الجمعة، 10 أغسطس 2007

الحزب الحاكم في اليمن يعلن فشله في إدارة البلاد




هاهم اليوم على استحياء يعلنون عجزهم وفشلهم.. إذن فقد كانوا يكذبون على الشعب لينالوا ثقته فقط..!! وعلى الشعب اليوم أن يقوم بمحاكمتهم كي يستعيد حقه منهم..!!
- الى ما قبل أسبوع، ربما كان الأمر - لدى بعض السياسيين والمتابعين - مجرد تصريحات هوائية لا يلقى لها بالاً ولطالما أعتدنا علي مثلها من شخص قليل الخبرة ويحب إقحام نفسه في كل شيء مثل سلطان البركاني..!!
بيد أن ما تلي ذلك - حتى مطلع هذا الأسبوع - أضفى على الأمر نوعاً من الجدية والغباء في آن واحد..
لقد اعتمدت القيادات العليا للحزب الحاكم منهجاً استخفافيا آخر اعتقدته الحل الأنسب للخروج من الفشل الذريع الذي مني به البرنامج العام للحزب مضافاً اليه برنامج الحكومة الجديدة..
* بداية بركانية :
بدأ سلطان البركاني – الأمين العام المساعد للمؤتمر الحاكم -  أولاً بممارسة عاداته بتقديم تصريحات هوائية ارتجالية غير مدروسة.. قال أن حزبه الحاكم مستعد لتسليم السلطة الى المعارضة إذا كانت قادرة على إرجاع الأسعار الى ما قبل شهر.. وبرد بدهي وبسيط قال له الدكتور محمد السعدي – الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح – أننا مستعدون لتسلم السلطة شريطة أن يعيد المؤتمر الأموال التي نهبها من الخزينة العامة للدولة. وهي إشارة ضمنية أن الفساد المستشري في الدولة سيظل عائقاً أساسيا أمام أي طرف سيحكم اليمن ويكفي دليلا عجز الدكتور فرج بن غانم – رحمه الله - وهو الرجل الاقتصادي من الدرجة الأولى كما جاء في بيان نعي الرئاسة..!!
وكان ذلك يكفي ليتخلى المؤتمر عن هكذا تصريحات غير مجدية تهرباً من مسئولياته القانونية وليبدأ جدياً بمحاربة الفساد أولاً مع إجراء إصلاحات إدارية مدروسة من شانها أن تساعد على التخفيف من المشكلة، ومن ثم معالجتها ضمن خطة محكمة بمساعدة الجميع سلطة ومعارضة. لكن الشعب اليمني كان على موعد آخر مع الأمين العام للحزب الحاكم عبد القادر باجمال، حين أعتمد، وعلى غير عادته – في مؤتمره الصحفي الخميس الماضي - على نفس الأسلوب والفكرة للهروب من المسئولية تفادياً لغضبة الشعب الذي أنتفض في أنحاء الجمهورية للمطالبة بإجراءات حاسمة من أجل تخفيض الأسعار الجنونية، والقضاء على الفساد. فيما يسميها البعض "ثورة الجياع"
* الطامة الكبرى .. رئيس الجمهورية :
- ربما شعر الرئيس علي عبد الله صالح أن هذه السياسة المرتجلة هي الأنسب لمخاطبة الشعب، ليستند هو الآخر على تصريحات الأمين العام للحزب ويقول "نحن مستعدون لأن نسلم الحكومة لكل من يستطيع أن ينزل الأسعار أو يحافظ عليها من الارتفاع المستقبلي.."..!!
وأبتسم البركاني من خلفه في المنصة تحت زهوة النصر العظيم.. بينما غاب عن الرئيس، الناصح الأمين والسياسي المدرك لنتائج تلك التصريحات، ليقول له أن هذا اعتراف مبكر بالفشل، وربما يذكره بخطاباته الانتخابية (حيث كانت البطولة والتحديات هي اللسان الوحيد) حين أعلن للشعب من على مناصات الخطابة المرتفعة (وطائرات الهيلوكبتر تحلق فوق رؤؤس الشعب المكتوي بلهيب حر النهار وهي تصور بكل فخر الخطاب وهتافات المستمعين) حين كان يعدهم  أن لا جرع ولا ارتفاع للأسعار في المرحلة القادمة، وأنه سيعمل على تخليص المواطن من معاناته المعيشية..ووو..(لمن يريد الاستفادة أكثر متابعة الخطابات الانتخابية والبرنامجين الانتخابيين للرئيس وحزبه، وهي متوفرة في موقعه الالكتروني)
* ديمقراطية المتاع :
إذن هو إعلان فشل بعد عام واحد فقط..!! على أن هذا الفشل عمل على إحداث ربكة كبيرة في تصريحات القيادات المؤتمرية، الذين يعتقد محمد قحطان – عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح – في تصريحات للصحوة، أنهم أثبتوا حاجتهم الى تعلم (أ،ب) الديمقراطية. معتبراً أن منطق "تعالوا سنسلمكم الحكومة" خارج إطار أبجديات السياسة. وقال " هم بلا شك يحسون بالعجز والفشل وقد أعلنوا ذلك صراحة، بإعلانهم عدم قدرتهم  السيطرة على الأسعار، برغم أن حملاتهم الانتخابية أثناء الانتخابات الأخيرة قبل عام أكدوا فيها للمواطنين أنهم لن يشهدوا أية زيادات سعرية قادمة..". وعد قحطان مثل هذا الأمر ضمن ألوان الخداع التي تعرض لها الناخبون.. وهو ما يتوجب عليهم (أي المواطنين المخدوعين)، مسائلتهم  (أي المسئولين) عنه قضائياً.
 أما بالنسبة لضرورة تعلمهم (أ،ب) الديمقراطية فتأتي – بحسب قحطان - من كون الديمقراطية المعروفة "أن أي طرف سياسي حاز على ثقة الشعب بالحكم، ثم أصبح يشعر بأنه فشل في تحقيق برنامجه، فالأصل أن يصارح الشعب علنياً ومن ثم يدعوا الى انتخابات مبكرة".
 ويضيف : هذا هو الأصل فالشعب الذي منحه الثقة من أجل برنامجه هو الأولى بالمصارحة "عليهم أن يقولوا لهم : لقد عجزنا عن تنفيذ هذا البرنامج فاختاروا لأنفسكم من تريدونه.. لأن الشعب هو صاحب السلطة وليس أحد غيره..". ويستدرك " أما أن يعرضوها على الآخرين ويقولون لهم "تعالوا سنسلمكم الحكومة – تحت أي شرط كان – فإنهم بذلك يتعاملون مع السلطة كأنها أحد مقتنياتهم أو متاع من أمتعتهم.  
ربما كان منطق قحطان – وهو أيضا عضو الهيئة التنفيذية للقاء المشترك –  ما جعله يقول أثناء مهرجان اللقاء المشترك الذي أقيم الأحد بمحافظة إب، أن المشترك لن يستلم السلطة من أيد ملطخة بالفساد، وأنه سيستلمها من الشعب الذي يخرج اليوم في كافة المحافظات للمطالبة بحقوقه في محاكمات علنية لما آلت اليه ظروفه المعيشية من تدهور بسبب سياسات فاسدة، مستغرباً تبرير الفشل بالارتفاعات العالمية في حين لم يتضرر منها إلا الشعب اليمني فقط.
وللصحوة يزيد قحطان : عملياً هم أعلنوا فشلهم وعجزهم، ولكنهم لم يمتلكوا الجراءة ليتصرفوا بالطرق الديمقراطية المعروفة عبر مكاشفة الشعب والدعوة الى انتخابات مبكرة ليختار الشعب من هو قادر على إدارة شئون البلاد بالكفاءة والنزاهة، لكنه دعا أولاً الى ضرورة إيجاد آلية حقيقية لتسيير الانتخابات بعيداً عن التزوير أو استخدام الأموال ومقدرات الشعب للحزب الحاكم ومسئوليه، حتى لا تتكرر نفس المآسي والأخطاء.
* مناظرة تفنيد التبريرات العالمية:
الحزب الحاكم كان قد برر عرضه بتسليم الحكومة للمعارضة،عبر اشتراطه - لمن يريد تسلمها- بتثبيت الأسعار، متحججا بارتفاعها عالمياً. غير أن قيادات في المشترك تحدت من يزعم ذلك من المؤتمر عبر تنظيم مناظرة علنية، مؤكدين أنهم سيكشفون الحقائق التي تقف وراء ذلك الارتفاع. فالدكتور منصور الزنداني  - عضو مجلس النواب وعضو المجلس العربي – أتهم الحكومة بالكذب، في تبريرها بأن الغلاء عالمي، ودعا الى مناظره معها حول هذا الأمر لإثبات الحقائق، وفي ذات الإطار أنظم اليه البرلماني الشيخ حميد الأحمر – عضو الهيئة العليا للإصلاح – وقال في اتصال مع الصحوة أنه ينظم الى دعوة الدكتور الزنداني لتفنيد تلك الإدعاءات غير المنطقية مؤكداً أنه بانتظار موافقة الحزب الحاكم وحكومته إن كانوا يستطيعون المواجهة أمام الشعب والجماهير.
وفي نفس النسق كان يحيى منصور أبو أصبع - الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي- في كلمته في مهرجان إب، قد كذًب تلك الإدعاءات، مؤكداً إن من يرفعون الأسعار هم تجار شركاء لمن يحكمون في هذا البلد.
مبدياً استعداده لإثبات أن أؤلئك التجار - من الشركاء –  هم من يحتكرون السلع ويرفعون أسعارها, متحديا السلطة أن تذهب بهم إلى القضاء.
* الرئيس نفسه أكد ويؤكد :
وتأتي هذه التصريحات تأكيداً لاتهامات سابقة كان الرئيس نفسه قد وجهها للتجار في أكثر من مرة (قبل الانتخابات وبعدها)..  فهو عقب الانتخابات الرئاسية الأخيرة بشهرين ونصف تقريباً وبمناسبة عيد الاستقلال الأخير في 30نوفمبر2007م ألقى كلمة في حفل تخرج عدد من الدفع العسكرية من المعاهد والمدارس ومراكز التدريب العسكرية، وفيها وجه الحكومة بمراقبة الأسعار وطالبها بتحديد ماهي السلع التي ارتفعت دوليا وما هي المواد التي تم التلاعب بأسعارها من قبل التجار ومحاسبتهم. وقال "نحن لسنا ضد القطاع الخاص بل نحن مع القطاع الخاص ومع حرية التجارة وحرية الاستثمار ونرحب بالاستثمارات لكن يجب أن يرفقوا بالمواطنين".
وأضاف "إذا كانت بعض السلع ارتفعت أسعارها دوليا مثلا القمح بنسبة 5 - 10 بالمائة لماذا يرفعها التجار لدينا بنسبة 20 بالمائة أو 30 بالمائة..!! وتساءل : أين دور وزارة الصناعة والتجارة؟
وقبلها بأسابيع وبمناسبة عيد ثورة 14 أكتوبر ألأخير، أقام الرئيس في 16 أكتوبر 2006م مأدبة إفطار وعشاء رمضانية في محافظة عدن، وفي الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، حذر التجار من عواقب التلاعب بالأسعار, ووجه الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة بتحمل المسؤولية حول ارتفاع الأسعار .. مؤكدا أن ارتفاعها ليس له أي مبرر على الإطلاق. كما وجه الغرف الصناعية والتجارية بعقد اجتماع عاجل خلال الأربع والعشرين الساعة القادمة لتثبيت الأسعار ووضع حد للزيادة غير المبررة فيها .وقال " صحيح سياستنا هي حرية التجارة لكن على أساس أن لا يتحول المواطن الى ضحية لبعض التجار الجشعين . ووصف  وزارة الصناعة بأنها وزارة مشلولة.
أما قريباً وقبل أسابيع قليلة فقط – مطلع هذا الشهر - أثناء لقائه بالجمعيات الزراعية وجه اتهامه مباشرة لعدد (15) تاجر قال أنه يعرف أنهم يقفون خلف ارتفاع الأسعار، وحذرهم من مواصلة ذلك.
* الحكومة في الزفة :
أما رئيس الحكومة علي مجور – الذي لم تبلغ حكومته الجديدة حتى النصف عام تقريباً – فقد أضاف الى ما ذهب اليه أقرانه في الحزب من مبررات عالمية، مبررات أخرى أرجعها الى انخفاض إنتاج النفط مضافاً إليها حرب صعدة ( ملاحظة: تضاعفت أسعار الدقيق والبر بعد توقف حرب صعدة)، والى جانب ذلك أضاف مجور شيئاً رابعاً قال أنه بسبب متغيرات المنطقة التي ألقت بظلها على الوضع الاقتصادي اليمني. بحسب تقريره حول أداء الحكومة المقدم الى أعمال الدورة الثانية للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام ( السبت والأحد الماضيين).
أما قضية انخفاض إنتاج النفط ، فقد قلل من شأنها الرجل الأول في الوزارة الوزير خالد بحاح، كما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقد على هامش مؤتمر الشفافية قبل أسبوعين، وهو فند التقارير التي تتحدث عن النضوب وقال أن نسبة ما تم إنتاجه حتى الآن لا يمثل سوى (3%) من إجمالي القطاعات النفطية الإنتاجية والاستكشافية المفتوحة. وبشر الوزير بمستقبل واعد للنفط خلال العامين القادمين.
وبالرغم من ذلك يجزم خبراء في مجال النفط أن أسباب قلة الإنتاجية مرتبط بسياسة الدولة المرتبط بالسعر العالمي، موضحين أن زيادته وانخفاضه من الممكن أن يمثل سياسة حكومية بانتظار زيادة ارتفاع أسعاره لتصدير المزيد منه أو بسبب وجود صيانة أو أسباب أخرى. وقللوا من إمكانية حدوث تراجع كبير للإنتاج بسبب الكميات الموجودة في كل حقل محسوبة ومعرفة متى سيبدأ بالهبوط التدريجي وهو هبوط لا يؤثر بشكل كبير على القدرة الإنتاجية خصوصاً مع دخول آبار حديثة طور الإنتاج.
وفي الحقيقة فإن ارتباط إنتاج النفط  أو الأسباب السابقة الذكر، بارتفاع أسعار المواد الأساسية هو شيء منعدم بالأساس..!! فمن حيث المنطق الاقتصادي فإن أي تأثير لأي من تلك العوامل إذا فرضنا جدلا أنها قد تؤثر، فإنه يفترض ظهوره على الأقل بعد ستة أشهر، إذ أن كل دولة يجب أن يكون لديها من المخزون (للمواد الأساسية) ما يكفي لستة أشهر تقريباً. وهو أمر ليس بجديد أو مستغرب منه.. فبحسب تصريحات المؤسسة الاقتصادية فإنها تقول أن لديها هذا المخزون..  وهذا من الأبجديات الاقتصادية لأي دولة.. أما الإعلان مباشرة عن الأزمة بسبب الارتفاع العالمي، فهو أمر يتعارض وتلك الأبجديات..
* مزيدا من : فساد – برامج ولجان ..
وإذا .. فليس ثمة إلا الفشل في إدارة شئون الدولة ..
وفساد.. أصبح الرئيس ينكر وجوده (بحسب مقابلته الأخيرة مع صحيفة الوسط) بعد أن كان يتحدث عنه في كل خطاب، وكلنا سمع خطابه الشهير في محافظة مأرب( 3 /9 /2006م) حين قال ".. ولن يبقى على عبد الله صالح على الإطلاق مظلة لأي فاسد في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة.." وجاءت هذه العبارة بعد عبارته ".. فمهامنا المستقبلية إن شاء الله القضاء على الفساد ورحيل الفاسدين من أينما جاءوا، ومن أي مكان ومن أي قوى سياسية.."
وأيضاً ثمة برنامجيين انتخابيين (واحد يخصه، وآخر يخص حزبه).. مشبعان فقط بعبارات الاحتياجات النفسية والخدمية للمواطن البسيط والقوى السياسية والنخبة..  ولبرنامج الرئيس أقيمت الندوات والمؤتمرات المبجلة، كما وشكلت لجان خاصة.. لم تستطع حتى الآن حل مشاكل، لم تعد مشاكل لدى الكثير من الدول مثل قضية المتقاعدين والماء والكهرباء والأسعار..ووو
وليس ثمة ما يلوح في الأفق سوى مزيد من المبررات والقرارات الارتجالية الإسعافية غير المجدية.. وربما مزيداً من اللجان و…فقط..!!
وهذا بالطبع غير التهديد والتخويف وإلقاء تهم الخيانة وزعزعة الأمن والاستقرار الوطني..
لكن الأهم هذه المرة : أن الشعب أدرك طريقه لإنقاذ نفسه..
* شريط من طرف ألأرشيف :
 هذه بعض مقتطفات من خطب الرئيس اليمني أثناء الحملة الأنتخابية الأخيرة للرئاسة .
- من خطاب صعدة 30/08/2006 
"..سأتحدث عن المستقبل والمستقبل هو المهم .. أيها الأخوة نواصل السير معا من أجل القضاء على الفقر والأمية وإيجاد فرص عمل لكل العاطلين أينما وجدوا في العام 2007م والعام 2008م إن شاء الله تعالى وبتكاتف الرجال الأوفياء والمخلصين معنا سوف يتم القضاء على الفقر و البطالة ، من خلال إيجاد فرص عمل للإخوة والأخوات في كل أنحاء الوطن .. ونحن عندما نقول مثل هذا الكلام نقوله بوضوح وصدق ، وليس كلام للخطابة السياسية ودغدغة عواطف المواطنين كما يفعلون اليوم ويمارسونه من كذب خلال حملاتهم الانتخابية.."
- من خطاب مأرب 3 /9 /2006م
".. إن مهمتنا في القيادة ، هو مكافحة الفقر، واستئصال الفساد والمفسدين والذين يسطون على الشركات والمؤسسات..
.. فمهامنا المستقبلية إن شاء الله القضاء على الفساد ورحيل الفاسدين من أينما جاءوا ،ومن أي مكان ومن أي قوى سياسية..
.. ولن يبقى على عبد الله صالح على الإطلاق مظلة لأي فاسد في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة.."
- مهرجان عبس – حجة  5/9/2006م
" أن يوم الـ20 من سبتمبر سيكون فاصلا وسيقول أبناء الشعب كلمتهم لمن يرون فيه الثقة ويريدون منه أن يعبر عن تطلعاتهم ويحقق طموحاتهم ويضمن مستقبلهم واستقرارهم وتنميتهم إن شاء الله" .
- مهرجان ريمه  6/9/ 2006م
".. إن ما يهمنا هو المستقبل, وان شاء الله من ضمن خططنا المستقبلية وبرامجنا, هو تنفيذ قانون الذمة المالية الذي اقره مجلس النواب ليشمل رأس الدولة حتى أدنى سلم هرمي في أجهزة الدولة وبحيث يشمل هذا القانون كبار القوم الذين يسعون في الأرض فسادا ويحملون الآخرين وزر ما يعملونه.." .
- خطاب عمران : 31 / 8/2006م
"..وليتنافس المتنافسون بمسئولية وأمانة بدون كذب أو دجل وتزييف وعي المواطن..".
- بعد الفوز في 25 /9 بمناسبة عيد 26 سبتمبر
"..ولكننا سنبقى على عهدنا بكم ومعكم في الموضوع الذي وضعتنا فيه تلكم الثقة الغالية لأبناء شعبنا رجالاً ونساءً ولن نخيّب آمال أحدٍ فيكم.. ولهذا فإننا سنواصل، ومعنا كل الخيرين من أبناء شعبنا، بذل كل الجهود، وبآليات جديدة وتصورات رسمناها، بدقة، في برنامجنا الانتخابي والذي سيتم ترجمته في برنامج تفصيلي للحكومة ونجدد تعهدنا بأن ميادين العمل وحقوله سوف تشهد إنجاز وتحقيق ما تم رسمه في ذلك البرنامج وفي الخطة الخمسية الثالثة وفي مقدمة ذلك إجراء عملية تقييم موضوعية وشفافة نعزز، من خلالها، الايجابيات ونتجاوز السلبيات ونطبق مبدأ الثواب والعقاب ووضعه موضع التنفيذ الفعلي وبدون أي تردد، بإذن الله، ولما فيه خير ومصلحة الوطن.
…وإن من الأولويات التي سنعمل من أجل التصدي لها هي العمل من أجل التغلب على مشكلات الفقر والحد من البطالة وتوفير فرص العمل للمقتدرين عليه وخاصة الشباب.."
- أثناء أداء اليمين الدستوري 27 سبتمبر2006م :
"..إن أمامنا مهام كبيرة تحتاج الى تضافر جهود الجميع ومن الأولويات في المرحلة المقبلة تنفيذ البرنامج الانتخابي وعلي الحكومة وضع برنامج تفصيلي لذلك وتقييم الأداء في كافة مؤسسات وأجهزة الدولة وإجراء التغييرات المناسبة على ضوء ذلك , ومواصلة جهود التنمية والبناء الاقتصادي وتحقيق نهضة زراعية وصناعية في الوطن , والأخذ بأيدي الفقراء من الرجال والنساء ومكافحة الفقر وإيجاد فرص عمل للعاطلين وتنفيذ العديد من المشاريع الصغيرة والكبيرة وتوزيع الأراضي الإسكانية والزراعية وتبني إنشاء مدن سكنية للمواطنين والمواطنات من ذوي الدخل المحدود والتوسع في شبكة الأمان الاجتماعي وصندوق الرعاية الاجتماعية وتشجيع الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي وخاصة الاستثمارات التي توفر فرص عمل كبيرة .
.. فالمستقبل واعد إنشاء الله بالخير والأمن والأمان والاستقرار وكل عام وانتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
- بمناسبة عيد الأضحى 29/12/2006م :
"..أنه لمن حسن الطالع أن تزامنت أيام عيد الأضحى المبارك ببداية العام الميلادي الجديد الذي نسأل الله العلي القدير أن يكون عام خير وسلام على شعبنا وأمتنا والعالم وأن يأتي حافلاً بمعطاءات العمل والإنتاج والإنجاز في الوطن وعلى مختلف الأصعدة والمجالات.. وهو ما يفرض على الحكومة أن تواصل الجهود في مجالات التنمية والنهوض الشامل وفي إطار الترجمة العملية لما حددته البرامج الانتخابية التي بموجبها نلنا ثقة الشعب في الانتخابات الرئاسية والمحلية التي شهدها الوطن في الـ 20 من سبتمبر الماضي.."
- بمناسبة العيد ال17 للوحدة في صنعاء  21/5/2007م
"..وعلى الحكومة المضي قدماً لترجمة الأهداف المنشودة في البناء تطبيقاً لما ورد في برنامجها الذي نالت بموجبه ثقة مجلس النواب. واستكمال ما تبقى من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والمالية في إطار ما تضمنته المصفوفة الوطنية للإصلاحات وتنفيذاً لما ورد في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية بالإضافة إلى إيجاد آليات فعالة لمراقبة الأسعار ومكافحة الغلاء والاحتكار.. وبما يضمن الاستقرار المعيشي للمواطنين.."

--------------------


أغسطس 2007 



الأربعاء، 1 أغسطس 2007

دعوة الى "ثورة بيضاء" في وجه "الكذب الأسود"



"حينما يكذب المسئول، ويستمرئ ما يقوم به.. يكون هناك دائما شعبا متلقي للنفايات "





المسئولون يكذبون دائما ..!! إنهم يقدمون ضريبة مسئوليتهم بشكل وعود وردية، ثم يتركونها هناك كسراب بقيعة، لا يجد المواطن منها شيئا..!!
لكن هذا ألأخير كأنه في مقبرة.. يسمع كل شيء، ولا يستطيع عمل شيء.

يمكن للمسئول أن يقول الشيء، وينفذ نقيضه في آن..!!  من يراقبه ..؟ من سيقول له كذبت، ويحيله الى محكمة توقفه عند حده؟؟ وأين يقع هذا الحد بالضبط؟؟
يكذب المسئول أمام الملأ، بكل فخر، ويتبع الكذبة بأختها، وهو يعلم كل العلم أن لا شيء سيحدث..!!

هب أن الشعب قرر محاكمة "الكذابين الكبار" فما الذي سيحدث؟؟ من المتوقع أن تحدث أزمة في السجون اليمنية ، ولا يستبعد التقدم بطلب الى الأمم المتحدة لإعارتنا سجون أضافية..!!

لنفكر بشكل أكثر جدية. ولنفترض أن الشعب قرر استخدام الوسائل السلمية لمجابهة "كذابيه الكبار"، كما حدث في دولة المجر في أكتوبر من العام الماضي، حين أحدثت كذبة لرئيس وزرائها، ضجة عالمية كادت تودي بدولة المجر، بعد اعتراف سري له في جلسة مغلقة مع نواب حزبه بالكذب في 17 أيلول/سبتمبر.2006م. إذ اعترف بأنه كذب حول برنامجه للتقشف الاقتصادي لإعادة انتخابه في نيسان/ابريل من نفس العام..

 وأدى هذا الاعتراف – الذي نقله التلفزيون المجري - الى تظاهرات واضطرابات، استمرت حوالي شهر، وصفت أنها الأسوأ في تاريخ المجر منذ نهاية الشيوعية في 1989م.  وترافقت مع دعوات متكررة من اليمين باستقالة رئيس الوزراء. وانطلقت التظاهرات ورفع آلاف المتظاهرين الأعلام المجرية وتجمعوا أمام مقر البرلمان مرددين "كذاب،  كذاب، انك أخطأت".
فلو افترضنا، أننا في اليمن قررنا استخدام ذات الطريقة وخرجنا الى الشارع ، مطالبين باستقالة، المسئولين الذين كذبوا على الشعب..!! فما الذي سيحدث؟؟

لنفكر بالحلول والنتائج.. المهم أن لا نبقى "مغفلين" ومقالب لنفاياتهم..!!
   كذب دولي 

يكذب مسئولونا كالمنشار، في الطلوع وفي النزول.. على المنظمات الدولية المانحة، باسم الشعب. وعلى الشعب باسم تلك المنظمات، وهم يعتقدون ذلك ا

أن ذلك هو الذكاء السياسي، .. ترفع أرقام وإحصاءات "متذللة" للشحت الخارجي، غير تلك ألأرقام المعلنة للداخل "المتباهية" بالنجاح.
ذهبوا الى المانحين في لندن، وقدموا أوراق "شحت" عالية الكفاءة، ممهورة بـ"دزينة" وعود. منذ البداية وقبل انعقاد المؤتمر الدولي لم يكن الأمر واضحا، وكانت الشفافية منعدمة في تصريحات وتناقضات المسئولين اليمنيين، عن حجم الفجوة التمويلية التي تسعى بلادنا الى تغطيتها عبر المؤتمر.. فمن (48) مليار دولار، كانت الصحافة الرسمية تتحدث عنها، الى (24) مليار دولار، ثم أصبح الحديث يتراوح مابين (14 -18 ) مليار دولار، ثم تقلص قبيل المؤتمر بأيام قليلة الى أقل من (10) مليار ، ثم أستقر مابين (7 - 8) مليار دولار تقريبا. وبسبب تلك التفاوتات الرقمية، ترددت أخبار أرجعت السبب الى تدقيق خليجي، لحجم المبلغ المطلوب لسد الفجوة التمويلية الاستثمارية في البلاد، حتى أنهم طلبوا كشفا تفصيليا بأسماء المشاريع، ومبالغها التفصيلية، وفترة تنفيذها.. !! الى أن أسفر ألأمر عند آخر مبلغ تم الحديث عنه وهو تقريبا (7) مليار دولار.

ذلك من ناحية ومن ناحية أخرى.. قبل أن يعود مسئولينا رافعين رايات النصر المظفر، كانت الآلة الإعلامية الداخلية قد فعلت فينا ما فعلت، حتى اعتقدنا أننا فتحنا "لندن". منتهى الأمر أنهم عادوا حاملين "وعودا" من الدول المانحة بأقل من (5) مليار دولار.. وتم تعليق تسليمها بشروط والتزامات، فقط "أعلنت" بلادنا أمام العالم أنها ستنفذها. وها قد مر أكثر من نصف عام على تعهدات المانحين وتعهداتنا.. وما زلنا لم ننجز شيئا أكثر من الإعلانات : هاهو "قانون مكافحة الفساد"، وذلك هو "قانون الذمة المالية"، وهنا أيضا "قانون المناقصات والمزايدات"، وفي الجعبة "قانون تنظيم وحيازة السلاح"، وقريبا "قانون السلطة المحلية" ووو.. ، ولذلك بات من الطبيعي أن يعلن مسئول كبير في الدولة – قبل أيام - أن اليمن لم تستلم حتى الآن "فلسا" واحدا من المانحين..!! ليلحقه بأيام تصريح مصدر حكومي أن مساعدات المانحين ارتفعت الى أكثر من (5) مليارات دولار، بسبب ما أبدته بلادنا من نية "حقيقية" للسير قدما نحو الإصلاحات..!!

وبالجملة، أحتوى التصريحان على رسالتين، الأولى من مسئول يحاول أن يبرر موقف الحكومة أمام الشعب للإجابة على سؤال : لماذا لم تظهر نتائج مؤتمر المانحين على الواقع المعاش..!! وهربا من الإجابة المتداولة : أن التطبيل والتصفيق للمؤتمر إياه لم يكن سوى ردة فعل ودعاية لبرنامج الأخ رئيس الجمهورية بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة. لا سيما وأن هناك من وصف مؤتمر لندن أنه جاء ضمن برنامج الأخ الرئيس، من أجل الانتقال باليمن الى حياة جديدة مليئة بالعيش الرغيد، وحياة السؤدد. وإذ كانت هذه الرسالة بقصد التنصل والتبرير لموقف الحكومة، فأنها - وبغير قصد - عززت من شكوك بعض المحللين السياسيين والاقتصاديين، التي صدرت عقب المؤتمر الدولي، حينما ذهبوا للقول بـ"الفشل"، موضحين أن تلك الوعود الدولية بالمنح المالية، ليس بالضرورة أن تكون مضمونة التسليم، خصوصا أنها ارتبطت، بشروط والتزامات داخلية، إن لم تنفذ، فلن يكون هناك مساعدات..!! 

أما الرسالة الثانية من المصدر الحكومي، فقد جاءت – على ما يبدوا – بغرض إصلاح ما أفسدته تصريحات الوزير. ولمحاولة إبقاء الشعب على أمل نتائج المؤتمر، الذي، وكأن تلك التصريحات، تريد أن تقول أن "فتوحاته"  ما زالت تتوالى إلينا حتى الساعة. وهي رسالة احتوت على قصد مناقض للأولى، من حيث أنها تحاول هنا أن تثبت أن مؤتمر لندن، لم يفشل، بعكس ما أوحت به سابقتها.
ربما علينا – إذا – الانتظار طويلا لشيئين، بلادنا بأمس الحاجة إليهما : الإصلاح الإداري (القضاء على الفساد، وإصلاح التشريعات ) ومن ثم استقبال أموال المانحين. وإن كان المانحون اليوم أدركوا أهمية ربط مساعداتهم بوجود إصلاحات إدارية وتشريعية (البيئة الضامنة لنجاح أهداف المساعدات).. فإننا هنا علينا أن نتذكر أن حاجتنا الى ذلك، لم تكن جديدة. بل أنها قديمة، وكان التجمع اليمني للإصلاح، يطالب بها منذ أكثر من عقد. ذلك في العام 1995م، حينما كان شريكا في الحكم، وفرض البنك الدولي على اليمن برنامجا عسيرا للإصلاح الاقتصادي (ما سمي شعبيا بالجرع الاقتصادية).. حينها كان وزراء الإصلاح يقولون بربط ذلك البرنامج بالإصلاح الإداري أولا، وظهر الدكتور عبد الرحمن بافضل على شاشة التلفزيون اليمني في مواجهة اقتصادية، وقال كلماته المشهورة( أنه بدون الإصلاح الإداري أولا، فإن الأموال حتما ستصب في "قربة مخزوقة"). وها نحن الآن، وبعد مرور عشر سنوات.. أعلنت اليمن والبنك الدولي فشل برنامج الإصلاح الاقتصادي.. وإن لم يكن الإعلان بشكل رسمي، فقد جاء تقليص البنك الدولي مساعداته لليمن، أواخر العام قبل الماضي، بنسبة الثلث تقريباًَ، بمثابة الإعلان الرسمي عن هذا الأمر. وكان البنك برر قراره ذاك  أنه "يأتي بعد ملاحظته انخفاض المؤشرات الإيجابية من الجانب اليمني في عملية التنمية مقابل ارتفاع مؤشر الفساد". جاء ذلك  في مؤتمر صحفي عقده نائب رئيس البنك في صنعاء مساء 11/12/2005م.  وأشار إلى أن تلك المبالغ – التي كانت تقدم لليمن – كانت تذهب في غير أماكنها.

وهنا نصل الى فضيحتين ترافقتا مع هذا الحدث، الى جانب الفضيحة الكبرى التي كشفها المسئول الدولي.. وترتبط الفضيحتان بموضوعنا الأساسي (كذب المسئولين).

الأولى : أن نائب رئيس البنك – في ذات المؤتمر –  أشار الى أن تصريحات وزير التخطيط اليمني – في وقت سابق من نفس العام 2005م – لقناة الجزيرة، من أن معدل النمو الاقتصادي في اليمن 10 % ، هو أمر غير صحيح، وقال المسئول الدولي أن الصحيح هو أن النمو الاقتصادي في اليمن ما بين 3 – 5 % فقط. 

الكذبة الأخرى التي رافقت هذه الفضيحة، لم تكن بأقل من أختها، وذلك حين ذهبت الحكومة ، في اليوم الثاني مباشرة بنشر خبرا رسميا في الوسائل الحكومية  يقول : "أن المسئول الدولي قال إنه "سيزيد من حجم الدعم لليمن" ..!!
 كذب اقليمي 

بعد مؤتمر المانحين الذي عقد في لندن منتصف نوفمبر 2006م، دخلت بلادنا فيما سمي بـ " مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية" الذي كان أجل مرتين ( الأولى : من فبراير2007م، الى بداية أبريل، والثانية من بداية أبريل الى نهايته). وبنفس الطريقة كانت الآلة الإعلامية الحكومية وملحقاتها تصور المؤتمر على أنه المنقذ والمخلص لبلادنا من الفقر والبطالة، والتدهور الاقتصادي ووو…، لكن نتائجه هي الأخرى لم تكن أكثر من مجرد وعود "مشروطة" من قبل رؤؤس الأموال الخليجية، واليمنية. وفي الحقيقة فقد أضاف المؤتمر على بلادنا عبئا إضافيا للأعباء السابقة التي فرضها مؤتمر المانحين. وبالمجمل نستطيع القول أن المستثمر الخليجي، كان على دراية كاملة بما يحدث في الداخل من عقبات مرتبطة بالفساد المالي والإداري، وطالبوا بضرورة إصلاح المناخ الاستثماري أولا، واعتبروا أن المؤتمر عبارة عن استكشاف، وليس كما فُهم على أنه للاستثمار المباشر.. لكن الآلة الإعلامية ذاتها، ذهبت للحديث عن استثمار أكثر من (2) مليار دولار، وتضاربت تصريحات المسئولين مع الأرقام الرسمية، مع أسماء الاستثمارات، مع تصريحات المستثمرين أنفسهم. لكن المحصلة النهائية كانت واضحة، من خلال البيان الختامي، الذي طالب كما أسلفنا بضرورة إصلاح البيئة الاستثمارية أولا، واعتبار هذا المؤتمر فرصة أولية لمناقشة الأوضاع، وتقديم المقترحات الضرورية، ليس إلا.  

ومما يمكن الإشارة اليه في هذا المنوال، هو تلك الأوراق التي قدمت خلال المؤتمر، فقد قدم وزراء، ووكلاء وزارات، ودكاترة جامعات يمنيين، أوراقا، كانت معظمها تنظيرية، فيما احتوت على أرقام، وإحصاءات غير دقيقة، لدرجة أن ردت بعض الأوراق الخليجية عليها بضرورة تقديم أرقام وإحصاءات دقيقة، ليتم التعامل معها بشكل جدي، واعتبارها قاعدة بيانات مرجعية للمستثمرين. وطالبت ورقة خليجية من اليمن ضرورة مراجعة الأرقام الخاصة بالتبادل التجاري بين اليمن ودول الخليج، ملمحا الى عدم دقة ما ورد في إحدى الأوراق اليمنية المقدمة بهذا الخصوص، والتي قدمت أرقاما متقاربة جدا في فارق الاستيراد والتصدير بين اليمن ودول الخليج.
وفي المؤتمر قدم المسئولون في بلادنا - بما فيهم الرئيس في كلمته الافتتاحية – وعودا كبيرة جدا بشان إصلاح القوانين والتشريعات، والبنية التحتية، وتنفيذ بعض المقترحات التي يجب أن تترافق مع المناخ الاستثماري، كتقوية البنوك والمصارف، وتخصيص بعض القطاعات الحيوية الهامة، وفتح سوق مالية وغيرها ..

كل ذلك التفاعل الذي أبداه الجانب اليمني مع المستثمر الخليجي، من أجل طمأنته، وجلبه لاستثمار أمواله في اليمن، لم يمنع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية من التأكيد بالإشارة – في المؤتمر الصحفي الختامي - الى النقطة الجوهرية التي يمكن تلخيصها بكلمة واحدة هي : المصداقية.

فهو أكد أن النجاح الذي حققه المؤتمر يتطلب التواصل والاستمرارية " منوها الى أنه "ستكون هناك متابعة لنتائجه لعكسها على الواقع بالتنسيق بين الأمانة العامة لمجلس التعاون مع الهيئات والوزارات المختصة وهيئة الاستثمار والقطاع الاقتصادي في الأمانة العامة لمجلس التعاون لوضع تقرير يتضمن تقييم للنتائج التي سوف يبنى عليها ما سوف  يتم متابعته من قبل الأجهزة الرسمية على الأقل في الجانب الخليجي والجانب اليمني ".
 كذب محلي 

إذا كان المجتمع الدولي، قد وصل الى ما وصل اليه من حرص مشبوب بالشكوك، في التعامل مع المسئولين في بلادنا، وصل حد عدم الثقة بهم، واتهامهم بتبديد المساعدات، وعدم تصريفها في أماكنها المخصصة لها..!! بل أن بعض الدول المانحة اشترطت مؤخرا، أن تقوم هي بتنفيذ المشاريع والأشراف عليها، أو إشراك منظمات من المجتمع المدني مع الحكومة في تنفيذ بعض تلك المشاريع..ِ!!
وفي دراسة اقتصادية أجريت في العام الفائت (2006م) كشفت أن 74.6% من القروض، في اليمن، لم يتم استغلالها استغلالا صحيحا، وبحسب المواعيد المحددة لها.

 الدراسة أعدها الدكتور قايد عائض العميثلي - أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء – وهي قالت أن إجمالي القروض التي حصلت عليها اليمن في إطار الخطة الخمسية الثانية 2000- 2005م بلغت حوالي 2 مليار و44 مليون دولار إلا أن المبلغ الذي تم الاستفادة منه لايتجاوز 620 مليون دولار فقط من إجمالي القروض الجارية والمتاحة. وأكدت الدراسة - التي نشرتها صحيفة الوحدة الرسمية يوم 10 مايو 2006م - أن نسبة القروض التي تم الاستفادة منها بلغ فقط 25.4%.
- وإذا كان المجتمع ألإقليمي (دول الخليج)، ينحو في ذات الاتجاه، (وإن لم يعلن عن ذلك صراحة عبر الصحافة فقد تأكد مثل هذا الأمر، من خلال طمأنتهم، قبل انعقاد مؤتمر المانحين، من قبل رئيسنا، بأن يشكلوا صندوقا، يكون تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي، للإشراف على أموال المساعدات، وتنفيذ المشاريع..!!). بل من المؤسف الإشارة الى قرار الصندوق العربي ( الذي يقع مقره في الكويت) بقطع المساعدات عن اليمن، حتى يتم تسديد ما عليها، وتنفيذ المشاريع التي منحت مساعدات وقروض من أجلها.
إذا كان المجتمعين الدولي والإقليمي، وصلا الى هذه المرحلة من التعامل مع وعود والتزامات مسئولينا.. فما لذي يجب على المجتمع المحلي القيام به، إزاء كذبات ووعود مسئوليه الداخلية – على الأقل.

إن ما يحدثه المسئولون من "كذبات" مع الداخل المحلي - وإن كان من الصعب فصله عما يحدث مع الخارج - لا يمكن إحصائه..!! ربما فقط سيمكن ذلك بعد تحقق ما وعد به مدير شركة "جوجل" قبل أسابيع، من أن شركتها تسعي لعمل برنامج، يقوم بأرشفة "كذبات المسئولين"، والعودة إليها في أي وقت لتذكيرهم بها..!!

لقد أصبح المسئول لدينا مؤمنا أن وعوده الكاذبة، وتصريحاته الخارقة، هي الوسيلة المثلى لبقائه في موقعه، وربما ترقيته. ولذلك أصبحت تصريحاتهم، تطعمنا وتسقينا، وتحل محل "لمبة" الإضاءة في منازلنا..!!
ولأننا غير قادرين على معاقبته –مثلا بقطع المساعدات عنه – أصبح بكل سهولة يفرغ شحنة الكذب – التي تسكنه كمسئولية، وعظمة – تجاهنا نحن، من لا حول لنا ولا قوة، إلا أن نظل مؤمنين أن "لا جدوى من كل حديث"..!!

لننظر فقط الى كذباتهم في قضيتين هامتين، هما : الكهرباء، والأسعار. كونهما من أهم القضايا التي تقترب منا (كاستخدام يومي) ، ولا يمكن نسيانها. هذا إذا ما تركنا قضية الكذب في المشاريع، جانبا كونها الأولى مع مرتبة الشرف، خصوصا قبيل كل انتخابات( المطلوب فقط مجموعة أحجار أساس، وكاميرا تلفزيونية، وخبر صحفي).
دعونا في الكهرباء وارتفاع الأسعار، ولنبدأ بالنور، قبل الظلام.. أملا بالحصول على الأول للقضاء على الثاني.
    الكهرباء   
ابسط ما يمكن ترك الجدل حوله في البنية التحتية لأي بلاد، هو الكهرباء، كونها أمرا مفروغا منه في أساسيات الدول. لكن..و منذ قيام الثورة اليمنية، عام 1962م، وحتى اليوم (بعد 45) عام.. أي نصف قرن تقريبا.. وبلادنا، على اختلاف رؤسائها ومدد تربعهم على الكرسي، لم تستطع حل معضلة الكهرباء، التي انتهت – منذ عقود – من كونها مشكلة، في الدول التي تتوافق ثرواتها وإنتاجها المحلي وعدد سكانها مع بلادنا.

من العيب أن تقترض بلادنا مليارات الدولارات، وتكون من الدول المصدرة للنفط والغاز، ولم تعمل على حل مشكلة بسيطة مثل هذه المشكلة حتى الآن.

يشاع أن العمر الافتراضي، لأجهزة محطاتنا الكهربائية، انتهت منذ أكثر من عقد، وأن الحاصل حاليا هو عبارة عن "تربيط في تربيط"، من شأنه أن يزيد من حجم الخسائر في حالة حدوث مشاكل مفاجئة.

أما بشأن تصريحات مسئولينا في هذا الشأن، فمن العيب أن نعود الى ما قبل عقد من الآن، وقد أتحفنا الجديد، بما لم تقم به الأوائل..!!
فإذا كنا قد سمعنا عن مشروع توليد الكهرباء بالغاز من محافظة مأرب، منذ ما يقرب من نصف عقد، في البداية قيل لنا نهاية عام 2006م ، سيتم تنفيذ المرحلة الأولى من الربط مع أمانة العاصمة. ثم انتقل الوعد الى العام 2007م، واليوم نسمع أن ذلك سيتم مع بداية العام 2008م، وإذا ما قدر الله لنا العيش حتى ذلك العام، من المؤكد أن يعلن عن افتتاح المشروع مع بدايات العام 2009م.. وهكذا…
فإذا كنا قد سمعنا عن هذا المشروع الذي قيل أنه سيغطي اليمن مع مساعدتنا للعربية السعودية بتغطية بعض مناطقها القريبة منا.. إذا كنا قد سمعنا بذلك منذ ما يقرب من نصف عقد، ولكننا لم نراه على أرض الواقع حتى الآن..!! فكيف بنا وقد ضج مسامعنا وزير الكهرباء والطاقة  الحالي، الدكتور مصطفى بهران، أن وزارته ستعمل خلال (3) سنوات فقط لإنتاج الكهرباء عبر الطاقة النووية..!!

دعونا لا نسخر، ونعتقد بأن الرجل، لا يدعي أو يكذب.. !! لكن ماذا بشأن تصريحاته الأخرى، وتأكيده على السياسات الحكومية الاسعافية المقبلة لإنهاء الانطفاءات الكهربائية المتكررة ومواجهة الطلب المتزايد على الطاقة في صيف العام الجاري. لقد قال في المؤتمر الأول للكهرباء بتاريخ 13/06/2007م،أن وزارته تعمل جاهدة على القضاء على العجز الكهربائي القائم في التوليد عن طريق شراء الطاقة .. وأنها وقعت مؤخراً عدداً من الاتفاقيات في هذا الجانب الأمر الذي مكنهم من تنفيذ التوجهات المتعلقة بعدم الإطفاء على المناطق الساحلية..!!

الآن علينا أن نعرف ماذا حدث قبل أسبوع لحوالي (22) شخصا، من محافظة عدن، بسبب انقطاع التيار الكهربائي، عن المحافظة في ظل موجة الحر الشديد الذي تعيشه المحافظة.. لقد تحدثت الأخبار عن وفاة(12) مواطنا بسبب تلك الموجة، المترافقة مع انطفاء الكهرباء، بينما في الحقيقة أن هناك من يؤكد أن الرقم حتى اليوم وصل الى (22) مواطنا لقوا حتفهم بسبب الحر، وعدم وجود كهرباء لتشغيل المكيفات.

لا توجد لدينا أموال كافية لعمل اللازم..!! هكذا يقولون، وفي تاريخ 9 يونيو الحالي أقرت اللجنة العليا للمناقصات ومشتريات الدولة مناقصات، كان ضمنها مناقصة مشروع تحديث الشبكة الكهربائية والتوليد الخاص بدار الرئاسة بمبلغ إجمالي 930 مليون 406 ألف و 988ريال. في الوقت الذي أكد فيه الخبر الرسمي لوكالة ألأنباء اليمنية سبأ، أن تلك المناقصات تضمنت أيضا مشروع توريد ثلاث وحدات توليد لكل من " حوف، نشطون، محافظة المهرة، وفرع المنقطع محافظة البيضاء " بمبلغ إجمالي 203 مليون و 513 ألف و320 ريال. ويبدو فارق المبلغ واضحا لصالح مشروع "تحديث" الشبكة الكهربائية لدار الرئاسة بثلاثة أضعاف المبلغ المحدد لخدمة مشاريع  المحافظات المذكورة..!!

وقال بهران في سياق تصريحاته المشار إليها، والتي نشرتها الوكالة الرسمية بتاريخ 20/04/2007، "أن التكنولوجيا النووية السلمية التي يسعى إليها اليمن ستكون من أحدث مشاريع الطاقة في العالم وأكثرها أمانا وفعالية وتحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.لافتا الى أن إنشاء محطات الكهرباء النووية في اليمن سيكون من مسؤولية شركات دولية أميركية وكندية ،فيما ستكون وزارة الكهرباء والطاقة مسئولة عن أمان الإنسان اليمني وبيئته ،وعن أمن المنشآت النووية من خلال الجهات ذات العلاقة.." ..!!

هنا علينا أن نتذكر أن موقع الصحوة نت وصحف أهلية، أكدت أن حوالي (12) مواطنا من محافظة عدن لقوا حتفهم الأسبوع الماضي بسبب موجة الحر التي اجتاحت المحافظة، مع تكرار انعدام التيار الكهربائي، في أكثر من مرة خلال اليوم الواحد.  
للتذكير : بتاريخ 30/7/2006م (أي قبيل الانتخابات الأخيرة – رئاسية، ومحلية) كان عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية يفتتح ويضع حجر الأساس لعدد من المشاريع بمحافظتي أبين وعدن. وقال خبر رسمي بثته وكالة الأنباء أنه  افتتح مشروع توسعة توليد الطاقة الكهربائية بقدرة تزيد على 70ميجاوات وذلك في منطقة المنصورة بمحافظة عدن .  وأردف الخبر : "ويعتبر هذا المشروع تعزيزا مهما لتوليد الطاقة الكهربائية بحيث ينتهي الإطفاء في محافظة عدن بصورة نهائية حسب تأكيدات الدكتور علي مجور وزير الكهرباء بالإضافة إلى الجهود التي تبذل وبتوجيهات من فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بهدف انجاز المحطات الجديدة بما يمكن من التغطية الكاملة للطاقة الكهربائية بحسب الاحتياجات المتزايدة.."..!! انتهى الخبر الرسمي. والآن وبعد عام تقريبا من الافتتاح – الانتخابي – لم نسمع أن شيء تغير، سوى أن عدد الموتى يزداد مع ازدياد موجة الحر عاما بعد آخر.
 مزيدا من ضخ وعود كاذبة
وللمقارنة بين تصريحات وزيرين متتالين للكهرباء، نورد هنا ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" في موقعها الالكتروني: " قال وزير الكهرباء الدكتور علي مجّور " أن عام 2007م سيكون نهاية المعاناة للانقطاعات الكهربائية وذلك من خلال دخول المحطة الغازية في مأرب والبالغة طاقتها 340 ميجاوات والتي ستكون في الخدمة في نوفمبر القادم" انتهى الخبر الذي نشر في 28 / 3 / 2007م قبل أيام من توليه رئاسة الوزراء.

الخبر الآخر :  ".. وقال بهران، أن وزارته ستعمل ضمن البرنامج الحكومي "على إنهاء الانطفاءات المتكررة من خلال استكمال بناء محطة مأرب الغازية الأولى بقدرة 435 ميجاوات مع بداية العام المقبل ،والشروع في بناء المحطة الغازية الثانية واللتان ستمدان اليمن بكمية جيدة من الطاقة ،وبالتالي تلافي الانطفاءات الحالية وتوليد قدرة إنتاجية جديدة". الخبر نشر في 20/4/2007م، بعد توليه قيادة دفة وزارة الكهرباء بأيام.

والآن قارنوا بين الأرقام الواردة، ومواعيد الانتهاء من المشروع، في التصريحين..!!
- لو تابعنا تصريحات مسئولينا الأشاوس، بشكل أكثر توسعا، من هذه العجالة، لوجدنا في كذباتهم وتناقضاتهم، ما يمكن أن يغلق بلدا بحجم أكبر من حجم اليمن، ويحيلها الى بلد تحت التحقيق الدولي بتهم الكذب والتدليس على مواطنيها والعالم أجمع.
ومع ذلك ما زلنا هنا بانتظار الانتخابات القادمة، وارتفاع رصيد المناطق المنسية والنائية من أحجار ألأساس.
 الأسعار كذب في كذب 
يكفي أن المواطن أصبح اليوم يطالب رئيس الجمهورية بعدم التدخل بهذا الأمر..!! لقد ترسخ لديه اعتقاد متزايد، أن خطبه الرئاسية، المحشوة بالتهديدات، والمنطوية على أوامر لحكومته بالعمل على تخفيض ألأسعار.. هي مقدمة هامة لارتفاع الأسعار، في أقل من (24) ساعة..!!

حدث ذلك في أكثر من مرة خلال العام 2005م. وتكرر مؤخرا في يوم 16 /10/ 2006م، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، في حفل استقبال كبير ومأدبة إفطار لأبناء محافظات عدن ، لحج ، أبين والضالع بمناسبة الخواتم المباركة لشهر رمضان الكريم والاحتفال بالعيد الـ43 لثورة الـ 14 من أكتوبر. حيث حذر الرئيس، التجار من عواقب التلاعب بالأسعار، و دعا وزارة الصناعة الى العمل بجد لوقف استغلال التجار المتزايد، وأتهم الوزارة بأنها مشلولة، وهددها بعدم السكوت في حالة أن فشلت هذه المرة في ضبط الأسعار. ومباشرة ارتفعت ألأسعار الى أكثر من 200% بحسب تأكيدات عضو مجلس النواب صالح السنباني.

وهذه أيضا: مقتطفات من الخبر الرسمي لخطاب رئيس الجمهورية في محافظة اب بمناسبة العيد الوطني الـ(17) للوحدة اليمنية -  يقول "..ووجه الرئيس، الحكومة باستكمال ما تبقى من الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والمالية في إطار ما تضمنته المصفوفة الوطنية للإصلاحات وتنفيذاً لما ورد في البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية, وكذا إيجاد آليات فعالة لمراقبة الأسعار ومكافحة الغلاء والاحتكار.. وبما يضمن الاستقرار المعيشي للمواطنين.."..

وحتى اليوم لم ينقص "بنسا" واحدا من الأسعار المرتفعة بجنون.. بل على العكس أن الأسعار في تزايد مستمر..
- بين الحين والآخر يناقش مجلس الوزراء المشكلة، ويشكل لجان على مستوى عال، ويخرج بخبر رسمي شديد اللهجة ويقول أنه سيتخذ إجراءات، حاسمة لردع المحتكرين والتجار المتلاعبين ووو ..، ثم لا نسمع إلا عن أسعار تزداد اشتعالا، وتحديا للشعب والمواطن قبل الحكومة والوزارات المعنية.

يقول خبر رسمي بهذا الشأن نشرته وكالة "سبأ" بتاريخ 17/5/2007م : "أكد مصدر مسئول في وزارة الصناعة والتجارة تواصل تفعيل قرارات مجلس الوزراء بشأن استقرار الأسعار وأنها تشكل حالياً غرف عمليات وفرق تفتيش ميداني في كل المحافظات والمدن والمديريات بالتنسيق مع الجهات الأخرى المختصة.." وأشار المصدر إلى أن وزارة الصناعة والتجارة تجري حالياً دراسات لمتغيرات الأسعار العالمية وأثرها على السلع المحلية..!!   
- وهذا أيضا مقتطف من خبر رسمي عن اجتماع مجلس الوزراء، يقول :  ".. واطلع المجلس على التقرير الأسبوعي لوزارة الصناعة والتجارة حول الوضع التمويني للسلع الأساسية في الأسواق المحلية، حيث أكد التقرير توفر كميات كافية من تلك السلع وخاصة القمح والدقيق في الأسواق وصوامع الغلال.. إلى جانب عمليات التفريغ الجارية من البواخر إلى الأرصفة في موانئ كل من عدن والحديدة والصليف."

 ويضيف الخبر : " وقد وجه المجلس بهذا الخصوص وزارة الصناعة والتجارة بمواصلة دورها في رقابة الأسعار وإعداد رؤية متكاملة تضمن توفر السلع التموينية الأساسية بشكل دائم في مختلف الأسواق المحلية، وتساهم في ذات الوقت في الاستقرار السعري لتلك السلع، وبحيث تقدم الوزارة الرؤية المطلوبة إلى المجلس للمناقشة، واتخاذ القرار المناسب بشأنها."  المصدر: سبأنت تم تسجيل الموضوع في 10/4/2007م. وهو الشهر الذي شهد بداية غليان الأسعار، بشكل كبير جدا، تجاوز بعضها الـ 100% .
- وفي السياق أيضا،  أظهر تقرير لجنة التجارة والاقتصاد بمجلس النواب، بأن حوالي ألفين ومأتيين وسبعة وثلاثين مخالفة سعرية قدمت إلى القضاء منذ تاريخ 6/11/2006م ، إلا أنه لم يصدر بشأنها أي حكم حتى اليوم ولم يبت القضاء ولا النيابة في أمانة العاصمة والمحافظات الأخرى فيها.  

لقد كان الأمر مجرد شكليات، تم من خلالها ابتزاز التاجر الصغير، الذي سلم مبالغ ماليه للجهات التي حبسته، ليخرج، ويمارس عمله تحت رحمة التاجر الكبير الذي لم تستطع الدولة الأقتراب منه.. لماذا؟؟ هناك من يتحدث عن الشراكة، والمصلحة، وأيضا : يقال أن التجار هم المسئولون.
 الحل : ثورة بيضاء 
تلك ألأحداث الهامة في تاريخ بلادنا والتي اشرنا إليها هنا، تصبح من الوضوح بمكان لتسمح لنا بالقول أن ما ينقص مسئولينا هو "المصداقية" في التنفيذ، وليس التصريحات والوعود وتوقيع ألالتزامات.
لقد بات العالم يدرك اليوم أن الإصلاح الحقيقي للدول المتخلفة، لم يعد مجرد منحها الأموال الطائلة. بل هو حرمانها من المساعدات المادية، وإمدادها أولا بالمساعدات الإدارية  في اتجاه الحكم الرشيد.

وحينما يصبح تحقيق هذه الثنائية مستحيلا، لأسباب تتعلق بتجذر الفساد، واعتماده منهجا لا غنى عنه من قبل الطبقة العليا المستفيدة من المساعدات والمنح والقروض، وتخصيص عائدات الثروات الداخلية من أجل الوصول الى الغنى غير المشروع، تحت نظرية "مؤتاة الفرصة، واستغلالها" معتمدة في ذلك على نقطتين: الأولى، قائمة على خلفية "أن الوطن في طريقه الى الانهيار، ومن غير الممكن إنقاذه". وأن خيراته الآن يجب أن تستغل بشكل سريع، والثانية : أن الشعب مشغول بتوفير لقمة العيش.. وانه بحاجة الى مجرد تصريحات تهديئية (مخدرة).

ولذلك كما أسلفنا أنه وحين يصبح تحقيق ثنائية الإصلاح الإداري، والاقتصادي(المالي) مستحيلا، مع ما ذكرنا من أسباب.. هنا يجب أن يكون للشعب كلمته الفصلى..
علينا ان نقف متراصين في ثورة بيضاء ضد "الكذب ألأسود".. أن نكون مراقبين لكل تصريحات المسئولين وكذباتهم، ونقول لهم " كذابين، لقد أخطأتم، ويجب أن تقدموا استقالتكم"

هنا سيفرض المسئول على  نفسه رقابة ذاتية.. لن يرمي بتصريحاته في كل مكان، وحول كل شيء.. بل سيخفض من صوته، ويقتصد من مشية. 
   دعوة لليقظة 
هذه ليست دعوة الى العصيان المدني، لإسقاط حكومة المؤتمر، التي استمرئ، مسئوليها، الكذب كل يوم..!!
 كما أنها ليست دعوة للإحباط والتخاذل.. !! هي دعوة لـ "اليقظة" ، و(المبالاة) والتعايش الايجابي مع الواقع. أن نكسر طوق الانعزال مع واقعنا المزري، ونتحول الى مواطنين صالحين من أجل وطننا، لا من أجل أحد. أن نحس أننا مواطنون، ونتصارع مع سلبيات الحوادث ومكرراتها المملة. أن نحول اليأس الذي بات مسيطرا علينا، الى وقود ينهض بنا الى إصلاح الواقع.
هي دعوة الى أن نرفض الكذب، ونفرض عليه رقابة مجتمعية، لإقصائه من الحياة، ونقف في وجهه حتى لا يجعل منه الكذابون منهجا للحفاظ على بقائهم.

-------------

أغسطس 2007 



الثلاثاء، 12 يونيو 2007

الأرهاب في العلاقات اليمنية الأمريكية




فيــما عدا الشيخ الزنداني..اليمن شريك رئيسي

- بعد يوم واحد من توجه الرئيس علي عبد الله صالح إلى الولايات المتحدة (29 نيسان ابريل الماضي) نشرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي للعام 2006م عن الإرهاب العالمي (30 نيسان/أبريل).

وفي ملخصه التنفيذي الخاص بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا قدم التقرير ملخصاً عن اليمن بواقع (560) كلمة بدأه ممتدحاً للإجراءات التي اتخذتها البلاد ضد تنظيم القاعدة والمتطرفين المحليين ، وتطرق إلى الهجمات التي نفذها إرهابيون في اليمن خلال العام 2006م ومواصلة المحاكمات ضد أعضاء تنظيم القاعدة الذين ألقت أجهزة الأمن اليمنية القبض عليهم.

واختتم الملخص حديثه عن اليمن بالإشارة إلى عدم اتخاذ الحكومة اليمنية أية اجراءات ضد الشيخ عبد المجيد الزنداني ، مشيرا إلى تأييد الرئيس علي عبد الله صالح له ولجامعة الإيمان التي يديرها.

 الشيخ الزنداني بعيون أمريكية

الأخبار الواردة تباعا من وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن الفعاليات التي قام بها الرئيس صالح في زيارته الأخيرة لأمريكا، أكدت أن الرئيس التقى برئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية ، وكان محور الحديث القائم بينهما ، تعاون اليمن في مكافحة الإرهاب وقالت أن الرئيس طلب من الإدارة الأمريكية رفع اسم الشيخ الزنداني من قائمة الإرهاب لكنها لم تشر إطلاقاً إلى رد الأمريكان حول ذات النقطة ، التي ظلت لفترة من الزمن – خلال العام المنصرم- تراوح الصحافة اليمنية والدولية . ومؤخراً بدا نبيل خوري نائب السفير الأمريكي ، والقائم بأعمال السفير حالياً مدافعاً عن التعليم الديني في المنتدى الإلكتروني الذي نفذه موقع «نيوز يمن» الإخباري الأسبوع الماضي ، حول الجامعة وذكر باللقاء الذي ضمه والزنداني في مكتب الرئيس صالح، وقال انه انتقد رئيس الجامعة (يقصد الزنداني)، وقال الموقع في خبره حول المنتدى أن خوري « تمنى أن يشارك في أي حوار مع جامعة الإيمان» مذكرا بأنه « انتقد رئيسها في اللقاء الذي جمعهما في مكتب الرئيس علي عبد الله صالح ، على إغلاقها بما يوحي أنها أقرب إلى المعسكر منها إلى المؤسسة التعليمية».

وبحسب الموقع فإن خوري قال « إن الإشكاليات الناتجة عن اتهام الشيخ عبد المجيد الزنداني بتمويل الإرهاب وتنظيم القاعدة مرتبطة بكون المنظمة الأخيرة منظمة عسكرية تستخدم السلاح وتخطط للاعتداءات المتكررة ضد مصالح أمريكا والبلدان التي لها علاقة بها ، ومنها دول مسلمة وعربية « وليس بـ» كونه رجل دين ، ولا لأنه يرأس جامعة تعليم ديني».

 الشيخ في طاولة المفاوضات

لدى لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش - مساء الأربعاء الماضي- أكد الرئيس علي عبد الله صالح أن اليمن شريك رئيسي في الولايات المتحدة ، في الحرب على الإرهاب، وهو الأمر الذي اكدته تصريحات الرئيس بوش ، والمسئولون الأمريكان.

وتلقت اليمن دعماً أمريكيا كبيراً يساعدها على اتخاذ إجراءات مناسبة ضد الارهاب، وتمثل الدعم إلى جانب المال، بالأجهزة والقوارب الخاصة بخفر السواحل، والتدريبات العسكرية والتقنية الداخلية والخارجية ، ومع ذلك إلا أن ملخص التقرير التنفيذي الأخير،اعتبر أن « قدرة الحكومة اليمنية على الحد من تمويل الإرهاب، لا تزال محدودة،ففي العام 2004 اشارت لجنة العقوبات (1267) التابعة للأمم المتحدة إلى الشيخ اليمني البارز عبد المجيد الزنداني بأن لديه ارتباطات بالقاعدة، لكن الحكومة اليمنية لم تتخذ أي إجراء لمنعه من السفر أو لتجميد ممتلكاته إنصياعاً لالتزاماتها مع الأمم المتحدة وخلال العام – اعرب الرئيس صالح عن تأييده للزنداني ولجامعة الإيمان التي يديرها».

والمرجح أن الرئيس صالح وخلال الزيارتين الأخيرة والتي سبقتها لأمريكا كان يطرح قضية الشيخ الزنداني لرفع اسمه من القائمة الأمريكية السوداء، في طاولة الحوار، لكن الردود الأمريكية حول تلك الطلبات لم تكن تعلن على الملأ،غير أن صيغة التقرير الأخير المرفوع للكونجرس حول الإرهاب، كان واضحاً أن الإدارة الأمريكية ما زالت-ليس فقط مصرة على الحديث عن الشيخ الزنداني كمتهم - بل أن التقرير يتهم الحكومة بعدم اتخاذ أية إجراءات لتجميد ممتلكاته ومنعه من السفر ، حسب التزاماتها مع الأمم المتحدة وهو الأمر الذي قد يشكل ضعفاً للجانب اليمني ، في مدى جديته ، بطرح الموضوع على طاولة المناقشات،إذا كان الأمر يصل إلى حد إضعاف علاقات اليمن مع المجتمع الدولي ، وتنفيذ التزاماته بمكافحة الإرهاب.
  اليمن في التقرير الأمريكي

 وفي سياق تعاون اليمن في مكافحة الإرهاب على أرض الواقع خلال العام الماضي أكد ملخص التقرير ان الجمهورية اليمنية ، اتخذت اجراءات ضد القاعدة والمتطرفين المحليين وأوقفت العديد من الأفراد المشتبه بصلتهم بالقاعدة، وقدمت للقضاء منفذي الأعمال الإرهابية السابقة لكن التقرير أكد ايضا أن اليمن شهد عدة إنتكاسات في جهوده ضد الإرهاب مع فرار 3 من اصل 23 مشتبهاً بتأييدهم للقاعدة. وأشار إلى الهجومين على المرافق النفطية في شرق اليمن في سبتمبر الماضي ، وقال أن التحقيقات حول الهجمات ما تزال مستمرة،لكن لم تصدر بعد أية اتهامات،وتطرق إلى فرار 23 مشتبهاً بهم من انصار القاعدة من سجن مشدد الحراسة في صنعاء في 3 شباط / فبراير وكان بين الفارين أفراد أدينوا لمشاركتهم في هجمات العام 2000 ضد السفينة الأمريكية كول والعام 2002 ضد السفينة الفرنسية ( إم في ليمبورج). وواصل ملخص التقرير التنفيذي، سرد بعض الأحداث المرتبطة بالإرهاب. و أكد أن اليمن واصلت خلال السنة 2006م القاء القبض على أعضاء القاعدة المشتبه بهم إضافة إلى أعضاء المجموعات الإرهابية الأخرى وتطرق إلى بعض المحاكمات الأمنية لبعض الارهابيين ومنها محاكمة محمد حمدي الأهدل الذي قيل أنه الرقم الثاني للقاعدة في اليمن بجرم تمويل المجموعات الارهابية المرتبطة بالقاعدة ،وحكم على الأهدل بالسجن 37 شهراً أمضى معظمها في انتظار محاكمته في 8 تموز / يوليو.

وقال أن المحكمة الجزائية المتخصصة برأت 19 متهما بالتآمر للهجوم على المصالح اليمنية الأمريكية واعترف المدعي عليهم ( النيابة العامة) انهم سافروا إلى العراق « للجهاد» لكن القاضي قال أن الجهاد ليس غير مشروع بموجب القانون اليمني وأيضا برأت 23 فرداً آخرين اتهموا بالتآمر للسفر إلى العراق ومهاجمة القوات الأمريكية ووجدت أن 21 من المدعى عليهم مذنبون لتقديمهم وثائق مزورة ، لكن القضايا هذه ما تزال قيد الاستئناف، وفي صنعاء تمت تبرئة أربعة عراقيين اتهموا بالتآمر لمهاجمة السفارتين الأمريكية والبريطانية سنة 2003.

وعن محاولة اغتيال السفير الأمريكي السابق ادموند هول قال التقرير في آب اغسطس أعادت محكمة الاستئناف قضية الشخصين المتهمين بالتآمر لاغتيال السفير الأمريكي سنة 2004 إلى المحكمة الابتدائية زاعمة أن القاضي لم يتبع إجراءات إصدار الحكم الصحيحة. وأشار التقرير إلى استخدام اليمن للجنة الحوار ، برئاسة القاضي حمود الهتار مع المحتجزين الذين القي القبض عليهم لصلاتهم بالمجموعات الارهابية والعناصر المتطرفة وقال أن الحكومة أطلقت سراح الموقوفين ممن اعتبرت أنهم أعيد تأهيلهم بعد أن تعهدوا بإحترام الدستور والقوانين اليمنية وحقوق غير المسلمين وعدم المساس بالمصالح الأجنبية. لكن التقرير لفت إلى أنه ليس هناك برنامج شامل لرصد نسبة عودة المطلق سراحهم إلى الإجرام،مشيراً إلى وجود تقارير تفيد أن عدداً منهم سافروا إلى العراق في السنوات الأخيرة للمشاركة في هجمات ضد قوات التحالف.
--------------------------------
الثلاثاء , 12 يونيو 2007 م   

الجمعة، 27 أبريل 2007

بعد عقد ونيف منها.. اليمن: جردة حساب للديمقراطية



حتى لا تكون كلا على الوطن والشعب..


اليوم، وبعد عقد واحد فقط وسنوات أربع، تبدو الديمقراطية في اليمن، وكأنها “عجوز عقيم”..!!
إنها لم تعد قادرة على ولادة “تغيير” واحد على الأقل..
صادفت الجمعة الفائتة، الذكرى الرابعة عشر، للمولود الأول للديمقراطية في اليمن، في الـ (27) من أبريل 1993م،  في أول وأهم، أشكالها وهو الانتخابات البرلمانية الحرة والمباشرة.
حينذاك كان الحزب الاشتراكي، شريكا في الحكم بعد تحقيق الوحدة في 22 مايو1990م، وكان من الصعب تجاهله،489ima
لتواجده (ألتقاسمي) في كافة ألأجهزة التنفيذية العليا والدنيا. أضف الى ذلك ما كان عليه التجمع اليمني للإصلاح، من تشكيلهُ لجبهة المعارضة القوية، ضد حزبي السلطة (المؤتمر والاشتراكي).. ألأمر الذي صعب من عملية الانفراد بالقرارات، والإجراءات الناظمة لتسيير الانتخابات، أو الرقابة عليها. ولذلك يعتقد بعض السياسيين، أن تلك ألانتخابات – مع ما شابها من قصور، وشبهات – كانت هي الطفرة الوحيدة التي أفرزت القوى السياسية في المجتمع بشكل أقرب الى تواجدها الحقيقي في الساحة (حجمها الطبيعي). لكنهم يعتقدون بعد ذلك أن انتخابات 1997م، كانت أقل نزاهة، وأكثر تفردا بالقرارات والمناخ الانتخابي ورسم معالمه، وشكله، والسيطرة على أجراءته، من قبل الحزب الحاكم، الى حد لا يمكن لمتابع منصف، أن يغفل عنه. وهو ما ذهب اليه الدكتور محمد الظاهري – أستاذ العلوم السياسية(جامعة صنعاء)- حين أعتبر أن انتخابات 1993م، أتسمت بالجدية والتنافس الحقيقي، والنزاهة النسبية.. لكنه اعتبر أن انتخابات 1997م، كانت أقل نزاهة، والأقل منها ظهرت عليه انتخابات 2003م
 
    بعد رفض ألإصلاح المشاركة، وتفرد المؤتمر للسلطة

السياسيون – كما أسلفنا - يجزمون أن انتخابات 2003م، كانت هي ألأسوأ في تاريخ اليمن، نظرا للسيطرة الكاملة على كافة الإجراءات الانتخابية، بعد تفرد المؤتمر الشعبي(الحاكم) بالسلطة ومفرداتها وحيدا، خلال ألأربع سنوات(1997-2003م)، بعد رفض الإصلاح فكرة المشاركة في الحكومة المؤتمرية، وخروجه من السلطة سلميا الى المعارضة، التي كانت – أيضا - هي طريقه الوحيدة الى السلطة، بعد انتخابات 1993م، وحرب صيف 1994م.
وقد أتسمت انتخابات 1997م بالأقل نزاهة، للتواجد النسبي (1-4) لتجمع الإصلاح في أجهزة السلطة التنفيذية، في بعض الوزارات غير السيادية، وهو ما مكنه – نوعا ما- من تخفيف رغبة المؤتمر التسلطية والشمولية، وكبح جماحه، عبر محاولات فرض بعض الإجراءات ألانتخابية والرقابية في حينها.
 
   نظم استبدادية 

ما الذي يحصل للديمقراطية في بلادنا.. ؟
هذا السؤال يبدوا مناسبا، مع ما تظهره المعادلة من تناقض واضح مع مبررات وجود الديمقراطية. فلا يوجد شعب عاقل، يزداد فقرا، ويعرف أنه يزداد فقرا بسبب الفساد المستشري والمحمي من أجهزة الدولة.. ثم يجد فرصة للتغير، عبر ورقة صغيرة يضعها في الصندوق.. فيرفض، ويفضل الموت على الحياة..!!!
هذا لا يمكن أن يحدث إلا في أحد مجتمعين : الأول مجتمع ” اللاعقل”، أما الثاني، فتعرفه “ألن لوست-أوكار” -  Ellen Lust-Okar - أستاذة العلوم السياسة بجامعة ييل، أنه مجتمع الدول ذات “النظم الاستبدادية”. إذ اعتبرت أن الانتخابات التي تجرى في دول تحكمها ” نظم استبدادية ” لا تفيد الديموقراطية أو أحزاب المعارضة بقدر أفادتها للحكومات غير الديموقراطية التي تسعى من خلال إجراء الانتخابات الى شرعنة استبدادها وترسيخ سيطرتها على السلطة.
وحتى لا يظهر أحد، ممن يسمونهم بالسياسيين – المحسوبين على سلطة تلك المجتمعات- ليقول ببلاهة واضحة أن وصف “استبدادية” لا ينطبق علي الدول التي تجري انتخابات..!!
فقد اعتبرت “أوكار” أن حرص بعض الأنظمة العربية على إجراء انتخابات بأنه فقط لمساعدتها في إحكام السيطرة على السلطة ليس إلا.
 
  برلمانات صناعية

ولكن بالفعل هناك برلمانات قائمة نتيجة انتخابات مباشرة من الشعب..!! ما لذي يمكن الحديث عنه أمام وجود تلك البرلمانات كواقع لا يمكن تجاهله..؟
قدمت أوكار تحليلا لوضع الديموقراطية العربية القائمة على الانتخابات الشكلية فقط، ..من أن البرلمانات المنتخبة يمكن أن تساعد الحكام المستبدين بتوظيفها وجعل النواب المنتخبين معتمدين كليا على النظام بدلا من ارتباطهم وتعبيرهم عن ناخبيهم. وكنتيجة للدور الذي رسمته الأنظمة غير الديمقراطية للبرلمان ، فإن من الصعب لهذه البرلمانات أن تحقق أي فائدة سياسية لأحزاب المعارضة ، قالت ” أوكار “ مستدركة : بل على العكس يمكن أن تصيب المشاركة في الانتخابات، تلك الأحزاب بالضرر، من حيث أن الحكومات سوف تستغل فشل المعارضة في الحصول على أصوات الناخبين وتصوره على أنه ضعف، وعلى أنها غير فعالة ولا تمثل طموحات ورغبات الشعوب.
 
  لماذا يضعف البرلمان؟

هاهي ثلاث دورات انتخابية للبرلمان اليمني، لم تسفر سوى عن “سخرية” ونكات تحولت من أن تكون داخلية، لتصبح إقليمية. لقد أمتلئت “الشاتات” و”المنتديات” العربية الساخرة، بنكات، كان طرفها المضحك هو البرلمان اليمني، وساعد على ذلك حرص بلادنا – وطبعا نوابنا- على عرض يعض جلساته وفضائحه على الملأ. نواب يقرؤون الصحف، وتستعرضهم الشاشة بـ(الزوم)، آخرون يتحلقون الى جوار بعضهم، ويضحكون، وهناك النائمون، والأيدي التي ترفع للتصويت، بعد الالتفات الى الخلف والأمام والجوانب، وأن نائبا رفع يده للتصويت، كالعادة، وبعد أقرار البرلمان للقرار المصوت فيه، أكتشف أنه قد صوت، مع رفع الحصانة عنه..!! إن هي الا نكات، لكنها تعكس واقع مرير، لا يمكن أن يكون أسوءا من الا عدم “تفاعل” النواب أنفسهم، مع قضايا المواطنين الذين منحوهم أصواتهم على الأقل.
كيف يمكن تقييم الديمقراطية في خدمة المجتمعات عبر ما يقدمه البرلمان للشعوب؟
النائب البرلماني علي عشال، يتأسف بشدة لعدم حدوث تراكم داخل مؤسسة البرلمان، لأعراف برلمانية، تنظم أعمال هذه المؤسسة، ومع أنه يؤكد على وجود القانون، لكنه يشير الى الأختلالات الكثيرة داخل البرلمان، منوها الى انعدام التوازن السياسي، كسبب، جوهري عمل على إضعاف دوره الحقيقي الى حد كبير..!!
يسترسل “عشال” في إيراد أسباب، عجز البرلمان عن تقديم نموذج حقيقي للديمقراطية ذات المقصد النفعي للناس، ويضيف الى ما سبق أسبابا أخرى لعل أهمها في ترتيبه تلك التدخلات التي تقوم بها المؤسسات التابعة للجهاز التنفيذي، وأيضا وجود هيئة رئاسة هي أقرب للجهاز التنفيذي من البرلمان(التشريعي)، يقول أنها رئاسة تقف كجدار صد للحيلولة دون اتخاذ قرارات حاسمة من البرلمان تجاه الأختلالات الحكومية القائمة.
 
  التوازن السياسي لمصلحة البلاد 

أما الدكتور الظاهري فمع أنه يعتبر أن أهم استفادة للمواطن هو وجود سلطة تشريعية، جآءت عبره هو، فإنه يقلل من شأن ما قدمه المجلس خلال فتراته الثلاث منذ 1993م، وحتى الآن، عدى قانونين، أصدرهما ويمكن وضع ذلك في كفة الحسنات، هما قانون برأءة الذمة المالية، والآخر قانون مكافحة الفساد..
ومع ذلك فهو يؤكد فشل البرلمان في إقرار مشاريع لقوانين، مثل قانون تنظيم وحمل السلاح، المقدم الى البرلمان قبل سنوات. ويستغرب أن حكومة المؤتمر هي التي قدمت القانون، وهي ذات الأغلبية الكاسحة، ومع ذلك أعلنت فشلها إقراره..!! ويذهب الى أن مثل تلك الأمور تمثل تدنيا للأداء التشريعي. وأما على المستوى الرقابي الذي يخوله الدستور فيقول أن للمجلس حسنه واحده في هذا ألإطار، وهي تفعيله لصلاحياته، في إيقاف الصفقة الفاسدة في القطاع النفطي 53 في العام 2006م. وغير تلك يحكم الظاهري على أداء المجلس، بأنه متدني.
ويقودنا حديثه الى فشل البرلمان في إدارة الصراعات السياسية، كأهم دور سياسي يكفله الدستور، وأستشهد على ذلك بدوره غير الواضح في الحرب الدائرة بمحافظة صعدة.
ويشخص الظاهري الأسباب، بالاتفاق مع “عشال” في انعدام التوازن السياسي، وفي الواقع يقول أن أهم ألأسس التي تستند عليها الديمقراطية، هو وجود التوازن السياسي، وانتشار القوى السياسية في البلاد، بحيث لا تكون محصورة في حزب واحد فقط. ويذهب للتأكيد أن مصلحة البلاد تقتضي وجود توازن سياسي.
 
   قشرة رقيقة من الديمقراطية 

قد يبدوا الأمر معقدا في الشرق ألأوسط، وعلى وجه التحديد في بلادنا.. إذ أن ما حصل من فرز للقوى السياسية، في البرلمان لا يمكن السيطرة عليه، فالمواطن هو من أختار ولابد من القبول بالديمقراطية.. ذلك هو المنطق حقا. لكنه منطق قد يبدو ضعيفا إذا ما تذكرنا أفاعيل وقدرات “النظم الاستبدادية”، وفي نهاية الأمر، فالنتيجة على ماهي عليه، إن قبلنا بها، وعدنا الى منازلنا للقراءة، وكتابة المذكرات، فإن ألأمر سيكون مشينا بحق الوطن. إذ لا تغيير أبدا، وبالتالي، لا إصلاحات، وهو ما يحصل تماما في بلادنا.. زيادة في حصة الحزب الحاكم في البرلمان، يرافقه زيادة في الفساد، والتدهور والظلم، وتضخم للأقوياء على حساب الضعفاء.. وبالمجمل..أنهيار وطن، حروب ..وصراعات على البقاء. وهو ما تحذر منه الديمقراطية، وما جآءت لأدارته، ومنع حدوثة..
ضمن ورقتها، التي قدمتها في ندوة ” مشروع الديمقراطية العربية والتنمية ” التي عقدت يوم 16 يناير 2007 بواشنطن بمقر مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط Saban Center التابع لمعهد بروكنغز، خلصت “أوكار” إلى أن الانتخابات التي تجرى تحت حكم أنظمة استبدادية تقدم قشرة رقيقة من الديموقراطية، بينما تضعف المطالب الداخلية والخارجية المنادية بالإصلاح السياسي وبالمزيد من الحريات السياسية.
المشكلة قائمة، والتحليلات المختلفة لها قد تصيب وقد تخطئ، لكن الأهم من كل ذلك، أن الحلول الممكنة، لاستخدام الديمقراطية كحل لمنع الصراعات الممكن نشوبها، موجودة، وهي بحاجة الى دراسة من بلد الى آخر، حسب ما يتوافق مع هذه البلد أو تلك.
وتعتقد أحزاب المعارضة اليمنية في أكثر من تصريح، أن الحل يكمن في إصلاح النظام ألانتخابي، وتبدأ بالحديث عن اللجنة العليا للانتخابات، وسجل الناخبين، وهو أيضا ما قرره تقرير المعهد الديمقراطي ألأمريكي الصادر مؤخرا، كما وأن البعثة ألأوروبية، المكلفة بالرقابة على ألانتخابات، أوصت بمثل تلك الحلول، وتتمسك أحزاب المعارضة بتوصياتها، بينما يتهرب الحزب الحاكم من ذكرها حتى، بما يدل عدم رغبته، فقد السيطرة علة الإجراءات، وعدم مغادرة مربع “النظم الاستبدادية” التي تجعل من الانتخابات خيار، مفروض، لتلقي المساعدات، وتحاول بكافة وسائلها وإمكانياتها، عدم فقدان السيطرة على مقاليد ألأمور.
 
   الحل في ”النسبية” 

ربما يكون الحل الأنسب حاليا، لتفعيل البرلمان، وإحداث نوع من التوازن السياسي، وإيصال الكفاءات الفعالة الى البرلمان، بحسب “عشال” و “الظاهري” بالانتقال بالنظام الانتخابي الى “نظام القائمة النسبية” ، إذ يتفق أثنينهما، أن العمل بنظام القائمة النسبية، في الترشيح وأختيار المرشحين، سيعمل على عكس القوة الحقيقية للأحزاب، كما سيعمل على أيجاد تمثيل برلماني حتى لتلك الأحزاب المتواجدة في الساحة، والضعيفة. عوضا عن أنه سيضطر ألأحزاب الى اختيار مرشحين أكفاء قادرين على الفوز، دون ألاعتماد على الوجاهة القبلية والاجتماعية، لاختيار المرشح.
نظام الدائرة الفردية المعمول به حاليا، يفرز شخصيات برلمانية غير كفؤة، وتعتمد الأحزاب في اختيارها على عوامل مشائخية وقبلية، بينما سيفرض عليهم نظام الدائرة النسبية، اختيار مرشحين قادرين على كسب أصوات أكثر، تساعد الحزب على الكسب ألأجمالي وليس الفردي
ويرى “عشال” أنه إذا كان هناك تخوف من هذا النظام، فيفضل العمل بالنظام المختلط (50 % فردي) و(50% قائمة نسبية)، كما هو حاصل في بعض الدول التي تستخدم النظامين معا.
ويفصح الدكتور الظاهري، عن تفضيله لنظام القائمة النسبية، بدلا عن الفردية، من حيث أن النسبية، تعبر بشكل حقيقي عن ثقل كافة الأحزاب، بما فيها الصغيرة (لا تظلم حقها في التمثيل) ومن جانب آخر أنه يعزز من فاعلية النظام الحزبي، إذ يتقدم للترشيح على اساس برامجي وليس قبلي أو اجتماعي.
وكما يرى “عشال” يقول الظاهري أنه مع العملية التدرجية، وليس الانتقال الكلي، الى نظام القائمة النسبية، فيرى أن يتم تطبيق النظامين بمعايير مدروسة، بحيث يمكن الإبقاء على النظام الفردي في بعض ألأرياف، التي يصعب تطبيق النظام النسبي فيها، وتطبيق النسبي في بعض المدن، لأنه منوط بوعي الناخب، قبل أي شيء، ومع المدى المتوسط والطويل، من الممكن ألانتقال الى التطبيق الكلي لنظام القائمة النسبية
-----------------
كتب في أبريل 2007م، ونشر في صحيفة الصحوة