسناً، هذا أمر جيد. ولعله سيتيح للرئيس اليمني المنتخب، ولحكومة الوفاق الوطني، ولليمنيين بشكل عام، مساحة مناسبة من العمل بعيداً عن المؤامرات والضغوط النفسية. وسيمكنه تكثيف الجهود للتوصل إلى صيغة محترمة للتخلص أولاً من الملفات الواقعة على ألغام متفجرة، تلك التي خلفها الرجل على مدى السنوات الـ34 التي حكم فيها البلاد. ما سيعني بالطبع أن ذلك سيساعد كثيراً على بناء اليمن الجديد الذي حلمنا به جميعا.

بيد أن ثمة متشائمين ممن يعتقدون أنهم على وعي جيد بسلوك وطباع الرجل، مازالوا يشككون بإمكانية أن يحدث ذلك. ولأن صالح –على سبيل المثال– أصر على أن يعود على ذلك النحو (من الواضح أنه مازال يعاني وضعاً صحياً متدهوراً)، ولأنه، إضافة إلى ذلك، حرص بعودته العنيدة تلك -إلى جانب ما تضمنته عبارات أخرى في سياق تصريحاته- على أن يوجه رسالة مزدوجة للمناوئين له ولأنصاره اليائسين، أراد من خلالها الإيحاء بأنه ما زال قوياً وقادراً على مواصلة المواجهة بطرق أخرى..

لذلك وغيره، فإن هؤلاء المتشائمين لا يستبعدون أن يكون ثمة ترتيبات ما قد تم أعدادها مسبقاً من قبل صالح وأسرته ومعاونيهم لخوض مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة.

حتى الآن لم تتضح بعد ماهية تلك الترتيبات؟ إلا أنه يمكن لأولئك التبؤ بأنها، بدرجة رئيسية، ستعقد مسار المرحلة الانتقالية الثانية وتدخلها في متاهات جديدة، ومن المتوقع جداً أن تعرقل الجهود الدولية الحالمة بتوجيه وتسيير المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة في مسارها الصحيح خلال السنتين القادمتين!

إن مسألة إعادة هيكلة الجيش تبدو الميدان المثالي، ومن المتوقع أن تشكل البؤرة لبداية جيدة لإثارة الفوضى. صحيح أن المبادرة وآليتها التنفيذية جعلت من هذه المسألة ركناً أساسياً خلال المرحلة القادمة، بل وحددت بهذا الخصوص مجموعة أسس ومعايير لعمل الرئيس المنتخب، واللجنة العسكرية المعينة تحت قيادته، لإنجاز هذا الأمر.. إلا أن ثمة مخاوف جدية بشأن هذه المسألة. وهناك مؤشرات أولية توحي بوجود تعارض عميق في التفسيرات والتوجهات بخصوص إعادة الهيكلة، تعمل على تعزيز تلك الشكوك والمخاوف.

وتتباين التفسيرات والتوجهات بين: ما تفترضه المبادرة وآليتها شمولاً في هذا الجانب (على اعتبار أن إعادة هيكلة الجيش إلى جانب أنها تهدف إلى إزالة بؤر التوتر الرئيسية والتابعة لأطراف النزاع، فإنها أيضا تتوجه إلى بناء جيش قوي مؤسسي تحت قيادة مدنية)، وبين ما يفترضه التفسير الخاص لصالح وأولاده في قيادة الجيش بناء على توجهاتهم المستقبلية ورغباتهم الخاصة لما يجب أن تكونه عليه الهيكلة بعيداً عما يرونها «خطوطاً حمراء»..!

يعتقد البعض بأنه من غير المستبعد بأن ثمة وعوداً ما قطعت بهذا الخصوص من أطراف خارجية مؤثرة، وفقاً لترتيبات خاصة توخت تأمين مصالح الطرفين المستقبلية. لكن وحتى الآن، لا يمكن البناء على تلك التأويلات التي تقيم صلبها على فرضيات، يمكن القول بأنها لم تتأكد بعد. ومع ذلك، سيكون من الغباء، أيضا، التغاضي عن تلك المؤشرات، التي قد لا تؤكد بالضرورة وجود مثل تلك الوعود والترتيبات، إلا أنها حتماً تحذرنا من حقيقة وجود مثل ذلك التباين في التوجهات العامة القائمة على اختلاف وجهات النظر التفسيرية. ومنها، على سبيل المثال، تلك التصريحات التي استبقت الانتخابات بأسبوع واحد من جهة أحد نواب أحمد علي صالح في الحرس الجمهوري، والتي أكد فيها بأن نجل الرئيس السابق لن يغادر موقعه وأنه باق على رأس الحرس الجمهوري لـ «يضرب بيد من حديد على رؤوس البغاة والمرجفين والمخربين أينما كانوا..». وحذر كل من يقترب من هذه المواضيع، باعتبارها «خطوطاً حمراء»..!

أضف إلى ذلك، أن شخصاً مثل صالح، ناهيك عن أن صحته مازالت بائسة، ما كان له أن يقرر العودة هكذا لممارسة العمل السياسي -كما قد زعم مراراً- دون أن يكون قد ضمن بقاء القوة التي ستسنده في مواجهة نسبة ما زال لا يمكنه الاستهانة بها من شعب ثبت أنه يحمل إرادة لا تقهر بعد أن خرج إلى الشوارع وظل فيها لأكثر من عام مطالبا برحيله، بل ومازال هناك حتى الآن رافضاً ترك الساحات قبل تحقيق بقية أهدافه ومطالبه بمحاكمته، وقبل أن يتحقق من رحيل بقية أفراد أسرته وبقايا نظامه!

وإذا ما حدث ذلك بالفعل: بقاء صالح لممارسة العمل السياسي مع بقاء أبنائه وأبناء أخيه في مواقعهم في الجيش والأمن والاستخبارات، فإن الرئيس الجديد سيكون في الواجهة، كأول المتضررين. إنه لن يستطيع القيام بما يتوجب عليه في تنفيذ بقية نصوص المبادرة وآليتها التنفيذية: لا في إعادة هيكلة الجيش كما يفترض: على أسس وطنية، وفقا للمعنى الجوهري الذي تقتضيه المبادرة في إيجاد حلول نهائية، ولا أيضا في فكفكة بقية تلك الملفات الموروثة الملغمة. وبشكل عام، لن يكون بمستطاعه تحقيق شعاره الانتخابي «من أجل بناء يمن جديد».

في مقال له نشره على مدونة تحمل اسمه ومخصصة لليمن على موقع (bigthink)، تساءل الكاتب الأمريكي، المتخصص في الشأن اليمني، جريجوري جونسون، مستهجناً: «.. ومع كل ما حدث، فما هي الفائدة المرجوة من تغيير الرؤساء إذا كان الرئيس السابق مازال قادراً على ممارسة سلطاته من خلال عائلته المسيطرة على الجيش؟».

وعند أسوأ الاحتمالات، هناك من يتحدث حول إمكانية البدء بهيكلة ومأسسة المؤسسة العسكرية في حدودها الدنيا مع تأجيلها في القمة إلى ما بعد الانتهاء من مؤتمر الحوار الوطني الشامل، الذي من المفترض أن ينجز خلال فترة العامين القادمين بهدف حلحلة ملفات القضية الجنوبية وصعدة، وكافة القضايا الأخرى العالقة والموروثة من عهد الرئيس السابق بما فيها ملف التدهور الاقتصادي.

إن عملية إعادة الهيكلة ستتطلب تأنياً، ومدة زمنية طويلة قد تستغرق سنوات، في إطار إستراتيجية مدروسة بعناية فائقة تشمل كافة الجوانب بهدف تأسيس مؤسسة عسكرية متينة على أسس وطنية تنتهي لتكون في نهاية المطاف تحت يد قيادة مدنية. ذلك، إجمالا، ما أمكن تلخيصه – بهذا الخصوص - على لسان السفير الأمريكي في آخر مقابلة له مع صحفي البريطاني توم فيين، ونشرت الجمعة الماضية.

ومن خلال الاطلاع على تفاصيل تلك المقابلة، ربما كان سهلا علينا أن نكتشف محاولة السفير في التهرب من سؤال الصحفي: هل تتوقع بأن يتخلى أقارب الرئيس صالح عن مواقعهم في السلطة، وإذا كان الأمر كذلك، فمتى تعتقد حدوثه؟

ومع أن السؤال كان مباشراً، إلا أن السفير لم يجب عليه بطريقة مباشرة. ومع أن إجابته احتلت مساحة كبيرة (230 كلمة باللغة الإنجليزية)، إلا أنه لم يقترب من الإجابة المطلوبة، إلا في نهايتها وبطريقة غير مباشرة زادت من التعقيد والتشكيك أكثر. فالسفير الذي نوه، بداية، على أنه يتوجب النظر إلى القضية باعتبارها قضية مؤسساتية، اختتم بالقول «ونحن نعتقد بأن المسائل المتعلقة بالأشخاص سترتب كجزء من المؤسسة..».

ولكن، هل سيكون ذلك ممكنا؟ هل من الممكن مثلا أن تحل قضيتي الجنوب وصعدة قبل إعادة مأسسة وهيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية؟ وماذا بشأن من يعتقد بالعكس تماما؟ خصوصا وأن هناك تشكيكات واتهامات تنسب لبعض القيادات العسكرية التابعة لأسرة صالح ضلوعها في تمويل العمليات المسلحة في الجنوب وصعدة وما جاورها؟ ربما صحيح، أن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد تأويلات، لكنه من ناحية أخرى يرسم معالم الصورة القاتمة والمقلقة التي سنظل نشهدها طوال الأيام القادمة: فكلما سيحدث حادث سيجد له تأويلاً على ذلك النحو، طالما ظلت القيادات العسكرية والأمنية والاستخباراتية نفسها في مواقع المسؤولية ذاتها!

ولعل من يشككون ويتهمون لديهم مبرراتهم. فلمصلحة من توتر الأجواء بعد رحيل صالح بالقوة؟ وبالتالي: ألن تضل تلك القيادات تسعى – من خلال السلطات التي تمتلكها - إلى إحداث مزيد من الاختلالات، وتقديم التسهيلات لتوسيعها، وخلط الأوراق لإضفاء مزيد من التعقيدات..؟ إن هذا بالضرورة سيدفع إلى توقف - أو على الأقل تأخير- مسألة الهيكلة؟ وإذاك قد يحدث الانفجار في أي لحظة، ساعة بلوغ درجة الحرارة الحرجة؟

في الدول المضطربة المهددة دائما بالحروب الأهلية، والتي تمر بمرحلة تحول نحو الدولة المدنية الحديثة، يؤكد رالف إم. غولدمان، مؤلف كتاب «من الحرب إلى سياسة الأحزاب»، بأن الأولوية فيها تبدأ بمركزة المؤسسة العسكرية قبل كل شيء، أي مأسستها وجعلها محكومة بقيادة مركزية، هي في نهاية المطاف تؤول إلى سيطرة مدنية. إن غولدمان ظل دائماً في كتابه يشدد على أن الدول التي تظل مؤسساتها العسكرية منقسمة تظل مهددة بشبح الحروب الداخلية، وأنها لن تتخلص من ذلك الشبح ما لم تبدأ بمأسستها وجعلها تحت قيادة مركزية واحدة وتحويلها إلى مؤسسة قوية ومتينة على أسس وطنية بقيادات عسكرية وطنية كفوءة..

واليوم، في اليمن، مع ما حدث من تهدئة وإنجازات كبيرة ومهمة خلال المرحلة الانتقالية الأولى، إلا أن شبح الحرب مازال قابعاً بالقرب يطل برأسه بين الحين والآخر، طالما ظلت المؤسسة العسكرية منقسمة، فيما مازال أولاد صالح وأبناء أخيه على رأسها على الرغم من تتزايد الأصوات المطالبة بضرورة إقالتهم بأسرع وقت.

يوم الاثنين أصدرت اللجنة التنظيمية للثورة الشعبية اليمنية السلمية بياناً أكدت فيه على مطالبها خلال المرحلة القادمة. وعلى رأسها يتربع هذا المطلب: «إعادة هيكلة الجيش وإقالة جميع رموز عائلة صالح وأقاربه من جميع المؤسسات العسكرية والأمنية..»، بل أخطر من ذلك، ربط البيان بين تنفيذ هذا المطلب والحوار الوطني، من حيث أنه اعتبر تنفيذه «مدخلاً لأي حوار وطني قادم».

ولقد كان يمكن اعتبار ما حدث مساء الجمعة قبل الماضية من ردة فعل عنيفة على صفحات الفيس بوك كمقياس معياري للحساسية البالغة من هذا الأمر. مساء ذلك اليوم، غرق الفيس بوك بتصريحات منسوبة للسفير الأمريكي مفادها: بأن نجل صالح، قائد الحرس الجمهوري، وعلي محسن الأحمر، قائد الفرقة الأولى، سيحتفظان بمواقعهما العسكرية. حينها، عندما شعر الشباب بما يشبه الخديعة صبوا جام غضبهم على الصفحات الإلكترونية لموقع التواصل الاجتماعي، حتى أنك لم تعد ترى أمامك شيئا سوى الغضب، الاستنكار، الرفض، دعوات التصعيد وكيل الاتهامات.

في الواقع، لقد أخطأ موقع إلكتروني في ترجمة تلك الأجزاء من مقابلة السفير الأمريكي مع الصحفي البريطاني توم فين، ليعود لاحقاً وينشر المقابلة كاملة بترجمة صحيحة تقدمها اعتذار كبير على الخطأ.

ومع ذلك، فإن ما حدث وما نتج عنه من مطالب، منها على سبيل المثال: الدعوة لمسيرات تصعيدية كبيرة، المطالبة بضرورة طرد السفير، تجريم المبادرة ورفضها، رفض التدخل الخارجي، وضرورة تصعيد الفعل الثوري.. وكذا من تخوين واتهامات غاضبة للأطراف الحزبية التي وقعت المبادرة..الخ. كل ذلك وغيره الكثير، لا يمكن اعتباره إلا مؤشراً مهما ونموذجاً مبسطاً وخطيراً لما يمكن أن تؤول إليها الحالة - في أي لحظة انحراف - من اشتعال وانفجار في ظل أجواء مازالت متوترة.

لقد شعر البعض أن العملية السياسية بدأت بالانهيار أو أنها قاب قوسين أو أدنى من ذلك. لولا أن سارع بعض المجيدين للغة الإنجليزية بإنزال تأكيدات بوجود خطأ في الترجمة، الأمر الذي أثار حفيظة الكثيرين ضد الموقع حتى شعر بالخطأ ليتداركه لاحقاً. لكن ومع ذلك، فحتى مع اكتشاف الخطأ والاعتراف به وتداركه، إلا أنه مازال هناك من لم يقتنع، ومازال حتى اللحظة يشكك ويفسر ما نشر على أنه لم يكن سوى تسريبات مقصودة لمحاولة جس النبض.

وعليه، ولمواصلة النجاح والحفاظ على سلاسة وشفافية وسلامة العملية السياسية، ربما سيكون لزاماً على المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي الفاعلة والمؤثرة، إثبات مزيد من حسن النوايا والجدية في تحقيق ما تبقى من تطلعات الشعب اليمني، الذي تنازل وقبل بالحل السياسي على مضض لتجنب إراقة الدماء، آملاً في بناء يمن جديد، يبدأ أولا بقطع صلته بالماضي وكل من تورط فيه.

وإن دعم الرئيس الجديد معنوياً ولوجستياً لن يكون كافياً للمحافظة على أجواء هادئة، ولا حتى في ضمان وتأمين عدم انحراف المبادرة عن مسارها الصحيح، بل سيتعين عليهم أيضاً – وربما بشكل عاجل - الوقوف بحزم في مواجهة تلك التصريحات والتسريبات الاستفزازية من أي طرف حول كل ما يتعلق بالترتيبات الخاصة لمسألة إعادة هيكلة الجيش، وذلك لدرء أية محاولات مستقبلية تهدف إلى توتير الأجواء وإحداث شروخ وانقسامات داخلية بعد توحد اليمنيين بإجماعهم على رئيس جديد. وإن ذلك قد يلزم، وبشكل عاجل، البدء بحديث صارم لا يقبل التأويل مع تلك القيادات بخصوص مفترضات المبادرة الخليجية فيما يتعلق بمسألة إعادة هيكلة الجيش.

وأخيراً، وحتى ينجح المجتمع الدولي الوسيط في تعزيز ثقة الشعب اليمني إزاء مقاصدهم النبيلة في مساعيهم بهذا الخصوص، فعليهم أن يشرعوا مباشرة في مسألة إعادة الهيكلة، وإنجاز خطوات أولية عملية وملموسة. الأمر الذي سيساعد، إلى حد ما، على تجنب التعامل مع أية تسريبات تشكك بوجود أهداف وترتيبات خاصة.

وما لم يحدث ذلك كله وبشكل عاجل، فإن كافة السيناريوهات المخيفة ستظل مفتوحة على مصراعيها، وأن حدوثها لا يعدو عن كونه مسألة وقت لا أكثر. 

------------------------
نشر الموضوع في صحيفة المصدر الأسبوعية - العدد 195 - بتاريخ 28 فبراير 2012