الأحد، 3 يوليو 2011

أولويات المرحلة الراهنة بين نقل السلطة واختلال ميزان العدالة


المصدر أونلاين ينشر إحصائية خاصة بالمجازر التي أرتكبها النظام خلال الفترة: فبراير – يونيو 2011

المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
بعد مجازر كثيرة طالت معارضيه، تعرض الرئيس صالح وأركان نظامه - مطلع هذا الشهر (3 يونيو) - لحادث اعتداء أرسله مباشرة – بعد يومين - ومجموعة كبيرة من المسؤولين الحكوميين لتلقي العلاج في المملكة العربية السعودية. 

ومنذ ذلك الحين طفت على السطح، وسيطرت على الحالة اليمنية أربع قضايا زادت من غموض وتعقيدات المشهد اليمني. هذه القضايا قد تبدو - في سياقها النظري العام - كسلسلة واحدة مترابطة ومتكاملة بحيث لا يمكن حل المشكلة اليمنية بتجاوز أي منها.

لكنها في سياقها التفصيلي، عمليا، يمكننا القيام بذلك إذا ما أولينا المصلحة العامة للبلاد جزءاً من نظرتنا، مستشعرين خطورة المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد. وبالتالي ترتيب أولوياتنا العملية بحسب الأهمية مع تأجيل النظر بما يمكن تأجيله.

هذه القضايا هي: طبيعة وملابسات الحادث، عودة الرئيس صالح، نقل السلطة بطريقة آمنة، وتشكيل مجلس انتقالي. قد يكون من اللازم هنا لفت الانتباه إلى أن القضيتين الأوليين تأتيان ضمن أولويات النظام والأسرة الحاكمة وأنصار الرئيس أكثر من غيرهم، بينما الثالثة تتعلق أكثر بأولويات المعارضة والمجتمع الدولي، وتبقى الأخيرة كجزء مهم في اعتبارات وأولويات شباب الثورة.

وهنا من شأننا أن نلاحظ بسهولة أن كل طرف من تلك الأطراف يغني أكثر على ليلاه وفقا لما سبق. فالنظام وأنصاره لا يستهويهم أي حديث آخر أكثر من حديثهم عن: ضرورة كشف ملابسات الحادث والجهة التي تقف وراءه، وأن الرئيس سيعود قريبا، وبالتالي لا يمكن التوصل إلى أية حلول أو الحديث عنها في ظل غيابه. بينما تتحدث المعارضة بنفس النغمة التي يتحدث بها المجتمع الدولي بضرورة البدء بنقل السلطة فورا. ولا يسأم شباب الثورة من الحديث عن ضرورة تشكيل مجلس انتقالي لإدارة البلاد.

بل يمكننا بسهولة اكتشاف أن أسرة الرئيس اعتلت الحكم بدون أي سند قانوني إلا التذرع بالحادث وحتمية عودة عائل الأسرة قريبا، فصار دأبها التنقل بين الحين والآخر، ودون كلل أو ملل، بين تلكما القضيتين، للتهرب من المستحقات الأساسية لإنقاذ البلاد.

ومؤخراً، وبعد أن بات الحديث عن عودة صالح خلال أيام أمرا مستهلكا وإمعانا زائدا في استغباء الشعب والمجتمع الدولي، عوضاً عن كونه قد بات أمراً تنعدم فرص تحققه نظرا لما تؤكده الحقائق الدامغة وفقاً لمعظم التصريحات التي تؤكد صعوبة حالته الصحية..هاهم إثر ذلك الإدراك، باتوا يتحدثون – في الآونة الأخيرة - عن ضرورة الانتهاء من التحقيقات والتوصل إلى معرفة ملابسات الحادث والجهة التي تقف وراءه كأولوية تدخل في إطار ما يسمى بتنقية الأجواء وإزالة عناصر التوتر.

وإذا ما تركنا بقية القضايا الثلاث الأخرى وركزنا على هذه القضية بقليل من التفصيل، فسيمكننا بداية التأكيد على أنها لا تمثل بأي حال من الأحوال أولوية مهمة لما يجب أن تسير عليه الإجراءات المستحقة لتخليص هذا البلد من مخاطر المرحلة الراهنة التي تكتنفه وتنبئ بكوارث أشد خطورة من المحتم أنها تفضي إلى التدمير الكلي للمنظومة السياسية والقانونية للبلاد، وتفجير الوضع الاقتصادي المتضعضع، وتشظية النسيج الاجتماعي الذي قد يمكننا القول إنه وبطريقة مفاجئة وغير متوقعة ظل متماسكا حتى الآن على ما تكتنفه من شروخ وتصدعات. وتاليا سيمكننا الحديث عما تستحقه القضية فيما لو اعتبرنا أن هذا المطلب هو عين الحق والصواب.

• الوقوف عند حادث النهدين
من الصحيح القول إن حادث تقجير جامع النهدين ليس بالأمر الهين الذي يمكن تجاوزه هكذا دون التوقف عند ملابساته وكشف من يقف وراءه، لكنه في نهاية الأمر لا يمثل تلك الأولوية التي يمكن تقديمها على أولوية التسريع بنقل السلطة لما تمثله هذه الأخيرة من أهمية أكثر. ذلك لكون التأخير في إحداث مثل هذا الإجراء قد يقضي على الفرصة الأكثر مواتاة الآن من اجل إنقاذ ما تبقى من اليمن، والشروع في الترميم والبناء. بل أكثر من ذلك، فإن الإصرار على ضرورة التوقف عند جزئية الحادث من شأنه أن يعقد الحل أكثر من حله.

وحتى مع ما كشفته التحقيقات الأولية من أن الحادث نتيجة عملية داخلية أكثر منه هجوما خارجياً فإن ذلك التعقيد قد يتأتى من خلال استنهاض الصراعات الداخلية ومحاولة تفجير الوضع الذي لم يتزحزح بعد بعيداً عن فوهة البركان.

ومع أن مثل هذا الإفراد الجزئي لهذه القضية قد يمثل تجاوباً مع رغبة التمويه التي قصدها وهدف ذلك الطرف جرنا إليها والتوقف عندها وعدم مجاوزتها لما هو أهم وأولى: التسريع بنقل السلطة. إلا أن حسم هذا الجزء قد يمثل أهمية لتجاوزه نهائيا، من جهة، ومن جهة أخرى فإن حمل هذا الحادث إلى الواجهة والإصرار عليه، يوفر الفرصة لحمل بقية الحوادث الأخرى التي رافقت مسيرة الثورة إلى الواجهة أيضا ومساواتها بمتطلبات الطرف الذي يسعى لاستثمار القضية لمصلحته. وهذا ربما ما سيتوجب علينا التركيز عليه هنا أكثر من غيره.

وكما ارتأينا أن نهمل ونضع جانبا الحديث عن تفاصيل بقية القضايا الأربع، على أهميتها، فربما علينا أيضا أن نتجنب الغوص في تفاصيل حادثة النهدين وما سيترتب على نتائجها من عواقب غير مستحسنة للطرف الآخر. مركزين على هدفنا الرئيسي الأخير الذي يقول بضرورة حمل قضايانا المشابهة ووضعها في سياق المطالب ذاتها.

• وضع الحوادث كلها على طاولة واحدة
إن التحقيق في مقتل 11 مواطنا بينهم نسبة كبيرة من الحرس الشخصيين للرئيس، وإصابة 124 آخرين بينهم الرئيس نفسه ومعه عدد كبير من المسؤولين اليمنيين، هو أمر ضروري ومهم، غير انه وبالمثل أيضا يجب أن يكون التحقيق في مقتل ما يقارب الـ 500 مواطن يمني، وإصابة الآلاف من أفراد الشعب اليمني، واختطاف وتعذيب المئات، هو الأخر بدرجة الأهمية ذاتها إن لم يكن أعظم منها.

وكما أنه ليس ثمة فرق عند الله بين دم مخلوقاته البشرية التي خلقها من طينة واحدة، فإنه أيضا ليس ثمة عدالة أو قانون على وجه الأرض يقول بأهمية وضرورة التحقيق بمقتل إنسان، وتجاهل وإهمال التحقيق بمقتل أشباهه من بني آدم، إلا أن تكون عدالة وقانون الغاب الذي تنادت البشرية منذ قرون كثيرة على محوه من الذاكرة الإنسانية.

وإذا كنا اليوم جميعاً مناصرين للرئيس ونظامه، ومناهضين له، ندعو إلى ضرورة استكمال التحقيقات في حادث جامع النهدين، فإن الضرورة ذاتها تستوجب منا جميعا أن نضع حوادث ومجازر قتل المعتصمين والمناهضين للنظام على طاولة التحقيق ذاتها.

وهذا المطلب إن لم يتم إنجازه بالكفاءة ذاتها ولجان التحقيق ذاتها، فإن نتائج التحقيقات التي ستفضي لها حادثة جامع النهدين – أياً كانت – لن تمثل إرادة العدالة الإلهية التي هي من إرادة الشعوب. وأخشى القول – وهو الحق – أن ثمة شيئا ما سيترتب عن تلك التحقيقات ما لم تتساوَ المهام والإجراءات فيما يتعلق بتلك الحوادث التي طالت أفراد الشعب.

بدءاً من مجازر عدن الأولى (16- 19 فبراير)، وما تلاها، مروراُ بمجزرة جمعة الكرامة (18 مارس)، ومحرقة تعز (29–30 مايو)، وانتهاء – وربما ليس كذلك – بمجازر الحصبة وأرحب وغيرها، بحسب التسلسل الزمني للجدول المرفق، مع ملاحظة أن هذه الإحصائية لا تعتبر نهائية وإنما مجرد اجتهاد أولي منا تم جمعها من أرشي المصدر أونلاين، مع اعتقادنا أن ثمة منظمات تمتلك ما هو أفضل وأكثر ثقة من هذا.

وإذا كانت حادثة دار الرئاسة حتى الآن يكتنفها الغموض والكثير من الروايات فإن تلك الحوادث والمجازر الأخرى معلومة لدى الجميع تلك الجهات والأيدي التي نفذتها.

على أن كافة الحوادث والقضايا بحاجة إلى محقق محايد، حتى يعتمد على نتائجها لإحقاق العدالة. ذلك أنه إذا أسند الأمر – في قضية النهدين – إلى من يخططون لاستغلال الحادث للإبقاء على سلطتهم المنتهية، فإن الأمر ذاته لن يختلف عن إسناد الأخرى لمن يرغبون في التخلص من جرائمهم ، ليس فقط التي من شأنها أن تنزع عنهم تلك السلطة، بل وتوصلهم إلى حبل المشنقة.

• معادلة حذرة للغاية
إن الفرصة التي يقدمها أولئك المتمسكون بضرورة الانتهاء من التحقيق بشأن حادث دار الرئاسة لذوي الشهداء والمكلومين على أحبائهم وفلذات أكبادهم من البسطاء لتبدو اليوم أكثر مواتاة فيما لو أراد المجتمع الدولي الوسيط الباحث عن مصالحه أن يثبت صدق مقاصده أمام الثوار المتشككين من تحركاته.

وإذ يبدو بلوغ ذلك في اللحظة الراهنة أمرا صعباً، فإن نجاح المجتمع الدولي في الضغط على بقايا النظام لإعادة ترتيب أولوياتهم، بالتسريع بنقل السلطة فوراً، كأحد أهم الأولويات لإنقاذ البلاد، قد يشفع له أمام الشعب - وبضمنهم ذوي الشهداء والثوار الذين اقسموا على عدم نسيان تلك الدماء الزكية الطاهرة - بأن يجعلهم ذلك يتعاملون معهم بالمثل. والمثل هنا هو: تقديم أولويات إنقاذ البلاد بتأجيل أولياتهم بأخذ حق شهدائهم.

وما لم تكن المعادلة على هذا النحو، أخذاً بالاعتبار عامل الزمن، فإن الرياح من المرجح أنها ستأتي بما لا "تشتهي السفن".
للحصول على جدول يتضمن إحصائية بالمجازر التي أرتكبها النظام خلال الفترة: فبراير – يونيو 2011، اضغط على الرابط :




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق