الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

اليمن .. سيناريوهات ما قبل جلسة مجلس الأمن



إسلام أون لاين - كتب:  رشاد الشرعبي 2011-11-14 17:35:33


تتجه اليمن نحو مرحلة جديدة من الصراع بين الرئيس علي عبد الله صالح وقوى الثورة المطالبة بسقوط نظامه، بعد وصول الجهود السياسية إلى طريق مسدود، بطرحه لتعديلات جديدة على المبادرة الخليجية، مع اقتراب موعد تقديم ممثل أمين عام الأمم المتحدة الذي يزور صنعاء، تقريره إلى مجلس الأمن في 21 نوفمبر المقبل.
وتوقع مراقبون سياسيون وصحافيون تحدثوا لـ"إسلام أون لاين"، ألا يوقع صالح على المبادرة الخليجية، بعد طرحه لمطالب جديدة، من بينها إبقاء نجله وأبناء شقيقه في مناصبهم الأمنية والعسكرية، وهو الأمر الذي يرفضه شباب الثورة، بمن فيهم أحزاب اللقاء المشترك التي وقعت على المبادرة الخليجية كطرف.
في هذه الأثناء، كشفت مصادر رسمية في العاصمة اليمنية صنعاء، أن الرئيس علي عبد الله صالح، فوض نائبه عبد ربه منصور هادي، بتشكيل حكومة جديدة، على أن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية أمام نائب الرئيس، في خطوة وصفت بأنها "ضمن صلاحيات الرئيس التي يكلف بها النائب، بموجب المبادرة الخليجية".
وقال نائب وزير الإعلام، عبده الجندي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية "سبأ"، إن الحكومة اليمنية عازمة على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014، الذي يدعو للحوار بين الحكومة والمعارضة لتسوية الأزمة اليمنية، كـ"وحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة"، وأضاف أنه "على القيادات المعارضة العودة من رحلتها المكوكية لتنفيذ ذلك القرار."

 جولة المعارضة
 في سياق متصل، ذكرت مصادر في المجلس الوطني لقوى الثورة، أن الجولة التي نفذتها قيادة المجلس في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المتوقع أن تختتم اليوم الإثنين في الرياض، كان لها أثر كبير في توضيح موقف المعارضة، وتقديم صورة أوضح لقيادات تلك الدول، وهو ما حشر صالح ونظامه في زاوية ضيقة، ودفعه للخروج بموقف ضعيف من خلال مطالبه بتعديلات جديدة.
وقالت تلك المصادر لـ"إسلام أون لاين" إن صالح كان عازماً على الاستمرار في مراوغته وممارسة أسلوبه المعتاد في تضييع الوقت، والتلاعب بالوعود والأعذار للتحايل على المجتمع الدولي، وتجاوز الثلاثين يوما التي منحها قرار مجلس الأمن رقم 2014 لتقديم التقرير.
 وأضافت "ولولا أنه شعر بتضييق الخناق عليه، بوصول ممثل الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر لإنهاء مراسم توقيع صالح على المبادرة، ومن ثم توقيع الآليات التنفيذية لها التي تم الاتفاق بشأنها بين المعارضة ونائب صالح ومستشاره السياسي، قبل عودته المفاجئة من الرياض، ما جعله يظهر حقيقة موقفه الرافض للتوقيع على المبادرة، وإعلان مستشاره الإعلامي عدم وجود أي اتفاق بشأن الآليات التنفيذية، عكس تأكيدات نائبه وبن عمر والسفراء الغربيين ومسؤولين خليجيين".
  
لا ضمانات أممية
 ووفق المصادر، فإن صالح عاد إلى طرح ضرورة بقاء صلاحياته الرئاسية إلى ما بعد إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على النقيض مما تم الاتفاق عليه برعاية ممثل الأمم المتحدة وسفراء أمريكا والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، بنقل صلاحياته كاملة لنائبه أمين عام حزبه الحاكم عبد ربه منصور هادي.
وذكرت المصادر لـ"إسلام أون لاين" أنه إضافة لذلك، فقد تراجع صالح عن النقطة الخاصة بإعادة هيكلة الجيش والأمن خلال فترة الأشهر الثلاثة المقررة للإعداد للانتخابات، وزاد على ذلك بالاشتراط بإبقاء أقاربه في قيادة وحداتهم العسكرية والأمنية، التي تتهمها قوى الثورة والمنظمات الحقوقية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتطالب بتقديم قادتها للعدالة الدولية.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في 21 أكتوبر الماضي، قراراً دعا فيه صالح إلى توقيع اتفاق توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي، ويقضي بنقل صلاحياته إلى نائبه وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ومن المتوقع أن يقدم جمال بن عمر تقريراً إلى مجلس الأمن يوم 21 نوفمبر الجاري، أي بعد شهر من صدور القرار، لإطلاع المجلس على الأوضاع في اليمن، ومدى استجابة الأطراف للقرار الدولي.

ليس جاداً
 من جهته، يرى مدير تحرير صحيفة الصحوة الناطقة بلسان أكبر أحزاب المعارضة اليمنية، راجح بادي، أن مستجدات الساحة اليمنية منذ قدوم السيد جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة إلى صنعاء الخميس الماضي، تؤكد بجلاء أن لا توقيع على المبادرة الخليجية من قبل الرئيس صالح قبل 21 نوفمبر الجاري، رغم التفاؤل الذي أبداه الكثير من الدبلوماسيين الغربيين في صنعاء خلال الأسبوع الماضي.
ويضيف بادي في تصريحه لـ(إسلام أون لاين) أنه "لعل أبرز ما يؤكد عدم جدية الرئيس في التوقيع على المبادرة، هو الأنباء التي صارت مؤكدة حول طلبه إدخال تعديلات جديدة على الآلية التنفيذية والتي سبق أن تم الاتفاق عليها بين السلطة والمعارضة برعاية المبعوث الأممي جمال بن عمر".
ويشير إلى أن ما يؤكد ذلك أيضاً "هو التصعيد العسكري الخطير في مدينة تعز، وضرب الأحياء السكنية المأهولة". وواصل "وأعتقد أن الحديث الفرنسي والبريطاني عن عقوبات شخصية على رمز النظام، هو رسالة واضحة له، وهي تأتي ربما بسبب معلومات مؤكدة لدى المجتمع الدولي حول أن النظام غير جاد في التوقيع على المبادرة، وأنه تراجع عن وعوده بالتوقيع عليها، بحسب ما أعلن سابقا".
ويختتم بادي "أعتقد أن خطورة هذا التهديد وجديته، ناجمتان عن كونه صادرا عن بريطانيا، وهي الدولة التي تولت صياغة قرار مجلس الأمن بشأن اليمن، وهي المكلفة أيضا بصياغة أي قرار آخر حول اليمن".
  
ما قبل 21 نوفمبر
الكاتب والمحلل السياسي عبد الحكيم هلال، في حديثه لـ"إسلام أون لاين"، يقدم ثلاثة سيناريوهات متوقعة، لما سيحدث "قبل انتهاء فترة الشهر المحددة في قرار مجلس الأمن 2014 والمخصصة لرفع التقرير الأولي للأمين العام للأمم المتحدة بخصوص تنفيذ القرار الأممي".
ويسرد هذه السيناريوهات "الأول: التوقيع على المبادرة الخليجية – قبل 21 نوفمبر - تنفيذا لقرار مجلس الأمن"، ويعتبره أفضل سيناريو وأقلها كلفة، "إلا أن تحققه متوقف على زوال بعض العقبات التنفيذية".
ويشير إلى وجود "خلافات ما زالت قائمة - سواء من جهة المعارضة أم من داخل النظام نفسه- حول هوية الشخص الذي يجب عليه التوقيع، هل هو صالح أم نائبه؟ إذ إن هناك رأيا داخل المعارضة يطالب بأن يتم التوقيع من جهة الرئيس نفسه، طالما أنه قد عاد إلى البلاد".
ويضيف "وحتى لو تم الاتفاق على أن يوقع النائب، فإن هذا سيتطلب أولا أن يصدر صالح قرارا واضحا بتفويض نائبه بكافة الصلاحيات، وبحيث يتضمن هذا القرار ما يؤكد على أن التفويض يجب أن يكون غير قابل للنقض".
ويتابع:" ومن جهة أخرى، أعتقد أن قبول النظام بالتوقيع النهائي، سواء من الرئيس أو نائبه، سيكون هو الآخر مشروطا، أولا بالتوقيع على آلية التنفيذ من قبل المعارضة، وهذا بدوره سيكون مرتبطا بموافقة المعارضة على التعديلات الجديدة، والتي كشف أن الحزب الحاكم أقر إدخالها مؤخرا".
ويؤكد هلال أن هذا يجعلنا نقول إن تحقق هذا السيناريو سيكون بحاجة إلى واحد من أمور ثلاثة، هي: أولا، إما إرادة سياسية من قبل النظام، وإما – وهذا ثانيا – أن تقبل المعارضة بتقديم تنازلات إضافية، أما الأمر الثالث، فأن يمارس المجتمع الدولي المزيد من الضغوط، والتهديدات خلال هذه الفترة، كالتهديد بفرض عقوبات رادعة ومؤثرة، من شأنها أن تجبر صالح على التوقيع، من دون أية اشتراطات. وربما سيكون الأمر الأخير الأكثر ترجيحا، لا سيما أن الأمرين السابقين، ثبت – خلال التجربة الماضية – صعوبة حدوثهما.
ويرى هلال أن التصريحات الأخيرة لوزير خارجية فرنسا، والسفير البريطاني في صنعاء، بأنه ستتم مناقشة خيار فرض عقوبات، ربما تأتي في هذا السياق. وعليه يمكن القول إن القرار الأخير لوزراء خارجية جامعة الدول العربية بشأن سوريا، قد يساعد بشكل كبير على تحقق هذا السيناريو.
لكن السيناريو الثاني، وفق الكاتب عبد الحكيم هلال، هو أن تستمر المماطلة والتعنت من قبل صالح، سعيا لكسب بعض الوقت، ومن أجل فرض المزيد من الشروط، كأن يشترط صالح الموافقة على إدراج شرط جديد ضمن الآليات التنفيذية، يفرض من خلاله القبول ببقائه في السلطة بشكل رمزي خلال الفترة الانتقالية والتي تحددها الآلية بثلاثة أشهر، حتى الانتخابات الرئاسية القادمة.
ويضيف "ومن المعروف أن المعارضة وشباب الثورة يرفضون حتى مناقشة هذا الأمر، ما سيعني – فيما لو أصر صالح على هذا الشرط – تصعيد الأمور، وبالتالي المزيد من التطويل وبقاء الحالة على ما هي عليه لفترة أطول"، لكنه يرى ان هذا السيناريو هو " أقل خطورة من السيناريو الثالث، لاسيما إذا ظل الشباب المعارض في الساحات، يفضلون خيار السلمية، والصبر، وعدم الانجرار إلى العنف، رغم الانتهاكات المتواصلة التي يتعرضون لها".
بالنسبة للسيناريو الثالث، فيرى هلال أنه "انفجار الأوضاع على شكل حرب أهلية شاملة. وهو يمثل أسوأ السيناريوهات المتوقعة"، ويرجح وقوعه "فيما لو فشل سيناريو التوقيع، وفي حال لم يصعد المجتمع الدولي من الضغوطات والتهديد بالعقوبات المؤثرة والقاسية، فإن انفجار الأوضاع نحو حرب أهلية سيكون أمرا واردا".
ويربط ذلك الانفجار العسكري المتوقع مع أمرين: "تصاعد منسوب الاحتقانات، والتي لم يتورع النظام عن تكريسها عبر انتهاكات يواصل ممارستها في مناطق مختلفة، خاصة تعز، وأرحب، ونهم، وغيرها، أو يفقد شباب الثورة صبرهم وينجروا نحو ما يريده النظام، لاسيما إذا شعروا أن المجتمع الدولي فشل عن قسر صالح ونظامه على التوقيع، وطالت فترة اتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة، والتي يفترض اتخاذها من قبل مجلس الأمن ضد النظام، بمجرد انتهاء فترة الثلاثين يوما المحددة في قرار مجلس الأمن".
-----------------------------------------------------
هذه المادة نشرت في موقع إسلام أونلاين بتاريخ: 14 - 11 - 2011
على الرابط :
http://www.islamonline.net/ara/article/1304971065960

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق