الأحد، 15 مايو 2011

الأشقاء في الخليج.. أتركوا "حاوي" الثعابين حتى لا يطالكم "سمه"


عبد الحكيم هلالa.hakeem72@gmail.com
الذي ظن - من أشقائنا الخليجين - أن "علي صالح" كان جاداً في مفاوضاته معهم على تسليم السلطة، بطريقة سلمية وآمنة، فربما يتوجب عليه من الآن التخلي عن التعامل مع شخص مثله بطريقة ساذجة تسودها "حسن النوايا".

وإذا لم تكن تقلبات ومناورات "صالح" السمجة، الأخيرة، كافية لفرض تغييرات هامة وجوهرية على موقف صناع القرار الخليجيين – من أصحاب النوايا الحسنة كما نعتقد – باتجاه إجباره على نقل السلطة بطرق سلمية وآمنة، عبر الانتقال إلى استخدام وسائل ضغط أخرى غير المفاوضات، فليس ثمة من بد لأن ندعوهم للتوقف فوراً عن مواصلة التورط في شئوننا الداخلية بطريقة تمنح "الديكتاتور" وقتاً إضافياً للعبث والتلاعب من أجل تنفيذ مخططاته الإجرامية، الدموية للقضاء على ثورتنا الشعبية بطبيعتها السلمية.

وما لم يتم اتخاذ مواقف جدية صارمة، ضده، أو – كأضعف الأيمان - التوقف عن منحه الشرعية ومزيد من الوقت للقتل وسفك المزيد من دماء الشعب اليمني الزكية، فسيتورط أشقائنا في متاعب جمة بتعاملهم مع "مخادع"، يتلون كل دقيقة كـ"الحرباء". ولعل ما يأتي في مقدمة تلك المتاعب، ربما، مواصلة استخدامهم كغطاء لارتكاب تلك الجرائم التي سارع إلى استئنافها، وبات ينفذها كل يوم وبوتيرة عالية أكثر من قبل، سيما بعد أن ضمن توريط أشقائنا الخليجيين بمنحه غطاءاً شرعياً وضمانات مسبقة تعفيه من العقاب والملاحقة القضائية.

نعم، استجاب الأشقاء لنداءات "صالح" بالتدخل تحت ذريعة إنقاذ البلاد من الغرق في بركة من الدماء، وهو المبرر الذي ما فتئ يخوف به الأشقاء للتدخل من أجل إنقاذ المنطقة من الفوضى التي ستفيض حتماً متجاوزة الحدود لتطال كل جار، بل والإقليم بأكمله. غير أن الحقيقة الواضحة اليوم أنه استغفل الجميع على حين غرة لإنقاذه هو، حين رمى بهم إلى واجهة الأحداث، وأستخدمهم كـ"قشة" إنقاذ بعد أن كان يلفظ أنفاسه الأخيرة. وهاهو اليوم وبعد أن قضى وطره لم يتورع عن التعامل معهم كأوراق قصدير لامعة أمام العالم، بعد أن أستخدمهم كعصا غليظة لشق المعارضة وإبعادها عن مطالب الشارع، بهدف إضعافها.

إكراماً للأشقاء أرخت المعارضة اليمنية عضلاتها حين وافقت الدخول في مفاوضات كانوا في السابق يصرون بشدة على عدم التورط في خوضها مع نظام فاقد للشرعية حرصاً منهم تجنب أن يعمل ذلك على منحه شرعية مستمدة من التفاوض. لكنهم حين قبلوا بذلك اليوم، كانوا - ربما – يحرصون على عدم عكس مواقف سلبية متشددة أمام أشقائهم الخليجيين، في الوقت الذي أنهم كانوا يدركون فيه تماماً أنهم بذلك يضعون أنفسهم في مواجهة مصيرية خاسرة أمام قواعدهم وشباب الثورة الرافضين للحوار، مدركين أن القبول سيعني ضمنياً بداية في تحويل "الثورة" إلى " أزمة". وهو ما قد يأتي على ثورتهم الشعبية السلمية التي تنادوا فيها لإسقاط نظام فاشل، واستبداله بآخر راشد، بعد أن فقد كل مقومات بقائه.

مهما كانت تجربة الأشقاء الطويلة مع رجل، يفخر بوصف نفسه بأنه"راقص ثعابين"، فلن تكسبهم تلك التجربة القدرة على التعامل بنجاح مع أساليب المكر والخديعة التي يتمتع بها هذا "الحاوي". وهاهو بعد 33 سنة كبيسة، أدرك الشعب اليمني أن الأسلوب الوحيد للتعامل مع شخص مثله، لن يكون إلا عبر ثورة شعبية سلمية. ومن الضروري جداً أن يدرك الأشقاء أن النسبة الأعظم من هذا الشعب، حين خرجت إلى الشارع، كانت تدرك تماماً أنها لم تخرج للتنزه، بل سيتعرضون للقتل والقمع والسحل والاعتقالات من رئيس خبروه تماماً، لا شيء يسكن رأسه أكثر من الحفاظ على السلطة مهما كان الثمن. ولو أنهم كانوا يؤمنون بذرة واحدة من أن التحاور أو التفاوض معه سيؤتي ثماره لما ترددوا عن ذلك لحظة.

على أشقائنا اليوم أن يتعلموا درساً جديداً، أن لا يخشوا تهديدات صالح التي تقلقهم بجر اليمن إلى حرب أهلية تفيض نيرانها إليهم. بل عليهم أن يعولوا على جيل الشباب الثأئر في إنجاز مهمتهم بأقل التكاليف بصدورهم العارية. ما عاد أحد يجهل منهم كم أن قوتهم السلمية أقوى بأضعاف كثيرة من قوة العنف التي باتوا يدركون تماماً أن صالح يسعى لجرهم إليها ليجد طريق خلاصه.

وحتى يتحقق ذلك، فسيتوجب على أشقائنا أن لا يخذلوهم، وأن يبدءوا على الفور بتحويل غطائهم المساند لصالح إلى غطاء إقليمي دولي لمساندتهم في إنجاز مهمتهم النبيلة بسرعة. ذلك أن استمرارية الثورة بطبيعتها "السلمية" منوط بهذا الدعم الإقليمي والدولي، ما لم فقد ينجح صالح في جر البلاد إلى العنف. وما مناورته الأخيرة في التعامل المتناقض واللا محترم مع جهود الأشقاء في إطار المبادرة الخليجية إلا أحد تلك الأساليب التي يستخدمها للقيام بذلك.

أيها الأشقاء، ابدؤوا الآن، ولتكن البداية بإعلانكم استنفاد جهودكم الدبلوماسية في إقناع "صالح" بتسليم السلطة بطريقة آمنة. ثم لتكن الخطوة المرافقة إعلان مجموعة توصيات للمجتمع الدولي، أهمها –في الوقت الراهن– شيئان: إيقاف المساعدات المالية عن نظام صالح، والثانية تجميد أمواله وأفراد أسرته وكل مسئول تورط معه في القتل وسفك الدماء.

بذلك، لن تتمكنوا من الحفاظ على أمنكم فحسب، بل ستقدمون معروفاً للشعب اليمني لن يسعه إلا أن يرده لكم بمثله.

المصدر أونلاين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق