الثلاثاء، 12 يونيو 2007

الأرهاب في العلاقات اليمنية الأمريكية




فيــما عدا الشيخ الزنداني..اليمن شريك رئيسي

- بعد يوم واحد من توجه الرئيس علي عبد الله صالح إلى الولايات المتحدة (29 نيسان ابريل الماضي) نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي للعام 2006م عن الإرهاب العالمي (30 نيسان/أبريل).

وفي ملخصه التنفيذي الخاص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا قدم التقرير ملخصاً عن اليمن بواقع (560) كلمة بدأه ممتدحاً للإجراءات التي اتخذتها البلاد ضد تنظيم القاعدة والمتطرفين المحليين ، وتطرق إلى الهجمات التي نفذها إرهابيون في اليمن خلال العام 2006م ومواصلة المحاكمات ضد أعضاء تنظيم القاعدة الذين ألقت أجهزة الأمن اليمنية القبض عليهم.

واختتم الملخص حديثه عن اليمن بالإشارة إلى عدم اتخاذ الحكومة اليمنية أية اجراءات ضد الشيخ عبد المجيد الزنداني ، مشيرا إلى تأييد الرئيس علي عبد الله صالح له ولجامعة الإيمان التي يديرها.

 الشيخ الزنداني بعيون أمريكية

الأخبار الواردة تباعا من وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن الفعاليات التي قام بها الرئيس صالح في زيارته الأخيرة لأمريكا، أكدت أن الرئيس التقى برئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية ، وكان محور الحديث القائم بينهما ، تعاون اليمن في مكافحة الإرهاب وقالت أن الرئيس طلب من الإدارة الأمريكية رفع اسم الشيخ الزنداني من قائمة الإرهاب لكنها لم تشر إطلاقاً إلى رد الأمريكان حول ذات النقطة ، التي ظلت لفترة من الزمن – خلال العام المنصرم- تراوح الصحافة اليمنية والدولية . ومؤخراً بدا نبيل خوري نائب السفير الأمريكي ، والقائم بأعمال السفير حالياً مدافعاً عن التعليم الديني في المنتدى الإلكتروني الذي نفذه موقع «نيوز يمن» الإخباري الأسبوع الماضي ، حول الجامعة وذكر باللقاء الذي ضمه والزنداني في مكتب الرئيس صالح، وقال انه انتقد رئيس الجامعة (يقصد الزنداني)، وقال الموقع في خبره حول المنتدى أن خوري « تمنى أن يشارك في أي حوار مع جامعة الإيمان» مذكرا بأنه « انتقد رئيسها في اللقاء الذي جمعهما في مكتب الرئيس علي عبد الله صالح ، على إغلاقها بما يوحي أنها أقرب إلى المعسكر منها إلى المؤسسة التعليمية».

وبحسب الموقع فإن خوري قال « إن الإشكاليات الناتجة عن اتهام الشيخ عبد المجيد الزنداني بتمويل الإرهاب وتنظيم القاعدة مرتبطة بكون المنظمة الأخيرة منظمة عسكرية تستخدم السلاح وتخطط للاعتداءات المتكررة ضد مصالح أمريكا والبلدان التي لها علاقة بها ، ومنها دول مسلمة وعربية « وليس بـ» كونه رجل دين ، ولا لأنه يرأس جامعة تعليم ديني».

 الشيخ في طاولة المفاوضات

لدى لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش - مساء الأربعاء الماضي- أكد الرئيس علي عبد الله صالح أن اليمن شريك رئيسي في الولايات المتحدة ، في الحرب على الإرهاب، وهو الأمر الذي اكدته تصريحات الرئيس بوش ، والمسئولون الأمريكان.

وتلقت اليمن دعماً أمريكيا كبيراً يساعدها على اتخاذ إجراءات مناسبة ضد الارهاب، وتمثل الدعم إلى جانب المال، بالأجهزة والقوارب الخاصة بخفر السواحل، والتدريبات العسكرية والتقنية الداخلية والخارجية ، ومع ذلك إلا أن ملخص التقرير التنفيذي الأخير،اعتبر أن « قدرة الحكومة اليمنية على الحد من تمويل الإرهاب، لا تزال محدودة،ففي العام 2004 اشارت لجنة العقوبات (1267) التابعة للأمم المتحدة إلى الشيخ اليمني البارز عبد المجيد الزنداني بأن لديه ارتباطات بالقاعدة، لكن الحكومة اليمنية لم تتخذ أي إجراء لمنعه من السفر أو لتجميد ممتلكاته إنصياعاً لالتزاماتها مع الأمم المتحدة وخلال العام – اعرب الرئيس صالح عن تأييده للزنداني ولجامعة الإيمان التي يديرها».

والمرجح أن الرئيس صالح وخلال الزيارتين الأخيرة والتي سبقتها لأمريكا كان يطرح قضية الشيخ الزنداني لرفع اسمه من القائمة الأمريكية السوداء، في طاولة الحوار، لكن الردود الأمريكية حول تلك الطلبات لم تكن تعلن على الملأ،غير أن صيغة التقرير الأخير المرفوع للكونجرس حول الإرهاب، كان واضحاً أن الإدارة الأمريكية ما زالت-ليس فقط مصرة على الحديث عن الشيخ الزنداني كمتهم - بل أن التقرير يتهم الحكومة بعدم اتخاذ أية إجراءات لتجميد ممتلكاته ومنعه من السفر ، حسب التزاماتها مع الأمم المتحدة وهو الأمر الذي قد يشكل ضعفاً للجانب اليمني ، في مدى جديته ، بطرح الموضوع على طاولة المناقشات،إذا كان الأمر يصل إلى حد إضعاف علاقات اليمن مع المجتمع الدولي ، وتنفيذ التزاماته بمكافحة الإرهاب.
  اليمن في التقرير الأمريكي

 وفي سياق تعاون اليمن في مكافحة الإرهاب على أرض الواقع خلال العام الماضي أكد ملخص التقرير ان الجمهورية اليمنية ، اتخذت اجراءات ضد القاعدة والمتطرفين المحليين وأوقفت العديد من الأفراد المشتبه بصلتهم بالقاعدة، وقدمت للقضاء منفذي الأعمال الإرهابية السابقة لكن التقرير أكد ايضا أن اليمن شهد عدة إنتكاسات في جهوده ضد الإرهاب مع فرار 3 من اصل 23 مشتبهاً بتأييدهم للقاعدة. وأشار إلى الهجومين على المرافق النفطية في شرق اليمن في سبتمبر الماضي ، وقال أن التحقيقات حول الهجمات ما تزال مستمرة،لكن لم تصدر بعد أية اتهامات،وتطرق إلى فرار 23 مشتبهاً بهم من انصار القاعدة من سجن مشدد الحراسة في صنعاء في 3 شباط / فبراير وكان بين الفارين أفراد أدينوا لمشاركتهم في هجمات العام 2000 ضد السفينة الأمريكية كول والعام 2002 ضد السفينة الفرنسية ( إم في ليمبورج). وواصل ملخص التقرير التنفيذي، سرد بعض الأحداث المرتبطة بالإرهاب. و أكد أن اليمن واصلت خلال السنة 2006م القاء القبض على أعضاء القاعدة المشتبه بهم إضافة إلى أعضاء المجموعات الإرهابية الأخرى وتطرق إلى بعض المحاكمات الأمنية لبعض الارهابيين ومنها محاكمة محمد حمدي الأهدل الذي قيل أنه الرقم الثاني للقاعدة في اليمن بجرم تمويل المجموعات الارهابية المرتبطة بالقاعدة ،وحكم على الأهدل بالسجن 37 شهراً أمضى معظمها في انتظار محاكمته في 8 تموز / يوليو.

وقال أن المحكمة الجزائية المتخصصة برأت 19 متهما بالتآمر للهجوم على المصالح اليمنية الأمريكية واعترف المدعي عليهم ( النيابة العامة) انهم سافروا إلى العراق « للجهاد» لكن القاضي قال أن الجهاد ليس غير مشروع بموجب القانون اليمني وأيضا برأت 23 فرداً آخرين اتهموا بالتآمر للسفر إلى العراق ومهاجمة القوات الأمريكية ووجدت أن 21 من المدعى عليهم مذنبون لتقديمهم وثائق مزورة ، لكن القضايا هذه ما تزال قيد الاستئناف، وفي صنعاء تمت تبرئة أربعة عراقيين اتهموا بالتآمر لمهاجمة السفارتين الأمريكية والبريطانية سنة 2003.

وعن محاولة اغتيال السفير الأمريكي السابق ادموند هول قال التقرير في آب اغسطس أعادت محكمة الاستئناف قضية الشخصين المتهمين بالتآمر لاغتيال السفير الأمريكي سنة 2004 إلى المحكمة الابتدائية زاعمة أن القاضي لم يتبع إجراءات إصدار الحكم الصحيحة. وأشار التقرير إلى استخدام اليمن للجنة الحوار ، برئاسة القاضي حمود الهتار مع المحتجزين الذين القي القبض عليهم لصلاتهم بالمجموعات الارهابية والعناصر المتطرفة وقال أن الحكومة أطلقت سراح الموقوفين ممن اعتبرت أنهم أعيد تأهيلهم بعد أن تعهدوا بإحترام الدستور والقوانين اليمنية وحقوق غير المسلمين وعدم المساس بالمصالح الأجنبية. لكن التقرير لفت إلى أنه ليس هناك برنامج شامل لرصد نسبة عودة المطلق سراحهم إلى الإجرام،مشيراً إلى وجود تقارير تفيد أن عدداً منهم سافروا إلى العراق في السنوات الأخيرة للمشاركة في هجمات ضد قوات التحالف.
--------------------------------
الثلاثاء , 12 يونيو 2007 م   

الجمعة، 27 أبريل 2007

بعد عقد ونيف منها.. اليمن: جردة حساب للديمقراطية



حتى لا تكون كلا على الوطن والشعب..


اليوم، وبعد عقد واحد فقط وسنوات أربع، تبدو الديمقراطية في اليمن، وكأنها “عجوز عقيم”..!!
إنها لم تعد قادرة على ولادة “تغيير” واحد على الأقل..
صادفت الجمعة الفائتة، الذكرى الرابعة عشر، للمولود الأول للديمقراطية في اليمن، في الـ (27) من أبريل 1993م،  في أول وأهم، أشكالها وهو الانتخابات البرلمانية الحرة والمباشرة.
حينذاك كان الحزب الاشتراكي، شريكا في الحكم بعد تحقيق الوحدة في 22 مايو1990م، وكان من الصعب تجاهله،489ima
لتواجده (ألتقاسمي) في كافة ألأجهزة التنفيذية العليا والدنيا. أضف الى ذلك ما كان عليه التجمع اليمني للإصلاح، من تشكيلهُ لجبهة المعارضة القوية، ضد حزبي السلطة (المؤتمر والاشتراكي).. ألأمر الذي صعب من عملية الانفراد بالقرارات، والإجراءات الناظمة لتسيير الانتخابات، أو الرقابة عليها. ولذلك يعتقد بعض السياسيين، أن تلك ألانتخابات – مع ما شابها من قصور، وشبهات – كانت هي الطفرة الوحيدة التي أفرزت القوى السياسية في المجتمع بشكل أقرب الى تواجدها الحقيقي في الساحة (حجمها الطبيعي). لكنهم يعتقدون بعد ذلك أن انتخابات 1997م، كانت أقل نزاهة، وأكثر تفردا بالقرارات والمناخ الانتخابي ورسم معالمه، وشكله، والسيطرة على أجراءته، من قبل الحزب الحاكم، الى حد لا يمكن لمتابع منصف، أن يغفل عنه. وهو ما ذهب اليه الدكتور محمد الظاهري – أستاذ العلوم السياسية(جامعة صنعاء)- حين أعتبر أن انتخابات 1993م، أتسمت بالجدية والتنافس الحقيقي، والنزاهة النسبية.. لكنه اعتبر أن انتخابات 1997م، كانت أقل نزاهة، والأقل منها ظهرت عليه انتخابات 2003م
 
    بعد رفض ألإصلاح المشاركة، وتفرد المؤتمر للسلطة

السياسيون – كما أسلفنا - يجزمون أن انتخابات 2003م، كانت هي ألأسوأ في تاريخ اليمن، نظرا للسيطرة الكاملة على كافة الإجراءات الانتخابية، بعد تفرد المؤتمر الشعبي(الحاكم) بالسلطة ومفرداتها وحيدا، خلال ألأربع سنوات(1997-2003م)، بعد رفض الإصلاح فكرة المشاركة في الحكومة المؤتمرية، وخروجه من السلطة سلميا الى المعارضة، التي كانت – أيضا - هي طريقه الوحيدة الى السلطة، بعد انتخابات 1993م، وحرب صيف 1994م.
وقد أتسمت انتخابات 1997م بالأقل نزاهة، للتواجد النسبي (1-4) لتجمع الإصلاح في أجهزة السلطة التنفيذية، في بعض الوزارات غير السيادية، وهو ما مكنه – نوعا ما- من تخفيف رغبة المؤتمر التسلطية والشمولية، وكبح جماحه، عبر محاولات فرض بعض الإجراءات ألانتخابية والرقابية في حينها.
 
   نظم استبدادية 

ما الذي يحصل للديمقراطية في بلادنا.. ؟
هذا السؤال يبدوا مناسبا، مع ما تظهره المعادلة من تناقض واضح مع مبررات وجود الديمقراطية. فلا يوجد شعب عاقل، يزداد فقرا، ويعرف أنه يزداد فقرا بسبب الفساد المستشري والمحمي من أجهزة الدولة.. ثم يجد فرصة للتغير، عبر ورقة صغيرة يضعها في الصندوق.. فيرفض، ويفضل الموت على الحياة..!!!
هذا لا يمكن أن يحدث إلا في أحد مجتمعين : الأول مجتمع ” اللاعقل”، أما الثاني، فتعرفه “ألن لوست-أوكار” -  Ellen Lust-Okar - أستاذة العلوم السياسة بجامعة ييل، أنه مجتمع الدول ذات “النظم الاستبدادية”. إذ اعتبرت أن الانتخابات التي تجرى في دول تحكمها ” نظم استبدادية ” لا تفيد الديموقراطية أو أحزاب المعارضة بقدر أفادتها للحكومات غير الديموقراطية التي تسعى من خلال إجراء الانتخابات الى شرعنة استبدادها وترسيخ سيطرتها على السلطة.
وحتى لا يظهر أحد، ممن يسمونهم بالسياسيين – المحسوبين على سلطة تلك المجتمعات- ليقول ببلاهة واضحة أن وصف “استبدادية” لا ينطبق علي الدول التي تجري انتخابات..!!
فقد اعتبرت “أوكار” أن حرص بعض الأنظمة العربية على إجراء انتخابات بأنه فقط لمساعدتها في إحكام السيطرة على السلطة ليس إلا.
 
  برلمانات صناعية

ولكن بالفعل هناك برلمانات قائمة نتيجة انتخابات مباشرة من الشعب..!! ما لذي يمكن الحديث عنه أمام وجود تلك البرلمانات كواقع لا يمكن تجاهله..؟
قدمت أوكار تحليلا لوضع الديموقراطية العربية القائمة على الانتخابات الشكلية فقط، ..من أن البرلمانات المنتخبة يمكن أن تساعد الحكام المستبدين بتوظيفها وجعل النواب المنتخبين معتمدين كليا على النظام بدلا من ارتباطهم وتعبيرهم عن ناخبيهم. وكنتيجة للدور الذي رسمته الأنظمة غير الديمقراطية للبرلمان ، فإن من الصعب لهذه البرلمانات أن تحقق أي فائدة سياسية لأحزاب المعارضة ، قالت ” أوكار “ مستدركة : بل على العكس يمكن أن تصيب المشاركة في الانتخابات، تلك الأحزاب بالضرر، من حيث أن الحكومات سوف تستغل فشل المعارضة في الحصول على أصوات الناخبين وتصوره على أنه ضعف، وعلى أنها غير فعالة ولا تمثل طموحات ورغبات الشعوب.
 
  لماذا يضعف البرلمان؟

هاهي ثلاث دورات انتخابية للبرلمان اليمني، لم تسفر سوى عن “سخرية” ونكات تحولت من أن تكون داخلية، لتصبح إقليمية. لقد أمتلئت “الشاتات” و”المنتديات” العربية الساخرة، بنكات، كان طرفها المضحك هو البرلمان اليمني، وساعد على ذلك حرص بلادنا – وطبعا نوابنا- على عرض يعض جلساته وفضائحه على الملأ. نواب يقرؤون الصحف، وتستعرضهم الشاشة بـ(الزوم)، آخرون يتحلقون الى جوار بعضهم، ويضحكون، وهناك النائمون، والأيدي التي ترفع للتصويت، بعد الالتفات الى الخلف والأمام والجوانب، وأن نائبا رفع يده للتصويت، كالعادة، وبعد أقرار البرلمان للقرار المصوت فيه، أكتشف أنه قد صوت، مع رفع الحصانة عنه..!! إن هي الا نكات، لكنها تعكس واقع مرير، لا يمكن أن يكون أسوءا من الا عدم “تفاعل” النواب أنفسهم، مع قضايا المواطنين الذين منحوهم أصواتهم على الأقل.
كيف يمكن تقييم الديمقراطية في خدمة المجتمعات عبر ما يقدمه البرلمان للشعوب؟
النائب البرلماني علي عشال، يتأسف بشدة لعدم حدوث تراكم داخل مؤسسة البرلمان، لأعراف برلمانية، تنظم أعمال هذه المؤسسة، ومع أنه يؤكد على وجود القانون، لكنه يشير الى الأختلالات الكثيرة داخل البرلمان، منوها الى انعدام التوازن السياسي، كسبب، جوهري عمل على إضعاف دوره الحقيقي الى حد كبير..!!
يسترسل “عشال” في إيراد أسباب، عجز البرلمان عن تقديم نموذج حقيقي للديمقراطية ذات المقصد النفعي للناس، ويضيف الى ما سبق أسبابا أخرى لعل أهمها في ترتيبه تلك التدخلات التي تقوم بها المؤسسات التابعة للجهاز التنفيذي، وأيضا وجود هيئة رئاسة هي أقرب للجهاز التنفيذي من البرلمان(التشريعي)، يقول أنها رئاسة تقف كجدار صد للحيلولة دون اتخاذ قرارات حاسمة من البرلمان تجاه الأختلالات الحكومية القائمة.
 
  التوازن السياسي لمصلحة البلاد 

أما الدكتور الظاهري فمع أنه يعتبر أن أهم استفادة للمواطن هو وجود سلطة تشريعية، جآءت عبره هو، فإنه يقلل من شأن ما قدمه المجلس خلال فتراته الثلاث منذ 1993م، وحتى الآن، عدى قانونين، أصدرهما ويمكن وضع ذلك في كفة الحسنات، هما قانون برأءة الذمة المالية، والآخر قانون مكافحة الفساد..
ومع ذلك فهو يؤكد فشل البرلمان في إقرار مشاريع لقوانين، مثل قانون تنظيم وحمل السلاح، المقدم الى البرلمان قبل سنوات. ويستغرب أن حكومة المؤتمر هي التي قدمت القانون، وهي ذات الأغلبية الكاسحة، ومع ذلك أعلنت فشلها إقراره..!! ويذهب الى أن مثل تلك الأمور تمثل تدنيا للأداء التشريعي. وأما على المستوى الرقابي الذي يخوله الدستور فيقول أن للمجلس حسنه واحده في هذا ألإطار، وهي تفعيله لصلاحياته، في إيقاف الصفقة الفاسدة في القطاع النفطي 53 في العام 2006م. وغير تلك يحكم الظاهري على أداء المجلس، بأنه متدني.
ويقودنا حديثه الى فشل البرلمان في إدارة الصراعات السياسية، كأهم دور سياسي يكفله الدستور، وأستشهد على ذلك بدوره غير الواضح في الحرب الدائرة بمحافظة صعدة.
ويشخص الظاهري الأسباب، بالاتفاق مع “عشال” في انعدام التوازن السياسي، وفي الواقع يقول أن أهم ألأسس التي تستند عليها الديمقراطية، هو وجود التوازن السياسي، وانتشار القوى السياسية في البلاد، بحيث لا تكون محصورة في حزب واحد فقط. ويذهب للتأكيد أن مصلحة البلاد تقتضي وجود توازن سياسي.
 
   قشرة رقيقة من الديمقراطية 

قد يبدوا الأمر معقدا في الشرق ألأوسط، وعلى وجه التحديد في بلادنا.. إذ أن ما حصل من فرز للقوى السياسية، في البرلمان لا يمكن السيطرة عليه، فالمواطن هو من أختار ولابد من القبول بالديمقراطية.. ذلك هو المنطق حقا. لكنه منطق قد يبدو ضعيفا إذا ما تذكرنا أفاعيل وقدرات “النظم الاستبدادية”، وفي نهاية الأمر، فالنتيجة على ماهي عليه، إن قبلنا بها، وعدنا الى منازلنا للقراءة، وكتابة المذكرات، فإن ألأمر سيكون مشينا بحق الوطن. إذ لا تغيير أبدا، وبالتالي، لا إصلاحات، وهو ما يحصل تماما في بلادنا.. زيادة في حصة الحزب الحاكم في البرلمان، يرافقه زيادة في الفساد، والتدهور والظلم، وتضخم للأقوياء على حساب الضعفاء.. وبالمجمل..أنهيار وطن، حروب ..وصراعات على البقاء. وهو ما تحذر منه الديمقراطية، وما جآءت لأدارته، ومنع حدوثة..
ضمن ورقتها، التي قدمتها في ندوة ” مشروع الديمقراطية العربية والتنمية ” التي عقدت يوم 16 يناير 2007 بواشنطن بمقر مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط Saban Center التابع لمعهد بروكنغز، خلصت “أوكار” إلى أن الانتخابات التي تجرى تحت حكم أنظمة استبدادية تقدم قشرة رقيقة من الديموقراطية، بينما تضعف المطالب الداخلية والخارجية المنادية بالإصلاح السياسي وبالمزيد من الحريات السياسية.
المشكلة قائمة، والتحليلات المختلفة لها قد تصيب وقد تخطئ، لكن الأهم من كل ذلك، أن الحلول الممكنة، لاستخدام الديمقراطية كحل لمنع الصراعات الممكن نشوبها، موجودة، وهي بحاجة الى دراسة من بلد الى آخر، حسب ما يتوافق مع هذه البلد أو تلك.
وتعتقد أحزاب المعارضة اليمنية في أكثر من تصريح، أن الحل يكمن في إصلاح النظام ألانتخابي، وتبدأ بالحديث عن اللجنة العليا للانتخابات، وسجل الناخبين، وهو أيضا ما قرره تقرير المعهد الديمقراطي ألأمريكي الصادر مؤخرا، كما وأن البعثة ألأوروبية، المكلفة بالرقابة على ألانتخابات، أوصت بمثل تلك الحلول، وتتمسك أحزاب المعارضة بتوصياتها، بينما يتهرب الحزب الحاكم من ذكرها حتى، بما يدل عدم رغبته، فقد السيطرة علة الإجراءات، وعدم مغادرة مربع “النظم الاستبدادية” التي تجعل من الانتخابات خيار، مفروض، لتلقي المساعدات، وتحاول بكافة وسائلها وإمكانياتها، عدم فقدان السيطرة على مقاليد ألأمور.
 
   الحل في ”النسبية” 

ربما يكون الحل الأنسب حاليا، لتفعيل البرلمان، وإحداث نوع من التوازن السياسي، وإيصال الكفاءات الفعالة الى البرلمان، بحسب “عشال” و “الظاهري” بالانتقال بالنظام الانتخابي الى “نظام القائمة النسبية” ، إذ يتفق أثنينهما، أن العمل بنظام القائمة النسبية، في الترشيح وأختيار المرشحين، سيعمل على عكس القوة الحقيقية للأحزاب، كما سيعمل على أيجاد تمثيل برلماني حتى لتلك الأحزاب المتواجدة في الساحة، والضعيفة. عوضا عن أنه سيضطر ألأحزاب الى اختيار مرشحين أكفاء قادرين على الفوز، دون ألاعتماد على الوجاهة القبلية والاجتماعية، لاختيار المرشح.
نظام الدائرة الفردية المعمول به حاليا، يفرز شخصيات برلمانية غير كفؤة، وتعتمد الأحزاب في اختيارها على عوامل مشائخية وقبلية، بينما سيفرض عليهم نظام الدائرة النسبية، اختيار مرشحين قادرين على كسب أصوات أكثر، تساعد الحزب على الكسب ألأجمالي وليس الفردي
ويرى “عشال” أنه إذا كان هناك تخوف من هذا النظام، فيفضل العمل بالنظام المختلط (50 % فردي) و(50% قائمة نسبية)، كما هو حاصل في بعض الدول التي تستخدم النظامين معا.
ويفصح الدكتور الظاهري، عن تفضيله لنظام القائمة النسبية، بدلا عن الفردية، من حيث أن النسبية، تعبر بشكل حقيقي عن ثقل كافة الأحزاب، بما فيها الصغيرة (لا تظلم حقها في التمثيل) ومن جانب آخر أنه يعزز من فاعلية النظام الحزبي، إذ يتقدم للترشيح على اساس برامجي وليس قبلي أو اجتماعي.
وكما يرى “عشال” يقول الظاهري أنه مع العملية التدرجية، وليس الانتقال الكلي، الى نظام القائمة النسبية، فيرى أن يتم تطبيق النظامين بمعايير مدروسة، بحيث يمكن الإبقاء على النظام الفردي في بعض ألأرياف، التي يصعب تطبيق النظام النسبي فيها، وتطبيق النسبي في بعض المدن، لأنه منوط بوعي الناخب، قبل أي شيء، ومع المدى المتوسط والطويل، من الممكن ألانتقال الى التطبيق الكلي لنظام القائمة النسبية
-----------------
كتب في أبريل 2007م، ونشر في صحيفة الصحوة


  

الجمعة، 15 سبتمبر 2006

مفاجأة قوة المنافسة، جلبت تناقضات ما قبل الأنهيار

من خطابات الرئيس الحالي ( 1999م – 2006 م )..



 لم تعد الأمور، كما هي من قبل، فالجماهير التي كانت في 1999م، غير متأكدة تماما من قدرتها على التغيير، ربما احتاجت إلى ( سبع ) سنوات إضافية – قسرا – لتصل إلى ذروة الحاجة إليه اليوم 2006م.
سبع سنوات سوداء، أضيفت إلى آخر يابسات.. !! وليس ثمة متسع لـ سبع قاتله.
هذا ما يحدث اليوم بالنسبة للشعب، ليعبر عن رغبته الحقيقية من خلال كثافة حضوره مهرجانات المرشح الجديد للرئاسة، المهندس فيصل بن شملان ( الذي زادت من حظوظه - الى جانب رفضه التعايش مع الفساد، حين كان وزيرا للنفط 2004م –  قدرته على تشخيص الأوضاع، وخبرته الإدارية، وشجاعته السياسية ).
 هذا ما يحدث اليوم وهذا ما أصبح يدركه تماما، منافسه المتشبث بالسلطة، ليتخذ من خطاباته الانتخابية، منبرا لتهديد، واتهام منافسيه،  بشتى التهم المحرمة في قانون الانتخابات، التي تؤدي إلى بذر الشقاق، وتمزيق المجتمع، والتحريض، بل وحتى القتل، كالتخوين، والتجريم، والتكفير ( بحسب  مقال نشره المرافق حسن العديني في صحيفته الأسبوع ).
أتهم المنافس على منصب الرئاسة – ذو الـ 28 عاما في موقع الرئيس  – منافسيه، بـ  محاولة الانقلاب على الشرعية كما جاء في خطابه في محافظة ريمه ( 6 أغسطس 2006م ). !! وهو اتهام ، يعكس بوضوح سلوك مبطن، رافض قطعيا، لما يمن به على الشعب الديمقراطية تلك التي فرضتها كافة القوى السياسية، يوم تحقيق الوحدة.
وتلك الاتهامات الموزعة – مجانا عبر شاشات التلفزيون – لمنافسيه اليوم – شركائه بالأمس - هي في الحقيقة نفسها التهم التي يكيلها لكل من اختصم معه ( سواء خصومة اختلاف في المواقف، أو خصومة تنافس سياسي ديمقراطي، قانوني 100 % )!!.
- يعتقد الرئيس الحالي،  أن الشعب اليمني، ما يزال جاهلا، بحسب تخطيطا ته – منذ 28 عاما - ، إلا أن ما لم يستطع السيطرة عليه، ولم يكن ليستطع،هو منعه من اكتساب علما آخر، تكتسبه الشعوب المظلومة، المقهورة، الجائعة، التي ما تزال ترى وتسمع وتحس كل دبيب الفاسدين، نهابي ثروة الجميع، من معدة الأرض، المنبسطة على امتداد وطن يقل الجميع، لكنه لا يطعم الجميع. !!
- يلقي اتهاماته تلك على اعتقاد منه، أن ما استطاع أن يبقيه على الكرسي طويلا، سيستمر في  إبقائه أطول، وهو بين الحين والأخر، سيقوم به، كما هو !! دون النظر إلى طول المدة ومدركات الواقع الأليم، المتفاقم إلى النقطة
الحرجة، التي يعيشها أكثر من النصف.
- لن نعود إلى الخلف كثيرا للتذكير بسوابق الأحاديث المتكررة، والتناقضات التي تكتسحها من فترة إلى آخري.
سنعود فقط إلى الانتخابات الرئاسية السابقة 1999م، وما فوقها، إلى ما قبل أسابيع..
* مسرحية العودة الى الكرسي والمعاناة :
- في 23 /8/ 1999  في مؤتمر صحفي عقده بصنعاء، وحضره ممثلو وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية ومراسلو وكالات الأنباء والقنوات الفضائية العربية، وفي معرض رده على سؤال حول رؤيته للانتخابات الرئاسية 1999م ، في ضوء موقف المعارضة  - مجلس  التنسيق - المقاطع للانتخابات، بعد حجب التزكية عن مرشح المعارضة .
قال :   لقد كنت شخصياً قررت عدم ترشيح نفسي لرئاسة الجمهورية لكوني أمضيت في الحكم 21 عاماً وأعرف معاناة السلطة ومشاكلها الداخلية والخارجية ودعوت القادة والأمناء العامين للأحزاب إلى عقد مؤتمرات حزبية وإرساء تقاليد ديمقراطية جديدة وبحيث يكون رئيس أو أمين عام الحزب هو مرشح الحزب للرئاسة ولكن عندما وجدت بأنه ليس هناك مرشحين جادين لرئاسة الجمهورية أو مرشح ليس له ثأر مع الوطن والشعب ونزولاً عند رغبة المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح وأحزاب المجلس الوطني للمعارضة والفعاليات الاجتماعية قبلت بالترشيح ..
- مع تعاظم  الأنا فقط … الا أنها هي نفسها مسرحية 2006م ، مع تعديل بسيط في الإخراج، وتبدلات  لمواقف قوى سياسية ..
مسرحية العودة الى كرسي الحكم – الذي هو أصلا لم يخلو منذ 28 عاما - ، ونفس الكلمات والتصريحات تحمل ذات المضمون وإن اختلفت بعض الألفاظ ..
-  في :  6 – 9 – 2006 م مهرجان الحديدة: ، مضى قائلا أيها الإخوة لقد كنت رافضاً رفضاً تاماً للترشيح وللقبول في الترشيح, ولكن عندما رأيت التتار قادمون ليدمروا كل شيء جميل, ليدمروا التنمية والأمن والاستقرار والوحدة, قبلت بترشيحي لرئاسة الجمهورية بناء على طلب الجماهير وطلب المؤتمر الشعبي العام.. وقبلت بالترشيح وأنا اعرف حق المعرفة ما هي معاناة الرئاسة, وما هي مهام الرئاسة, ليست المسألة الاعتلاء على كرسي السلطة, ولكنها مهام جسيمة وعظيمة أمام من يريد أن يتحمل المسئولية.. إنها مغرم وليست مغنم كما يريدون لها هؤلاء الذين لايعرفون المسئولية .
 - ليس ثمة فرق إلا الإمعان في المغالطات المكشوفة، وزيادة كبيرة في الذاتية المفرطة.
* الإصلاح من شريك رئيسي إلى خائن وظلامي :
    - الإصلاح كما هو معروف، اعتبره مرشحه للرئاسة عام 1999م  – لا نستطيع القول أنه استأجره ، كما وصف هو بن شملان، في مهرجانه الخطابي في محافظة صعده 30 – 9 – 2006 م  – ولأن الإصلاح حينها (1999م )،  أعتبره مرشحه فقد أكد في ذات المؤتمر الصحفي السابق، أن الإصلاح شريك في دفاعه عن الوحدة والديمقراطية، وقال - أثناء رده على سؤال عن مدى التنسيق القائم بين المؤتمر والإصلاح والمجلس الوطني - أن التنسيق موجود وتنسيق مصيري  مضيفا  نحن دافعنا عن الوحدة والديمقراطية ومهما اختلفنا أو دست بعض القوى من أجل أن نختلف ، فإننا لن نختلف هذا تحالف مصيري ليس فيه نقاش ومثلما تحالفنا ضد الانفصاليين في جبهة واحدة فإن تحالفنا هو من أجل حماية الوحدة والديمقراطية والدفاع عنها .. قد نتباين من وقت لأخر لكننا متفقين على الدوام. . .
الا أنه اليوم سرعان ما تناقض مع تلك التصريحات، لمجرد أن دخل الإصلاح في جديه ترشيح مرشح آخر لمنافسته، وذلك بعد أن أدرك الإصلاح، أن  السير في ذات الاتجاه، عاد بالوطن إلى الفقر والجهل والمرض. وزاد عدد الفاسدين المقربين.
ولقراره ذلك في المنافسة، شن عليه مرشح المؤتمر الشعبي العام، هجوما، ليغدو الأمر: من مدافع عن الوحدة والديمقراطية، الى خائن، وظلامي، وانقلابي ، وووو !!!   - ذكر ذلك في أكثر من خطاب ضمن مهرجانات الدعاية الانتخابية 2006م.
- إذن فهو بكل بساطه، يعتبر من يقف معه، وطني ولا أروع منه، ومن يمارس حقه الديمقراطي بالمنافسة، فهو خائن وعميل وانفصالي وظلامي وانقلابي .. !! وهو ما يوضح جليا شكل الديمقراطية التي يريدها بالضبط.
* تهم تلغي التعددية لو صدقت :
     - هكذا أحالته المنافسة الحقيقية إلى خبط عشواء، فبعد أن كان، يصفها بالشريكة والوطنية، والأسرة الواحدة،
  تحول إلى مهاجمة، الأحزاب المنضوية في أطار اللقاء المشترك، ويتهمها اتهامات عامه، دون امتلاكه الأدلة ، مع أنها تهم توجب حلها، لو صدق. ودون وضع أية اعتبارات لموقعه الذي يطلق منه تصريحات، لا تنسجم مع الدستور : -
     -  مادة (5):
 يقوم النظام السياسي للجمهورية على التـعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معـيـن .
- مادة (24):
 تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتصدر القوانين لتحقـيـق ذلـك .
- مادة (41):              
 المواطنـون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبـات العامـة
- مادة (110):
يعمل رئيـس الجمهورية على تجسيد إرادة الشعب واحتـرام الدستور والقانون وحماية الوحدة الوطنية ومبـادئ و أهداف الثـورة اليمنيـة ، والالتزام بالتداول السلمي للسلطة ، والإشراف على المهام السيادية المتعلقة بالدفاع عن الجمهورية ، وتلك المرتبطة بالسياسة الخارجية للدولة، ويمارس صلاحياته على الوجـه المبيـن في الدستــور .
- وأمام ذلك، فلا يسعنا الا أن نختم هذه الفقرة  بعبارة مقتبسة تقول :   أسوء الزعماء، هم الذين يحيلون القانون إلى مستشار
-* عند الصمت عاجزة ، وعند المنافسة تتار  :
  هناك من يفسر خطابات الرئيس الحالي، الأخيرة، أنها تعكس تخوفا من المنافسة الحقيقية التي لم يكن يتوقعها، مع انه يتحدث عنها كثيرا، ويتحدى الأحزاب، بين فترة وأخرى. بينما يضيف البعض إلى جانب ذلك، انكشاف حبه الشديد للسلطة، بعكس تصريحاته المتكررة برغبة التخلي عنها..  ويأتي هذا التفسير من كون تلك الخطابات، بعيدة كل البعد عن رغبة الزهد تلك ،  ..  مثل خطابات :  الانقلاب ، و التتار قادمون ،  والحديث عن سرقة أموال البنك المركزي، والثروة والنفط، وعدم وجود من يستحق السلطة، سواه..!! وغيرها ..
-إلا أننا نجد  كل ذلك يتناقض بوضوح مع خطابات سابقة، لم تكن فيها الأحزاب قد قررت منافسته بعد، مثل خطاب 17 / 7 / 2004م - الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الـ 26    لتوليه الكرسي، والذي ركز فيه على حرب صعده التي كان أعلن انتهاءها بشكل أولي، وتقدم في خطابه بشكر للقوى السياسية التي وقفت مع الوطن في هذه الأزمة – بينها الإصلاح والاشتراكي - وثمن دور القوى السياسية اليمنية , معتبرا ما تم إنجازه على صعيد الوحدة والديمقراطية والتنمية هو ليس جهد فرد ولكن جهد كل المؤمنين المخلصين والمحبين لهذا الوطن.
 وأضاف نحن نشكل قوى واحدة ولكن تتباين الآراء من أجل ان تتنافس على الأفضل وعلى خدمة الوطن وعلى من يقدم خدمة أحسن للوطن وعلى من يكتب أفضل على من يجتهد أفضل وعلى تقديم معلومات أفضل.
- ترى اين يمكننا أن نضع مثل هذا التناقض المعيب، الكاشف، بأن ممارسة الديمقراطية، عندما تصل الى التنافس على الكرسي الأول، تتحول إلى خيانة وانقلاب، و تتار قادمون و و وو ؟ !
* الدمج بعيدا عن المنافسة :
ويدخل ضمن تلك التناقضات، دعوته الأحزاب إلى التنافس، بل والتوحد فيما بينها، في خطابات اشبه ما تكون بالتحدي، وفي الوقت الذي نفذت فيه تحديه، اتهمها بكافة أشكال الموبقات الوطنية..
-  23 / 8 / 1999م –  في مؤتمر صحفي قال :  (ونحن مع أن الأحزاب ذات البرامج الموحدة أن تتواجد وتتجمع وتتأطر في إطار ثلاثة إلى أربعة أحزاب سواء الناصريين أو البعثتين أو الإسلامية وتشكل أحزاباً متحدة مع بعضها .. لكن المشكلة في الزعامة وكل واحد يريد أن يكون عضو مكتب سياسي أو عضو قيادة قطرية أو أمين عام وهذه تجربة بحاجة إلى ترشيد من أجل الوصول للأفضل . )
- أيضا في المؤتمر نفسه، تمنى من الأحزاب أن تأتي بالبديل عنه، إذ قال : .. وكم كنت أتمنى أن تأتي بالبديل وكنت أتمنى أن لا أكون مرشحاً وأقول ذلك ليس للمزايدة ولكن من أجل ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وأن يأتي شخص عند مستوى المسئولية ليمسك زمام الأمور سواء من المؤتمر أوالاشتراكي أو الناصري أو الإصلاح أو من أي حزب سياسي …
- حسنا تلك الخطابات ، فما لذي جرى ؟ :
- بعد أن توحدت معظم تلك ألأحزاب في أطار اللقاء المشترك، وهددته بسحب الكرسي من تحته عبر الانتخابات الرئاسية 20 سبتمبر 2006، لتأتي بالبديل الذي تمنى الإتيان به .. ، إذا به ينقلب مهاجما، ومستغربا كيف تتحد تلك القوى مع بعضها. - خطاب مهرجان  ريمه  ( 6 / 9 / 2006 م ) حيث ذهب ليتساءل :  كيف اجتمع دعاة الردة والانفصال والقوى الظلامية على شيئين اثنين هما ان جميعهم من أصحاب السوابق وأصحاب الردة والانفصال, كانوا شركاء أساسيين في مفاصل السلطة, ولكنهم تأمروا على الوحدة واستلموا ثمنها وأرادوا أن يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء, ..  وخلص  الى القول بالاستنتاج أن كل من الحزب الاشتراكي والإصلاح، يسعيان للإنقلاب :   .. ولذلك كليهما نظامان شموليان كيف اجتمع الحزب الاشتراكي وحركة ما يسمى بالإخوان المسلمين ويشكلون ما يسمى باللقاء المشترك, اذا هم يريدون حركة انقلابية على الشرعية
- بالطبع حديثه المتوتر ذاك، واتهاماته تلك، كانت للقوى التي قال سابقا أنها وحدوية وديمقراطية، وإنها مع المؤتمر تشكل قوة واحدة، وأن الآراء فقط هي التي تتباين لكن الهدف واحد ،  و.. و… ،
- هل ستعجز الجماهير عن معرفة : لماذا حدث ذلك؟ بعد أن كان العكس  هو الذي يحدث؟
أطرف جاهل سيقول لك : بالطبع لأنها صدقته ، ولبت طلبه، وتوحدت، وقدمت مرشحا وطنيا ونزيها. ليس له أي خصومة مع الوطن إلا مع الفاسدين. وهذا هو الذي لم يكن بالحسبان:  أن تتحول الديمقراطية الاستشارية، إلى ديمقراطية تغييريه.
*  قبل وبعد المنافسة :
دعونا سريعا نمر عبر تناقضات أخرى، ملت منها الجماهير:
-  مقابلة مع صحيفة الحياة اوآخر فبراير 2006 – بعد عودته من زيارته الأخيرة لأمريكا:
 - سؤال الصحيفة : فخامة الرئيس، اليمن لديه استحقاقات ديمقراطية هذه السنة، فهناك انتخابات رئاسية وانتخابات محلية. هل تعتقد بأن هذه الاستحقاقات ستعزز خيار الديمقراطية على رغم الخلاف بين الحكومة والمعارضة؟
= إجابة رئاسية :  بالتأكيد لا بد أن يكون هناك خلاف أو تباين بين الحكم والمعارضة، هذا أمر طبيعي في الإطار الديمقراطي ألتعددي، وإلا لا معنى لوجود معارضة.
- سؤال الصحيفة :  إذاً أنت مطمئن على العملية الديمقراطية في اليمن؟
=  بالتأكيد، لو لم نكن مطمئنين لما أقدمنا عليها.
- سؤال الصحيفة :  في 17 تموز (يوليو) الماضي أعلنتم عدم الرغبة في الترشيح لفترة رئاسية قادمة، وفي المؤتمر الأخير للحزب الحاكم رفضتم الخوض في هذه المسألة واشترطتم عقد مؤتمر استثنائي للمؤتمر الشعبي العام للبحث في مسألة الترشيح من عدمها، ألا يعني هذا توجهكم نحو قبول الترشيح مرة جديدة؟
- أنا أعلنت بوضوح في خطابي وفي أكثر من مقابلة أن علي عبدالله صالح لن يرشح نفسه لفترة رئاسية مقبلة.
> لماذا؟
- المرء قد يقتنع بما أسسه وما حققه وما أنجزه على طريق الديمقراطية. فأنا مقتنع بأن الأمور في اليمن تسير في الاتجاه السليم وان الوطن مستقر، مهما تباينت الآراء ومهما حصلت من تباينات، فإن الوضع مستقر والخيار الديمقراطي هو الخيار الوحيد لليمن في إطار تعددية سياسية وحزبية يتنافس في ظلها الجميع من خلال صناديق الاقتراع، ويتم من خلالها تبادل السلطة سلماً.
* التناقض بعد المنافسة : 
- .. ولذلك كليهما نظامان شموليان كيف اجتمع الحزب الاشتراكي وحركة ما يسمى بالإخوان المسلمين ويشكلون ما يسمى باللقاء المشترك, اذا هم يريدون حركة انقلابية على الشرعية, ويريدون أن يصنعوا يمنا عراقيا صوماليا, ولكن ذلك أبعد عليهم من عين الشمس - من خطاب مهرجان ريمه 6/9/2006م.
* مرات  أخرى :
- سؤال الصحيفة :  فخامة الرئيس كيف تصفون علاقتكم بأحزاب المعارضة المنضوين تحت مسمى «اللقاء المشترك» وكيف تنظرون إلى التحالف بين التجمع اليمني للإصلاح، حليفكم الإسلامي السابق، والحزب الاشتراكي اليمني؟
= جواب رئاسي :  انا علاقتي كرئيس بكل المواطنين ممتازة. وهم أمامي جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات سواء كانوا في المعارضة أو في السلطة، فلا افرق بين مواطن ومواطن على الإطلاق إلا بالسلوك والولاء والحب لهذا الوطن والالتزام بالدستور والقوانين النافذة.
- سؤال الصحيفة :  هل تعتقد بأن المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية وهذه التوازنات يمكن أن تعمل بصورة طبيعية في ظل غياب الرئيس علي عبد الله صالح إذا قرر أن لا يكون رئيساً؟
=  جواب رئاسي : شعبنا حضاري وعريق بحيث من الممكن أن تسير الأمور كما يرام في ظل الاستفادة من الماضي وتجاربه التي هي مدرسة يستفيد منها الجميع، وبحيث لا تكون هناك أي اختلالات أمنية أو عسكرية إن شاء الله.
* التناقض بعد المنافسة :
أيها الأخوة لقد كنت رافضاً رفضاً تاماً للترشيح وللقبول في الترشيح, ولكن عندما رأيت التتار قادمون ليدمروا كل شيء جميل, ليدمروا التنمية والأمن والاستقرار والوحدة, قبلت بترشيحي لرئاسة الجمهورية بناء على طلب الجماهير وطلب المؤتمر الشعبي العام.
وأخيرا علينا ان ندرك أن كافة تلك التناقضات الفاضحة ، لم تكن الا بمرور سريع على جزء يسير من الأرشيف، إلا أن المهم أنها جآءات من مرشح قال في مهرجان المهرة :     وأنا عمري ما عملت دعاية انتخابية ، أتكلم وعندما أعد بشيء أنفذه .
- ويبقى عليكم أن تحسبوا فقط : فيما عدى بندين أو ثلاثة ، كم بندا تم تنفيذه  من  بنود اتفاقية المبادئ لأجل الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة ، وهي الاتفاقية التي وقعت برعايته.
ولنا تساؤل حق : إذا كانت تلك الخطابات المتوترة واللامسئولة، بدأت باكرا مع انطلاقة الدعاية الانتخابية، فكيف ستكون خطابات الختام، مع اقتراب موعد التغير؟
لننتظر .
--------------------
نشر في 15 سبتمبر 2006 

قبل الإنتخابات الرئاسية 2006 بأيام

الثلاثاء، 21 مارس 2006

جمال الوطن لا يتسع الا لعيون القتلة

رصاصة استقدمت لحمايتنا، مستعدة لتخليصنا من رفضنا الهمجي الأحمق
عبد الحكيم هلال
نيوزيمن 21/03/2006
تزداد فاتورة تكاليفنا الوطنية اتساعا .. بيد أن الوطن يضيق كخرم إبرة ..

بحثنا .. فلم نجد سوى أن "المواطنة المتساوية " كانت مجرد حروف أقحمت في الدستور على حين غرة..

يوم أن كان الأقوياء يتصارعون حول أصول التشريع، ويختلفون حول نصوص الحكم..

حينها كان الضعفاء يبحثون عن وطن للمساواة، إلا أنهم ذهبوا بهم خلف أتراس الموت ..!! ليخلو لهم عقد صفقتهم الدنيئة، حينها اتفقوا حول " تفاصيل الحاكم" وتركوا الوطن بعيدا عن كل الأشياء

ومن تراكمات الذل والمهانة تقف في وجوهنا تساؤلات الحمقى المتأخرة :

"لمن كانوا يتصارعون إذن؟!".

وقد صنعوا لأنفسهم طبقات عليا. وكما ترمى بقايا أطعمة الذئاب، رموا بنا في الدرك الأسفل من قيعان الموت..!!

وحين حاول "الرواحل" منا، رفض ضيم "ثلة" قليلة، لـ"شعب" قيل أن له تاريخاً حافلاً بالغضب والثورة - ، كانت هناك "سيارة مسرعة" تؤدي واجبها الوطني، وكان هناك "مرض قاتل" يقوم بأداء دوره المحكم، وكان هناك ثأر ورصاصات طائشة وسجون سرية..!!

وفي كل محفل ثوري – من شأنه العمل على تذكيرنا بخط سير الثورة– مازال يحلو لكبيرهم سماع رنة التصفيق المهلكة ليقول : "اشكرونا؛ إذ ما زلنا نمنحكم حق العفو..!!".

الحمد لله المنعم، فمازال هناك حق، يقال أنه لنا ..!! في وطن أممت تفاصيله، ووزعت ثروhته، بين عدد من القبائل، وورثت كراسيه، لعدد من أولاد الذوات ..

بضعة وثلاثون كائناً فضائياً، يختارون كل ذات رغبة عليا، ليصبح من شأنهم التجمع كل ظهر ثلاثاء اسود، وكيفما تكون أمزجتهم، يرسمون لنا خارطة الموت المقُنن..!!

بينما أصبح محتما على أكثر من عشرين مليون مواطن "أرضي" تقبل فرماناتهم القادمة من "عليين" .

نحن المعنيون إذا، بدفع فاتورة إصلاح مقامهم العلوي..!! من غيرنا؟؟ من؟؟ بالله عليكم هل هناك من يسدد تلك الفواتير غيرنا، منذ نصف قرن ونيف؟!

هكذا، علينا أن نستمر كفئران تجارب أليفة، لا مفر لها من الموت، أو التشوه في أحسن الأحوال متى ما اخطأ من نقف تحت اختراعاته.
أو علينا أن نشب عن الطوق، ونسير في ذات الخط الذي رسمته لنا الثورة الأم.. وكيفما كانت العواقب، فإنها لن تكون أسوأ مما هي عليه الآن، أو مما تتجه إليه بعد سنوات..!!

الناعقون ، المهلكون، الموعودون، برغد العيش، خلفا لمن استهلكهم النفاق حتى آخر قطرة حياء كانت تبقي عليهم.. !!
هاهم يتوالدون من رحم الفقر والحاجة..، يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل.. إذ يقدمون قرابينهم قائلين:
" ليس ثمة ما يدعونا إلى الرفض..!!

فكل شيء في الوطن جميل، وإنما العطب على أعينكم".

هكذا تسود الحقائق، وهكذا يريدون خلاص وطن موحل بالفساد..!!

وكما أنه الحق الذي يجب أن يقال، فإنه أيضا الحق الذي أريد به باطل …!!

حتى إذا ما قررنا – ذات يوم - استخدام الرفض القابع في حناجرنا منذ أمد.. سنجد أن الرصاصة التي استقدمت لحمايتنا، هي الآن مستعدة لتخليصنا من رفضنا الهمجي الأحمق..!!

كما هي الدبابة المحشوة بقذائف الدفاع عنا، تتحول بأمر عسكري إلى عدو قاتل .. وفي كل الأحوال إن مت فلن يضر ذلك أحداً إلا أهلك ..
وفي كل الأحوال إن مت، فلن يسأل عن موتك أحد. !! ينصحون .. فلم علينا أن نتساءل عن كيف يكون الرفض ..!! ينصحون ..
لم؟؟ وقد سمح لنا أن نتساءل عن كيف يكون التنفيذ..!! .. يعيدون ويزيدون ..

نوع آخر من المياه الثقيلة.. المخذلون، أراذل الضعفاء، والكهان المعاصرون، يحلقون رؤوسهم بأيديهم الموحلة بالآثم ، إذ يتبرعون بحديث التخذيل، يقولون :
علينا كمواطنين من " الطبقة المحكومة" أن نتقبل بكل شجاعة دفع فاتورة الاستحقاق الوطني .. إذ حينما تصيبنا الرصاصة القاتلة ، نكون حينها خونة ومثيري شغب ومخططي انقلابات..

أما حين يسحقنا الفقر وتدمرنا السياسة الخاصة ببقائهم ، سنكون مجرد مواطنين.

وتلك هي معادلة المواطنة الممنوحة لنا في أقصى درجاتها.. في وطن سلبت منا فيه كرامتنا، وماتت فيه عزتنا، وتخلفت فيه الحكمة..

حتى قيل :
الرفض ليس له مكان إلا أن يكون ضد من يحاولون الرفض ..!!

فالسجن هناك ..
والرصاصة هنا ..

وجمال الوطن لا يتسع إلا لعيون القتلة ..!!