الخميس، 18 أكتوبر 2007

اليمن.. اقحام الأستثمار في الصراعات السياسية


في حقيقة أن السلطة تفضل سهولة المغالطات على الأصلاح
  
- كان الأمر في بدايته مجرد كلمات تخرج هكذا كتوابع في الخطابات دون تركيز.. أما اليوم فقد أصبح ذلك يتكرر ويُركز عليه كشيء مهم يمكن الحديث عنه لتوجيه تهمة التخطيط ضد مصالح الوطن.

مؤخراً وجد الرئيس تهمة "إعاقة الاستثمار" كما لو كانت ستجدي لإيقاف العجلة الشعبية التي دارت ضد سياساته وحزبه الخاطئة. ترى هل يؤمن أن هذا هو الطريق الصحيح لإصلاح الأخطاء..!!

- قال أن الغرض من الاعتصامات والمسيرات وما يرافقها من أعمال هو الحيلولة دون تحقيق أهداف البرنامج الانتخابي وإعاقة الاستثمارات. لكنه ربما أغفل عن قصد ما هي تلك الأعمال التي ترافق المسيرات والأعتصامات، ومن الذي يقوم بها؟؟ . وحتى تتضح الصورة سيكون على الرئيس واجب التفريق في خطاباته –وخصوصاً أمام الشباب الذين حدثهم عن حزبه المستخلص من كل شيء وتجاربه العريقة في استقطاب قيادات الأحزاب وأصحاب التجارب والنفوذ -  أن يوضح لهم الفرق بين الديمقراطية التي من أهم آلياتها الدستورية السماح بالاعتصامات والمسيرات كتعبير عن رفض السياسات الخاطئة - هذا إن كان يؤمن بأن الاعتصامات والمسيرات مشروعة بحكم الدستور والقانون - وبين النظام الاستبدادي الذي يقمع تلك الفعاليات بالجيش، ولا مانع من القتل لإخمادها. ذلك واجب رئاسي وأمر مهم مع علمي أن الشباب اليوم أكثر إدراكاً لهذا الفرق حيث وجد من بينهم من تحول الى ضحية لتلك الأساليب، من موتى وجرحى ومعتقلين.
  أيهما اصح لمستقبل آمن..!!
- ذكر الرئيس برنامجه الانتخابي وربطه بالاستثمار كأهم مقومات التنمية وإتاحة الفرص لتوظيف الشباب وإنقاذهم من غول البطالة والفقر. وفيما كنا نعتقد أن تنفيذ البرنامج سيكون عبر إصلاح الأوضاع وتقويم الإختلالات. أو بتهيئة مناخ الأستثمار كما أفضت نتائج وتوصيات مؤتمر الأستثمار العظيم الذي عقد في صنعاء في الربع الأول من هذا العام. لم نكن نعرف أن مطالبة المواطنين ومعهم المعارضة بتصحيح الإختلالات هو السبب الرئيسي لفرار المستثمرين. ما كان يعتقد هو العكس: أن المطالبة بتصحيح الأوضاع الخاطئة وإرجاع الأراضي المنهوبة لأصحابها سيعمل على استقرار الأوضاع المضطربة وبالتالي يضمن المستثمر أن أرضه لن تنهب من قبل متنفذ أو لن "ينكع" اليه مسئول مطالباً بحقه في الشراكة لتأمين استثماره..!!

- ليس هناك من لا يدرك أن تصحيح الأوضاع المختلة اليوم سيكون ثروة للمستقبل. لأن ذلك سيؤدي حتماً الى عودة الحقوق الى أصحابها وبالتالي يخلوا المستقبل من احتمالات الثورات الحقوقية، لتظل الأوضاع مستقرة دون أن يعكر صفوها احتقان يفضي الى زعزعتها. أليس ذلك بديهياً. بينما أن استخدام الإبر المهدئة دون العلاج الكلي سيزيد من احتقان المرض وعودته بألم أقوى.
  أصل الحكاية
- في خطابه الشبابي طمأن الرئيس المستثمرين وقال لهم عودوا إلينا ووعد بحمايتهم وتقديم التسهيلات لهم. هذا أمر في غاية اللا منطقية. كان عليه أولاً أن يطمئنهم فعلياً عن طريق اتخاذ قرارات حاسمة تنفيذية – وليست ورقية فقط أو خطابية – بإعادة أراضي المستثمرين الذين نهبت في عدن وصنعاء والحديدة وحضرموت وغيرها. كم مستثمر عرفنا أنه تجرأ وناشد رئيس الجمهورية بتخليصه من المتنفذين الذين نهبوا أرضه. في مؤتمر الأستثمار، حضر بعضهم وتحدث بشجاعة عن مثل تلك الأمور قال أحدهم أنه يمتلك أوامر من محافظ محافظة عدن لم يعترف بها الأقوياء وأنه منذ العام 1990م في المحاكم يبحث عن حل لمشكلته. آخر أختتم مناشدته لفخامة الرئيس بالقول" وحيث أن تماطل الجهات المعنية في تنفيذ التوجيهات لا يخدم حركة الاستثمار ولا يشجع المستثمرين في إقامة مشاريع تخدم الوطن والمواطن".

 وماذا بشأن المستثمر في أرضية سوق الخضار بعدن التي استحوذ عليها المؤتمر الحاكم، بعد أن اشتراها المستثمر ولديه الوثائق كاملة..!! حتى اليوم ما زال يبحث: إما عن حقه أو تعويضه.  بل ماذا بشأن لغز المنطقة الحرة. والفساد الإداري الذي رافقها من قمة الهرم الحكومي حتى قدميه. كم بلغت توجيهات الرئيس التي لم يعرها المتنفذون أدنى أهمية، حتى أعتقد بعض أصحاب تلك الأوامر والتوجيهات بوجود شفرة بينية. إذ من سيصدق أن أوامر رئيس الجمهورية تجد صعوبة في التنفيذ..!!
   مشكلة الأراضي أولاً
- لقد أكدت المعلومات التي تضمنها تقرير غرفة العمليات بوزارة المغتربين تناولته وكالة (سبأ) هذا العام، أنه ومن بين أكثر من 115 شكوى وقضية تلقتها وزارة شئون المغتربين من المغتربين اليمنيين في مختلف بلدان الهجرة والاغتراب تتعلق بمشاكلهم داخل الوطن وخارجه من منتصف ابريل وحتى نهاية يوليو من العام الجاري (2007م), كانت 75% منها عبارة عن شكاوي تتعلق بقضايا الاعتداءات على استثمارات وأراضي وممتلكات المغتربين في مختلف محافظات اليمن. تنوعت بين الاعتداء على الاستثمارات والأراضي والممتلكات الخاصة وقضايا الإرث والمتوفيين في الخارج والمساجين بالإضافة إلى قضايا أخرى, واحتلت المرتبة الأولى قضايا الاعتداءات على استثمارات وأراضي وممتلكات المغتربين بنسبة 75 % .

للأسف الشديد لم يقل التقرير الحكومي أن النشاط السياسي الديمقراطي سبباً ولو ثانوياً في إعاقة الأستثمار.
وكما أكد محمد اليدومي –نائب رئيس الهيئة العليا للإصلاح في كلمته الأسبوع الماضي، في المقر الطلابي للإصلاح بصنعاء، أن الأستثمار لم تكن مشاكله آنية بفعل النشاط السياسي المعارض وإنما تتجذر تلك المشاكل عميقاً في أسلوب النظام التطفيشي القائم معظمه على تقاسم الشراكة مع المستثمرين لحماية استثماراتهم.
  الحرية السياسية كالحرية الاقتصادية
- وحتى نكن أكثر وعياً لموضوع الأستثمار، فإنه بحاجة الى  الحرية السياسية كحاجته الى الحرية الاقتصادية، أو القوانين المنظمة للاستثمار. فالمستثمر الذي يجد أن حرية الرأي والتعبير بشتى وسائلها الدستورية، عالية في بلد ما، يدرك تماماً أن استثماره سيكون بأمان وليس العكس. نعم ليس العكس. لأنه حينما يشعر أن السلطة تستخدم الرصاص والقنابل في تفريق المتظاهرين سيكون عليه التفكير بما سيحل به إذا حاول أن يعتصم أو يدعو أهله ومناصريه لمسيرة سلمية من أجل التعبير عن الظلم الذي ربما قد يطاله من قبل متنفذ كبير في الدولة يستولي على استثماره أو يعقه عن تنفيذه..!! وستكون حاجته أشد للحرية السياسية حينما تصل قضيته الى المحكمة ويستغل النافذ سلطته عبرها. لأنه حينها لن يستطيع عمل شيء سوى الاعتصام السلمي والتعبير عن الظلم الذي طاله.  

وباختصار شديد فإن المستثمر يفضل البيئة الحرة الشفافة حتى يستطيع الدفاع عن استثماراته، ويهرب من البيئة المعتمة وغير الواضحة أو تلك التي تعتمد على الأستقواء بالسلطة والجيش في ظل غياب الآليات المناسبة لمواجهتها.
- أواخر السنة الماضية زار اليمن أحد أهم الخبراء الأمريكان هو مارشال ستوكر نائب مدير مركز الحرية الاقتصادية العالمي في الولايات المتحدة الأمريكية وتحدث في تصريحات نشرها موقع "نيوز يمن" الإخباري حول مخاطر ومعوقات الاستثمار في اليمن.

يقول ستوكر: إن المستثمر حينما يريد اتخاذ قرارا بوضع استثماراته في أي دولة ينظر إلى مستوى الخطر، ودائما ما يجذبه عندما تكون المخاطر قليلة والعائدات كبيرة.

ومع أنه في سياق حديثه أمتدح وجود حرية سياسية لكنه أعتبر بالمقابل انخفاض الحرية الاقتصادية. وتدل تصريحاته على أهمية ترافق الحريتان، فإن انخفضت إحداهما كانت مخاطر الأستثمار كبيرة. وتحدث الخبير عن بعض المخاطر تكمن "في إمكانية أن تصادر الحكومة منشأتك". والبنك الدولي هو الآخر أرجع الاستثمار في اليمن إلى عدم استقرار الاقتصاد الكلي والأعباء الضريبية والقانونية إلى جانب ضعف الحكم المتمثل في الفساد وخدمات البنية التحتية غير الكافية.
 الاستقرار السياسي جزء من أجزاء المناخ
- تلك أجزاء من المشكلة وليست المشكلة كلها، ولمزيد من التوضيح أن المشكلة الإدارية للدولة تقف خلف طرد الأستثمار وليست الأنشطة السياسية الحرة التي تعد محفزة للاستثمار وليس العكس.

تقرير البنك الدولي للعام الماضي 2006م عن ممارسة أنشطة الأعمال في العالم لـ (175) دولة يدرسها التقرير، منح بلادنا درجة مقدارها (118) درجة في مؤشر "حماية المستثمر" بنقص (4) درجات عن العام السابق (2005م). وتقول التقديرات أن المستثمر بحاجة الى (100) يوم للحصول على إذن للبدء في المشروع وهو رقم عالي جداً مقارنة بدول أخرى يحصل فيها المستثمر على ذلك الإذن خلال ساعات أو بضعة أيام.

- ولو فرضنا جدلاً أن ما ذهب اليه الرئيس بالقول أن الفعاليات السياسية وما ترتب عليها من إجراءات مضادة من النظام أثرت على الاستقرار السياسي. فإن علماء الاقتصاد في تعريفهم لمناخ الأستثمار لم يقتصروا على هذا الأمر كمسبب أوحد لهروب الأستثمار بل ذكروا عدة مسببات في إطار التعريف. فالمناخ الاستثماري يعرف على أنه مجموعة الظروف والسياسات والمؤسسات الاقتصادية والسياسية التي تؤثر في ثقة المستثمر وتقنعه بتوجيه استثماراته إلي بلد دون أخر, وهذه مسألة تتفاعل فيها العوامل الموضوعية والنفسية والتشريعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية.

والسؤال هنا : هل قامت حكومة الحزب الحاكم بإصلاح مناخ الأستثمار على الأقل عند بقية العوامل الأخرى.؟

- ذلك أمر. الأمر ألآخر: ولو كانت التهمة التي يحاول النظام إلقائها على المواطنين الثائرين ضد سياساته وظلمه "شبه" حقيقية فلماذا يتم الإعلان بين يوم وآخر – هذه الأيام بالذات - عن زيادة حجم المستثمرين الذين يريدون الأستثمار في البلاد..!! وللإجابة قد نقول بالمقابل – استناداً الى التهمة الرئاسية- أن هؤلاء إما ترتبط استثماراتهم بقوى في السلطة أو أنهم أغبياء لا يفهمون..!! أو أن هناك أمر آخر لا يستبعد في ظل نظام تطغى مصالح أشخاصه على مصلحة الوطن. ذلك الأمر أن قيادة النظام بتركيزها خلال الفترة الأخيرة، على مثل تلك الخطابات ربما كان الغرض منه الإيعاز للمستثمرين الجادين بضرورة الخوف والقلق والتراجع عن الأقدام. بهدف أن تخلوا الساحة الاستثمارية لجهات محددة لا يستبعد أن تكون مقربة أو مملوكة لمقربين. وبذلك وبدلا من ترك الساحة للمنافسة واختيار الأفضل يكون الأمر مبرراً، حتى لا يضطر الى إعاقتهم بطرق أخرى ربما تؤدي الى فضائح جديدة حول طرد المستثمرين، والتي سمعنا بجزء منها ولم نسمع بأكثرها مما يتم تداوله سراً منذ فترة.
  من المستفيد من الأستثمار؟
- ليس هناك مجال للمزايدة أمام تلك الحقائق البديهية التي يحاول الرئيس وأركان حكمه تظليل الشعب عنها باتهامات مخترعة بين الحين والأخر.. فتارة تسيطر تهمة "أعداء الوحدة والوطن" وتارة "مخالفة الدستور والقانون" وأخرى "الارتهان للخارج"، ورابعة "استهداف البرنامج الانتخابي للرئيس".

- قال الرئيس في خطابه أمام الشباب مخاطباً الباحثين عن حقوقهم : دعوا المستثمرين يعملون ليحصل الشباب على فرص التوظيف وتحسين دخولهم..!!  وكأن الأستثمار سيحل اليوم كافة العقد والمشاكل التي ظل النظام يفرزها طوال ما يقارب من ثلاثة عقود. أو حتى لنقل طوال عقد ونصف على الأقل. لو كان الأمر كذلك فعلينا أن ننظر الى الأستثمار القائم طوال هذه المادة - لنترك ما سيأتي جانباً – ماذا سنجد؟ لماذا لا تكشف الدولة بالأرقام كم حجم العمالة اليمنية المفروضة بالقانون على الشركات النفطية وغيرها؟! وكم هي على أرض الواقع؟ لماذا وعد الرئيس أبناء شبوه وحضرموت والمهرة في مهرجاناته الخطابية أنه سيحلل العمالة اليمنية بدلاً عن العمالة الأجنبية في شركات النفط.؟ حتى اليوم لم يقم بالأمر بعد مرور أكثر من عام. لماذا تنتج مشاكل بين الحين والآخر بين شركات النفط وقبائل شبوة بسبب العمالة؟ ألا يدرك الرئيس أن الحقائق الموجودة تقول أن تلك الشركات النفطية بالتخصيص تستقدم حتى الطباخين والسائقين والحراس والمنظفين ووو..ألخ من خارج اليمن؟ لدينا كشوفات لتلك الشركات بالاسم والمهنة والراتب والجنسية..!! لم تبلغ العمالة اليمنية في تلك الشركات حتى 10% رغم أن العقود المبرمة معها تقول أن الوظائف التخصصية النادرة هي فقط من يحق للشركات استجلابهم..!! إن كان للدولة كشوفات أخرى عليها أن تعلنها للعامة. 

- أما العائدات التي تجنيها اليمن من الاستثمار الحاصل حالياً فلا يستفيد منها إلا القليل. مع أن دول أخرى معروفة. بها من الأستثمار أقل ما في اليمن وعدد سكانها أكبر الا أن خير الأستثمار وصل الجميع بشكل إصلاحات حقيقية في البنية التحتية والعمالة وغيره.
  بين يدي الرئيس للإصلاح
- وطالما تحدث الرئيس عن الأستثمار أولا، فإن هذا يجعلنا نطرق باب إصلاحه من كافة النواحي وليس فقط من ناحية المهاترات السياسية وتسجيل الأهداف. نحن بحاجة أولا الى تنفيذ توصيات مؤتمر فرص الأستثمار. كإصلاح البنية التحتية من طاقة ومياه ومباني وطرق ووو..ألخ ثم أننا بحاجة الى إصلاح التشريعات القانونية. وتخفيض الضرائب والجمارك على المستثمرين وعدم فرض إتاوات مانعة للمستثمر من إدخال رجله الى البلد. والتخلص من هيمنة النافذين على رقاب المستثمرين ومحاكمتهم أو على الأقل محاكمة بعضهم حتى يرتدع بقيتهم. إصلاح القضاء بشكل سليم حتى يطمأن المستثمر ان لا سلطة لأحد عليه. الشروع جدياً بالقضاء على الفساد ومحاكمة أول دفعة من الفاسدين علنياً كخطوة مشجعة لاستجلاب ثقة المستثمر والمواطن على السواء.

ومن الأشياء المهمة إتاحة مزيد من الحريات السياسية وإبعاد الجيش عن الصراعات السياسية. وإعادة الحقوق المسلوبة من المواطنين حتى تنتهي مظاهر القلق السياسي ويعم الاستقرار. فرض ألأمن العام على كافة مناطق الجمهورية لمواجهة الإرهاب وحماية المستثمرين والسياح. التسريع في الحكم المحلي بدلا من الإعلانات والمراوحة بالتصريحات والوعود.  

إن كافة تلك القضايا مهمة لتكون بيئة الاستثمار سليمة، صحيحة تجذب إليها المستثمرين لا سيما وأن التقارير والتصريحات الدولية المبنية على دراسات تقول أن الأستثمار في اليمن سيكون خصب إذ صلحت السياسات العامة والقوانين والبيئة الاستثمارية.

- إن أهم طرق الحل تكمن دائماً بالتخلي عن المغالطات التي بفعل الإعلام والأتباع تتحول الى حقائق لدى من خطط لها.. لكنها تقود دائما الى طريق معاكس تماماً للحل. حينها سيتحتم على الرئيس وحزبهً مضاعفة خطوات العودة لأدراك الوقت قبل فواته.
  بانتظار وعد الأرض والسكن
 - التقى الرئيس بالشباب في عدن وقال لهم كلاماً كثيراً عن الوطن والوحدة والتصرفات الهوجاء للمعارضة وأصحاب الحقوق. وختمها بذات الوعود الوردية التي يكررها بين سنة وأخرى " توزيع الأراضي الزراعية والأراضي السكنية للشباب". ذلك أمر جيد، نحن بانتظار تحققه بين كل إعلان وآخر. وما يعزينا هذه المرة الأمل بأن يكون الأمر جاداً. إذ لم يعد الوقت يكفي للوعود الوردية في خضم الألم الذي نعانيه يوماً بعد آخر وهو يزداد بفعل استغلال أصحاب العقارات السكنية لارتفاع الأسعار وغياب القانون. بل كلما أعلنت الحكومة أنها سترفع مرتبات الموظفين – حتى وإن لم تفعل ذلك صراحة - يهرع المؤجر لأخذ نصيبه منها..!! 

- نتمنى.. بل يفترض أن لا يتحول المشروع الى مشكلة جديدة، بتخصيصه من مشروع عام لشباب  الوطن الى مشروع خاص لشباب حزب بعينه. فهناك إشاعات يصدرها بعض من أعضاء الحزب الحاكم أن قوائم بالأسماء سجلت مسبقاً لمنحهم أراض زراعية وسكنية كمكافأة لهم على مجهودهم في الانتخابات الأخيرة وكدافع للارتباط والاستمرار. تلك ستكون جريمة مخالفة لحقيقة أن صراع الأحزاب في الانتخابات هو صراع على  كفاءة إدارة السلطة والثروة للجميع، وليس لفئة تمكن من السيطرة على الوظيفة العامة أو تستحوذ على مساحة الحياة والأرض. 

يكفي أن الفهم الخاطئ للديمقراطية جعل من الأحزاب الحاكمة في الوطن العربي تعتبر المال العام والجيش قطاعاً خاصاً لها. بينما أن  الفرق بين الحزب الحاكم والمعارضة في حقيقة الديمقراطية في الأنظمة الغربية أن الحزب الحاكم يصبح أكثر تحملاً لمسئولية إدارة السلطة لجميع المواطنين. تخيلوا لو كان أمر الديمقراطية أن من ينجح يملك الوطن. من سيترك الأخر لينجح. قطعاً: لا أحد.
------------------
أكتوبر 2007


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق