الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

براءة ذمة النائب


قصة تكذيب الرئاسة تصريحات مكتب عبدربه منصور هادي تكشف خلافاً داخلياً في أطر الحزب الحاكم


أعلن مكتبه عن خطورة الوضع وأعتبر أن تشبث حزبه بصالح سد أفق الحل ما أوصل ملف اليمن إلى مجلس الأمن..

لكن الغريب أن يأتي التكذيب من الرئاسة.. والقصة برمتها تكشف خلافاً داخلياً في اطر الحزب الحاكم  




المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
ربما لزم على نائب الرئيس، المفوّض بالحوار والتوقيع على المبادرة الخليجية، انتظار كل هذه المدة قبل أن يقرر الخروج عن صمته رافعاً الراية البيضاء أمام العالم. هاهو أخيراً قد أعلن، بالأمس، ما يشبه فقدانه الأمل في إمكانية إنقاذ اليمن من نزوات السلطة القاتلة.

هذا ما اعتقدته أنا. وربما سيؤمن مثلي كل من قرأ تصريحات نسبت لمصدر في مكتب النائب ونشرتها «بي بي سي» أمس الاثنين: 3 أكتوبر.

حتى مع أن المصدر لم يكشف جديداً سوى أن أكد تلك الحقيقة التي تم تداولها مساء الأحد/ ليلة الاثنين، عبر وكالات أنباء عالمية نسبة لمصادر «دبلوماسية غربية»، في أمريكا واليمن، بشأن «وجود توجه أمريكي بريطاني فرنسي – بموافقة خليجية، لإحالة الملف اليمني إلى مجلس الأمن الدولي».

في الواقع، إن تلك العبارة لا يختلف مضمونها كثيراً عما نسب لمصادر دبلوماسية غربية (في أمريكا، واليمن) نشرتها وكالة رويترز أمس. ما زاد عنها هنا وفقاً لمصدر «مكتب النائب» إضافته كلمتي «بموافقة خليجية»، وإشارته إلى أن الملف سيرفع إلى مجلس الأمن «لتطبيق المبادرة الخليجية وفقاً للبند السابع».

بينما أن شكل القرار الأممي لم يتخذ بعد بالنسبة لما ورد في تصريحات المصادر الدبلوماسية الغربية، لرويترز، أمس. حيث قالت تلك المصادر إن الدول الغربية تأمل في تكثيف الضغط على الرئيس اليمني للتنحي عن السلطة من خلال مشروع قرار مقترح في مجلس الأمن. وقال دبلوماسي غربي كبير في صنعاء «قرر المجتمع الدولي إننا بحاجة إلى زيادة الضغط الآن». وأضاف «لم يتخذ أي قرار بعد حول شكل القرار الذي ربما نسعى إليه... لكننا في حاجة إلى تخطي مرحلة البيانات في الوقت الراهن».

غير أن ما يعتقد أهميته هنا أن يأتي التأكيد حول تلك المعلومات من مصدر في «مكتب النائب»، من حيث أنه عرف ميله الدائم في ملازمة الصمت حول كل ما كان يمكن كشفه للرأي العام طوال فترة، ليس فقط تولية مسؤولية إدارة البلاد خلال الأشهر الثلاثة والنصف الأخيرة، بل طوال سنوات تولية منصب نائب رئيس الجمهورية.

ظل صامتاً متسماً بالوقار المفرط. وهاهو اليوم بدا وكأنه يتخلى عن الصمت غير مفرط بوقاره: «إن هادي بذل جهوداً كبيرة للخروج باتفاق لنقل السلطة سلمياً في اليمن قبل إحالة ملف المبادرة الخليجية إلى مجلس الأمن الدولي وصدور قرار بتطبيقها تحت البند السابع». أضاف المصدر في مكتب النائب.
الأمر هنا على ما يبدو، أشبه بـ «إخلاء ذمة» أمام الرأي العام المحلي قبل الدولي.

أزيد من ذلك، إليكم هذا التدفق: إن حزب المؤتمر الشعبي ـ الحزب الحاكم ـ متمسك بعدم تنحي الرئيس، وأن الطريق الوحيد لنقل السلطة سلمياً يتمثل في انتخابات مبكرة تشرف عليها دول الخليج والأمم المتحدة. أضاف خبر «بي بي سي» على لسان المصدر في مكتب النائب.

وفيما يبدو لي، فإن المصدر كان متأكداً مما يقول، بدليل أنه أشار في ختام تصريحاته إلى أن «الحزب سيصدر بياناً اليوم الاثنين [أمس] بهذا الشأن».

هذا يحدث لأول مرة في اليمن على هذا النحو: تصريحات على تلك الشاكلة، تصدر عن مصدر في مكتب النائب المنزوي دائما في ركنه الهادئ..!. ربما تأخر كثيراً، لكنه حدث وهو أفضل من أن لا يحدث.

ولكن، دعونا لا نفرط في التفاؤل. فلاحقاً، وبعد ساعات قليلة من انتشار تصريحات المصدر في مكتب النائب، صدرت تصريحات لـ «مصدر مسؤول» في رئاسة الجمهورية، تنفي ما نشره موقع «بي بي سي» منسوباً إلى مصدر في مكتب نائب رئيس الجمهورية.

بل إن نفي مصدر الرئاسة، كما يبدو، تجاوز حدود ما هو معقول، أو حتى لائق، حين اعتبر: «أنه ليس هناك أي شخص مخوّل بالتصريح باسم نائب رئيس الجمهورية». كأني به أراد أن يقول، ضمناً: إن النائب شخص يجب أن يكون فاقداً لحريته الشخصية ولا يجاوز له ترتيب أموره الإدارية عبر مكتب خاص به. عليه أن لا يتجاوز أسوار دار الرئاسة، وإلا احترق.

هل فعلاً كان خبر «بي بي سي» مختلقاً؟ 
إن كان كذلك، فلمَ لمْ ينفي الخبر مكتب النائب نفسه؟ في الواقع ثمة تساؤلات كثيرة بهذا الخصوص تبحث عن إجابة. كان يمكن أن يكون النفي «طبيعياً»، ومقبولا، مثلا، إذا ما صدر، وذلك الجزم «بعدم تخويل أي شخص» من مكتب النائب، لا من مصدر مبهم (غير مسمى) في رئاسة الجمهورية. وسبق لمكتب النائب أن نفى قبل أيام قليلة فقط ما ورد من معلومات في مجلة الحراس بخصوص «وجود مخطط انقلابي». هذا يعني أنه عملياً يمتلك الرشد لممارسة عمله الإعلامي دون أن يكون بحاجة لوصي على شاكلة تلك المصادر مجهولة الهوية في الرئاسة.

هناك من يعتقد أن النائب ربما أصر على رفض قبول فكرة النفي، فاستخدمت الرئاسة مهمتها الدائمة في نفي كل ما يصدر عن أشخاص الحكومة والنظام. حدث هذا كثيراً مع كثير من الوزراء وقادة الجيش. كانوا يفاجَأون بنشر تصريحات بأسمائهم، أو نفي - بأسمائهم أيضاً- لتصريحات قالوها فعلاً، غير أنهم كانوا عاجزين عن التوضيح ونفي النفي! كان ذلك في ظل قوة تسلط النظام وجبروته على موظفيه الذين كان يتوجب عليهم الانصياع تحت رغبات دار الرئاسة دون أن «ينبتوا ببنس شفة»، وإلا طالهم ما لا يحمد عقباه.

ما يجعل هذا الافتراض على درجة من الصواب أن مصدر مكتب النائب – كما أسلفنا – كان على درجة كبيرة من الثقة بحديثه عن «بيان» يصدره الحزب، الاثنين، بهذا الخصوص. أي بخصوص انسداد طريق الحوار. وبالتالي فإن الحل سيكون عبر انتخابات مبكرة تحت إشراف دول الخليج والأمم المتحدة.

في الحقيقة، ما صدر كان عبارة عن بيان مشترك للمؤتمر مع أحزاب التحالف الوطني (الموالاة). ومع أن البيان نوّه فعلا إلى «إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تحقق انتقالاً سلمياً للسلطة»، في إطار المبادرة الخليجية، إلا أنه أشار أيضاً، في عبارات قليلة فقط ومقتضبة، إلى ما يؤكد أن الحوار مازال مستمراً مع المعارضة. وجاء ذلك على عكس ما افترضته تصريحات مصدر مكتب النائب بانسداد أفق الحوار.

ومع ذلك، يمكن القول أن صدور البيان، بحد ذاته ربما منح تصريحات «مصدر مكتب النائب» مصداقية إلى حد ما. بيد أن صدوره متضمناً تلك الإشارات المنسجمة مع تصريحات المصدر، بخصوص «الانتخابات المبكرة»، يرفع نسبة التصديق إلى حد مناسب. ومع ذلك، علينا أن نقول هنا إن تضمن البيان عبارات تناقض فكرة انسداد الأفق وتوقف الحوار، لا تقلل من تلك النسبة، من حيث يمكننا تفسير الأمر على نحو آخر. كأن نقول إن تغيير مضامينه المتعلقة بالحوار مع المعارضة إلى النقيض، إنما فرضه التماشي والتعاطي مع تغير معطيات الواقع بعد تدشين المجتمع الدولي مرحلة جديدة لتفعيل ضغوطاته حينما أعلن عشية الاثنين مناقشته مشروع قرار مقترح في مجلس الأمن بخصوص اليمن. إنه الأمر الذي من شأنه أن يغير فكرة التصادم إلى التسايس الممكن.

أو – ربما – وهذا وارد أيضا - أن اتفاقاً داخلياً في الحزب توصل إلى فكرة إصدار مثل هذا البيان الجزافي قسراً، فرأى النائب أن يسبقه بتوضيح موقفه كـ «براءة ذمة» مما يحدث وكشف بعض الحقائق. ربما لأعضاء الحزب، وربما للرأي العام المحلي والعالمي على السواء.

مع أن هذا قد يتعارض، من زاوية ما، مع ما نسب للنائب من تصريحات، في وقت لاحق من يوم أمس، أن الحوار مع المعارضة متواصل، وقد يتم التوصل لاتفاق بشأن الآلية التنفيذية خلال الأيام القليلة القادمة. كما نسبت له الوكالة في اتصال هاتفي مع مستشار رئيس الوزراء البريطاني لشؤون مكافحة الإرهاب السيد ألن روبن سيربي.

وللتوضيح فقط، فتلك التصريحات المنسوبة للنائب، على ذلك النحو، تم تكذيبها من قبل الناطق الرسمي للمشترك، محمد قحطان، الذي قال، أمس، في تصريحات للصحوة نت «إن ما تروجه بعض وسائل إعلام بقايا النظام عن وجود حوار مع المعارضة بعد رحيل بن عمر تضليل للرأي العام ومحاولة لبعث رسائل مضللة لمجلس الأمن من خلال إعطاء انطباع كاذب بأن هناك حواراً جاريا بين السلطة والمعارضة».

وعليه، قد تكون تلك التصريحات المنسوبة للنائب بهذا الشأن (وجود حوار مع المعارضة)، حقيقية فعلا، لكنها قد تكون منسوبة إليه فقط. في الحالة الأولى، يمكن عزو ذلك إلى تعرضه لضغوط من القصر الرئاسي، أو ربما تضليله من القصر أيضاً أنه يمكن خوض إعادة المحاولة مرة أخرى من الحوار مع المعارضة، مع إشارات أن الرئاسة يمكنها أن تغيير من موقفها بخصوص مناقشة ما تم التوصل إليه سابقاً بين النائب ومستشار الرئيس السياسي الإرياني، وبين قيادة المعارضة. نزولاً عند تهديدات الدول الأوروبية، وواشنطن الأخيرة.

وبالنسبة لاحتمالية أن تكون تلك التصريحات الأخيرة المنسوبة للنائب (بخصوص استمرار الحوار)، قد نسبت له دون أن يقولها فعلاً. فالأمر ممكن حدوثه بسهولة. إذ لا يمكن الحديث عن مضمون اتصال هاتفي يمتلك الإعلام الرسمي تحوير مضامينه والإضافة إليه قدر ما يشاء. في هذه الحالة من غير الممكن أن يقدم النائب على نفي التحوير والإضافة لتصريحاته. فحينها سيكون قد أعلن ليس فقط عداوته للرئيس، بل سيبدو وكأنه يريد أن يفجّر الوضع والوقوف مع الطرف الآخر. بالمثل ليس من الكياسة الدبلوماسية أن يصدر المسؤول البريطاني توضيحاً حول هذه الجزئية البسيطة.

ولطالما اشتهر الإعلام الرسمي بمثل هذه الإضافات والتحويرات. ولقد حدث ذلك كثيراً مع اتصالات المسؤولين اليمنيين مع مسؤولين ودبلوماسيين خارجين. بل كان يحدث حتى مع الرئيس نفسه أثناء تواصلاته التلفونية بمسؤولين دوليين. على سبيل المثال، ثمة قضية مشهورة في هذا الجانب تعلقت ببيان صادر عن الرئاسة بخصوص تفاصيل ما دار بين الرئيس ومسؤول أمريكي بشأن الحديث حول المعتقلين اليمنيين بجوانتنامو. لفق الإعلام الرسمي تفاصيل تتعارض مع حقيقة ما دار. ولأن القضية اعتبرت هامة بالنسبة للإدارة الأمريكية، فقد أصدرت السفارة بلاغاً صحفياً يكشف حقيقة التفاصيل. وكان مسؤول دبلوماسي غربي أكد لي، في وقت سابق، أن الإعلام الرسمي كثيراً ما يضيف تفاصيل غير واردة حول لقاءات الرئيس معهم. طبيعتها تتوافق مع تضليل الرأي العام الداخلي، ولأن معظمها لا تضر بالطرف الآخر، فيتم التغاضي عنها غالباً.

ما يحدث مع النائب في نظري ليس سوى أن القصة برمتها تحكي واقعاً صدامياً داخل تيارات الحزب المتباينة، وباتت تفيض على السطح لتتضح تدريجياً بشكل أكثر جلاء. وإنها – في خلاصة الأمر- تكشف ارتباكاً وانسداداً داخل أطر الحزب نفسه – قبل أي شيء آخر - بين تيار يعتقد أن لا مستقبل له بعيداً عن رئيسه، وهو هنا ممثل بتيار «الصقور»، وآخر يمثل تيار «الحمائم» ويرى أمام عينيه حقيقة أن مستقبل الحزب ينسل من بين يديه، فيما أنه مازال قادراً على الحفاظ عليه بقبول فكرة التخلص من بضعة شخوص لم يعودوا مقبولين ليس لدى الشعب فقط، وإنما لدى المجتمعين الإقليمي والدولي.

وربما أن النائب قد بدأ بالفعل تدشين عملية الحفاظ على هذا المستقبل، وإن بخطوات بطيئة ومحسوبة ما تزال خائفة. واضعاً نفسه في مواجهة مخالب الصقور، فإما أن تخدشه وإما أن يقص لها مخالبها حفاظاً على الجسد، وباستطاعته أن ينجح اليوم، إن قرر فعلاً أن يقوم بذلك. فهو يمتلك قوة جديدة منوّعة بين تأييد دولي وداخلي: شعبي ومعارض، ما كان ليتمتع بها لو لم يبدِ علناً جسارته في قطع خطواته الأولى نحو ذلك.
---------------------
نشر في صحيفة المصدر المستقلة - العدد 176 - الثلاثاء: 4 اكتوبر 2011


الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

عربدة في حضرة نائب وقور


المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
بشكل مفاجئ، وبعد أيام قليلة فقط من توقيعه تفويضاً رسمياً لنائبه، عاد صالح فجر الجمعة الماضية سراً. ليست هذه هي القضية. فالمهم أو الحقيقة المؤكدة أنه عاد بعد قرابة أربعة أشهر من مغادرته إلى الرياض مجروحاً، حتى قيل إن الموت يتهدده، في مثل هذه الظروف بالغة الحساسية والتعقيد.

كان من اللافت أن عودته تلك - وإلى جانب تعارضها مع فكرة التفويض– جاءت بعد ستة أيام دامية وملتهبة شهدتها البلاد حينما شرعت قوات الجيش والأمن بقيادة أبنائه وأبناء أخيه – وبطريقة تصعيدية هستيرية مفاجئة – في إمطار مداخل ساحة التغيير في أمانة العاصمة بكل ما خفّ وثقل من وابل النيران والمدفعية ورصاصات القناصة القاتلة من وفي كل اتجاه.

ولأن تلك المعارك شهدت، لأول مرة ربما، ردة فعل قوية، وموازية من قبل أفراد الفرقة التي كانت تحمي جماجم وصدور المتظاهرين العزّل، فقد تمددت وتوسعت في ظرف أيام قليلة لتصل حد قصف مقر الفرقة الأولى مدرع، مع كسر الهدنة في الحصبة، حتى لكأن كثيرين، في الداخل والخارج، قد أيقنوا أن الحرب اليمنية الداخلية التي كان يخشى من قسوتها وجنونيتها، هاهي قد دقّ جرس بدايتها بقوة، وأن ثمة من اتخذ هذا القرار سراً وبدأ بتنفيذه فقط قبل أيام من تلك العودة المباغتة التي وضعها البعض في خانة «المستحيل». على الأقل ليس بهذه السهولة أمام تصريحات دولية مطمئنة، بل وبعد الموافقة – أخيراً – على التفويض حينما كان مثله يعد أمراً مستحيلاً بحد ذاته. على ما تقوله المقدمات والأحداث التي تلت حادثة 3 يونيو، في مسجد دار الرئاسة. الحقيقة هنا تؤكد أن كافة تلك الضغوط التي مارسها المجتمع الدولي المؤثر قد فشلت في إمكانية النجاح بانتزاع مثله (أي التفويض).

• ما علاقة النائب بذلك كله؟
وفيما عدا بعض الحراك المتململ، يعلن هنا أو هناك، من قبل النائب المحاصر، الفاقد لقوة الفعل الحقيقية، فقد شلت كافة التحركات ودخلت الحالة اليمنية في وضع «موت سريري» هناك حيث وضعت في غرفة العناية المركزة.
خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتحديداً منذ امتلك صالح قدرة تحريك أصابع يده المحنطة بالجبس وقرر تجريبها مع القلم لتوقيع التفويض، استفاقت الحالة لنشهد تفويضاً، فمجازر بشعة، فأصوات مدافع ليليّة مفزعة ومواجهات نهارية مرعبة، فانهيار هدنة فمخاوف متعاظمة..الخ، حتى أعلن الجمعة عن عودة صالح نفسه. لم تكن تلك النهاية بقدر ما كانت – في نظر كثيرين – هي البداية لشيء ظل الجميع يخشاه ويحرص على تجنبه بتأجيله.

أثمة علاقة بين قرار استخدام القوة المفرطة ضد المعتصمين العزل وصدور القرار الأخير بتفويض صالح نائبه للحوار مع المعارضة والتوقيع على ما يتفق عليه تحت إطار المبادرة الخليجية؟ ربما كان التساؤل الآخر والصادم: لمَ عاد الرئيس إذن؟ وما علاقة كل ذلك بالتسريبات الأخيرة لصحيفة الحارس – تابعة لوزارة الداخلية - عشية عودة صالح، من أن النائب كان يخطط لإصدار إعلان رسمي – ربما مستغلا التفويض الأخير – بإعفاء صالح من منصبه؟

تطرح تساؤلات كهذه نفسها وربما بقوة، لاسيما إذا عدنا بالذاكرة إلى الوراء وقوفاً عند حادثة قصف جامع الرئاسة (يونيو)، وقبلها بأيام: نشوب معارك الحصبة. آنذاك ترددت أخبار تؤكد أن الرئيس أعاد إلى ذهنه فكرة إمكانية التوقيع على المبادرة الخليجية بعد أن كان رفضها للمرة الثالثة. الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية، وهذا على سبيل الاستشهاد فقط، كان كشف لرويترز في وقت سابق - بعد أشهر من مغادرة صالح إلى الرياض- أنه (صالح) كان فعلاً على وشك التوقيع على الاتفاقية في يوم حادثة النهدين نفسه!

دعونا نربط بين هذه الفكرة المتاحة: قبول الرئيس التوقيع على المبادرة الخليجية، مع الفكرة الأخرى، التي ربما ظلت متداولة خلف الكواليس، والقائلة: إن نجله أحمد وأولاد عمه يرفضون إنفاذ فكرة رضوخ الأب - والعم في الوقت نفسه - للتنازل وتسليم العرش من بعده لغيرهم. لماذا؟ إنهم يمتلكون قوة عسكرية كبيرة، وطموحاً شبابياً غضاً يستحوذ عليه ما يمكن وصفه بـ «الحق المستبطن» إزاء ضرورة تحقيق حلم المستقبل بالوراثة. ناهيك عن أن الجزء المعياري الآخر يرتبط بطبيعة الصراع مع منافسيهم من أولاد الأحمر. إنهم يعتقدون بل ربما يكتنفهم إيمان راسخ أن التنازل عن وراثة العرش سيعني بطريقة دراماتيكية نصراً مؤزراً يحققه الطرف الآخر.

• بؤرة الصراع المركزية
إن تلك الفكرة المرفوضة من هؤلاء، على منوال ما سقناه أعلاه، تظل هي البؤرة المركزية للمشكلة بكل احتمالياتها. حتى إن كان ثمة شبه إجماع قسري على أن دار الرئاسة بما يمثله من عرش سيكون من نصيب نائب الرئيس باعتباره الحل الاستراتيجي المرحلي الأمثل لتجنيب البلد المزيد من التدهور والعنف وبحار الدم المتوقعة من مواصلة حالة الصراع والتفكك الداخلي. بل، قد يغدو الرفض هو الأمر الأكثر ترجيحاً مع ما تعززه تلك الاشتراطات المتفق على محوريتها – داخلياً وخارجياً - في إطار النقاش حول تنفيذ المبادرة الخليجية. من حيث أن المجتمع الدولي الضاغط – وحتى نلتزم الدقة أكثر، نقول: بعض أطرافه التي لا تخلو من تأثير بما فيها مجموعة الدول المهمة والمؤثرة في الاتحاد الأوروبي مثلاً- يتفهم ويتفق وينسجم مع نظرة المعارضة بخصوص ضرورة إعادة هيكلة الجيش كإجراء مهم ورئيسي يجب أن يحدث بالتوازي مع إجراءات نقل السلطة. راجع أفكار وتعديلات مبعوث أمين عام الأمم المتحدة: جمال بن عمر، والتصريحات الرسمية للأمم المتحدة، بريطانيا، ألمانيا..الخ، بهذا الخصوص.

إن مثل هذا الأمر (إعادة هيكلة الجيش) لا يبدو بالنسبة لهؤلاء أن ثمة احتمالية متاحة للتسليم به. على الأقل ما زال ثمة إمكانية سانحة لرفضه من خلال اللجوء إلى استخدام العنف المفرط لإرسال رسالة إشعار مفادها: إن القوة الضاربة ما زالت بيد من يراد إعادة هيكلتهم على ذلك النحو المتفق عليه وسلبهم مواقعهم العسكرية، التي هي أصلاً مستبطنة كحق وراثي. إن الأمر بالنسبة لهم ليس فقط مجرد إعادة هيكلة، بقدر ما سيعني الاستسلام السهل، بل ومقدمة لتسليم السلطة بعيداً عن أية امتيازات مقنعة، مقابل التنازل عن هذا الحق. هنا من المهم التذكير أن هذا الفهم لمعنى الحق على هذا النحو، لا يجب أن يقاس بالتشريعات والقوانين، بقدر ما يتوجب وضعه في مقاس معياري آخر يتعلق بتماهي ماهو كلي (فكرة الدولة) مع ماهو جزئي (الأسرة المالكة).

• تفسيران لا يخلو أحدهما من حقيقة 
وفقاً للسياق سيمكن للبعض تفسير ما يحدث باعتباره إرادة خاصة من طرف الأولاد فيما الرأس – وهو هنا الأب – يظل خارج سياق تلك الإرادة من خلال إظهاره ميولاً متكررة بالرضوخ للضغوطات الدولية الهادفة لإيجاد حلول دبلوماسية سلمية تضمن له وأسرته إفلاتاً من العقاب، في الوقت الذي تمكن حزبه من مواصلة البقاء كطرف مؤثر في الحياة السياسية والعامة.

هذا التفسير قد يكون له نسبة ترجيح ممكنة من حيث القبول بفكرة أن الأب بلغ من التجربة السياسية شأواً بجعله قادراً على النظر إلى مدى أبعد بكثير من شباب طامح لا تتجاوز نظرته إلى المستقبل ما يمتلكه في اللحظة الراهنة – والحرجة بطبيعتها- من قوة تدميرية هائلة وبإمكانها أن تقول لا تقوله السياسة. ففي الوقت الذي تقتصر فيها نظرة هؤلاء إلى ما تحت أيديهم باعتبارها قوة مرجحة وجسراً لبلوغ حلم المستقبل، أو حتى البقاء في محيطه القريب، تذهب النظرة المتعمقة والخبيرة إلى اعتبارها، في الحقيقة، نقطة الضعف المهلكة التي وبشكل شبه مؤكد ستقود إلى قصم ظهر ما كان يمكن حؤزه من صفقة تأمين للبقاء في الجوار بطريقة سلمية، سياسية وأكثر دبلوماسية.

ومع ذلك، فلو رجحنا تلك الفرضية، لكان الحل سهلاً بين أيدينا، ولاعتبرنا رجوع صالح منحة إلهية لإنقاذ البلاد. لقلنا فعلاً أنه عاد إذن كمسيح منتظر، وفقط قرر أن يكون كذلك حين أدرك فعلا أن ما ظل تحت قبضته 33 عاماً بدأ ينهار وعليه أن يوقف تهور الأبناء الذي سيقوده هو أولاً إلى تلك الصفحة السوداء. لا شك أنها ستكون لعنة التاريخ بامتياز.

لا. إنه لا يبدو كذلك. مطلقاً ليس هذا ما يخشاه صالح. إنه لا يخشى شيء أكثر مما يخشاه الأولاد، وربما أكثر. ذلك الشيء الذي وإن حاول المناورة فيه، أمام المجتمع الدولي، فإن لسانه تسبق تصرفاته دائماً. إنها تفضحه كالعادة، لتقول لنا إنه مازال غير قادر على أن يستوعب دروس التاريخ في لحظاتها الأكثر تعقيداً. غالباً ما يأتي ذلك تحت مسمى «الشرعية»، «الدستور»، لا تنازل إلا عبر صناديق الاقتراع. قال كل ذلك في سياق كل خطبه طوال فترات الثورة، ولم ينجح بالتستر عليها حتى في آخر خطاب قاله بمناسبة العيد الـ 49 للثورة اليمنية. عشية الأحد، بعد عودته من تجربة طويلة ما كان ليحظى بها مثله من الزعماء المنبوذين من شعوبهم. في الواقع، إنه يقول لنا صراحة إن تلك التصرفات الجنونية التي يقوم بها الأولاد لا تخرج عن كونها عبارة عن تبادل وتوزيع أدوار معه، هو الأب. هذا التفسير لا يمكن إسقاطه نهائياً لاسيما أنه يمكن تعزيزه من خلال تجميع مقاطع الصورة. وضع الأحداث الأخيرة في سياقاتها الممكنة والمحتملة وربطها بالتصريحات والمواقف.

• نائب رئيس في الواجهة لا أكثر
هنا يمكننا مثلاً وضع ما هو معلن بوضوح، مباشر، مع ما هو معلن بشكل تلميحي، غير مباشر، مع ما ظل مستتراً لكنه مشاع على لسان المقربين والساسة وتناولته تسريبات الشارع اليمني.

فأما ما هو معلن وواضح: أن نائب الرئيس هو القائم بأعمال الرئاسة، وفقاً – وهذا بدرجة رئيسية - لما يحتمه الدستور في حالة غياب الرئيس، وبدرجة ثانية: إعلان الرئيس تفويض صلاحياته (سواءً بحسب تصريحات قديمة أعلنت عقب مغادرته البلاد، أو وفقاً للقرار الأخير المعلن على الملأ). وأما ما هو معلن بشكل غير مباشر، عبر التلميح، فالرئيس وأسرته وأركان حكمه يكتنفهم الخوف من وضعية النائب الحالية وما يمكن أن يجره وضع كهذا تدريجياً إلى ما هو أبعد من كونه فقط مجرد متحمل للمسؤولية أمام الشعب والعالم (ربما كان الحديث الأخير حول سريان مفعول التفويض والتوقيع للنائب هو الاستشهاد النموذجي هنا). ومع ذلك ليس من المستبعد أن تواصل اللعبة – حتى بعد العودة – ليستمر النائب كمجرد مؤتمن على المنصب الرئاسي لوقت محدد. أكثر من مرة برزت تصريحات تلمح بذلك. لقد كشف على لسان أكثر من مسؤول مقرب من الرئيس أنه (أي الرئيس) يرغب في نقل السلطة ولكن لنائب آخر يعينه هو لاحقاً! ومؤخراً ترددت معلومات تقول إن الرئيس اشترط اسم نجله كرئيس قادم لليمن. حتى إن فشل هذا الخيار أمام الضغط، فعلى الأقل يتم فرض خيار وضع قطع الشطرنج على نحو شاذ: الملك قبل الضابط. أي الانتخابات قبل إعادة تشكيل الجيش.

في الواقع، وهذا أمر لم يعد متداولاً على نطاق واسع فحسب بل له ما يؤكده على أرض الواقع، أن أحمد علي ظل يدير البلاد طوال الفترة الماضية وما يزال كذلك حتى اليوم. ربما إلى ما قبل عودة أبيه. إن كان هذا الأخير سيكون قادراً على عمل شيء على ما هو عليه من حالة صحية يرجح أنه لن تمكنه من التحرك كرئيس دولة، بل كأب روحي يصدر التوجيهات.

في السابق، ومع المواجهات المسلحة الأخيرة، كانت أوامر النائب المرتفعة بإيقاف إطلاق النار، يتم التعامل معها باعتبارها خارج سياق المخطط الاستراتيجي المعدّ له سلفاً والمندفع بقوة نحو التصعيد العسكري. ومؤخراً، ولكن قبل التفويض الأخير، وما لحقه من معارك مسلحة، حينما كان النائب قد توصل مع قيادة المعارضة إلى شبه اتفاق على نقاط بعينها بخصوص آليات تنفيذ المبادرة الخليجية المطعّمة بتعديلات مبعوث الأمم المتحدة، كان الرئيس قد لجأ إلى إراقة وجه نائبه من خلال الإيعاز للجنة حزبه الدائمة مناقشة الأمر داخلياً، ومن ثم تشكيل لجنة خاصة تصل إليه إلى الرياض للخروج بتفويض ولكنه تفويض مفخخ بشروط: غير تلك المتفق عليها سلفاً مع المعارضة. كان من الواضح أنها لعبه لتبرير الرفض.

ولقد كان كل ذلك يحدث وفقاً لاستراتيجية أسفنجية تعمل على سحب البساط من تحت النائب بيد، والأخرى تمسح على خده من خلال الإشادة بجهوده ووطنيته. هي ذاتها الطريقة التي تعامل بها الأولاد مؤخراً بإعلان تنفيذ أوامر النائب بوقف إطلاق النار، في الوقت الذي كانت فيه قذائف الهاون ورصاص القناصة تتساقط وتتناثر وتتوزّع على مختلف مداخل ساحة التغيير، ومقر الفرقة الأولى مدرع، وصولاً إلى كسر الهدنة في الحصبة. بل بلغ الأمر حد اتهامه بالسعي لتنفيذ مخطط تآمري على الرئيس مع المعارضة. وفقاً لمجلة الحراس الصادرة عن وزارة الدفاع!
بل، حينها، وبعد أن بدا أن ما يحدث في الميدان من مواجهات أشبه بكونه أمراً غير مقدور عليه من جهة النائب، عاد الرئيس كما يعود البطل في أفلام الأكشن الهندي، لينقذ الوضع.

• النوايا الحسنة وحدها لا تكفي 
الآن ماذا تبقى للنائب ليقوم به؟ أيمكن القول إنه بعد أن أصبحت أوامره حتى غير ذات جدوى الآن، لم يعد لديه شيءٌ البتة؟. في الواقع كان ولابد ان يتبقى له شيء واحد على الأقل: الحديث عن سريان عملية التفويض والتوقيع على المبادرة الخليجية. هكذا وضع له الطعم في السنارة. لمَ عاد الرئيس إذن؟

بعد كل ما سبق، ربما، سيكون من الحماقة الخوض بتفكير جدي بحثاً عن الإجابة، لاسيما كأن يقول لك أحدهم: لمساعدته في إيقاف النزيف أولاً، لفرض مناخ هادئ للحوار مع المعارضة من أجل تحقيق مبدأ التخلي عن السلطة بطريقة آمنة وسلمية! يقولها بينما تبدو على وجهة علامات الجدية والتفكير والتقدير والدهشة! من حيث – بشاكلته تلك – أراد أن يقول لك أن الأمر برمته يجب أن يكون معقداً إلى هذا الحد.
------------------
نشر في صحيفة المصدر الأسبوعية - العدد 175 - الثلاثاء: 27 سبتمبر 2011

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

جديد ويكيكليكس حول اليمن


المصدر أونلاين ينشر جديد وثائق ويكيليكس عن اليمن: خفايا صفقة أسلحة روسية بمليار دولار اعترف بها الرئيس صالح وأنكرتها الحكومة


المصدر أونلاين - ترجمة خاصة عبد الحكيم هلال

قبل انطلاق الربيع العربي، بدءاً بثورة تونس لتليها مصر ومن ثم دول عربية أخرى: اليمن، ليبيا، البحرين، فسوريا.. كانت ثورة برقيات «ويكيليكس» الدبلوماسية قد سبقتها بأشهر قليلة فقط، حتى أن مجموعة من المحللين، المراقبين، السياسيين، وغيرهم في الداخل العربي والخارج الغربي، باتوا يعتقدون أنها مهدت الطريق أمام انبعاث الغضب العربي وتحرره من إسار ديكتاتورية الحاكم الفاسد المستبد.


وكنا حينها في صحيفة «المصدر» و«المصدر أونلاين»، قد ترجمنا بعض تلك البرقيات الدبلوماسية في ما يتعلق بالشأن اليمني. وعلى مدى الشهرين اللذين سبقا الربيع العربي (منذ نهاية نوفمبر 2010 تحديداً) وحتى انطلاق ثورات الربيع العربي مع بداية العام الجديد 2011 وما بعدها – أثناء المخاضات الثورية في اليمن وليبيا والبحرين - نشرنا معظم المهم منها حتى سحبت تلك الثورات والمخاضات الأضواء الساطعة التي كانت مسلطة على برقيات ويكيليكس لتستحوذ عليها فقط. حينها كان الموقع الرسمي لـويكيليكس قد هدأ من عملية الضخ إلا بين الفنية والأخرى في وقت كان النشر فيه مجرد محاولة بائسة لجذب الانتباه أمام كل هذا الزخم الثوري الجديد.


ويعاود المصدر أونلاين ترجمة بعض الوثائق الهامة بعد أن عاد موقع ويكيليكس مؤخراً، وقبل أسبوع تقريباً، ضخ ما تبقى له من برقيات دبلوماسية سرية، بدون تنقيح (أي بدون حتى حذف أسماء الشخصيات المتضمنة في البرقيات).

وفيما يلي وثيقة ترجمها المصدر أونلاين ضمن سلسلة وثائق جديدة سننشرها لاحقاً، تكشف هذه الوثيقة اللعب بالمال العام من خلال خفايا وأسرار صفقة السلاح التي اشترتها اليمن من روسيا (فبراير 2010). بمليار دولار أمريكي، ولتغطية الفضيحة أمام المانحين الدوليين، خرجت الحكومة بلعبة اسمها: إعفاء الديون اليمنية مقابل الصفقة. إنها مجرد لعبة لم تنجح إذ كشفتها برقية السفير الأمريكي من خلال مصادرة في الحكومة ولقاء جمعه بالسفير الروسي بصنعاء.. وتحتوي البرقية على المزيد من التضليل والخداع والسياسة التدميرية..

- رقم البرقية: 09SANAA432
- تاريخ كتابتها: 09 – 03 – 2009
- التصنبف: سرية
- الموضوع : إنكار صفقة تسلح بمليار دولار
- صنفت بواسطة: السفير: ستيفن سيش


• الموجز:
1- أنكر بشدة كل من نائب رئيس الوزراء اليمني (DPM) للشؤون الاقتصادية والسفير الروسي في صنعاء، التقارير الصحفية التي تحدثت عن شراء [اليمن من روسيا] أسلحة بقيمة مليار دولار تم التفاوض حولها أثناء زيارة الرئيس صالح إلى موسكو في فبراير. وطبقاً لنائب رئيس الوزراء، فإن حكومة اليمن سعت [من خلال الزيارة] إلى إعفاء اليمن من ديون لروسيا تبلغ 1.2 مليار دولار، وذلك مقابل الحصول على ما يعادل تلك القيمة تقريباً من مشتريات الأسلحة، إلا أن [اليمن] لم تنجح في مسعاها. وطوال العملية، قال نائب رئيس الوزراء إنه وآخرين حاولوا تغليب صوت عدم التبذير المالي لكنهم مع ذلك أجبروا لقبول صفقة تقترب من 100 مليون دولار أمريكي. نهاية الموجز.

• تقارير صحفية مبالغة جداً 
2- التقارير الصحفية التي ذكرت أن صفقة [الأسلحة] بين الحكومة اليمنية والحكومة الروسية أفضت إلى حصول [اليمن] على أسلحة بأكثر من مليار دولار أمريكي تشمل طائرات مقاتلة من طراز ميج- 29 (MiG-29) وطراز ميج – 35 (MiG-35) ودبابات T-72 تعتبر تقارير غير دقيقة، وفقاً لنائب رئيس الوزراء اليمني للشؤون الاقتصادية عبد الكريم الأرحبي: والذي يعتبر أيضاً وزيراً لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، نافياً التقارير الصحفية، التي نشرت أصلاً عبر وكالات الأنباء اليمنية الرسمية [سبأ] وتكررت أيضاً في سياق مقابلة أجريت مع صالح بواسطة وسائل إعلام روسية.


وفي لقاء جمعه مع السفير في 9 مارس، قال الأرحبي إن القيمة الإجمالية للصفقة، التي شملت أيضا ناقلات جنود مصفحة (APCs)، ومركبات أخرى، وتدريبات، كانت بـ95 مليون دولار فقط.


3- من جهته، وفي 8 مارس قال السفير الروسي فلاديمير تروفيموف للسفير [الأمريكي] إن الصفقة تتكون من 400 شاحنة و100 ناقلة جنود مصفحة وأنها بيعت نقداً. وقال إن صالح قدم إلى موسكو مع قائمة تسوق طويلة، بما في ذلك طائرات من طراز ميج-29 (MiG-29s)، إلا أن مثل هذا الطلب لم يكن بمقدور روسيا تزويدهم به في هذا الوقت وأنها من المرجح لن تكون قادرة على القيام بذلك [أيضاً] لمدة 10 سنوات على الأقل. ذلك أن الخطوط الإنتاجية [الروسية] بهذا الخصوص قد التزمت فعلاً ببيعها كاملة إلى الهند وأندونيسيا وغيرها. وأشار تروفيموف إلى أن قوات الجو اليمنية لديها بالفعل 30 طائرة من طراز ميج إلا أن لديها فقط 9 طيارين (من بينهم عراقيون) لاستخدامها. كما أن اليمن أصلاً مدينة للشركة التي تصنع طائرات الميج بأموال من المبيعات السابقة، والشركة، وهي هيئة خاصة، ليست على استعداد لإمداد البلاد بمزيد من القروض.


4- كما أشار ترافيموف إلى أن هذا البيع يأتي في سياق علاقة روسيا التقليدية مع اليمن باعتبارها المورد العسكري [لليمن]، وهي العلاقة التي قال إنها لن تتغيير. وتستخدم القوات المسلحة اليمنية الأسلحة والذخيرة السوفيتية والروسية على نطاق واسع. وكل عام يحصل 45 ضابطاً يمنيا على تدريبات في المعاهد العسكرية الروسية كما أن 51 ألف يمني تخرجوا من الجامعات والمعاهد الروسية.

• خطة متفائلة 
5- الادعاءات الخاصة بصفقة المليار دولار أمريكي على الأرجح أنها نشأت من خطة فقستها الحكومة اليمنية مسبقاً قبل الرحلة. وكان الأرحبي قد ترأس لجنة الحكومة اليمنية التي استعرضت الحاجة لصفقة الأسلحة. وقال إن هناك "معركة كبيرة" بين وزارة الدفاع (MOD)، التي قدمت قائمة طويلة من الاحتياجات، وبين أولئك، كالأرحبي، الذين جادلوا بأن اليمن يمكنها فقط أن تتحمل " الاحتياجات الأساسية الصرفة"، والذين أبعد من ذلك أصروا أيضاً أنه ينبغي أن لا يكون هناك "أموال جديدة على الإطلاق" يستفاد منها، مهما استجدت الحاجة للشراء مرة أخرى. وفي هذه المناقشة كان الأرحبي وغيره ممن يشاركونه رأيه قد جادلوا قائلين بأن البلد الذي يمر اقتصاده بمشكلة خطيرة، والذي يعتمد على مساعدات أجنبية كبيرة ليس بمقدوره أن ينفق مبالغ كبيرة من المال على شراء الأسلحة.

ومن هذا النقاش انبثقت هذه الخطة، على غرار التجارب الليبية والجزائرية، والتي [الخطة] تفضي للحصول على إعفاء موسكو الديون [التي على اليمن] البالغة 1.26 مليار دولار مقابل التزام صنعاء بشراء الأسلحة على مدى السنوات الـ 7- 8 القادمة. وهذا قاد إلى تشكيل لجنة من مسؤولي الحكومة اليمنية والمشكلة من وزارة المالية MFA، والبنك المركزي اليمن، ووزارة التخطيط والتعاون الدولي للذهاب إلى موسكو في محاولة للتفاوض على الشروط لهذه التسوية، إلا أنها فشلت.


6- الأرحبي أخبر السفير أن لجنة مشتركة سوف يتم تشكيلها لمواصلة هذه المفاوضات. نائب وزير المالية جلال يعقوب كان متفائلاً وهو يتحدث مع الملحق الاقتصادي [في السفارة الأمريكية] في (8) مارس، وأبلغه بأن روسيا "ستوافق قريباً على إعفاء اليمن من ديونها الثنائية والبالغة مليار دولار بشكل تدريجي، وعلى مدى فترة عشر سنوات، مقابل شرائها الأسلحة والتي تبلغ قيمتها الإجمالية أيضاً مليار دولار خلال الفترة نفسها.

• التعليق
7- ووصف الأرحبي "الضغط الذي تمارسه وزارة الدفاع MOD بأنه مستمر بقوة" من أجل شراء أسلحة هائلة تحتاجها لمواجهة النزاعات الداخلية في اليمن. وكان انتصاره الوحيد محدوداً، بما أن مبلغ الـ95 مليون دولار الملزم دفعه لموسكو سيرهق ميزانية الحكومة اليمنية بشدة، فحتى يحين ذلك الوقت أمرت جميع الوزارات بخفض النفقات بنسبة 50 في المائة.
سيش
الترجمــة خاصـة بالمصدر أونلايـــــن
http://almasdaronline.org.org/index.php?page=news&article-section=1&news_id=23507

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

الخطاب العيدي لصالح .. الحل الذي يعمق الخلاف


عبد الحكيم هلالa.hakeem72@gmail.com

كان يمكن تجاهل خطاب علي عبد الله صالح بمناسبة عيد الفطر بوضعه في سياق خطابات الرؤساء المناسباتية لشعوبهم، لو لا أن اليمن تمر بحالة خطيرة وحرجة للغاية منذ قرابة 7 أشهر. فهنا لم يعد الأمر مجرد عادة دءوبة في تدبيج الخطابات الرسمية، بل يدخل في سياقات الفعل السياسي.


رئيس مازال يستشفى خارج بلده منذ ثلاثة أشهر، وشعب ثائر يطالبه بالبقاء هناك رافضا عودته. شعب مر عليه شهر رمضان وهاهو العيد يهل عليه وهو مازال معتصما في الساحات حتى تتحقق آماله وطموحاته.


هنا، وفي ظروف كهذه، سيكون من الغباء تجاهل خطاب رئيس قاد بلده إلى حالة هيجان ثوري. تفرض المسالة متابعته والتمعن فيه، علنا نجد فيه مخرجا يلبي الطموح، ربما. وربما على العكس يعمق الخطاب الحالة ويزيدها تعقيدا.
في أي مسار نحى خطاب الرئيس العيدي؟
الخلاصة تقول بالمسار المعقد، بيد أن للتفاصيل إيحاءات أخرى.


• تهدئة منقوضة
مع أن صالح حاول هذه المرة – وإلى حد ما – تجنب الانزلاق في هاويته العدائية المعتادة، من خلال محاولته تطبيع خطابه المكتوب بطابع تصالحي أكثر من عدائيته المشهودة، بالمقارنة مع معظم خطاباته السابقة طوال فترة مسار الثورة، إلا أنه كان من السهل جداً ملاحظة ذلك التناقض القادم مما يمكن وصفها بـ "مغناطيسية" الطبع التسلطي الذي تفرضه ذهنية لاشعورية لمن ظل ممسكا بزمام السلطة لأكثر من ثلاثة عقود.


لقد أمتزج ذلك التناقض التصالحي عند الحديث عن "المرحلة الخطيرة" وما تتطلبه من ضرورة "أن يجلس الجميع على طاولة الحوار ومواصلته من جديد بروح وطنية جديدة تأخذ العبرة من كل ما حدث.."، مع العدائي المنجذب بمغناطيسية الحدة اللفظية القابعة في ذهنية لاشعور تسلطي عميق وقديم، بوصفه خصومه بـ" القوى الظلامية المتخلفة.." و"المتخلفة"، و"الانقلابيين الواهمين وأصحاب الفكر الضال والعقيدة السقيمة، الذين يعتقدون بأن ذلك هو طريق وصولهم إلى السلطة لا قدر الله.."..الخ


في حين بدى ذلك التناقض منوطا بأمر واحد لا أكثر: الاستماتة في مواصلة محاولات التشبث بالسلطة أكبر مدة زمنية، يعتقد أن تلك المناورة ستمكنه من انتزاعها.


• بازار، مطعمات عاطفية، روحية، وحاجات بشرية
كانت الرسالة واضحة إذن. ولذلك فقط، حتى، عمد إلى تطعيم خطابه بالمعززات المكرورة التالية:-
- استثارة العواطف: باستجلاب ما يمكن وصفه بـ"الإرث التاريخي" لحكمة اليمنيين، وامتلاكهم المعرفة الصحيحة والدقيقة للمصلحة العليا للشعب والوطن، وتمتعهم بكل القدرات والطاقات..، وذوي الضمائر والعقول، وشعب الحكمة والإيمان..، وغيرها، من أوصاف ونعوت كثيرة وكبيرة توزعت وتنوعت في مناحي شتى من الخطاب


- مخاطبة الضمير الوطني والروحي(الديني): من خلال محاولته ربط الأحداث وحلولها بيقظة الضمير الوطني وباستثمار روحانية شهر رمضان الكريم، وفضائل العيد..الخ


- استحثاث الرغبة الإنسانية في العيش الآمن والكريم: حاول أن يسوغ مبدأ الحوار – الذي تنكشف لاحقا طبيعته المتحيزة لخيارات التشبث بالسلطة- بوصفه حلا من شأنه أن يحافظ على وحدة اليمن وحريته وديمقراطيته وأمنه واستقراره، "وكل ما يطمح إليه الشعب وفي مقدمته الشباب، من التطوير والتغيير واجتثاث الفساد وكل أسباب الصراع والاحتراب".


- مخاطبة القلق الخارجي: وذلك باعتباره أن الحوار الوطني الشامل يهدف فيما يهدف إلى "مكافحة الإرهاب واستئصاله من الأرض اليمنية باعتباره من أخطر التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار والبناء والتنمية في الجمهورية اليمنية.."

• ما وراء ذلك كله
أشرنا سابقا إلى أن تلك اللغة التصالحية، بداية، وتاليا إنزلاقاتها العدوانية، أحيانا، إلى جانب مرفقات الخطاب التعزيزية، كل ذلك ما كان له إلا أن ينكشف أمام الحقيقة الواضحة التي ارتكزت عليها معظم بنود الخطاب كرسالة رئيسية، وهي: مواصلة المناورة كمحاولة، أثبتت رواجها بشكل جزئي، للتشبت بالسلطة أكبر فترة زمنية ممكنة، وليس إلا ذلك ما بدى أكثر جلاء.


وإن أمر كهذا بدى واضحا، وإن كان قد ظل يمنحه غطاء يسميه دائما بـ"الحفاظ على الشرعية الدستورية". إنها تلك الشرعية التي – ومن وجهة نظر مخالفة ومعارضة دائما – تجعله رئيسا غير شرعي وفقا لمسوغات وشروحات قانونية لكثير ما أمكن تأويلها على ذلك النحو المتعارض مع رغبة وأهداف الرئيس نفسه.


وعلى سبيل التوضيح، هنا، يتطرق الخطاب إلى تلك "الأولويات في إنجاز الخطوات القادمة انطلاقاً من احترام الدستور والامتثال لواجبات صيانة الشرعية الدستورية".


كما أن استثارة العاطفة بالحديث عن امتلاك اليمنيين للمعرفة والمصلحة العليا للشعب والوطن..الخ، ذلك كله يقود – في نظره - إلى المسار ذاته: المساعدة في الوصول "إلى كل ما هو مطلوب وفق برنامج زمني للتنفيذ الدقيق والإنجاز العظيم وبحيث يتطابق مع المدة المحددة للإجراءات القانونية والدستورية المطلوبة.."


بل أنه يتحدث أيضا عن الرؤية الواضحة "التي تم إعلانها والتزمنا بها في مبادرات سابقة بما في ذلك المبادرة الخليجية وجهود وبيان مجلس الأمن والسير نحو إنجاز الاستحقاقات القانونية والدستورية المؤجلة في أقرب وقت ممكن والترتيب لإجراء الانتخابات العامة الحرة والمباشرة لرئيس الجمهورية الجديد".


• لا معنى لمعاني الفضائل دون جوهرها
ذلك هو دأبه المستمر ذاته في تحقق نفاذ رغبته القديمة – مرتكز الخلاف – ضدا على رغبة الشعب المطالب برحيله الفوري، وتجنبا لتحقيق رغبة المعارضة الرافضة لأي حوار قبل تحقيق انتقال فوري للسلطة. إنه يعزز تعميق الخلاف من حيث أنه يواصل الاستماتة بالحديث عبثا عن رغباته هو، خياراته ونظرته هو لما يجب أن يكون عليه الحل: بقائه على رأس السلطة حتى 2013، تحت غطاء "احترام الدستور الامتثال لواجبات صيانة الشرعية الدستورية". هذا يتناقض مع جوهر الدعوة بضرورة أن "يجلس الجميع على طاولة الحوار ومواصلته من جديد". مثل هذه الدعوة لا مجال للقبول بها ووضعها في سياق الحل. ذلك أن ابسط متطلبات التفكير المنطقي، تحتم النظر في التساؤلين التاليين: لم خرج الشعب إذن؟ وعند أي نقطة توقف الحوار السياسي؟ هل ثمة إجابة أخرى، غير المطالبة بالرحيل وتسليم السلطة فورا؟


يقول في خطابه انه "فوض اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام بالتواصل مع قيادات أحزاب اللقاء المشترك ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي وسفراء الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي"


حسنا، ولكن لماذا؟ يجيب: "لوضع الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية والتوقيع عليها دون تسويف أو تأخير". عن أي آلية يتحدث الرجل؟ أجزم أنه يدرك تماما أن ليس ثمة آلية تنفيذية أكثر وضوحا مما تضمنته المبادرة الخليجية بوضوح: الاستقالة وتسليم السلطة للنائب خلال شهر، تجرى بعدها انتخابات بعد شهرين. فهل هناك وضوحا أكثر من هذا؟ الآن لم يتبقى سوى التوقيع عليها دون تسويف أو تأخير. هذا فقط ما يريده الشعب اليمني لتحقيق طموحاته التي قال في خطابه انه حريص على إنفاذها. وما ليس واضحا هو: لم يتم هذا حتى الآن؟


دون ذلك، يصبح الحديث المطعم والمطرز بمعاني وفضائل العيد: التسامح والالتقاء والتفاهم والحوار والتصالح وإصلاح ذات البين داخل الأسرة اليمنية الواحدة، حديث "حق أريد به باطل"، بل هو حديث مجرد من جوهره، لمصلحة المعنى المعاكس الذي تبرز منه مساوئ النفس المتسلطة، نفسية الديكتاتور غير السوية. إنها نفسية طاغية مصر الأشهر، فرعون الذي قال لشعبه: (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) - غافر29 . وقال لملئه: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي). القصص: 38. هو إذن منطق الطغاة في كل زمان ومكان مهما اختلفت المواقف والأحداث. وتلك (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) – الفتح 23.


لكن المفارقة التي يتوجب أن يعلمها الرئيس اليوم، هي أن فرعون كان قد "استخف قومه فأطاعوه"، والشعب اليمني اليوم قال كلمته الفصل رفضا لمثل هذا الاستخفاف. وأن أهم القيم التي تعلموها في مدرسة رمضان هي قيم الصبر والوحدة الشعورية بالهدف والمصير المشترك والتحرر من متعلقات الضعف الدنيوية والتخلص من جاذبية الأرض لقول "كلمة حق عند سلطان جائر" بوصفها أعظم الجهاد عند الله.


الخميس، 11 أغسطس 2011

هل اليمن على أعتاب حل سياسي أم مجرد سراب ومواصلة لمناورات عقيمة؟


أحداث وتصريحات الأسبوع الأخير انطوت على فعل سياسي متخم بالتوقعات والاحتمالات نحو ما يشبه الانفراج..

المصدر أونلاين- عبدالحكيم هلال
مع نهاية الأسبوع المنصرم، باغتت الحالة اليمنية الراكدة ما يمكن أن نطلق عليها مبدئيا «تموجات سياسية» يفترض أن تساعد على زحزحة وتحريك الجمود الذي قيد الفعل السياسي طوال الشهرين الماضيين إلا من بعض التململات التي لم تسفر حتى الآن عن شيء ذي بال.

الخميس الماضي صادف الرابع من شهر أغسطس، ما يعني انقضاء 60 يوما على مغادرة علي عبدالله صالح البلاد لتلقي العلاج في العاصمة السعودية. ومع هذا التاريخ ظهر بعض القانونيين ليتحدثوا عن انتهاء شرعية الرئيس بعد غيابه عن اليمن لشهرين كاملين ما يدل –حسب تصريحات تداولتها الصحافة- على «عجزه عن ممارسة مهامه وخلو المنصب كما نصت المادة 116 من الدستور اليمني، وهذا يعني -وفقا لقانونيين- ضرورة أن يدعو نائبه الذي تولى السلطة آليا خلال تلك الفترة طبقا للمادة الدستورية إلى انتخابات رئاسية.

تفسير المادة على هذا النحو، لقي معارضة من جانب السلطة كون صالح - في نظر وزير الشئون القانونية- ليس بـ«عاجز»، فهو «ما زال يمارس عمله أثناء تواجده في الخارج»، والدليل الذي استند عليه الوزير هو «استقباله لمساعد الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان» في الرياض بتاريخ 10 يوليو.

لكن المحامي خالد علي الماوري، المحامي أمام المحكمة الاستئنافية باليمن، عارض تصريحات الوزير الحكومي تلك، وقال في تصريحات لوكالة أنباء (شينخوا) الصينية: «بأن مهام الرئاسة لا تتمثل في استقبال أشخاص في زيارات شخصية وهو في المشفى، لأن مهام رئيس الجمهورية تعني إدارة البلاد بكامل شئونها والإشراف عليها ولها مقرات رسمية بمعنى أن يدير البلاد من القصر الجمهوري أو دار الرئاسة».

الجدل حول هذا الأمر بدا وكأنه توقف عند تلك التصريحات وردة فعل السلطة. لم تتبعه تحركات عملية يمكن أن توحي بأن المعارضة تأبه بتفسيرات القانونين تلك. ربما بسبب أنها تعتبر –بشكل مسبق– أن شرعية الرئيس انتهت فعلا مع انطلاق الثورة الشعبية، وأن ذلك تعزز مع قتل النظام لشعبه إلى جانب فقدانه السيطرة على أجزاء من البلاد مع عجزه الواضح عن إدارة شئونها العامة فيما عدا تمسكه بشرعية القوة العسكرية ضد المناهضين له، وحتى هذا يتم عبر ما تبقى له من جيش تمسك بزمامه عائلة صالح.

غير أن واقع الحال -بالنسبة للنظام- ربما كان على العكس من ذلك. حين بدا النظام وكأن قلقا ما يراوده من تفسيرات القانونين تلك! إذ يعتقد البعض إلى أنه عمد إلى اتخاذ بعض التدابير التي ربما اعتقد أنها قد تسعفه في تجنب أي تحرك قانوني يصب في اتجاه الدعوة إلى تطبيق تلك الإجراءات الدستورية وفقا للمادة 116. إحدى تلك التدابير ربما، كانت قبل أمس الأحد (7 أغسطس) حين أعلن عن خروج صالح من مستشفاه إلى مقر الضيافة الملكية السعودية لقضاء فترة نقاهة. وهو تدبير من الواضح –كما يعتقد هؤلاء- أن توقيته يوحي بمحاولة إعاقة أي إجراء قانوني وفقا لتلك التفسيرات. ولذلك، ربما، كان من اللازم تعزيز الأمر من خلال تأكيد الخبر الرسمي على أن الأطباء «سمحوا له بمغادرة المستشفى للنقاهة على أن يعود إليه بين الحين والآخر للمراجعة والمتابعة وإجراء الفحوصات الطبية اللازمة». حيث يعتقد أن المقصود من وراءه إخراس المدعين بـ«حالة العجز».

عودة حديث العودة
ربما كان من اللافت تجنب الخبر الرسمي التطرق أو حتى الإشارة إلى عودة صالح إلى اليمن. ربما –من زاوية لغوية بحتة- لكون ذلك أمرا مفروغا منه. أو ربما أن الحديث عن الخروج من المشفى كان كافيا ليوحي بما بعده من لزومية أمر العودة. ومع ذلك، فربما -من وجهة نظر سياسية– أمكن البعض من التشكيك من حيث أن إغفال حتى تحديد فترة زمنية للعودة، هو أمر مثير للريبة، لاسيما وقد عودتنا التصريحات الرسمية على تحديد العودة بأيام قليلة، بل إنها قد دأبت على تكرار ذلك منذ اليوم الأول لخروجه من البلاد، مع أنه حتى لم تكن هناك أية مؤشرات أو دلائل على عكس ما هي عليه اليوم، أكثر من أي وقت مضى.

وإذا ما تركنا جانبا جدل الشرعية وانتهاءها، وركزنا على مسألة ما سيترتب على إعلان الخروج من إمكانية العودة أو عدمها مع إمكانية أن يحدث أحد الأمرين ولكن في إطار التوصل إلى حل من عدمه. وعليه، ربما كان من اللازم علينا ربط الأحداث والتصريحات وفقا لتسلسلها الزمني بهدف التقرير أو بالأحرى التوصل إلى ما يمكن أن يكون الأكثر احتمالية.

وهنا يبرز لنا أمران. الأول: عودة الحديث عن المبادرة الخليجية بشكل لافت بوصفها الحل الأنسب، مع ما يرافق ذلك من حرص رسمي على ربط الأمر بتحركات ومساعي الأمم المتحدة الأخيرة في اليمن. الأمر الآخر: التسريبات الأخيرة حول وجود ضغوطات على صالح تهدف إلى أحد أمرين: منعه من العودة إلى البلاد، أو تؤخر ذلك إلى فترة زمنية مناسبة يكون خلالها قد تم التوصل إلى حل.

المبادرة الخليجية
قبل الدخول في جدل المادة (116) من الدستور وانتهاء شرعية الرئيس، بيوم واحد، والإعلان عن خروجه من مشفاه بأيام قليلة، تناقلت وسائل إعلامية معلومات تفيد باستدعاء الرئيس لمستشاره السياسي الدكتور عبدالكريم الإرياني الذي قيل إنه قطع إجازته الصيفية في أوروبا ليصل إلى الرياض بصورة مفاجئة. حينها أفادت المعلومات أن الإرياني التقى بالدكتور عبداللطيف الزياني –أمين عام مجلس التعاون الخليجي– لمناقشة تفعيل المبادرة الخليجية والبدء بتنفيذها.

والاثنين، نسبت وكالة الأنباء الفرنسية، لمصدر يمني في الرياض، تأكيده «أن المستشار السياسي للرئيس عبدالكريم الإرياني التقى صالح في قصر المؤتمرات لأكثر من 24 ساعة».

بعدها، وقبل يوم من إعلان خروج الرئيس، كان الدكتور أبو بكر القربي –وزير الخارجية– يتحدث في حوار مع قناة السعيدة اليمنية عن أن الحل في اليمن يجب أن يكون سياسيا لا عسكريا، وأن «المبادرة الخليجية ما تزال تمثل أرضية للحوار لإنهاء هذه الأزمة» من حيث أنها «تمثل أهدافا أساسية محددة للحفاظ على أمن ووحدة واستقرار اليمن وخطوة عملية بدءا بتشكيل حكومة وصولا إلى انتخابات».

اللافت هنا، أن تصريحات الوزير القربي تلك، تأتي بعد أيام قليلة من تصريحات سابقة لرويترز (الأربعاء: 27 يوليو) كان اعتبر فيها أن المبادرة الخليجية حددت جدولا زمنيا «غير واقعي» لنقل السلطة. وقال «هذا الجدول الزمني ثبت أنه صعب التنفيذ..». مع أنه نفى أن يكون الرئيس قد ألغى الاتفاق (المبادرة الخليجية)، قائلا: «كل ما في الأمر أن الجدول الزمني للتنفيذ يحتاج إلى إعادة النظر».

وبمقارنة تلك التصريحات، مع وضعها في إطارها الزمني، يتضح لنا الاحتمالية التالية: أن نظام صالح يسعى إلى تسويق فكرة جديدة تلتزم أهداف ومبادئ المبادرة الخليجية العامة، ولكن مع إجراء تعديلات جوهرية على خطواتها التنفيذية، وفقا لنقاشات سابقة تمت مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة. وتكشف التسريبات أن على رأس تلك التعديلات إبقاء الرئيس صالح «رئيسا فخريا» مع نقل صلاحياته لنائبه تستمر مدة زمنية أطول مما حددته المبادرة الخليجية (60 يوما)، هذه المدة قد تصل إلى نهاية العام الحالي (2011)، وربما أطول من ذلك.

هذا ما رفضته المعارضة سابقا أثناء حواراتها مع النائب ومع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة. غير أن تصريحات نسبت للسفير الأمريكي الجمعة، كشفت عن وجود مفاوضات خاصة بين النائب وقيادة المشترك، وقال إن «هناك إشارات ايجابية».

وكانت صحيفة الشرق الأوسط السعودية قد أشارت الاثنين -على لسان مصادر أمريكية- إلى أن التوقيع على المبادرة الخليجية سيتم «مع تعديلات لها صلة بتوقيت الانتخابات، وتقديم ضمانات لعائلة صالح». ومع أن تلك المصادر لم تحدد توقيت التوقيع عليها من قبل صالح، إلا أنها قالت: إنه ما دام قرر البقاء في السعودية، لا بد أن يوقع عليها.

لم يتضح بعد طبيعة تلك المفاوضات أو ما هي تلك المؤشرات الإيجابية، غير أنه، إذا ما صحة الرواية، فمن المرجح أن يكون الطرفان قد توصلا إلى قاعدة مشتركة حول تمديد الفترة الزمنية التي يفترض أن يستمر فيها النائب قائما بأعمال الرئيس لإجراء التعديلات الدستورية المطلوبة والإعداد للانتخابات الرئاسية. ولكن حتى إن حدث ذلك فسيبقى من الصعب التكهن أن تقبل المعارضة بقاء «صالح» رئيسا فخريا طوال تلك المدة، إلا إن حصلت المعارضة على صيغة أخرى على شاكلة: بقائه خارج البلد طوال تلك الفترة، وهذا قد لا يكون واردا من جهة الرئيس نفسه. أو ربما تحديد صلاحياته المفترضة بوضعه الجديد بحيث لا تؤثر على العملية السياسية القادمة. أو ربما أي صيغة أخرى تبرر قبول المعارضة بالحل، دون أن يؤثر ذلك على علاقتها بالشارع الثوري أو يضعها موضع الريبة والشك.

جديد عودة صالح
مع تلك الأحداث والتصريحات، ربما بات أمر التوقيع على المبادرة الخليجية هو الأمر الأكثر توقعا، ولكن وفقا لصيغة أخرى، من الواضح أن ثمة مفاوضات إيجابية حول طبيعتها. يبقى ما هو الجديد في إمكانية عودة الرئيس من عدمه في ظل تلك التصريحات وما يعتمل في الدهاليز السياسية؟

الأحد الماضي (7 أغسطس) أعلن خروج الرئيس من مشفاه إلى قصر المؤتمرات المخصص لإقامة ضيوف الرياض من قادة الدول للنقاهة. ومع أن مثل هذا الخبر سيعني –إلى حد كبير– أن العودة إلى اليمن باتت قريبة جدا، إلا أن حرص الخبر الرسمي على تجنب الإشارة من قريب أو بعيد لأمر مثل هذا، قد يحمل دلالات هامة لاسيما إذا ما ربطنا ذلك بالتصريحات التي أعقبت إعلان خروجه، سواء من جهة مسئولين غربيين أم يمنيين.

حتى الآن، ربما كان من الواضح بمكان استبعاد عودة الرئيس، وإن لم يكن ذلك بشكل نهائي فمن المؤكد أن تتأخر تلك العودة بحسب ما يفرضه التوقيت الزمني للتوافق النهائي وربما أيضا: البدء بتنفيذ أهم ما يتوافق عليه على الأرض.

فيما يتعلق بالفرضية الأولى، وهي عدم العودة بشكل نهائي، صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن، نسبت -أمس الاثنين- لمسئول أمريكي تأكيده «أن صالح استقر على البقاء في السعودية». وهو الأمر ذاته الذي أكدته –في نفس اليوم- مصادر يمنية لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية. ونسبت الوكالة لمسئول يمني مقرب من صالح قوله «إن الرئيس رضخ على مضض للضغط الأمريكي السعودي للبقاء في الرياض». أما الاحتمال الآخر وهو تأخر العودة، فقد أضاف المسئول اليمني الذي تحدث للوكالة شريطة السرية لحساسية الأمر قائلا: «سيواصل الإصغاء إليهم إلى أن يتحسن بشكل كامل من جروحه ثم بعد ذلك سيقرر ما سيقوم به».

قد يكون من المؤكد أن الضغوط التي تعرض لها صالح مؤخرا، أفضت إلى التوصل إلى صيغة جديدة تجمع بين المشتركات الرئيسية مع بعض التنازلات الطفيفة يقدمها الطرفان وافق عليها الرئيس وبانتظار موافقة المعارضة. وأفادت أنباء أن الإرياني متوقع عودته إلى اليمن خلال أيام لمناقشة الأمر مع بقية الأطراف المعنية حول تلك الصيغة المدعومة سعوديا وأمريكيا وأوروبيا. وعليه توقعت مصادر أن يعود جمال بن عمر، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى صنعاء خلال أسبوعين للإشراف على الحوار وإطلاقه بين كافة الأطراف السياسية بعد أن يكون قد مهد لهذه العملية بعودة الدكتور عبدالكريم الإرياني إلى اليمن وطرح الصيغة المقترحة للحل. وفي السياق تحدثت معلومات صحفية أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي في مدة زمنية مداها الـ15 من الشهر الحالي.

ما بين توقيع الاتفاقية والعودة
السؤال المقترض هنا: ما الذي استجد لتحدث تلك التغيرات بتلك الصورة الفجائية؟ الإجابة على هذا السؤال ستكون افتراضية إلى حد ما من جهة أن مضمون السؤال نفسه افتراضي كون محتواه يرتبط أصلا بافتراضية أن تكون هناك تغيرات قد حدثت بالفعل على تلك الشاكلة. بمعنى آخر: ما سبق الحديث عنه ليس سوى مجرد احتمالات بناء على دلالات ومؤشرات قد تكون الحقيقة إحداها وقد لا تكون.

ومع ذلك، سيمكننا مواصلة الأمر نفسه وبالطريقة نفسها المستقاة من ربط الأحداث والمواقف مع التصريحات ودلالاتها ومؤشراتها الممكنة. وعليه إذا كان عرف بأن الرئيس قد أحجم عن توقيع المبادرة الخليجية لثلاث مرات في لحظاتها الأخيرة، فما الذي يضمن أن تكون هذه المرة مختلفة عن سابقاتها؟ كما وعلى النسق ذاته ما الذي سيجعل صالح يرضخ هذه المرة لضغوطات فشلت في السابق لإبقائه خارج البلاد؟ وهو الذي رسم علامات تعجب كبيرة على وجه مستشار أوباما للإرهاب حين أصر عليه أن عودته إلى اليمن أمر ضروري للإشراف على نقل السلطة؟

ومع أن تلك التساؤلات قد تبدو جدية إلا أن الجديد –هنا- ربما يكون موصولا بعدة حقائق. منها على سبيل المثال، والأهمية: بلوغ حقيقة أنه لم يعد رئيسا مرحبا به لدى المجتمع الدولي. صحيح أن تلك حقيقة قديمة أمكن بلوغها بعد شهرين أو ثلاثة تقريبا من الثورة، لكن الصحيح أيضا أن معالمها قد تغيرت بشكل أكثر جلاءً. فالمعلومات التي نشرتها الصحافة مؤخرا تحمل دلالات ومعاني أخرى أكثر وقعا على رئيس غير مرغوب، حيث رفضت ألمانيا طلبا باستقباله كرئيس جمهورية لمواصلة العلاج، ولم يكن أمامها إلا مواجهته بحقيقة أنه أصبح مواطنا عاديا سيمكن لأي منظمة أو مؤسسة حقوقية في ألمانيا أن تتلقف تواجده هناك لرفع قضية ضده وتنجح في محاكمته بسهولة.

يقال إن بريطانيا هي الأخرى أبلغته الأمر ذاته على طلب مماثل، وفقا لمصادر دبلوماسية غربية أخبرت قيادات في المعارضة. وإذا كان يمكن وضع مثل هذا الأمر الذي لم ينشر حتى الآن في أي وسيلة إعلامية كسابقه، في خانة التشكيك، فإن ما نشر عن رد روسي مماثل –وإن بطريقة أكثر تأدبا– سيمثل حقيقة مؤلمة أشد وقعا من سابقاتها، كون روسيا كانت هي البلد الأكثر رفضا لسياسة نظيرتها اللدودة (أمريكا) في التعامل مع الربيع العربي.

وإذا صحت تلك الروايات التي لم يرد حتى الآن أي نفي أو تكذيب لها من جهة الدول الغربية المعنية، فإن ذلك أمر سيترتب عليه مخاوف جدية من مستقبل سيكون ليس محفوفا بالمخاطر وحسب، بل لا معنى له أن يظل رئيسا غير معترف به من دول ذات شأن. الأمر الذي سيعني –في الوقت ذاته-حتمية التعامل معه كمجرم حرب فيما إذا قررت الأمم المتحدة فتح الملف. حتى الآن تقول التسريبات إن مبعوث الأمم المتحدة أخّر رفع تقريره المفترض بشأن زياراته إلى اليمن بطلب غربي يتوخى من ورائه إتاحة الفرصة للتوصل إلى حل سياسي. وثمة حقيقة لم تتأكد بعد مفادها أن ملف هذا المبعوث الأممي يحمل في طياته عدم رضى من مواقف وسلوكيات النظام الحالي -بحسب ما أكدته مصادر قالت إن مبعوث الأمين العام «بن عمر» أبلغ مسئولين يمنيين أنه لن يتواني في تضمين حقيقة ما توصل إليه أثناء لقاءاته بالمسئولين اليمنيين من أنه ليس ثمة نوايا حسنة لحلحلة الوضع، ذلك إن لم يسارع هؤلاء في إصلاح نواياهم، محذرا من أن أي تأخير في إجراءات نقل السلطة من شأنه أن يؤدي إلى كارثة ستكون عواقبها وخيمة جدا.

يأتي ذلك في ظل تصريحات لحقوقيين يمنيين مطلعين ومتابعين، أكدوا فيها أن بعثة مفوضية حقوق الإنسان التي وارت اليمن قبل أسابيع ستقدم تقريرها النهائي للمفوضية خلال أسبوع. وقالت المصادر إن التقرير يتضمن اتهامات لمسئولين حكوميين يتوجب محاكمتهم في قتل المتظاهرين السلميين.

ولكن، مع توقيت ظهور تلك الإيحاءات بالتوصل إلى حلول، ومع تلك التصريحات القائلة بقبول صالح فكرة عدم العودة، فربما سيتوجب تأخير تقديم تقريري مبعوث الأمين العام وبعثة مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ليتسنى النظر في نتائج المرجوة من التوقيع والشروع في إجراءات نقل السلطة.

لذلك، يعتقد البعض أن ما يحدث ويعتقد أنه مقدمة لانفراج، قد لا يعدو عن كونه مواصلة المناورات من قبل السلطة، وهو أمر لا يتفق معه الكثيرون بعد كل تلك الحقائق والمستجدات السابقة. وإذا كانت بعض دول أوروبا قد أعلنت صراحة عدم اعترافها بصالح كرئيس جمهورية، يكفي لإيقاف أساليب المناورات القديمة، فإن تقريري الأمم المتحدة سيظلان مفتوحين كضامن للتنفيذ.