الثلاثاء، 21 مارس 2006

جمال الوطن لا يتسع الا لعيون القتلة

رصاصة استقدمت لحمايتنا، مستعدة لتخليصنا من رفضنا الهمجي الأحمق
عبد الحكيم هلال
نيوزيمن 21/03/2006
تزداد فاتورة تكاليفنا الوطنية اتساعا .. بيد أن الوطن يضيق كخرم إبرة ..

بحثنا .. فلم نجد سوى أن "المواطنة المتساوية " كانت مجرد حروف أقحمت في الدستور على حين غرة..

يوم أن كان الأقوياء يتصارعون حول أصول التشريع، ويختلفون حول نصوص الحكم..

حينها كان الضعفاء يبحثون عن وطن للمساواة، إلا أنهم ذهبوا بهم خلف أتراس الموت ..!! ليخلو لهم عقد صفقتهم الدنيئة، حينها اتفقوا حول " تفاصيل الحاكم" وتركوا الوطن بعيدا عن كل الأشياء

ومن تراكمات الذل والمهانة تقف في وجوهنا تساؤلات الحمقى المتأخرة :

"لمن كانوا يتصارعون إذن؟!".

وقد صنعوا لأنفسهم طبقات عليا. وكما ترمى بقايا أطعمة الذئاب، رموا بنا في الدرك الأسفل من قيعان الموت..!!

وحين حاول "الرواحل" منا، رفض ضيم "ثلة" قليلة، لـ"شعب" قيل أن له تاريخاً حافلاً بالغضب والثورة - ، كانت هناك "سيارة مسرعة" تؤدي واجبها الوطني، وكان هناك "مرض قاتل" يقوم بأداء دوره المحكم، وكان هناك ثأر ورصاصات طائشة وسجون سرية..!!

وفي كل محفل ثوري – من شأنه العمل على تذكيرنا بخط سير الثورة– مازال يحلو لكبيرهم سماع رنة التصفيق المهلكة ليقول : "اشكرونا؛ إذ ما زلنا نمنحكم حق العفو..!!".

الحمد لله المنعم، فمازال هناك حق، يقال أنه لنا ..!! في وطن أممت تفاصيله، ووزعت ثروhته، بين عدد من القبائل، وورثت كراسيه، لعدد من أولاد الذوات ..

بضعة وثلاثون كائناً فضائياً، يختارون كل ذات رغبة عليا، ليصبح من شأنهم التجمع كل ظهر ثلاثاء اسود، وكيفما تكون أمزجتهم، يرسمون لنا خارطة الموت المقُنن..!!

بينما أصبح محتما على أكثر من عشرين مليون مواطن "أرضي" تقبل فرماناتهم القادمة من "عليين" .

نحن المعنيون إذا، بدفع فاتورة إصلاح مقامهم العلوي..!! من غيرنا؟؟ من؟؟ بالله عليكم هل هناك من يسدد تلك الفواتير غيرنا، منذ نصف قرن ونيف؟!

هكذا، علينا أن نستمر كفئران تجارب أليفة، لا مفر لها من الموت، أو التشوه في أحسن الأحوال متى ما اخطأ من نقف تحت اختراعاته.
أو علينا أن نشب عن الطوق، ونسير في ذات الخط الذي رسمته لنا الثورة الأم.. وكيفما كانت العواقب، فإنها لن تكون أسوأ مما هي عليه الآن، أو مما تتجه إليه بعد سنوات..!!

الناعقون ، المهلكون، الموعودون، برغد العيش، خلفا لمن استهلكهم النفاق حتى آخر قطرة حياء كانت تبقي عليهم.. !!
هاهم يتوالدون من رحم الفقر والحاجة..، يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل.. إذ يقدمون قرابينهم قائلين:
" ليس ثمة ما يدعونا إلى الرفض..!!

فكل شيء في الوطن جميل، وإنما العطب على أعينكم".

هكذا تسود الحقائق، وهكذا يريدون خلاص وطن موحل بالفساد..!!

وكما أنه الحق الذي يجب أن يقال، فإنه أيضا الحق الذي أريد به باطل …!!

حتى إذا ما قررنا – ذات يوم - استخدام الرفض القابع في حناجرنا منذ أمد.. سنجد أن الرصاصة التي استقدمت لحمايتنا، هي الآن مستعدة لتخليصنا من رفضنا الهمجي الأحمق..!!

كما هي الدبابة المحشوة بقذائف الدفاع عنا، تتحول بأمر عسكري إلى عدو قاتل .. وفي كل الأحوال إن مت فلن يضر ذلك أحداً إلا أهلك ..
وفي كل الأحوال إن مت، فلن يسأل عن موتك أحد. !! ينصحون .. فلم علينا أن نتساءل عن كيف يكون الرفض ..!! ينصحون ..
لم؟؟ وقد سمح لنا أن نتساءل عن كيف يكون التنفيذ..!! .. يعيدون ويزيدون ..

نوع آخر من المياه الثقيلة.. المخذلون، أراذل الضعفاء، والكهان المعاصرون، يحلقون رؤوسهم بأيديهم الموحلة بالآثم ، إذ يتبرعون بحديث التخذيل، يقولون :
علينا كمواطنين من " الطبقة المحكومة" أن نتقبل بكل شجاعة دفع فاتورة الاستحقاق الوطني .. إذ حينما تصيبنا الرصاصة القاتلة ، نكون حينها خونة ومثيري شغب ومخططي انقلابات..

أما حين يسحقنا الفقر وتدمرنا السياسة الخاصة ببقائهم ، سنكون مجرد مواطنين.

وتلك هي معادلة المواطنة الممنوحة لنا في أقصى درجاتها.. في وطن سلبت منا فيه كرامتنا، وماتت فيه عزتنا، وتخلفت فيه الحكمة..

حتى قيل :
الرفض ليس له مكان إلا أن يكون ضد من يحاولون الرفض ..!!

فالسجن هناك ..
والرصاصة هنا ..

وجمال الوطن لا يتسع إلا لعيون القتلة ..!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق