الجمعة، 14 يناير 2011

كلينتون في صنعاء لترميم النوافذ المتكسرة





المصدر أونلاين - عبدالحكيم هلال  
ربما لم يحظ اليمن منذ عقود بزيارة مسئول أمريكي كبير بمقام وزير خارجية، مع أنه شهد الكثير من الزيارات لمسئولين أمريكيين أقل أهمية لاسيما عقب دخول اليمن كشريك عالمي مهم في مكافحة الإرهاب.
 بالنظر إلى الظروف الصعبة وتصاعد الأزمات المعقدة التي تمر بها البلاد، من المتوقع أن تحمل زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المقرر وصولها صنعاء اليوم الثلاثاء، أهمية كبيرة مع أنها تأتي في سياق جولة خليجية تشمل أبو ظبي، عُمان، والدوحة.
 وينظر إلى قضايا مثل: تعزيز التعاون الثنائي في مكافحة الإرهاب، وربما نتائج ما خلفته وثائق ويكيليكس، كقضايا ملحة لتكون على قائمة أولويات أجندة الوزيرة. على أن تزامن الزيارة مع تصاعد الأزمة بين السلطة والمعارضة اليمنية، الأسبوع الماضي، وإصدار وزارة الخارجية الأمريكية بياناً بهذا الشأن رفضته وهاجمته السلطة، قد يضع الأزمة وتداعياتها والبحث في إمكانية حلها، في سياق القضايا المهمة المطروحة للنقاش. ويدعم ذلك ما أكده مصدر في اللقاء المشترك مساء أمس لموقع "المصدر أونلاين" حين أكد أن سفارة الولايات المتحدة بصنعاء أبلغت قيادات المشترك عن رغبة وزيرة الخارجية اللقاء بهم خلال زيارتها لليمن.
 تمثل الزيارة أهمية بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة في المقام الأول. وعليه فمن المهم التأكيد على أنها تأتي لترميم النوافذ المتكسرة من حيث أن هناك حديثا -غير مؤكد- عن خلافات يمنية أمريكية على خلفية ما تضمنته وثائق ويكيليكيس. وقد تردد أن الرئيس صالح كان قد رفض استقبال مسئولين أمريكيين خلال الأيام التي أعقبت نشر الوثائق. كما أن الاتصال التلفوني الذي قام به -بعد يوم من النشر- مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب والأمن الوطني جون برانيان، لوحظ أنه تلي بتصريحات ذات لهجة شديدة إزاء اليمن من جهة برانيان ونشرتها وسائل الإعلام العالمية. ومؤخراً تضمن رد حزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) على بيان الخارجية الأمريكية حول الأزمة الانتخابية جملاً وعبارات شديدة اللهجة تضمنت رفضاً للتدخل في الشأن المحلي.
 ذلك قد يعني أن الزيارة تقد تعكس رغبة واشنطن في ترميم علاقتها مع أحد حلفائها (المهمين) في المنطقة، سعياً لمواصلة تنفيذ الاتفاقات التي تم التوقيع عليها سابقاً بضمنها توسيع العمليات الأمريكية داخل اليمن. وقد يعزز هذا الأمر ما تناقلته وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين من الحديث حول نقاشات تتعلق بتواجد أمريكي وبريطاني واسع في اليمن.
 بالنسبة لأزمة المعارضة والسلطة، ففي الحقيقة لا يمكن -بأي حال من الأحوال،- جعلها والبحث عن حلول لها بمثابة الاهتمام الرئيسي بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة. ذلك مع أنه يمكن القول -وفق تقديرات أخرى- بإمكانية إدراجها في سياق الحديث عن أهمية استقرار اليمن من جهة الحديث المتكرر عن أن وضعاً مضطرباً من شأنه أن يقدم مناخاً وبيئة خصبة لتنامي الإرهاب، ويدخل -في السياق- الحديث عن قلق دول الجوار من أي تداعيات مؤثرة على المنطقة.
 لا تحفل أمريكا بتطبيق الديمقراطية إلى الدرجة التي يتصورها البعض والمستمدة من تنظيرات مفكريها. ذلك أن السياسة الخارجية الأمريكية باتت اليوم تعكسها المصلحة القومية الخاصة أكثر من المصالح الإنسانية العالمية. وقبل أن تجرى الانتخابات المصرية الأخيرة بيومين انتقدت صحيفة الواشنطن بوست (الأمريكية القريبة من الديمقراطيين –الحزب الحاكم) كلا من أوباما وكلينتون لعدم اتخاذهما مواقف صارمة ضد الحكومة المصرية التي كانت حينها تعد لانتخابات قالت الصحيفة أنها محسومة النتائج سلفاً. وكشفت الصحيفة أنه وعوضاً عن ذلك، رفض الرئيس ووزيرة خارجيته دعم ما كان الكونجرس يسعى إليه من قانون يربط بين مواصلة المساعدات المالية الأمريكية (تبلغ مليار ونصف دولار بالنسبة لمصر) وبين إحداث إصلاحات سياسية. بل دعت الصحيفة الرئيس الأمريكي والوزيرة أن يقوما بعمل صارم في هذا الاتجاه [المساعدات] ضد الرئيس المصري، حتى لا تنتقل العدوى إلى دول عربية وأخرى في المنطقة ممن تنتهج الديمقراطية. وهذا العام من المفترض أن تواصل واشنطن ضخ أموال المساعدات إلى اليمن، والتي رفعتها إلى أكثر من نصف مليار دولار العام الماضي
حين تحدث الصحفي العربي المعروف (محمد حسنين هيكل) حول وثائق ويكيليكيس لفت إلى أن الإدارة الأمريكية تبدو أنها عاجزة عن إرغام حلفائها العرب لإحداث إصلاحات سياسية حقيقية. وأنها تبدو وكأنها تفضل السكوت مقابل الحصول على مصالحها. لكنه نوه إلى أمر بالغ الأهمية حين قال إن الإدارة الأمريكية حين تظهر في الوثائق وهي تتحدث عن ضرورة إحداث إصلاحات سياسية، أمام حلفائها، فإنها قد تكون جادة من حيث أنها لا تريد تكرار التجربة الإيرانية حين ثار الشعب ضد الشاه بسبب الاحتقانات الكبيرة الناجمة عن القمع، وهو الأمر الذي قلب المعادلة رأساً على عقب.
 في اليمن، قد يؤدي التقاعس الإمريكي في حسم القضايا السياسية الملحة بشكل صحيح إلى تعزيز كراهيتها في مجتمع ربما ما زالت شريحة كبيرة فيه تؤمن أن واشنطن دولة لا تنام إلا على تقتيل العرب والمسلمين، الأمر الذي من شأنه أن يصعب من عملية التخلص من التطرف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق