الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

نهاية قيادي اعتقل وأصيب وقتل أكثر من مرة


«المصدر أونلاين» يستعرض أبرز محطات حياة «سعيد الشهري» رجل القاعدة الثاني في جزيرة العرب


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
وأخيرا، على ما يبدو هذه المرة بالفعل، أعلنت وزارة الدفاع اليمنية، الاثنين، مصرع الرجل الثاني في جناح تنظيم القاعدة بجزيرة العرب السعودي سعيد الشهري، في عملية وصفتها بالنوعية في محافظة حضرموت شرقي البلاد.

 وذكر موقع يتبع الوزارة على شبكة الانترنت نقلاً عن مسؤول رفيع أن سعيد علي الشهري قتل إلى جوار ستة آخرين كانوا برفقته في عملية نوعية، لم تشير إلى تفاصيلها في وادي حضرموت.

وأضاف: «مقتل الشهري يمثل ضربة موجعة لما تبقى من فلول العناصر الإرهابية».

وكان في السابق، أعلن عن مقتل وأسر الشهري في واقعتين منفصلتين، عامي 2009، 2010 على التوالي، لكن تلك الأخبار أثبت عدم صحتها بعد ظهوره في تسجيلات مرئية وصوتية لاحقة.

لكن، وفيما يبدو هذه المرة، فإن خبر مقتل الشهري، بات مؤكدا، وفقا لعدة مصادر تطابقت تأكيداتها مع إعلان وزارة الدفاع اليمنية عن مقتله، الاثنين. حيث نقلت المصادر أن عملية قتل الرجل الثاني لتنظيم القاعدة لم تكن بغارة جوية، إنما عبر كمين مسلح.

وفيما لو تأكد الخبر بشكل نهائي، فسيمثل مقتل الشهري ضربة قوية جديدة ضد تنظيم القاعدة، الذي تلقى مجموعة من الضربات الموجعة خلال اقل من عامين، قتل فيها كل من: أنور العولقي (سبتمبر 2011)، تلاها مقتل القيادي في التنظيم، والمطلوب دوليا: فهد القصع (مايو 2012)، إلى جانب تلك الهزيمة التي مني بها التنظيم نتيجة دحره وطرده من محافظة أبين خلال الأشهر القليلة الماضية: مايو، يونيو، ويوليو..، ما رافقها من مطاردات وتضييق للخناق وأسر مجموعة من أعضاء وأنصار التنظيم..

سيرة وبدايات..ويعتبر سعيد علي جابر الشهري، (39 عاما)، وكنيته «أبو سفيان الأزدي الشهري، و أبو سيَّاف الشهري»، واحدا من قيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة، ولديه سيرة حافلة بالعطاء والعمل في إطار تنظيم القاعدة الدولي، ومؤخرا ضمن فرعه الحديث والخطير في اليمن، الذي يتقلد فيه موقع الرجل الثاني باعتباره «نائب زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، الذي يتخذ من اليمن مقرا له.

وتعود بدايات الشهري من التنظيم الإرهابي إلى العام 2000. وطبقا لوزارة الدفاع الأمريكية، فقد قضى الشهري، شهرين تقريبا في أفغانستان في العام 2000، وتدرب في معسكر التدريب الليبي بشمال كابول.

وفي عام 2001، غادر الشهري المملكة العربية السعودية، متوجها إلى البحرين، ووضع ضمن قائمة المراقبة للاشتباه بتمويله سفريات المقاتلين الآخرين إلى أفغانستان، لاسيما بعد هجوم 11 سبتمبر 2001 ضد الولايات المتحدة الأمريكية. كما أتهم أيضا بمساعدة السعوديين للحصول على وثائق سفر مزورة لدخول أفغانستان.

وبشكل أكثر تحديدا، أتهم بأنه أجتمع بمجموعة من المتشددين في إيران، وشرح لهم الإجراءات الخاصة بكيفية دخول أفغانستان عن طريق عبور الحدود الإيرانية.

اعتقاله واحتجازه وتحريرهاعتقل الشهري للمرة الأولى في ديسمبر 2001، أثناء تواجده على الحدود الباكستانية - الأفغانية. وكانت إحدى ساقيه مصابة جراء تعرضه للقصف الجوي الأمريكي حينها. وقيل أنه أعتقل وكان بحوزته قرابة 1900 دولار أمريكي.

وقال الشهري – بحسب بعض الروايات – انه كان يزمع تسليم هذا المبلغ لجمعية الهلال الأحمر الخيرية. فيما – وطبقا لرواية أخرى – برر تواجده في تلك المنطقة لشراء السجاد في إطار العمل التجاري لعائلته في بيع وشراء الأثاث، منكرا صلته بأية أعمال مسلحة أو مشاركته في أية أعمال عدائية، أو مساعدة المجاهدين للسفر إلى أفغانستان. وذلك طبقا لما توضحه سجلات التحقيقات الخاصة بالمعتقلين في جوانتناموا، والتي نسب للشهري، ايضا، قوله فيها بأن اسامة بن لادن «لا يمثل الدين».

بعد اعتقاله، كان أحد الذين تم ترحيلهم إلى المعتقل الأمريكي بخليج جوانتناموا بكوبا، في 21 يناير 2002. وهناك عرف بالسجين رقم (372)، وظل محتجزا لمدة 6 سنوات. ثم، ولأنه كان أحد الذين لا توجد ضدهم أدلة كافية لإدانتهم وتقديمهم للمحاكمة، فقد تقرر إطلاقه وإعادته إلى وطنه، المملكة العربية السعودية، التي أعيد إليها في 9 نوفمبر 2007، مع 13 معتقلا سعوديا آخر، ليخضع هناك لبرنامج إعادة التأهيل في مركز الأمير محمد بن نايف المخصَّص للجهاديين السعوديين السابقين.

وعقب الانتهاء من برنامج إعادة التأهيل أطلق سراحه «تحت الرقابة المستمرة» لكنه بعد اختفى من منزله في السعودية، وعلم فيما بعد أنه سافر إلى اليمن للالتحاق بالقاعدة. حيث ظهر لأول مرة في اليمن في أواخر يناير عام 2009 في التسجيل المرئي الذي أعلنت القاعدة من خلاله عن دمج فرعي التنظيم في اليمن والسعودية تحت تنظيم واحد أطلق عليه أسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (أو ما بات يعرف احيانا باسم: القاعدة في جزيرة العرب) واختير الشهري نائبا لزعيم التنظيم الجديد الذي بات يتزعمه القيادي اليمني ناصر الوحيشي.

بداية مرحلة جديدة في اليمنضمته المملكة السعودية إلى قائمة المطلوبين الأمنيين، بعد تسلله إلى اليمن وانضمامه لصفوف تنظيم القاعدة هناك، وقيامه بالتهديد المباشر بأعمال إرهابية وعمليات اغتيال لمسؤولين ورجال أمن في المملكة. حيث كان المطلوب رقم 31 على قائمة الـ85 التي أعلنتها الداخلية السعودية.

ومع أن أول ظهور رسمي له - بعد اختفائه – كان في اليمن في يناير 2009، إلا انه سبق وأن ورد اسمه – قبل ذلك - كمشتبه به رئيسي بالتخطيط لعملية التفجير الانتحارية التي استهدفت السفارة الأمريكية في العاصمة صنعاء في شهر سبتمبر/أيلول 2008. وراح ضحيتها قرابة 18 قتيلا بينهم مجنسين أمريكيين.

وفي 27 مايو 2009، نشرت وكالة الاستخبارات الأمريكية اسم الشهري ضمن قائمة الأسرى المطلق سراحهم والذين عادوا مرة أخرى للعمل الإرهابي.

جاء ظهوره الرسمي الثاني في 30 سبتمبر 2009، حين نشرت قناة «العربية» الإخبارية تسجيلا يظهر فيه، بصفته نائب قائد تنظيم القاعدة في اليمن، وهو يوجه رسالة يطلب فيها الدعم المالي للمجاهدين.

إعلان مقتله ثم أسرهوفي 24 ديسمبر 2009، أعلنت الداخلية اليمنية أن الشهري ربما كان ضمن أعضاء قيادات القاعدة الذين قتلوا في ضربة جوية في محافظة أبين، إلى جانب زعيم التنظيم، ناصر الوحيشي، وأنور العولقي.

غير أن السلطات عادت وأعلنت - في 19 يناير من العام 2010 - أنها أسرته، بينما كان يحاول تفادي المرور من نقطة تفتيش أنشئت حديثا. وقالت إنها ألقت القبض عليه وهو مصاب بعد أن انقلبت العربة التي كان يستقلها إلى جاور شخص آخر بجانبه.

وإثر تلك الإنباء التي تحدثت عن مقتله، نقلت جريدة الوطن السعودية عن والد الشهري قوله: «لم أتلق ما يفيد بمقتل سعيد، وأتمنى أن تصدق الأخبار بمقتله وإصابة من معه من الخارجين على الدين والقانون دون أن يتضرر أحد من الأبرياء، ومن يبشرني بذلك فله البشارة». وتبرئ من ولده قائلا أنه «ليس له مكان عندي، وهو لا يمثل إلا نفسه، وأنا بريء منه ومن أعماله».

لكن، وبعد تلك الأنباء، ظهر صوت الشهري مجددا في تسجيل صوتي، أطلق في فبراير 2010. وفي التسجيل أكد الشهري تبني القاعدة في جزيرة العرب للمحاولة التي قام بها النيجيري عمر الفاروق، 25 ديسمبر 2009، لتفجير طائرة أمريكية كانت متجهة إلى ديترويت. كما هدد الشهري بان جماعته حددت أهدافا جديدة للسيطرة على مضيق باب المندب. وقال إن تنظيمه يتطلع إلى السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي بالتعاون مع «المجاهدين» في الصومال، كاشفا أن مقاتلين صوماليين وصلوا إلى اليمن لمساندة التنظيم الذي يتعرض لملاحقات يومية هناك، مستعرضا في الوقت ذاته أهمية هذا المضيق وأهمية السيطرة عليه إستراتيجيا.

كما ودعا إلى الجهاد ضد مصالح الأميركيين و«الصليبيين»، وقال: «يا أمة الجهاد عليكم بالجهاد في سبيل الله، فمصالح الأميركيين والصليبيين منتشرة في كل مكان، وعملاؤهم يتنقلون في كل مكان».

القبض على زوجة الشهريفي العام 2010 أعلن أنه تم إلقاء القبض على زوجة الشهري، وفاء الشهري، وكنيتها «أم هاجر الأزدي»، المطلوبة أمنيا هي الأخرى. وجاء ذلك بعد أشهر قليلة من إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هروبها إلى اليمن في مايو 2009. حيث كانت مجلة «صدى الملاحم»، التي يشرف عليها زعيم التنظيم ناصر الوحيشي، أوضحت في أحد اعدادها، أن زوجة سعيد الشهري، وصلت إلى اليمن برفقة إثنين من أطفالها. بينما قالت زوجته في تصريحات للمجلة، إنها هربت بصحبة طفليها إلى اليمن، بعد أن علمت بوجود زوجها هناك من خلال المقطع المرئي الذي نشره التنظيم على مواقع الانترنت.

موقف قبيلته منهبعد الإعلان الأول عن مقلته (2009)، نقلت جريدة الوطن السعودية عن قبائل بني شهر التي ينتمي إليها سعيد الشهري، تصريحات أعلنت خلالها تجديد ولائها للقيادة والوطن، وتبرئها من سعيد الشهري.

وبحسب الصحيفة فقد اعتبرت القبيلة أن سعيد الشهري وغيره ممن سبق أن أعلنت عنهم وزارة الداخلية لا يمثلون إلا أنفسهم في أفكارهم الهدامة التي يتبنونها، وأنهم يقفون صفا واحدا مع وطنهم وقيادتهم لمواجهة الفكر الضال الذي لا يمت لشريعتنا السمحة بأي صلة..

وقال شيخ قبيلة آل وليد فهد بن ظاهر بن دعبش إن مقتل سعيد الشهري (عند الإعلان الأول عن مقتله في 2009) يعتبر رد كيد هذه الفئة الضالة في نحورها، داعيا إلى محاربة هذا الفكر الضال والتخلص منه. كما دعا جميع أفراد القبائل إلى التكاتف والتعاون مع رجال الأمن والوقوف صفا واحدا لردع كل عدوان على هذا الوطن. 
--------------------------------------------
نشر على موقع المصدر أونلاين الأثنين 10 سبتمبر 2012http://almasdaronline.info/index.php?page=news&article-section=1&news_id=35863

السبت، 1 سبتمبر 2012

حرب الافتتاحيات بين الرئيس و«الزعيم»


رداً على محاولة «صالح» غسل ماضيه السيئ.. «سبتمبر» تهاجم «القوى القديمة المتهالكة»


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
شنت صحيفة 26 سبتمبر، في افتتاحية عددها الأخير (الخميس 30 أغسطس)، هجوما لاذعا على من وصفتهم بـ«القوى القديمة المتهالكة»، من الذين قالت أنهم غير قادرين على إيقاف «عجلة التغيير» بعد أن تحركت إلى الأمام، في إشارة واضحة إلى ما تبقى من منظومة النظام السابق، والتي اعتبرت الصحيفة أن مشاريعها الصغيرة تكبلها «بسلاسل الماضي القريب والبعيد إلى ذلك الحد التي أصبحت فيه منقطعة الصلة بهذا الوطن ووحدته وأمنه واستقراره.. ومنقطعة الصلة أيضاً بحاضر ومستقبل أبنائه».

ونصحت الصحيفة – الناطقة باسم الجيش – هذه القوى القديمة المتهالكة بأنه «بات عليها ان تفهم ان التاريخ لا يكرر نفسه إلا مرتين، مرة كمأساة ومرة كملهاة..»، مشيرة – بهذا الصدد – إلى ماضيها «في مطلع التسعينات بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية من تأزيم مفتعل للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية, وممارسة عمليات الاغتيالات للهامات والقامات الوطنية..». وفيما ذهبت – في هذا السياق – إلى استعراض أسماء بعض الشخصيات التي تم اغتيالها خلال تلك الفترة، أضافت «ونقول لتلك القوى ان مطلع التسعينات ليس كمطلع العقد الثاني للقرن الحادي والعشرين، وعليهم ان يدركوا ان الشعب قد خرج مارداً من قمقم أكاذيبكم وأضاليلكم وارهابكم وظلمكم وجبروتكم».

ومع الثورة الشعبية استطاع الرئيس هادي أن يخرج صحيفة 26 سبتمبر – التابعة لدائرة التوجيه المعنوي للجيش – من تبعيتها للرئيس السابق، بإقالة القيادات العليا الموالية لصالح، وتعيين بدلاء عنهم ممن يدينون له (هادي) بالولاء.

حرب باردة بين عهدين
في الواقع، وضعت افتتاحية صحيفة وزارة الدفاع، حادثة محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان كبؤرة انطلاق في هجومها، إلا ان مراقبين ربطوا أيضا بين هذا الهجوم اللافت وبين الافتتاحية التي كتبها الرئيس السابق، على عبدالله صالح، لصحيفة الميثاق – الناطقة باسم حزبه – الاثنين (27 أغسطس)، تحت عنوان «البداية الثانية». وذلك من حيث أن بعض المضامين التي احتوتها افتتاحية صحيفة الجيش، يعتقد أنها تجسد ردا غير مباشر على معظم ما احتوته مقالة الرئيس السابق من تشويه للحقائق.

وكان صالح كرس مقالته للحديث حول ما أعتقد أنها إنجازات المؤتمر خلال الفترة الماضية، ليقرر في نهاية الأمر: ان الوطن بحاجة إلى أن يصبح حزبه «قادراً على تحمل المسؤولية التاريخية لاستكمال مهام التطور التاريخي ومواجهة تحديات المرحلة الراهنة..»، في الوقت الذي كان هاجم فيه السلطة الحالية التي وصفها بأنها «مفسدة جالبة للدجالين والمتزلفين والمتسلقين»، بل اعتبر «أن اغتصابها يمثل خطراً كبيراً يهدد وجود الدولة واستقرار المجتمع وينخر في العلاقة بين مكونات الحياة السياسية..».

تجسيد الصراع الخفي 
في الواقع، لقد كان يمكن ملاحظة أن المقالتين عكستا صراعا خفيا بين الماضي والحاضر؛ صراعا اشبه بحرب باردة بين رئيس «مخلوع»: يمتدح ماضيه، ليقرر حاجة المستقبل له على رأس حزبه، أو «دمار» هذا المستقبل بدونه؛ وبين رئيس (منتخب)؛ بديل قام على أنقاضه؛ يشنع الماضي ليؤكد ضرورة تخليص المستقبل منه.

على انه، عمليا، يمكن تحفيز حالة الصراع هذه، بالنظر إلى الخلافات القائمة في أطر الحزب نفسه الذي ينتمي اليه الرجلان، والتي ظهرت بجلاء عقب الاستبدال القسري المفروض لقيادة الدولة، من حيث أن القديم أراد تسليم السلطة الحاكمة للدولة، فيما أنه كان يستبطن إمكانية الاحتفاظ بسلطة القيادة الخفية لرئيس الدولة عبر الإبقاء على التراتبية القيادية داخل الحزب. وعلى تلك الخلفية كان ولابد لحالة الصراع على الشرعية القيادية أن تتفاقم وتكبر تدريجيا ككرة ثلج. الأمر الذي كان من المتوقع أن يعمل مقال كهذا، كتب بطريقة توحي بالاستعلاء على نسق أريد من خلاله تجسيد شخصية الرجل الأول في قيادة وتوجيه المستقبل، أن يثير حفيظة من يشعر بأنه المعني الأول من هذه المهزلة السخيفة.

كتب صالح عن الحزب الذي مازال يفرغ سلطته المريضة عبره أنه وبعد ثلاثين عاماً أصبح هذا الحزب «خارطة من الآمال والأشواق التاريخية للمجد والعطاء وتاريخاً سياسياً نظيفاً من الدماء».

بيد أن حادثة محاولة اغتيال أحد مستشاري الرئيس السياسيين، هو الدكتور ياسين سعيد نعمان، ربما جاءت لتقدم الفرصة المناسبة لصياغة رد قاس. واتهمت صحيفة سبتمبر – في افتتاحيتها – من وصفتهم بـ«القوى القديمة المتهالكة»، بممارسة «عمليات الاغتيالات للهامات والقامات الوطنية كاستهداف عمر الجاوي، واغتيال الشهيد الحريبي، وماجد مرشد، وعبدالحبيب سالم، والربادي»، مضيفة بالقول «والقائمة تطول لمن اغتيلوا وتعرضوا لمحاولات الاغتيال قبل هذه الفترة وبعدها..».

وللتذكير بالحاضر والمستقبل قياسا بالماضي، قالت افتتاحية سبتمبر بأن اليمن اليوم يمضي «قدماً صوب استكمال وانجاز بنود المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية المزمنة، والمهام المرتبطة بها والدخول في حوار وطني للوصول الى صيغة بناء الدولة اليمنية المدنية الديمقراطية المؤسسية الحديثة التي في ظلها - كما أكد الأخ رئيس الجمهورية - لا ظالم ولا مظلوم وقاعدتها العدالة والمواطنة المتساوية ومنهجها الحكم الرشيد المحقق لآمال وطموحات وتطلعات شعبنا، وعلى نحو نتجاوز به معاناة كل العقود المنصرمة، وما رافقها من جبروت وتجبر وصراعات وحروب وتهميش واقصاء واستبعاد ونهب وافساد في المال، وإفساد في الأرض، لنؤسس للمستقبل الذي بدأ شعبنا ينسج خيوطه وخطوطه حين دشن ثورة التغيير..»، وكانت بذلك تستقصد نسف كل ماكان الرئيس السابق قد حاول أن يغسل من خلاله ماضيه السياسي بالحديث عن إنجازات عهده المنقشع.

التاريخ لن يعود إلى الوراء
ووجهت افتتاحية صحيفة الجيش حديثها إلى «من يحاولون التمرد على خيارات الشعب والاجماع الدولي، ويسعون الى خلط الأوراق وقلب الطاولة على رؤوس الجميع عملاً بمبدئهم المعروف علي وعلى أعدائي»، داعية أياهم إلى «ان يعوا ويفهموا ان التاريخ لن يعود الى الوراء، وان مرحلة إبقاء الوطن معتقلاً بأزماتهم المفتعلة وحروبهم العبثية ونشر الفوضى، واستهداف الشخصيات الوطنية بأعمال الاغتيالات والتصفيات هي ليست إلا أعمال حمقاء ورعناء مكشوفة ومفضوحة، ويعرف اليمنيون أطرافها ومن يقف وراءها حتى وان كان في الماضي..». وإذ اعتبرت أن «ما يحدث الآن من تميع لمثل هذه الممارسات الاجرامية عمداً، إنما يأتي "بهدف محوها من ذاكرة الناس..»، قالت بأنهم «غير مستوعبين ان ذاكرة الشعوب تختزن ولا تنسى»، محذرة من أن: «الاستمرار في هذا المنهج سيفتح الملفات القديمة والجديدة التي يظن أصحابها انها قد طويت، وفعلاً هذا ما نريده، لكن ليس بهدف الاستمرار فيه، بل سعياً الى القطيعة مع الماضي والنظر الى الامام بعقل وروح جديدة».

واختتمت صحيفة سبتمبر بالقول «ان ما حصل ويحصل من محاولات بائسة لإعاقة مسارات التحولات في هذا البلد لا يمكن ان تثني شعبنا وقيادته ورموزه الوطنية النضالية عن الدفع بحركة هذه التحولات بشكل متسارع وهو ما يتحقق اليوم.. فاليمن يمضي بثبات نحو التقدم، بعد أن نهض للتخلص من براثن الماضي وتعقيداته المتخلفة، وبدأ يرسم ملامح المستقبل المشرق الجديد».

حقيقة
في نهاية المطاف، قد يكون الحديث عن مواجهة مستعرة بين معسكر رئيس الدولة ورئيس حزبه من خلال الافتتاحيتين، وفقا للنسق السابق، ليس أكثر من حديث افتراضي، بيد أنه – ومن زاوية استقرائية للمضامين الرئيسية للمقالتين– لا يمكننا ان نخطئ ملاحظة الحقيقة التالية:

أن الرئيس السابق، سعى من خلال مقالته إلى إحداث عملية غسيل لماضيه المتهالك بتمجيده على نحو يتعارض مع الحقائق التي استندت عليها الثورة الشعبية، ليقرر تعسفا ان مستقبل البلاد يحدده مستقبل الحزب، الذي هو على رأسه..

بينما أن افتتاحية صحيفة سبتمبر، وعلى العكس تماما، أرادت تأكيد حقيقة أن جوهر الثورة قائم على ضرورة رفض الماضي المظلم، بقواه القديمة المتهالكة ومسالكها المدمرة، لتقرر أن مستقبل البلاد منوط بالمتغير الجديد الذي أفرزته الثورة على أساس مواصلة تنفيذ بنود المبادرة الخليجية، لتحقيق تطلعات وأهداف الشعب المشروعة، لا الحزب.

الجمعة، 3 أغسطس 2012

«كاك بنك» يستمر في إيقاف مشروع يموله الاتحاد الأوروبي وغموض بشأن نشاط فرع البنك في جيبوتي



المصدر أونلاين-خاص-عبدالحكيم هلال
بعد أن نشر موقع «المصدر اونلاين»، مطلع الأسبوع، تقريراً عن إيقاف رئيس مجلس إدارة بنك التسليف التعاوني الزراعي (كاك بنك) إجراءات التوقيع النهائية لتنفيذ مشروع المنحة المقدمة من مفوضية الإتحاد الأوروبي بمبلغ (4.240.000 يورو) لمساعدة الحكومة اليمنية في تخفيض نسبة الفقر بمحافظة تعز، حظي التقرير بردود فعل إيجابية كبيرة، كان أهمها تواصل العديد من المصادر مع الموقع لتقديم معلومات جديدة، بعضها تعلقت بأحدث المستجدات، فيما قدمت أخرى معلومات تتعرض لمخالفات أخرى للبنك ورئيسه من وراء الكواليس.

وعلم «المصدر أونلاين»، من مصادر متطابقة أن رئيس البنك محضار السقاف، عقد اجتماعا خاصاً لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات الخاصة والوثائق المتعلقة بمشروع المفوضية الأوروبية.
ونشر «المصدر أونلاين»، مطلع الأسبوع، معلومات تؤكد أن رئيس «كاك بنك» أوقف العمل بمشروع ممول خارجياً بمبلغ (4.240.000) يورو، كمنحة مالية نقدية عاجلة، وطارئة لمساعدة الحكومة اليمنية في التخفيف من حدة الفقر بمحافظة تعز. وذلك بعد أن كانت مناقصة المشروع (الممول من مفوضية الإتحاد الأوروبي)، قد رست على «كاك بنك» كشريك «مزود للخدمة»، من بين ثلاثة عطاءات، تقدم بهما – إلى جانبه - كل من بنكي التضامن الإسلامي، والأمل؛ بهدف تقديم خدمات تسليم المبالغ الخاصة بمشروع المساعدات النقدية المشروطة للمستفيدين، مقابل حصول البنك على عمولة لا تزيد عن 3.5% من إجمالي قيمة المبالغ المحولة للمستفيدين في كل دفعة.
وبحسب المصادر، فقد أعترى الغضب رئيس البنك، في اعقاب نشر تلك المادة الصحفية، وعقد اجتماعا خاصا لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات من داخل البنك. وأكدت المصادر ذاتها أن الاجتماع خلص إلى الشك بالموظفين الثلاثة الذين كان رئيس البنك اوقفهم عن العمل سابقاً على خلفية عملهم في إطار المشروع؛ الذي كان سيعمل على «تخفيض الفقر في المدى القصير من خلال الحوالات المالية للأسر الفقيرة، وفي المدى الطويل بناء رأس المال البشري للأطفال الفقراء في بعض مديريات محافظة تعز الملحة كمرحلة أولى، وكافة مديريات المحافظة كمرحلة ثانية».

رفض مقابلة الممولين.. واتصال رئيس الوزراء
وأوضحت المصادر لـ«المصدر أونلاين»، أن المسؤولين عن المشروع في مفوضية الإتحاد الأوروبي، بعد أن صدموا بقرار إيقاف المشروع، حاولوا اللقاء برئيس البنك لأكثر من مره لمناقشته ومعرفة وجهة نظره والوقوف على الأسباب الحقيقية التي دعته إلى اتخاذ قرار إيقافه لإجراءات التوقيع على عقد تنفيذ المشروع - قبل أيام قليلة فقط - لكنهم عجزوا من اللقاء به، بسبب تهربه من اللقاء بهم.
يأتي ذلك، فيما علم «المصدر أونلاين»، أن المفوضية الأوروبية، ومعهم إدارة المشروع المكلفة من طرفها في صندوق الرعاية الاجتماعية- مشروع المساعدات النقدية المشروطة، مستاءون من قرار رئيس «كاك بنك»، الذي أتخذه بإيقاف تنفيذ المشروع قبل أيام قليلة فقط من الموعد المحدد للتوقيع على عقد التنفيذ.
وقالت مصادر مطلعة على المستجدات، إن قرار المفوضية الأوروبية بتجميد مبلغ المنحة بات شبه مؤكد، لكنها أرادت أن تلتقي برئيس البنك لمناقشته ومعرفة وجهة نظره، وبالتالي ربما محاولة تسوية الأمر بطريقة تناسب الطرفين، لاسيما إذا كانت هناك مطالب من طرف البنك يمكن مناقشتها.. إلا أن فشل محاولاتهم المتكررة من اللقاء برئيس البنك، من المرجح جدا أنها ستجعل المسؤولين عن المشروع في المفوضية الأوروبية اتخاذ قرارهم النهائي بتجميد أموال المنحة، وخصوصا إذا لم تستجد أية معلومات أخرى بهذا الخصوص من شأنها أن تعمل على تسوية الأمر خلال أيام.
وفي سياق متصل، أكدت المصادر لـ«المصدر اونلاين»، أن رئيس الوزراء محمد سالم باسندوه كان أجرى اتصالا تلفونيا مع رئيس البنك، في أعقاب نشر الموقع للقضية. ومع أن المصادر نفت علمها بأية تفاصيل أو ما يمكن أن يكون قد تم الاتفاق بشأنه على خلفية هذا الاتصال، إلا أنها لفتت إلى أنه ليس ثمة أية نتائج ملموسة على الأرض يمكن أن توحي بتغيير موقف رئيس البنك من المشروع..! بل اعتبرت أن تصعيد رئيس البنك للموقف بعقده اجتماع خاص لمعرفة المصادر التي سربت المعلومات، يوحي أنه (رئيس البنك) مازال متمسكا بموقفه السلبي من المشروع..!

فصل بسبب الثورة 
إلى ذلك، علم «المصدر أونلاين»، أن رئيس البنك قام، قبل أيام، بفصل احد الموظفين من وظيفته نهائيا في «كاك بنك – الإسلامي» بحجة تغيبه عن العمل. لكن مصادر مطلعة في البنك، قالت أن فصل هذا الموظف جاء على خلفية اشتهاره بمعارضته الواضحة لسياسات البنك، وانضمامه للثورة في وقت سابق، موضحة أن الموظف كان نشر على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، الفيس بوك، انتقادات كثيرة وجريئة لسياسات البنك ورئيسه، بضمنها انتقادات كتبها على صفحته في ابريل الماضي، أنتقد فيها التوظيف في مواقع كبيرة لأشخاص بسبب قرابتهم من رئيس النظام السابق، مشيرا في هذا الصدد إلى نجل شقيقة الرئيس السابق: علي عبدالله صالح، الذي عين رئيسا لمجلس إدارة «كاك بنك – الإسلامي»، بدلا عن المدير السابق المتهم بتأييده للثورة. وعليه فقد تساءل هذا الموظف (المفصول) على صفحته: متى تصل الثورة إلى كاك بنك..؟ كما كتب بعدها – على نفس الصفحة – توديعا لرئيس البنك، على خلفية انتشار إشاعة بأنه سيصدر قرارا رئاسيا بتغييره بآخر، وتضمنت مقالته ترحيبا بإقالة رئيس البنك الحالي «إلى غير رجعة»، موضحا في السياق أن هذا الرئيس متغيب دائما عن عمله في سفريات إلى الخارج، وأنه يصعب الالتقاء به.. الخ

وإثر ذلك، منع الموظف لأيام من دخول البنك من قبل الحراسة، بأمر شفهي من رئيس البنك، ليفصل بعد ذلك (قبل أيام – وبعد نشر موقعنا لقضية رفض تنفيذ مشروع المفوضية الأوروبية الأخير) وذلك بحجة تغيبه عن عمله. ذلك على الرغم من تقديمه شكوى لرئيس الوزراء (أثناء منعه من الدخول وقبل فصله بأيام) وحصوله على أمر بإعادته إلى الوظيفة أو أي موقع يتناسب مع مؤهلاته، إلا أن توجيهات رئيس الوزراء تم تجاهلها، ليصدر رئيس البنك – بعدها بأيام - أمر الفصل بشكل نهائي. ويحتفظ الموقع بالوثائق الخاصة بالمراسلات وأوامر منع الموظف من دخول البنك، وكذا أوامر رئيس الوزراء، إلى جانب توجيهات الموافقة على منح الموظف إجازة ضمن حقوقه من الإجازة السنوية، أثناء تغيبه عن العمل..
وفي السياق ذاته، تؤكد المصادر ايضا، أن «تغييرات وأوامر توقيف عن العمل» صدرت في حق مدراء وموظفين في البنك، خلال الأشهر القليلة الماضية، على خلفية مواقفهم المساندة للثورة الشعبية السلمية.

مخالفات هيكلية 
قبل تعيين رئيس «كاك بنك» الحالي، كان رئيسه السابق، والمقال: حافظ معياد، قد صرف مبالغ طائلة تحت اسم «مشروع إعادة هيكلة البنك»، الذي أوكله إلى شركة أمريكية، بهدف القيام بالتوصيف الوظيفي وملاحقه، وصولا إلى إعادة هيكلة البنك بطريقة إدارية مناسبة وحديثه..
لكن المصادر تفيد أنه وبعد تعيين محضار السقاف رئيسا لمجلس إدارة البنك، قام بخرق قواعد الهيكلة تلك، واستحدث وظائف جديدة، بالمخالفة لبنود ومبادئ الهيكلة المعتمدة مؤخرا. حسب تأكيدات المصادر.
وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، فقد جاء رئيس البنك الحالي من «بنك كاليون» الذي صفى فرعه في اليمن في الربع الأول من عام 2011، وعليه، تكشف المصادر، أنه، وبعد تعيينه رئيسا للبنك، قام بجلب عدد من زملاءه من الفروع الأربعة لـ«بنك كاليون»، وعينهم في مواقع مهمة على الرغم من ان البنك كان قد أوقف التعيينات الجديدة منذ سنتين، عملا بمشروع إعادة هيكلة البنك..
كما تفيد المصادر، أن رئيس البنك الحالي، عين في وقت سابق ايضا - وبشكل مخالف لمبادئ التعيين - موظفتين من اسرة رئيس الوزراء السابق: على مجور، رغم رفض تعيين الكثير من المتقدمين المستحقين من أصحاب المؤهلات الكبيرة، والكفاءات المناسبة، بحسب المصادر.

ماذا بشأن فرع كاك بنك – جيبوتي؟
تكشف أيضاً، ان رئيس مجلس الإدارة السابق، حافظ معياد، كان قد فتح فرعا للبنك في جيبوتي، إلا أن أحد - وحتى الآن – لا يعرف عن هذا الفرع أية معلومات تتعلق بأعماله أو حساباته المالية، أو الدور الذي يقوم به إلا حافظ معياد نفسه، كونه ما يزال «خارج الكنترول» حد وصف المصادر، التي تعتقد أنه مايزال تحت سيطرة رئيس البنك السابق، وأنه (أي فرع البنك هناك) ربما يشكل أحد مصادر التمويل المهمة التي تدر الأموال لعائلة الرئيس السابق.

وفيما لم يتسنى لنا التأكد من مصادر مؤكدة بشأن استمرار سيطرة رئيس البنك السابق على القرار الأول في هذا الفرع، فقد اكدت لنا مصادر متطابقة، قلة المعلومات بخصوص أعمال ومهام وحسابات هذا الفرع.

وطالبت المصادر، من رئيس الجمهورية، والحكومة، سرعة تشكيل لجنة نزيهة ومحايدة للتحقيق في القضايا السابقة: إيقاف مشروع المفوضية الأوروبية، فصل نشطاء الثورة، ومهام وحسابات – وكل ما يتعلق – بفرع البنك في جيبوتي. واتخاذ الإجراءات والقرارات المناسبة، التي من شأنها ان تعيد الاعتبار لهيبة النظام الحالي والحكومة وتثبت الجدية في القضاء على مخلفات النظام السابق الفاسدة، وإنقاذ البلاد وقيادتها نحو المستقبل المنشود.
---------------------------------------
نشرت على موقع المصدر أونلاين بتاريخ 3 أغسطس 2012

الخميس، 2 أغسطس 2012

هل آن أوان اتخاذ القرارات الفاصلة؟


قراءة أولية لردود الفعل حول حادثة الداخلية.. ضعف الحكومة أم قوة النظام السابق


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
طالب عدد من السياسيين والمراقبين الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بضرورة اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة تطال كل من يثبت تورطهم في اقتحام وزارة الداخلية ونهب محتوياتها أمس الثلاثاء، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من الجنود والمواطنين.

وفيما طالب البعض أن تشمل تلك القرارات محاسبة من يثبت تقصيرهم في أداء واجبهم في الحكومة والجيش، دعا آخرون الرئيس هادي إلى ضرورة إصدار قرارات حاسمة وفاصلة لإنهاء الانقسام المخل في المؤسستين العسكرية والأمنية، وإقالة من تبقى من القيادات العسكرية والأمنية التابعة لعائلة الرئيس السابق، والموالية له، أو تلك التي مازالت تشكل بؤرة توتر ومراكز قوى تعمل خارج الدولة، لاسيما من تحدثت الأنباء عن تورطها؛ سواء بالتخطيط أو الدعم أو المساندة أو التحريض وتسهيل مهمة الجنود والمسلحين الذين اقتحموا الوزارة ونهبوا محتوياتها..

واقتحم جنود ومسلحون بزي مدني مبنى وزارة الداخلية، ظهر أمس الثلاثاء، ونهبوا محتوياتها بعد مواجهات مسلحة مع حراسة الوزارة، ما أسفر عن سقوط ضحايا، أكد مصدر امني لـ«المصدر أونلاين» أن حصيلتهم بلغت 15 قتيلا، بينهم نائب مدير أمن وزارة الداخلية، فيما أصيب العشرات. وتحدثت وسائل إعلام محلية ودولية عن سقوط 8 قتلى فقط.

وجاءت هذه العملية بعد يومين فقط من الاقتحام الأول، يوم الأحد، من قبل جنود قيل أنهم يتبعون النجدة ويطالبون باعتماد توظيفهم رسمياً ومنحهم حقوقهم المالية بعد أن حدثت عملية توظيف واسعة من قبل قائد النجدة السابق، قبل إقالته بقرار رئاسي. وهو الاقتحام الذي يعتقد أن وزارة الداخلية نجحت في احتواه سريعاً، وبموجبه أصدرت الوزارة حينها تصريحات تنفي ما رددته وسائل الإعلام من اقتحام أو سيطرة على الوزارة.
لكن، وعلى ما يقال، فأن أطرافا وقيادات - ما تزال نافذة في السلطة والجيش والأمن- لم يرقها ذلك، تتهم بأنها عمدت إلى الدعم والتحريض مجددا لإثارة الفوضى بهدف إعاقة التسوية السياسية القائمة على أساس ما تبقى من المبادرة الخليجية. بحسب تصريحات لمسئولين في الحكومة والأمن. حيث وصف مجلس الوزراء الاعتداء على أنه «محاولة يائسة لعرقلة وتعطيل العملية السياسية واستكمال تنفيذ بقية بنود المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية المزمنة».

أراء ومطالب متباينة
وعلى إثر الاقتحام الأخير، الثلاثاء، تباينت الآراء والمطالب بخصوص التدابير التي يفترض على رئيس الجمهورية اتخاذها إزاء ما حدث.

وفيما تحدثت أنباء عن أن الرئيس سارع إلى إصدار توجيهاته للجنة الأمنية بسرعة تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة القادة العسكريين الذين يقفون وراء تصعيد الأحداث ورفع التقرير خلال 24 ساعة، أتهم البعض الرئيس السابق والقيادات العسكرية والأمنية المتبقية من عائلته، بالتخطيط والتحريض والدعم، فيما وجه آخرون نقداً لاذعاً لحكومة التوافق ممثلة برئيسها باسندوة، ووزير الداخلية عبدالقادر قحطان، متهمين إياهم بالضعف والعجز عن مواجهة مثل هذه الفوضى «المتعمدة»، وعدم استخدامهم للصلاحيات الممنوحة لهم في مواجهة مثل هذه الاختلالات التي تكرس لانعدام الأمن والاستقرار تمهيدا للعودة بالوطن إلى مربع العنف لتحقيق أهداف ومآرب خاصة، لا سيما بعد أن شعر من فقدوا مصالحهم أنهم ربما باتوا عاجزين عن تحقيقها في ظل التوجه بحسم نحو فرض استتباب الأمن وإعادة الاستقرار وإنجاز ما تبقى من عملية الانتقال السلمي للسلطة وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية..

بين ضعف الحكومة وقوة النظام السابق
وعلى ضوء ذلك، فقد برزت، على صفحات التواصل الاجتماعي، دعوات تطالب بإقالة الحكومة، بعد أن سخرت من عجزها عن حماية وزارة سيادية معنية بأمن الوطن والمواطن، من قبل مجاميع مسلحة.

لكن مثل تلك الدعوات (الواسعة إلى حد ما) كان من الواضح أنها اصطدمت بآراء وتوجهات أخرى، اعتبرت ما حدث أمرا مدبرا من قبل من أطلق عليها «عصابات بقايا العائلة»، هدفها ليس إضعاف سلطة الحكومة فحسب، بل سلطة الرئيس نفسه، وإظهاره في موقع الضعيف العاجز عن إدارة شئون البلاد، في الوقت الذي يستعرض فيه ما تبقى من النظام السابق «عضلاته»، وكأنما يريد أن يقول «مازلت هنا، قادرا على عمل الكثير»..

يأتي ذلك، ربما بعد ما أعتقد أن معسكر النظام السابق بات عاجزا عن استخدام أوراق مثل: القاعدة وتخريب خطوط الكهرباء وأنابيب النفط وزعزعة الأمن عبر التقطعات القبلية في الطرقات. وهي الأوراق التي استطاعت وزارة الدفاع بمساعدة الداخلية – بشكل خاص – من محاصرتها والتضييق عليها أو التخفيف منها إلى حد كبير. الأمر الذي يعتقد معه أصحاب هذا الرأي أنه ربما أستدعى استهداف الداخلية بشكل خاص، لما حققته من إنجازات بشأن معظم تلك الاختلالات الأمنية.

ويرى هؤلاء أن فرص إمكانيات نجاح معسكر «الثورة المضادة» ما تزال كبيرة، في ظل استمرار الانقسام الحاصل في المؤسسة العسكرية، وفق ميزان قوى يرجح كفة هذا الطرف. وعليه فقد اعتبروا حادثة الداخلية بمثابة «جرس إنذار» مبكر، يتوجب على الرئيس معه اتخاذ القرارات المناسبة (والتي طال انتظارها) وفقا لما نصت عليه المبادرة الخليجية، مشددين على أن تأخيرها من شأنه أن يزيد من خطر الانزلاق إلى ما هو أسوء من ذلك.

الحادث من زاوية أخرى
تلك كانت قراءة موجزة لما ذهبت إليه ردود الفعل الأولية من تباين في المواقف إزاء الحادث. بيد أن ثمة نظرة تنظر إلى ما حدث من زاوية أخرى تستند إلى معلومات لم يتسنى التأكد من دقته من مصادر أكثر موثوقية.

تقول بعض المصادر الخاصة إن الرئيس هادي أخر الإعلان عن قرارات حاسمة بخصوص إنهاء الانقسام الحاصل في المؤسسة العسكرية، وذلك بناء على مطالب خارجية، لم توضح المصادر من هي بالضبط.

هذه القرارات تلبي مطالب المبادرة الخليجية بإزالة بؤر التوتر قبل الدخول في الحوار الوطني: تمهد الأجواء لإنجاح الحوار، وتشمل إحداث تغييرات مفصلية في القيادات العسكرية والأمنية الكبيرة المختلف حولها.

وعليه، يعتقد أن حادث الداخلية الأخير، يتضمن رسالة أولى للرئيس - قد تتبعها رسائل أخرى أكثر قوة – تحذره بأن الأمور ليست بيده بالكامل كما قد يظن، وأن ثمة أوراق كثيرة يمكن تحريكها للعودة إلى مربع المواجهات المسلحة.

من هنا، يمكن أن ينظر إلى موقف الحكومة، المتمثل بعدم تصعيد الموقف عبر الانجرار إلى المواجهة المسلحة من قبل وزارة الداخلية، على أنه إفشال لمخطط جر الحكومة إلى المربع الذي يريده المخططون للعملية.

على أن ردة الفعل الآن، قد توجب على الرئيس استغلال الظرف وإصدار بعض قراراته تلك وإن على مستوى أقل من المطلوب كليا، لما من شأنه أن يقلب النتيجة المتوقعة ويفسد بقية المخطط المرسوم.

وسيجد الرئيس المبرر الأقوى الذي تضعف أمامه مبررات الجهات الدولية بالتأخير، لاسيما إذا أثبتت التحقيقات تورط قيادات أمنية بارزة عطفا على المؤشرات الميدانية الأولية.
------------------------------------
المادة نشرت في المصدر أونلاين: الأربعاء 1 أغسطس 2012

الأحد، 29 يوليو 2012


لماذا رفض «كاك بنك» مشروع ممول خارجياً بأكثر من 4 ملايين يورو لتخفيض الفقر في تعز؟


المصدر أونلاين-خاص-عبدالحكيم هلال
في معظم خطاباتهما وتصريحاتهما، لا يفتئ الرئيس اليمني الجديد، ومثله رئيس الحكومة، من الحديث عن الدعم الخارجي والمساعدات الدولية كضرورة ملحة لإنقاذ البلاد من الفقر المتزايد.

وتلك الدعوات مع أنها في حقيقتها لا تجانب الواقع، إلا أنها على ما يبدو تظل مجرد دعوات نظرية، إذ تصطدم بواقع عملي يشكك بقدرة الحكومة على استيعاب المساعدات الدولية. وحتى نكون منصفين علينا أن نقول: على الأقل حتى الآن..

ولعلنا هنا نمتلك بعض الشواهد العملية التي من شأنها أن تضع الحكومة في موقف صعب أمام استيعاب مساعدات المجتمع الدولي لتلبية الاحتياجات التنموية..

• كاك بنك ومشروع خفض الفقر بمحافظة تعز
حصل موقع «المصدر أونلاين» على وثائق أولية ومعلومات مؤكدة تفيد بأن رئيس بنك التسليف التعاوني والزراعي (كاك بنك)، أوقف العمل بمشروع ممول خارجيا بأكثر من 4 ملايين يورو، كمنحة مالية نقدية عاجلة، وطارئة لمساعدة الحكومة اليمنية في التخفيف من حدة الفقر بمحافظة تعز.

المشروع الذي قررت المفوضية الأوروبية تمويله بمبلغ (4.240.000) يورو، عبر صندوق الرعاية الاجتماعية- مشروع المساعدات النقدية المشروطة، بهدف خفض الفقر في محافظة تعز، كانت مناقصته قد رست على العطاء الأفضل الذي تقدم به بنك التسليف التعاوني والزراعي (كاك بنك) كشريك «مزود للخدمة»، من بين ثلاثة عطاءات، تقدم بهما – إلى جانب كاك بنك - كل من بنكي التضامن الإسلامي، والأمل. وذلك لتقديم خدمات تسليم المبالغ الخاصة بمشروع المساعدات النقدية المشروطة للمستفيدين، مقابل حصول البنك على عمولة لا تزيد عن 3.5% من إجمالي قيمة المبالغ المحولة للمستفيدين في كل دفعة.

وعلى ضوء ذلك، بدأت الإجراءات الأولية لتنفيذ المشروع بالمضي قدما، ولم يتبقى منها سوى توقيع العقد بين الطرفين: صندوق الرعاية الاجتماعية كطرف أول، و«كاك بنك» كطرف ثاني. لكن رئيس البنك، الذي عاد من سفرية خارجية قبل أيام قليلة من توقيع عقد تنفيذ المشروع، فاجئ الجميع برفض التوقيع، بدون إبداء أسباب مقنعة. الأمر الذي – وبحسب مصادر مطلعة لـ«المصدر أونلاين» – جعل المفوضية الأوروبية تفكر بتجميد مبلغ الدعم المخصص للمشروع.

وحصل الموقع على نسخة من صيغة العقد الذي كان يفترض توقيعه الأسبوع قبل الماضي. وتقول تفاصيل العقد أن هذا المشروع كان سيعمل على «تخفيض الفقر في المدى القصير من خلال الحوالات المالية للأسر الفقيرة، وفي المدى الطويل بناء رأس المال البشري للأطفال الفقراء في بعض مديريات محافظة تعز الملحة كمرحلة أولى، وكافة مديريات المحافظة كمرحلة ثانية».

المصادر أكدت أن رئيس كاك بنك كان مطلعا على كافة الإجراءات الأولية، ويتابع العملية أولا بأول. الأمر الذي أثار استغرابا وشكوكا حول الدوافع الحقيقية التي تقف وراء اتخاذ قرار ايقاف التوقيع وتنفيذ المشروع في مثل هذا التوقيت الحرج؛ قبل أيام قليلة من توقيع العقد، حيث كان يفترض أن تقوم الجهة الداعمة بتحويل مبالغ المشروع مباشرة بعد التوقيع..!!

• خسارة فقدان التمويل 
وتلفت المصادر، إلى أن مثل هذا القرار من شأنه أن يحرم فقراء محافظة تعز من معونات مالية عاجلة، كان العقد قد حدد فترة تسليمها بـ13 شهرا من تاريخ توقيع العقد.

وبموجب الاتفاقية، فإن على صندوق الرعاية الاجتماعية (الطرف الأول) إعداد قائمة (وقد فعل ذلك) تشمل المستفيدين والمدارس والمديريات التي كان يفترض على الطرف الثاني (البنك) أن يقوم بصرف المساعدات المالية لها، وفق آلية صرف منظمة ومحددة، لتحقيق ما توقعه معدي المشروع من أن «الاستثمار في رأس المال البشري للأشخاص والأسر سوف يخرجهم من دائرة الفقر». من حيث أن المشروع يشترط على الأسر الفقيرة - التي ستتلقى حوالات مشروع المساعدات النقدية المشروطة - أن «تقوم باستثمار محدد مسبقا في رأس المال البشري لأطفالهم وبالتالي الحد من الفقر اليوم وغدا».

وكان مشروع المساعدات النقدية المشروطة هذا سيسلم حوالات نقدية مشروطة لمستفيدي المشروع المسجلين في 4 مديريات (محافظة تعز) في يوليو 2012، ولـ10 مديريات (شاملة الـ4 مديريات المستهدفة حاليا من مشروع المساعدات النقدية المشروطة) في العام الدراسي 2012/2013: جميع المديريات في محافظة تعز.

هذه الدفع ستكون مشروطة بحضور الطلاب المستفيدين إلى المدارس. وفي الوقت الحالي يقدم مشروع المساعدات النقدية المشروطة، الإعانات لحوالي 8000 طالب وطالبة، بينما يتوقع أن عدد الطلاب المستفيدين سوف يزيد إلى أكثر من 30000 خلال العام الدراسي 2012/2013.

• لماذا رفض المشروع إذن؟
فيما عدى بعض التبريرات التي لا ترقى إلى رفض مشروع خدمي - وطني بهذا الحجم، تفيد مصادرنا أن الأسباب الحقيقية وراء رفض المشروع ما تزال غير واضحة تماما، على الأقل حتى الآن.

وعليه، ذهبت التفسيرات مذاهب تشكيكية عدة، بينها، على سبيل المثال: أن البعض يرجع ذلك إلى التشديد الذي تضمنه بند العقد رقم (11) تحت عنوان «النشاطات الممنوعة تحت هذا العقد»، الذي يفرض على الطرف الثاني: «عدم ربط تأدية الخدمات المنصوص عليها في هذا العقد بأي طرف سياسي أو حركة أو منظمة بواسطة أي من وسائل التواصل الشفوية آو المرئية». وكذا عدم «الارتباط بآي نشاط قد يتداخل مع او يقلل من جودة الخدمات تحت هذا العقد او يعرضها للشبهة».

ولعل مثل هذين الاشتراطين - بحسب بعض المراقبين – قد فرضا صعوبة كبيرة على القبول بالتنفيذ من قبل بنك لطالما عودنا القيام بخدماته بهدف الإعلان والترويج السياسي لطرف بعينه.

وربما يدخل في ذلك، ايضا - بحسب آخرين - أن البنك، الذي مازال محسوبا على طرف بعينه في السلطة، أتخذ قراره بناء على تلك التبعية؛ من حيث أن ثمة من يخشى أن تحسب انجازات المشروع على القيادة الجديدة للبلاد والحكومة، لاسيما إذا تحققت أهداف المشروع في تخفيض نسبة الفقر لما يزيد عن 30 الف مستفيد من محافظة تعز..!!

ولعل هذا أمر يمكن ترجيحه بشكل كبير، طالما وقد تحقق ذلك في ظل هذه القيادة الجديدة، التي أفضت إليها الثورة الشعبية التي اسقطت أهم رموز ورؤوس النظام السابق، التي كان الفساد وزيادة نسبة الفقر والعجز في إحداث تنمية مستدامة، من أهم الأسباب التي قامت لأجلها الثورة.

• قرارات إثبات إضافية 
لعلنا هنا، نورد بعض الحقائق المعززة لما ذهب إليه المفسرون لقرار رئيس البنك برفض تنفيذ المشروع.

فقد أكدت مصادرنا أن رئيس البنك أتخذ قرارات إضافية تتعلق بقراره السابق، من شأنها أن تعزز الاحتمالات التي قال بها البعض، مالم يقدم رئيس البنك توضيحاته ودوافعه لرفض المشروع. ومنها أنه أصدر قرارات بالفصل وأخرى بتغيرات إدارية داخلية شملت الموظفين الذين عملوا على المشروع.

وتؤكد المصادر أن إحدى المديريات اللائي تم فصلهن من العمل، كانت إحدى الناشطات الثائرات في ساحة التغيير بصنعاء.

قبل كتابة هذا التقرير، كنا قد حاولنا التواصل أكثر من مرة مع رئيس البنك لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء قراره رفض التوقيع على العقد، لكن تلفونه الشخصي كان مغلقا. وعليه فإن تلك التأويلات السابقة (التي ننوه أننا استقيناها من بعض المصادر المطلعة على تفاصيل المشروع)، تظل احتماليات قائمة، حتى يقدم رئيس البنك تبريراته لدحضها. بضمنها صحة اتخاذ قرارات الفصل والتغير التي أشرنا إليها أنفا..

• وأخيرا..
وحتى يحدث ذلك، وسواء حدث أم لا، فإن الواضح راهنا هو أن الحكومة اليمنية (التي لا تكل ولا تمل من أن تستجدي المساعدات الخارجية في معظم تصريحاتها ولقاءاتها مع الممولين الخارجيين)، تبدو وكأنها قد وضعت رغما عنها في موقف العاجزة عن اتخاذ التدابير والإجراءات المناسبة لتصحيح الأخطاء القائمة حتى تكون قادرة على تلبية متطلبات المرحلة الاقتصادية الراهنة، والحرجة.

وإذا كان الأمر كذلك في ظل أن بنك التسليف التعاوني والزراعي يدخل ضمن سلطاتها، فكيف كان الأمر سيكون، فيما لو كانت المناقصة قد رست على أحد البنكين الاخرين..؟

في واقع الحال، سيتوجب على الحكومة أن تتخذ إجراءات حاسمة تثبت من خلالها جديتها في أن تحوز على ثقة مجتمع المانحين، وقبلهم الشعب الذي ما زال ينتظر منها الكثير لتقوم به في سبيل تحقيق الأهداف الانتقالية التي تقوم عليها شرعيتها، بضمنها التنمية الاقتصادية.
----------------------------