الخميس، 18 يوليو 2013

ورطة «اليقين»

عبد الحكيم هلال

حقيقة
‫‏مصر "أم الدنيا" وملهمتنا دائما..وليس بمستغرب – بل تكاد تكون هذه إحدى الحقائق المتناوبة – أن تنعكس أحداثها، ليس على اليمن فحسب، بل – في كثير منها - على العالم العربي.

شك
وأنت من أجهد نفسه يوما لتعليمي أصول "النزاهة" عند الحديث فيما هو مختلف فيه، دونما إقحام لـ"اليقينيات"..، أربأ بك أن تكون أنت هذه المرة من وقع في ورطة "اليقين"، تفسيرا لما وراء استماتة طرف بعينه هنا في الدفاع عن متاشبهيهم هناك في مصر..!!.

قناعة
قد تعلم جيدا، أن الصراع المصري الأخير لم يتمدد بظلاله إلى اليمنيين فقط، كما لم يكن حكرا على فصيل عربي بعينه دون آخر؛ ولقد أنبعثت الإيديولوجيات القديمة المختلفة - بعد فترة هدنة افتراضية تواطؤية فرضتها الظروف السياسية لما قبل ثورات الربيع العربي - بفعل المستجدات الأخيرة لتعلن نهاية شهر العسل (المر)، وعودة صراع الفرقاء المتضادين، إبتداءا من نقطة الارتكاز داخل مصر، وتمددا إلى الأطراف خارجها.

وإذ ذاك شهدنا من كل فصيل، له إمتداد في مصر – وبدون استثناء – تطرفا حادا، منتقما من فترة الهدوء الطويلة، ظاهره الدفاع عن قناعاته لما يحدث هناك، وباطنه التحيز الأيديولوجي، المستجر لعناصر الصراع القديم وما يفضي إليه من معاني النصر والهزيمة.

إعتراف
ربما كنت متفق معك تماما، أن هذا التمدد الصراعي بالوكالة، طغى عن حده، وربما كان مبالغا فيه إلى حد كبير؛ كما وسأتفق معك أيضا أن طرف بعينه كان أكثر إستماتة، حتى فاحت من جهته رائحة تطرف فكرية ولفظية بدت أكثر وضوحا من تلك التي فاحت أيضا من بقية الأطراف التي تسببت بردة الفعل تلك.

تجرؤ
لكني سأتجرأ عليك هنا - ولكن بدون "يقينيات"، محاولا التزام دروسك عن النزاهة – لاسألك: ألم تكن أنت أيضا- وأنت تنتقد حماسة الطرف المدافع عن شرعية الرئيس الطيب – متحمسا ومتحيزا ومتطرفا مع قناعة الطرف الذي وهبته صفة "الشعب المصري"، الذي أعتبرته في صراع مع "الجماعة" في مصر وخارجها..؟؟؟

‫‏لنتفق
كما تحمس الطرف المحسوب على الإخوان في اليمن لما يعتقدونها قناعاتهم في الدفاع عن الديمقراطية الدستورية في مصر ضد الإنقلاب العسكري، تحمس القومين والليبراليين وبعض اليساريين هنا للدفاع عما يعتقدونها قناعاتهم في أن ما حدث ليس إلا ثورة شعبية أو إنقلاب عسكري تأييدا للشعب..!!

لنتفق إذن إن من حق كل طرف أن يتحمس أو يدافع عن قناعاته – وأنا وأنت منهم - في تفسير ما حدث هناك، دون الحاجة لشيطنة الأخر، أو إصدار الأحكام اليقينية القاسية ضد هذا أو ذاك.

إنهيار
بإمكانك أن تظهر إلتزامك الحداثي أمام أصدقائك الليبراليين والقوميين واليسارين، في مصر، بالمزيد من النقد والسخرية من أسلوب وتصرفات ردة فعل الطرف المدعي حفاظه على الشرعية الديمقراطية والدستورية؛ لكنك ستخسر الرمزية التي وضعت نفسك عليها لدى الكثيرين خلال سنوات ليست قليلة، حينما تطغى لتتجاوز بيقينيتك أبسط الحقائق البدائية في العمل السياسي التدافعي، لتعتسف – كالأخرين المدفوعين بالأيديولوجيات – معنى الديمقراطية الدستورية، الليبرالية، لمصلحة الديمقراطية الشعبوية الشوارعية المكللة ببيادات العسكر.

‫‏خاتمة
في مقال له قبل أيام، في جريدة الحياة، أختتم حازم صاغية مقاله بالقول: "وفي معزل عن النيّات الحسنة لدى بعض المهلّلين للانقلاب، ليس هناك وراءنا ما يطمئن إلى أنّ الجيوش تسلّم السلطة هكذا، خصوصاً أنّ الحركة الشعبيّة الباهرة التي رأيناها قبل الانقلاب سوف تخضع للتسريح عاجلاً أو آجلاً.."
----------------------------------------------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق